الجريدة الرسمية – العدد 9 مكرر (ج) - السنة الحادية والستون
19 جمادى الآخرة سنة 1439هـ، الموافق 7 مارس سنة 2018م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من مارس سنة 2018م، الموافق الخامس عشر من جمادى الآخر سنة 1439هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى – النائب الأول لرئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار – نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا – رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع – أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 39 قضائية "تنازع".

المقامة من

1 - رئيس الجمهورية.
2 - رئيس مجلس الوزراء.
3 - رئيس مجلس النواب.
4 - وزير الدفاع.
5 - وزير الخارجية.
6 - وزير الداخلية.

ضـد

أولاً: 1 - على أيوب، "المحامى" بصفته منسق عام جبهة الدفاع عن مؤسسات الدولة المصرية
ب - محمد قدرى فريد.
2 - خالد على عمر "المحامى".
ثانيًا:
1 - مالك مصطفى عدلى.
2 - علاء أحمد سيف.
3 - عمرو إبراهيم على مبارك.
4 - أحمد سعد دومة.
5 - صابر محمد محمد بركات.
6 - منى معين مينا غبريال.
7 - عادل توفيق واسيلى.
8 - أسماء على محمد زكى.
9 - ليلى مصطفى سويف.
10 - منى أحمد سيف الإسلام.
11 - منى سليم حسن منصور.
12 - علاء الدين عبد التواب عبد المعطى.
13 - محمد عادل سليمان.
14 - كارم يحيى سيد إسماعيل.
15 - رجاء حامد السيد هلال.
16 - ناجى رشاد عبد السلام.
17 - أحمد همام غنام.
18 - سحر إبراهيم عبد الجواد.
19 - سحر مسعد إبراهيم.
20 - سلوى مسعد إبراهيم.
21 - محمد فتحى محمد عنبر.
22 - هانى شعبان السيد.
23 - هشام حسن محمد.
24 - مروة خير الله حسين.
25 - علاء الدين أحمد سعد.
26 - مها جعفر صولت.
27 - محمد عبد الوهاب محمد.
28 - سعاد محمد سليمان.
29 - رشاد رمزى صالح.
30 - مريم جلال محمد.
31 - هالة محمود مختار.
32 - عوف محمد عوف.
33 - منى حسن العوضى.
34 - أحمد محمد أحمد العنانى.
35 - مصطفى أحمد عبد الفتاح.
36 - محمود أحمد شعبان.
37 - وليد محسن محمد على.
38 - محمدى محمد على.
39 - محمد مجدى أحمد.
40 - أحمد عمرو محمود.
41 - جيهان محمود محمد.
42 - نيرمين فاروق أحمد.
43 - محمد عبد الحليم محمد.
44 - نوجهان حسام الدين عبد العال.
45 - رانيه محمود محمد فهمى.
46 - إلهام إبراهيم محمد سيف.
47 - ياسر جابر على.
48 - حسام مؤنس محمد.
49 - ياسر المرزوقى رزق.
50 - محمد الطيبى التونسى.
51 - عمرو عصام الدين محمد.
52 - هالة السيد محمد.
53 - رضوى ماجد حسن.
54 - عمر عبد الله على القاضى.
55 - مختار محمد مختار.
56 - نادين محمد ناصر.
57 - سالى السيد منير.
58 – مى عماد عبد الرحمن.
59 - محمود أحمد عبد العظيم.
60 - مريان فاضل كريوس.
61 - شيرين عماد عبد الرحمن.
62 - مى عماد بد الرحمن.
63 - أحمد بهاء الدين عبد الفتاح.
64 - نجلاء عمر عبد العزيز.
65 - سمية محمود عبد الحميد.
66 - ميرفت محمود عبد الحميد.
67 - دنيا رمزى حسن.
68 - هدى حمدى عبد المجيد.
69 - هبة الله حمدى.
70 - حمدى عبد المجيد محمد.
71 - عبد الفتاح حسن عبد الفتاح.
72 - أحمد أسامة عبد الرحمن.
73 - محمد محيى الدين محمد.
74 - تامر مجدى عبد العزيز.
75 - إبراهيم السيد الحسينى.
76 - أحمد بهاء الدين عبد الفتاح.
77 - أحمد حسين إبراهيم الأهوانى.
78 - أحمد سمير عبد الحى.
79 - أحمد عادل إبراهيم.
80 - أحمد محمد أحمد خليل.
81 - أحمد محمد البلاسى.
82 - أحمد محمد هشام وطنى.
83 - أسماء جمال الدين محمود.
84 - الحمزة عبد الواحد محمد.
85 - السيد طه السيد.
86 - الشيماء فاروق جمعة.
87 - إلهام عيداروس أحمد.
88 - إنجى عبد الوهاب محمد.
89 - أهداف مصطفى إسماعيل.
90 بافلى عاطف مقارى.
91 - بسنت عادل عبد العظيم.
92 - بكينام يسرى بدر الدين عثمان.
93 - بلال عبد الرازق عبد المقصود.
94 - جميل مصطفى شندى إسماعيل.
95 - حازم حسن إدريس أحمد.
96 - حازم محمد صلاح الدين.
