الجريدة الرسمية - العدد 3 مكرر (هـ) - السنة الستون
26 ربيع الآخر سنة 1438هـ، الموافق 24 يناير سنة 2017م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من يناير سنة 2017م، الموافق السادس عشر من ربيع الآخر سنة 1438هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 48 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من

رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة المصرية الدولية لتكنولوجيا الغاز.

ضـد

وزير المالية.


الإجراءات

بتاريخ السابع عشر من ديسمبر سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم أولاً: بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004 فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية فيما قضى به من عدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة (111) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وسقوط قرار وزير المالية رقم 58 لسنة 1963 والمعدل بالقرارين رقمى 100 لسنة 1965، 255 لسنة 1993 وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والمعدل بالقرارين رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997.
ثانيًا: بوقف تنفيذ وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 28/ 3/ 2012 فى الاستئناف رقم 4994 لسنة 13 قضائية "مأمورية شمال".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 244 لسنة 2004 مدنى كلى أمام محكمة قليوب الابتدائية ضد وزير المالية، بطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يرد له المبالغ المسددة دون وجه حق من الفوائد. على سند من القول بأن الشركة كانت قد استوردت عدة رسائل تحوى بضائع من الخارج، وعند الإفراج عنها قام الجمرك بتحصيل رسوم الخدمات المقررة إنفاذًا لقرار وزير المالية رقم 58 لسنة 1963 المعدل بالقرارين رقمى 100 لسنة 1965، 255 لسنة 1993، والقرار رقم 123 لسنة 1994 المعدل بالقرارين رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997 الصادرين إعمالاً لنص المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963، ونظرًا لعدم إيداع البضائع الواردة فى ساحات ومخازن ومستودعات تمتلكها أو تديرها مصلحة الجمارك فإنه لا يستحق عنها رسوم خدمات. وأثناء تداول الدعوى أمام محكمة أول درجة صدر حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك، وسقوط قرار وزير المالية رقم 58 لسنة 1963 المعدل بالقرارين رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 والقرار رقم 123 لسنة 1994 المعدل بالقرارين رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة1997، وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية وقيدت برقم 1267 لسنة 2009، وبجلسة 27/ 4/ 2009 حكمت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعى مبلغ (2201213.40) مليونين ومائتين وواحد ألف ومائتين وثلاثة عشر جنيهًا وأربعين قرشًا، مع الفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصل فى 4/ 5/ 2004. وإذ لم يرتض المدعى عليه هذا الحكم طعن عليه أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4994 لسنة 13 قضائية "مأمورية شمال". وبجلسة 28/ 3/ 2012 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى المستأنف حكمها بحالتها، ولم يتم الطعن على هذا الحكم بطريق النقض. وإذ ارتأى المدعى أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف يشكل عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" فقد أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن المدعى يهدف بدعواه المعروضة القضاء بالاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5/ 9/ 2004 فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة فى الاستئناف رقم 4994 لسنة 13 قضائية "مأمورية شمال" باعتباره عقبة تحول دون تنفيذ مقتضى ذلك الحكم، وهو الأمر الذى تختص به هذه المحكمة وفقًا لقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والذى خولها بنص المادة (50) منه التدخل لإزاحة ما يعترض تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عنها من عوائق والعودة بالتنفيذ إلى الحالة السابقة على نشوئها، وسبيلها فى ذلك الأمر بالمضى فى تنفذ حكمها أو القرار الصادر منها، وعدم الاعتداد بذلك العائق الذى عطل مجراه، لأنه لا يعدو - وإن كان حكمًا قضائيًا باتًا - أن يكون عقبة مادية هى والعدم سواء.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضه عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو بأبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها، وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها فى سياقها وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، وهى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما): أن يكن إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًا بها، ممكنًا. فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها ومضمونها.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى المعروضة استنادًا إلى أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" يختلف فى موضوعه عن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة فى الاستئناف رقم 4994 لسنة 13 قضائية، ذلك أن الحكم الأول قضى بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وسقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك المذكورة، وسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965، 255 لسنة 1993، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997، حال أن الحكم الثانى يتعلق بالضريبة العامة على المبيعات، ولا صلة له بمنطوق وأسباب هذا الحكم.