97 - خالد السيد إسماعيل.
98 - خالد محمد زكى البلشى.
99 - خلود عبد الكريم محمد.
100 - راجين محمد شوقى.
101 - راندا حسن سيد محمد.
102 - راندا محمد أنور عبد السلام.
103 - رانيا حسين على أحمد.
104 - رشا مبروك محمود.
105 - رشا محمد جوهر أحمد.
106 - ريهام محمد حسنى.
107 - سامح أحمد عادل.
108 - سامية محمد حسن.
109 - سعد زغلول على حسن.
110 - سلمى محمد منيب.
111 - سمر محمد حسنى.
112 - سمية إبراهيم زكى.
113 - سوزان محمود محمد ندا.
114 - طارق أحمد عبد الحميد.
115 - طارق حسين على.
116 - عادل رمضان محمد.
117 - عايدة عبد الرحمن أحمد.
118 - عبد الله يحيى خليفة.
119 - عبد الرحمن محسن صلاح.
120 - عبد المنعم على بدوى.
121 - عزيزة حسين فتحى.
122 - عصام محمد عبد الرحيم.
123 - عماد نان شوقى.
124 - عمر محمد هاشم وطنى.
125 - عمرو أحمد فهمى.
126 - عمرو عصام الدين محمد.
127 - عمرو كمال عطية.
128 - فاتن محمد على.
129 - فادى رمزى عزت.
130 - فاطمة هشام محمود مراد.
131 - نيفيان ظريف لمعى.
132 - كريم أحمد محمد.
133 - مترى مهاب فائق.
134 - مجدى محمد على.
135 - محسن صبرى إبراهيم.
136 - محمد حسنين محمد.
137 - محمد حمدى محمود.
138 - محمد سمير محمد.
139 - محمد عبد الرحيم عبده.
140 - محمد عبد الله على.
141 - محمد عبد الله محمد.
142 - محمد محمد لطفى.
143 - محمود محمد محمد العيسوى.
144 - مديح إميل توفيق.
145 - مرفت فوزى محمد.
146 - مصطفى محمد فرحات.
147 - مصطفى محمود عبد العال.
148 - معاذ حسين سعيد سليمان.
149 - معتصم بالله طارق عبد العزيز.
150 - مها أحمد محمد صادق.
151 - مها حسن رياض.
152 - مها عبد العزيز على.
153 - مهند صابر أحمد.
154 - ميادة خلف سيد.
155 - نانسى كمال عبد الحميد.
156 - نجلاء محمد عبد الجواد.
157 - نجلاء ناصر حسين.
158 - هالة محمد رضا.
159 - هبة الله فرحات محمد.
160 - هبة الله نور الدين.
161 - هبة عادل سيد.
162 - هدير هانى فؤاد.
163 - هيام برعى حمزة.
164 - وسام عبد العزيز حنفى.
165 - يحيى محمود محمد.
166 - يوسف شريف ساويرس.
167 - أحمد فوزى أحمد.
168 - ياسمين حسام الدين عبد الحميد.
169 - أنس سيد صالح.
170 - محمد عزب أحمد.
171 - عبد الله يحيى خليفة.
172 - سامح سمير عبد الحميد.
173 - طارق حسين على.
174 - نوال محمد عبد الفتاح.
175 - ليلى مصطفى إسماعيل.
176 - عبد الرحيم القناوى عبد الله.
177 - محمد السعيد طوسون.
178 - محمود حسن أبو العينين.
179 - طارق علوى شومان.
180 - أحمد عادل محمود.
181 - مصطفى إبراهيم.
182 - محمد قدرى فريد.


الإجراءات

بتاريخ الأول من يونيو سنة 2017، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم أولاً: بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 43709، 43866 لسنة 70ق "قضاء إدارى"، والحكم الصادر فى الطعن رقم 74236 لسنة 62ق "عليا". ثانيًا: وفى الموضوع بعدم الاعتداد بالحكمين المشار إليهما، والاعتداد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة بجلسة 2/ 4/ 2017.
وبتاريخ 20 من يونيو سنة 2017، أصدر المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا أمرًا وقتيًا بوقف تنفيذ كل من: 1 - الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 43709، 43866 لسنة 70ق "قضاء إدارى"، والمؤيد بالحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 74236 لسنة 62ق "عليا".
2 - الحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة المؤيد بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة.
وبتاريخ التاسع من يوليو سنة 2017 أودعت هيئة قضايا الدولة، بصفتها نائبًا قانونيًا عن المدعين، صحيفة بتصحيح طلباتها، إلى الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 122 لسنة 2017 مستعجل القاهرة بجلسة 2/ 4/ 2017، والمؤيد استئنافيًا بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعويين 43709، 43866 لسنة 70 ق "قضاء إدارى"، والحكم الصادر فى الطعن رقم 74236 لسنة 62ق "عليا".
وبجلسات التحضير أمام هيئة المفوضين طلب الحاضر عن المدعى عليه أولاً (1/ أ)؛ الحكم ببطلان ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية لعدم اتباع الإجراءات الخاصة التى قررتها اللجنة القومية العليا للبحار، وبرفض الدعوى، والاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى، حال أن توقيع ممثل الحكومة المصرية على الاتفاقية لا يُعد من أعمال السيادة بل هو محض قرار إدارى.
والحاضر عن المدعى عليه أولاً (1/ ب) طلب الحكم بعدم قبول الدعوى، لعدم إيداع صور رسمية من الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، عند إيداع صحيفة الدعوى. وكذلك عدم قبول طلب التصحيح المقدم من المدعين فى التاسع من يوليو سنة 2017، لمخالفته المادة (38) من قانون المحكمة الدستورية العليا التى لا تجيز تقديم طلبات جديدة أمام هيئة المفوضين بالمحكمة.
كما دفع الحاضر عن المدعى عليهم (أولاً – 1/ أ، 2، وثانيًا – 48، 73)؛ أصليًا: بعدم قبول الدعوى شكلاً لانتفاء شروط قبولها، ومن ثم زوال أثر الأمر الصادر من المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 20/ 6/ 2017، فى الشق العاجل من الدعوى، تأسيسًا على عدم وجود نزاع مطروح على جهتى قضاء فى الآن ذاته، إذ أقيمت الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة بعد صدور حكم دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، واستنفاد جهة القضاء الإدارى، من ثم، ولايتها، حال أن نص المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا يفترض تزامنًا تاريخيًا بين الحكمين المتناقضين، وكذلك لعدم تعامد الأحكام المدعى تناقضها على محل واحد. واحتياطيًا: برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
تخلص وقائع الدعوى – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعى عليه "أولاً 1 - أ" أقام الدعوى رقم 43709 لسنة 70ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، ضد المدعين الثلاثة الأوائل؛ بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه بإبرام وتوقيع ممثل الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وبالتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها عم أحقية المدعى الثالث فى الدعوى المعروضة "رئيس مجلس النواب" فى مناقشة الاتفاقية، كما أقام المدعى عليه "أولاً – 2"، قبل المدعين عدا الثالث، الدعوى رقم 43866 لسنة 70ق أمام المحكمة عينها؛ بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من المدعى الثانى بصفته بإعادة ترسيم الحدود بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وما يترتب على ذلك من آثار أخصها الإبقاء على تبعية جزيرتى تيران وصنافير ضمن السيادة والملكية المصرية. وأسس المدعيان فى الدعويين طلباتهما على أنه فى التاسع من إبريل سنة 2016 أبرمت اتفاقية بين الحكومتين المصرية والسعودية لتعيين الحدود البحرية بين الدولتين، وقد تضمنت هذه الاتفاقية تنازل الحكومة المصرية عن جزيرتى تيران وصنافير، بالمخالفة لنص المادة (151) من الدستور، كما تخالف اتفاقية ترسيم الحدود التى أبرمت عام 1906, وأن الجزيرتين جزء من إقليم الدولة المصرية وخاضعة لسيادتها التى مارستها عليها، ولما كان توقيع ممثل الحكومة المصرية على هذه الاتفاقية قرارًا إداريًا، فمن ثم يجوز مخاصمته أمام القضاء الإدارى.
وأثناء نظر الدعويين أمام محكمة القضاء الإدارى، تدخل فيهما باقى المدعى عليهم، فى الدعوى المعروضة، ودفع الحاضر عن الدولة بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعويين، كون إبرام المعاهدات بين الدول من أعمال السيادة التى يمتنع على القضاء نظرها، وبعدم قبولهما لانتفاء القرار الإدارى، فقررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط، وليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 21 من يونيو سنة 2016 حكمت المحكمة: أولاً: برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائى بنظر الدعوى واختصاصها، ثانيًا: بقبول الدعويين شكلاً وببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة فى إبريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البرى المصرى وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة عليهما وحظر تغيير وصفهما بأى شكل لصالح أى دولة أخرى وذلك على النحو المبين بالأسباب. وقد قام ذلك الحكم، فى رفضه للدفع بعدم اختصاص القضاء الإدارى ولائيًا بنظر الدعوى، على أسباب حاصلها أن توقيع ممثل الحكومة المصرية على الاتفاقية، رغم كونه لا يُعد قرارًا إداريًا، إلا أنه يدخل ضمن المنازعات الإدارية التى تنبسط عليها ولاية محاكم مجلس الدولة إعمالاً لحكم المادة (190) من الدستور، ونص البند (14) من المادة (10) من قانون مجلس الدولة، وبهذه المثابة فإنه لا يندرج ضمن أعمال السيادة. وإذ لم يرتض المدعون، فى الدعوى المعروضة، الحكم، فقد طعنوا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، الدائرة الأولى "فحص طعون"، وقيد الطعن برقم 74236 لسنة 62ق "عليا"، طالبين الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم إحالته إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى بمنطوقه، والقضاء مجددًا بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، واحتياطيًا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، ومن باب الاحتياط الكلى رفض الدعوى، وذلك على سند من أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوبًا بعيب مخالفة القانون. وتدوول الطعن أمامها، وبجلسة 16 من يناير سنة 2017 أصدرت المحكمة الإدارية العليا "دائرة فحص الطعون" حكمها، بإجماع الآراء، برفض الطعن.
ومن جهة أخرى أقام الأستاذ/ خيرى عبد الفتاح إبراهيم كليلة "المحامى" وآخران دعوى، قيدت برقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة، ضد المدعى عليهم، فى الدعوى المعروضة، بطلب إسقاط مسببات الحكم رقم 74236 لسنة 62 قضائية الصادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وبانعدام وجوده ووجود الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعويين رقمى 43709 و73866 لسنة 70 قضائية، وإزالة كل ما لهما من آثار والاستمرار فى تنفيذ الحكم رقم 1863 لسنة 2016 مستعجل القاهرة والمستأنف برقم 373 لسنة 2016 مستعجل القاهرة. وإذ تدوولت الدعوى بالجلسات، وبها تدخلت السيدة/ نهلة أحمد محمد قنديل هجوميًا، فقضت المحكمة بجلسة الثانى من إبريل سنة 2017: بعدم قبول التدخل شكلاً، وبرفض الدفعين المبديين من المدعى عليه الثانى بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون، وفى الموضوع بعدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعويين رقمى 43709 و43866 لسنة 70ق من محكمة القضاء الإدارى، وكذا الحكم الصادر فى الطعن رقم 74236 لسنة 62 قضائية عليا واعتبارهما منعدمى الأثر. وقد شيّد هذا الحكم قضاءه على أن الحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، آنف الإشارة إليه، هو حكم منعدم؛ لتعرضه لعمل من أعمال السيادة هو علاقة الدولة بغيرها من الدول الأجنبية، وهو ما يُحظر على المحاكم كافة التعرض له، لعلو سيادة الدولة لكافة السلطات بها، وأن الإرادة الشعبية هى المحددة لاختصاصات سلطات الدولة والعلاقات بينها، فلا يجوز لإحدى هذه السلطات تجاوز تخوم ولايتها الدستورية، ومن ثم يكون ذلك الحكم قد جاوز اختصاصه الولائى منعدمًا لا يعتد به. وإذ استُؤنف هذا الحكم من المتداخلة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية؛ مختصمة فيه جميع خصوم الدعوى، قُيد الاستئناف برقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، وبتاريخ 28 من مايو سنة 2017 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية، فى مادة تنفيذ موضوعية، بقبول الاستئناف شكلاً، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، متخذة من كامل الأسباب الواردة فى الحكم المستأنف أسبابًا لقضائها. وإذ ارتأى المدعون أن ثمة تناقضًا بين الحكمين، الصادر أولهما فى 16 من يناير سنة 2017 من المحكمة الإدارية العليا "دائرة فحص الطعون" فى الطعن رقم 74236 لسنة 62ق "عليا"؛ تأييدًا للحكم الصادر فى 21 من يونيو سنة 2016 من محكمة القضاء الإدارى فى الدعويين رقمى 43709 و43866 لسنة 70ق، والصادر ثانيهما من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 28 من مايو سنة 2017 فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى؛ بتأييد الحكم الصادر بتاريخ الثانى من إبريل سنة 2017 فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة، على نحو يتعذر تنفيذهما معًا، أقاموا دعواهم المعروضة.
وقد أرفق المدعون بصحيفة دعواهم، عند إيداعها قلم كتاب هذه المحكمة، ست حوافظ مستندات، طويت الأولى منها على صورة رسمية من الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 43709 و43866 لسنة 70ق قضاء إدارى، وضمت الرابعة صورة رسمية من الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا "دائرة فحص الطعون" فى الطعن رقم 74236 لسنة 62ق عليا، بينما حوت الخامسة صورة رسمية من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة، كما طويت السادسة على صورة رسمية من الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة.
وحيث إن الأستاذ/ أحمد محمود قناوى المحامى مثل أمام المحكمة بجلستى 21 و28 من يناير سنة 2018 بحسبانه وكيلاً عن المدعى عليه السابع، وترافع فى أولهما فى موضوع الدعوى، وبالجلسة الثانية طلب رد المستشار الدكتور حنفى على جبالى رئيس هيئة المحكمة والمستشار حاتم حمد بجاتو عضو الهيئة، دون إبداء أسباب الرد، وقد تبين للمحكمة أنه لم يقدم سند وكالة عن أى من المدعى عليهم.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (153) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه "يحصل الرد بتقرير يكتب بقلم كتاب المحكمة التى يتبعها القاضى المطلوب رده، يوقعه الطالب نفسه أو وكيله المفوض فيه بتوكيل خاص يرفق بالتقرير"، وكان من المقرر قانونًا أن لرد القاضى عن الحكم فى الدعوى إجراءً رسمه قانون المرافعات، فلا يكفى لتحقيق هذا الإجراء مجرد إبداء الرغبة فيرد أحد أعضاء المحكمة وإثبات ذلك فى محضر الجلسة، بل يجب أن يتم الرد من الخصم نفسه بحسبانه حقًا شخصيًا له، وليس لمحاميه أن ينوب عنه فى ذلك إلا بتوكيل خاص يقدمه لحظة إبداء طلب الرد، ولا يغنى عن ذلك صدور هذا التوكيل، مادام لم يقدم عند إبداء طلب الرد. ولما كان المحامى الذى أبدى رغبته فى رد رئيس وعضو هيئة المحكمة لم يقدم توكيلاً خاصًا عن أى من المدعى عليهم، سواء من قرر حضوره عنه أو غيره، يخوله رد قضاة المحكمة فى الدعوى المعروضة، ومن ثم فإن ما أبداه يكون والعدم سواء، ولا تثريب على المحكمة أن التفتت عنه، ومضت فى نظر الدعوى.
وحيث إن المدعى عليه الثالث والسبعين قدم، بعد حجز الدعوى للحكم، طلبًا لفتح باب المرافعة، أرفق به مذكرة لم تصرح بها المحكمة، ومن ثم تلتفت عنها.
وأثناء نظر الدعوى أمام المحكمة قدم الحاضر عن المدعين حافظتى مستندات، طويت الأولى على شهادة صادرة من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، تفيد الحكم، بجلسة 30 من يوليو سنة 2017، بعدم جواز الاستئناف رقم 203 لسنة 2017 مستأنف، المقام من المدعى عليه أولاً (1/ أ)، طعنًا على الحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 تنفيذ موضوعى مستعجل القاهرة لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، وطويت الثانية على شهادة صادرة من المحكمة ذاتها، تفيد حصول هيئة قضايا الدولة، فى 29 من مايو سنة 2017، على صورة رسمية من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، كما قدم مذكرة تمسك فيها بالطلبات المعدلة.
والحاضرون عن المدعى عليهم اعتصموا، فى مرافعتهم الشفوية والمذكرات المقدمة منهم، بكافة أوجه دفاعهم ودفوعهم المبداة بجلسات التحضير، وأضاف الحاضر عن المدعى عليه أولاً (1/ ب) دفعًا بتزوير الشهادة المقدمة من هيئة قضايا الدولة بحصولها فى 29 من مايو سنة 2017 على صورة رسمية على الحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، مفوضًا المحكمة فى حسم هذا الدفع. كما أضاف الحاضر مع المدعى عليه (أولاً – 2) وعن المدعى عليهم (أولاً – 1/ أ، وثانيًا – 48، 73) دفاعًا بعدم قبول الدعوى، قالة أن الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة غير نهائى؛ إذا لم يفصل فى موضوع الدعوى، واقتصر على الفصل فى الاستئناف المقدم من الخصم المتدخل وفى حدود طلب التدخل، وطلب الحكم بإلغاء الأمر الوقتى الصادر من رئيس المحكمة وزوال أى أثر له، كما دفع بعدم دستورية قرار وزير الخارجية رقم 26 لسنة 2017، وما تضمنه من القرار الجمهورى رقم 607 لسنة 2016 بالموافقة على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتى جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة بتاريخ الثامن من إبريل سنة 2016 وكافة الخطابات المتبادلة والمنشورة بالجريدة الرسمية، وكتاب رئيس مجلس النواب المؤرخ 14 من يونيو سنة 2017 بشأن موافقة مجلس النواب على الاتفاقية والخطابات المتبادلة بشأنها، ووثيقة تصديق رئيس الجمهورية على الاتفاقية والخطابات المتبادلة بشأنها، وعلى الاتفاقية ذاتها، لمخالفة نص المادتين (1، 151) من الدستور. والمدعى عليه (أولاً – 2) تمسك بكل ما أبداه الحاضر معه، وأضاف دفعًا بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائيًا بنظر الدعوى.
وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، فلما كانت المادة (192) من الدستور قد ناطت بالمحكمة الدستورية العليا عددًا من الاختصاصات من بينها الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها، وهو ما أكدته المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 فى بندها "ثالثًا"، وبهذه المثابة؛ فإن المحكمة الدستورية العليا، وعلى ما جرى به قضاؤها، لا تعتبر جهة طعن فى هذه الأحكام، ومن ثم لا اختصاص لها بمراقبة التزامها حكم القانون أو مخالفتها له تقويمًا لاعوجاجها، وتصويبًا لأخطائها، بل يقتصر بحثها على المفاضلة بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين على أساس من قواعد الاختصاص الولائى، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل فى الدعوى، وأحقها بالتالى بالتنفيذ. لما كان ذلك، وكانت الدعوى المرددة قد أقامها المدعون؛ ابتغاء حسم التناقض بين أحكام صادرة من جهتى قضاء مختلفتين، القضاء العادى والقضاء الإدارى، وكان تعييب المدعين للأحكام الصادرة من محاكم جهة القضاء الإدارى، ينصب بالأساس على ما يدعونه من مخالفتها لقواعد الاختصاص، ومجاوزتها تخوم ولايتها، بأن فصلت فى نزاع حجبها المشرع عن نظره، بمقتضى المادة (11) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972، توصلاً إلى عدم الاعتداد به، تغليبًا لحكم جهة القضاء العادى، مما يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا بنظر هذه الدعوى، بحسبانها داخلة فى اختصاصاتها المقررة لها انفرادًا فى الدستور والقانون، ويضحى الدفع بعدم اختصاصها فاقدًا للسند، متعين الرفض.
وحيث إنه عن الدفع بتزوير الشهادة المقدمة من هيئة قضايا الدولة المثبتة لحصولها، فى 29 من مايو سنة 2017، على صورة رسمية من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة؛ فلما كانت المادة 52 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية تنص على أنه "إذا كان الادعاء بالتزوير منتجًا فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لإقناع المحكمة بصحة المحرر أو بتزويره ورأت أن إجراء التحقيق الذى طلبه الطاعن فى مذكرته منتج وجائز أمرت بالتحقيق"، وكان من المقرر، تبعًا لذلك، أن للمحكمة سلطة مطلقة فى الحكم بصحة الورقة المدعى تزويرها أو ببطلانها وردها، وذلك بناءً على ما تستظهره من ظروف الدعوى وملابساتها، دون أن تكون ملزمة بالسير فى إجراءات التحقيق أو ندب خبير، فإذا تبين لها أن من وقائع الدعوى ومستنداتها ما يدحض الدفع بالتزوير دون حاجة إلى تحقيقه، كان لها أن تقضى برفض دعوى التزوير وصحة السند. ولما كان ذلك؛ وكان قد تبين للمحكمة من مطالعة محضر إيداع أوراق الدعوى المعروضة، والمؤرخ الأول من يونيو سنة 2017، أنه قد أرفق بصحيفتها ست حوافظ مستندات، أُثبتت بالأرقام المسلسلة من (3: 8)، وتأشر عليها جميعًا بالتسلم فى التاريخ ذاته من الموظف المختص بجدول المحكمة الدستورية العليا، وثبت من مطالعة الحافظة السادسة أنها طويت على صورة رسمية من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، مؤشرًا عليها بما يفيد استخراجها فى 29 من مايو سنة 2017، كما ثبت أيضًا من مطالعة تقرير هيئة المفوضين فى الشق العاجل من الدعوى إثبات معده اطلاعه على الحكم عينه عند إعداده التقرير، الأمر الذى يقطع بصحة الشهادة المقدمة من هيئة قضايا الدولة، ومن ثم تقضى المحكمة بصحتها، وتستمر فى نظر الدعوى المعروضة.
وحيث إنه عن طلب الحكم ببطلان الأمر الوقتى الصادر من المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا، فى 20 من يونيو سنة 2017، بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 43709 و43866 لسنة 70ق "قضاء إدارى" والمؤيد بالحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 74236 لسنة 62ق "عليا"، والحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة المؤيد بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، فلما كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن سلطة وقف التنفيذ التى يملكها رئيس المحكمة الدستورية العليا وفقًا لنص الفقرة الثالثة من المادة (32) من قانون المحكمة، مناطها ألا ينفذ أحد الحكمين جبرًا فى مواجهة من يعترض عليه إذا لم يكن من وجهة مبدئية أولى بالتنفيذ، وكان من شأن تنفيذه أن يلحق بالمصالح التى يدعيها المضرور مخاطر جسيمة يتعذر تداركها. ولا يعدو الأمر الصادر من رئيس المحكمة فى هذا الشأن، وهو أمر لا يجوز الطعن فيه، أن يكون إجراء وقتيًا، فلا يجوز النظر إليه باعتباره محددًا أو مرشحًا لقضاء المحكمة الدستورية العليا الفاصل فى النزاع حول التناقض، وإن ظل هذا الأمر، وطوال فترة نفاذه، مانعًا من القيام بأى عمل يناقض فحواه، أو يقيد مداه.
وحيث إن الاعتبار الملحوظ فى ذلك الأمر، هو أن الشروط التى يرتبط بها إصداره، أقل صرامة من تلك التى يتطلبها قانون المحكمة الدستورية العليا فى محال فصلها فى النزاع حول التناقض، بل هى تغايرها بوجه خاص من زوايا خمس، أولها: أن السلطة التى يملكها رئيس المحكمة الدستورية العليا عند إصدار الأمر لا تحكمها ضوابط جامدة نص عليها المشرع وحددها تفصيلاً، بل مناط إعمالها ما يتوافر من الدلائل لديه على ملائمة المضى فى تنفيذ أحد الحكمين المدعى تناقضهما أو كليهما؛ ومن ثم يكون معيار تطبيقها مرنًا لا متزمتًا، ثانيها: أن الأمر الصادر عنه، وباعتباره إجراء وقتيًا، يتوخى صون الحقوق المتنازع عليها على ضوء ظاهر الأمر فيها، لا يتصور أن يكون متراخيًا، كى لا تتعرض للضياع الحقوق التى يمكن أن تهددها مخاطر التنفيذ فيما لو اكتملت بعض جوانبه، أو كان الأمر قد صدر بعد تمامها، ومن ثم جاز لرئيس المحكمة، فى ضوء تقديره لمدى ملاءمة التنفيذ، أن يبادر بإصدار الأمر الوقتى بوقف التنفيذ، أو رفضه، وذلك بمجرد رفع دعوى تناقض الأحكام بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة، دون التربص بانتهاء مواعيد وإجراءات الإعلان والتحضير المنصوص عليها فى المادتين (37، 39) من قانون المحكمة الدستورية العليا، وإلا كان ذلك تراخيًا يصادم الهدف من تخويله سلطة إصدار الأمر الوقتى، ويؤيد هذا النظر ما قررته المادة (31) من القانون مار الذكر فى فقرتها الأخيرة، من وقف، بقوة القانون، الدعاوى القائمة المتعلقة بطلب الفصل فى تنازع الاختصاص، وذلك فور تقديم الطلب وحتى الفصل فيه، دون انتظار لإعلان أو تحضير، ولا يعد ذلك إخلالاً بحق الدفاع، أو عدولاً عن مبدأ المواجهة القضائية، إذ إن هذا الإجراء محض أمر وقتى، لا تنحسم به الخصومة القضائية فى موضوع الدعوى، ولا يتغير به المركز القانونى للخصوم، بل يقتصر أثره على إزالة ما للأحكام من قوة نفاذ، مؤقتًا، حتى إصدار المحكمة الدستورية العليا قضاءها فى موضوع دعوى التناقض. ثالثًا: أن صدور الأمر لا يقتضى ممن يطلبه أن يبرهن على أن الاختصاص الولائى لأحد الحكمين المقول بتناقضهما منتحل بما لا شبهة فيه، وأن انتفاءه بالتالى مقطوع به، بل يكفيه أن يبين من وجهة أولية، أن شكوكًا تحوم حول هذا الاختصاص لا يُحتمل معها ثبوته. رابعها: أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين، فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، ذلك أن أولهما يتوخى إرجاء إعمال آثار أحدهما بصفة مؤقتة، حال أن ثانيهما يتغيا تنحية إنفاذه بصفة باتة لا رجوع فيها. خامسها: إذا يقرر رئيس المحكمة الدستورية العليا إصدار الأمر وفقًا لنص الفقرة الثالثة من المادة (32) من قانونها، فإن تقديره تتداخل فيه من العناصر القانونية، عوامل واقعية لها شأنها، من بينها تلك الآثار التى يمكن أن تنجم عن تنفيذ أحد الحكمين المدعى تعارضهما أو كليهما. وعلى خلاف ذلك قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن تعيين أولاهما بالتنفيذ، إذا لا يتصور أن يُحمل قضاؤها فى هذا الشأن إلا على عناصر قانونية بحتة، قوامها أن الحكم الأحق بالتنفيذ، هو ذلك الذى يصدر عن جهة قضاء اختصها المشرع دون غيرها بالفصل فى النزاع الموضوعى. لما كان ذلك؛ وكان المستشار رئيس المحكمة قد أصدر الأمر الوقتى المشار إليه، وفقًا لسلطته التقديرية التى نيطت به منفردًا، ملتزمًا الضوابط المقررة فى القانون، والمتواترة فى قضاء هذه المحكمة، وهو أمر يمتنع الطعن عليه، ومن ثم ينحل النعى بالبطلان على هذا الأمر الوقتى طعنًا عليه؛ بما مؤداه عدم قبوله.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً من وجوهه الأربعة، الأول: تخلف أحد حَدّى التناقض، وهو الحكم النهائى الصادر من جهة القضاء العادى؛ بحسبان الطلب الأصلى المقام به الدعوى المعروضة اقتصر على طلب فض التناقض بين الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 43709 و43866 لسنة 70ق قضاء إدارى المؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا "دائرة فحص الطعون" فى الطعن رقم 74236 لسنة 62ق "عليا"، وبين الحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة، والثانى: عدم إيداع صورة رسمية من الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة عند إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، والثالث: أن الحكم الصادر فى الاستئناف المشار إليه غير نهائى؛ إذ لم يفصل فى موضوع الدعوى، واقتصر على الفصل فى الاستئناف المقدم من الخصم المتدخل وفى حدود طلب التدخل، والرابع: مخالفة نص المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، لعدم وجود نزاع مطروح على جهتى قضاء فى الآن ذاته، إذ انتحلت الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة بعد صور حكم المحكمة الإدارية العليا "دائرة فحص الطعون"، واستفاد جهة القضاء الإدارى، ولايتها، لخلق تناقضٍ متوهم؛ فإن هذا الدفع مردود من وجوهه الأربعة، جميعها، على النحو الآتى: أولاً: من المقرر فى قضاء هذه المحكمة؛ أنها، بما لها من هيمنة على الدعوى، هى التى تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح وذلك على ضوء طلبات رافعها، متقصية فى سبيل ذلك فحوى طلباته، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها دون التقيد بحرفية ألفاظها ومبانيها، وكان ما يستهدفه المدعون من دعواهم هو فض التناقض القائم بين حكمى جهة القضاء الإدارى وحكمى جهة القضاء العادى، وكانت هيئة قضايا الدولة، كما تبين من مطالعة صحيفة الدعوى، قد قررت نصًّا "وقد تم استئناف هذا الحكم بموجب الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة والذى قضى فى مادة تنفيذ موضوعية:......."، ثم أردفت الهيئة "لما كان ما تقدم جمعية، فإن ثمة تناقضًا بين الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعويين رقمى....... والمؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن.......، وبين ما صدر عن القضاء العادى من أحكام فى الدعاوى رقمى....... واستئنافيهما رقمى 373 لسنة 2016 مستأنف مستعل القاهرة، 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة. إذ إن كلاً منهما قد صدر نهائيًا من جهة قضاء، والآخر نهائيًا من جهة أخرى، وقد فصلا على نحو متعارض فى مسألة كلية بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، بما يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا لتحديد أى الحكمين أولى بالتنفيذ"، ثم عادت الهيئة معللة طلبها قبول الدعوى شكلاً" لتوفر م ناطق الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن حكمين قضائيين نهائيين طبقًا للمادة (25 – ثالثًا) من قانون المحكمة الدستورية العليا، إذ أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها....، كما أصدر القضاء العادى الحكم فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة والمؤيد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى، فهما حكمان نهائيان صادر أحدهما من جهة القضاء الإدارى، والآخر من جهة القضاء العادي". ومن ثم؛ فإن حقيقة طلبات المدعين المطروحة فى الدعوى المعروضة فى تكييفها الصحيح، وعلى ما أفصحت عنه صحيفتها صراحة فى غير موضع منها، هى طلب الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة بجلسة 2/ 4/ 2017، والمؤيد استئنافيًا الحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الدعويين رقمى 43709، 43866 لسنة 70ق "قضاء إدارى"، والحكم الصادر فى الطعن رقم 74236 لسنة 62ق "عليا"، وهو ما تمسك به المدعون فى طلباتهم الختامية؛ مما يكون معه هذا الوجه من الدفع غير سديد، ويضحى طلب فض التناقض المعروض قائمًا بين حكمين نهائيين، ثانيًا: عن الوجه الثانى من أوجه الدفع بعدم القبول؛ فلما كان المشرع ضمانًا لإنباء المحكمة الدستورية العليا، وبما لا تجهيل فيه، بأبعاد التنازع، تعريفًا بها، ووقوفًا على ماهيتها على ضوء الحكمين المتنازعين، قد حتم فى المادة (34) من قانونها، أن يرفق بطلب التنازع، صورة رسمية من كل من هذين الحكمين، وإلا كان الطلب غير مقبول. وكان قد ثبت، على نحو ما سلف، إرفاق المدعين صورة رسمية من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة عند رفع دعواهم فإن هذا الوجه من أوجه الدفع يكون حابط الأثر، تلفت المحكمة عنه. ثالثًا: لما كان من المقرر قانونًا وجوب أن يكون الحكمان المدعى تناقضهما قد فصلا فى موضوع النزاع، وكان الثابت من مطالعة الحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، والذى اختُصِمَ فيه سائر خصوم الدعوى المستأنف حكمها، أنه قد تناول موضوع النزاع، ومدى اعتبار توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية من أعمال السيادة، مؤيدًا فى ذلك للحكم المستأنف، معتنقًا أسبابه، ولم يقتصر على تمحيص طلبات المتدخلة، والفصل فيها وحدها دون موضوع الدعوى، وهو النظر الذى جزم بتأييده ما ورد فى الحكم الصادر بعدم جواز الاستئناف رقم 203 لسنة 2017 مستأنف، المقام من المدعى عليه أولاً (1/ أ) على الحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 تنفيذ موضوعى مستعجل القاهرة؛ لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة، على نحو ما ثبُت بالشهادة المقدمة من هيئة قضايا الدولة، الصادرة من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، والمتضمنة ما يقطع بجلاء أن هذا الحكم الأخير قد فصل فى موضوع الدعوى، مما لازمه رفض هذا الوجه من أوجه الدفع أيضًا. رابعًا: لما كان نص المادتين (192) من الدستور و(32) من قانون المحكمة الدستورية العليا يخول كل ذى شأن أن يطلب منها فض النزاع القائم حول التناقض بين الأحكام، فى الحدود التى بينتها المادة (25) من قانونها، وكانت الشروط التى تحكم قبول هذا الطلب، حسبما يتبين من مطالعة نص الدستور والمادتين (25) و(32) من قانون المحكمة، لا تُقيد رفعه إليها بوجود تعاصر الدعويين الصادر فيهما الحكمان المدعى تناقضهما، متى كان هذا التناقض قائمًا قبل رفع الدعوى أمام هذه المحكمة، فإن إقحام هذا القيد واشتراط التعاصر والتزامن بين الدعويين، الصادر بشأنهما الحكمان المتناقضان، لقبول الدعوى، لا يكون محمولاً على سند من الدستور أو القانون، وينافى طبيعة النزاع القائم حول التناقض، وكذلك عموم العبارة التى أفرغ المشرع فيها نصى الدستور وقانون المحكمة السالف بيانهما، والتى لا يجوز تخصيصها بغير دليل، كما أنه يفرغ اختصاص المحكمة بفض تناقض الأحكام من مضمونه، ويؤدى إلى أن تسلب المحكمة من اختصاص نيط بها، وهو ما تتأباه العدالة، التى يؤذيها أن تؤول إدارتها إلى بقاء التناقض بين حكمين نهائيين قائمًا بلا حل؛ ومن ثم يكون هذا الوجه من أوجه الدفع قمينًا بالرفض