وحيث إن هذا الدفع مردود، بأن شرط الارتباط المنطقى فى مجال عقبات التنفيذ المقامة طبقًا لنص المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا، يكون متحققًا متى كان تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا لم يتم وفقًا لطبيعته بل اعترضه عائق حال دون اكتمال مداه أو عطل جريان آثاره دون نقصان، متى كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال" فى الاستئناف رقم 4994 لسنة13 قضائية، قد حال دون إعمال مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004 فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، فإن الرابط والصلة الحتمية بين الحكمين تكون متحققة ويضحى الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة فى غير محله متعينًا الالتفات عنه.
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم168 لسنة 1998 تنص على أن: "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة، عدم جواز تطبيقه منا ليوم التالى لنشر الحكم، ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى، لا يكون له فى جميع الأحوال، إلا أثرًا مباشرًا، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص......".
وحيث إن مفاد ما تقدم، أن المشرع أكد على الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية بمفهومة الصحيح الذى سبق أن استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا باعتباره الأصل فى تحديد أثر الحكم الصادر بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة، غير أنه استحدث بهذا التعديل أمرين، كلاهما يعتبر استثناء من الأثر الرجعى، أولهما: تخويل المحكمة الدستورية العليا رخصة تحديد تاريخ آخر لبدء إعمال أثر حكمها. وثانيهما: أن الأحكام الصادرة بعدم دستورية نصوص ضريبية لا يكون لها فى جميع الأحوال إلا أثر مباشر.
متى كان ذلك، وكانت النصوص الضريبية باعتبارها فريضة مالية تجبيها الدولة جبرًا وبصفة نهائية من المكلفين بها، لا يملكون التنصل نم أدائها، ولا تقابلها تبعًا لذلك خدمة بذاتها أدتها مباشرة لأحدهم، وذلك على نقيض الرسوم التى لا تجبيها من أيهم إلا بمناسبة عمل من أعمال محددة بذاتها أدتها بعد طلبها منها، فلا يكون حصولها على مقابل يناسبها إلا جزاءً عادلاً عنها.
وحيث إن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004 فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" ينصرف إلى عدم دستورية نصوص غير ضريبية تتعلق برسوم تجبيها الدولة من شخص معين مقابل خدمة تؤديها، ولم تحدد تاريخًا آخر لإعمال أثر حكمها، ومن ثم لزوم إعمال الأثر الرجعى لهذا الحكم، وما يستوجبه ذلك من ارتداد أثره إلى تاريخ صدور النص التشريعى المقرر لهذه الرسوم، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناءً على حكم قضائى بات أو بانقضاء مدة التقادم وصدور حكم بذلك وفقًا لنص المادة (387/ 1) من القانون المدنى.
وحيث إنه يتبين من الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا المشار إليه أنه قضى بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وسقوط فقرتها الثالثة والقرارات الوزارية المستندة إليها على نحو ما سلف، مما مؤداه انهيار الأساس القانونى لسداد رسوم الخدمات المقررة بموجب هذا النص، مما يعنى زوال سبب الالتزام بسداده وذلك إعمالاً لقاعدة أن إبطال هذه المحكمة للنصوص القانونية المخالفة للدستور يعتبر تقريرًا لزوالها ونافيًا وجودها منذ ميلادها.
وإذ قضى الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 28/ 3/ 2012 فى الاستئناف رقم 4994 لسنة 13 قضائية بإلغاء حكم محكمة أول درجة الذى أمل حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، وقضى برفض الدعوى التى أقامها المدعى بطلب استرداد المبالغ المسددة دون حق، وأصبح هذا الحكم باتًا بعدم الطعن عليه بطريق النقض، مهدرًا بذلك الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية". ومن ثم فإنه يعد عقبة فى تنفيذ هذا الحكم، مما يتعين معه القضاء بإزالتها والاستمرار فى تنفيذ حكمها الآنف البيان.
وحيث إن طلب المدعى وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 28/ 3/ 2012 فى الاستئناف رقم 4994 لسنة 13 قضائية بعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهى الفصل فى موضوع النزاع على النحو المتقدم فإن قيام هذه المحكمة بمباشرة اختصاص البت فى هذا الطلب يضحى غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004، فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال" بجلسة 28/ 3/ 2012 فى الاستئناف رقم 4994 لسنة 13 قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات وبملغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة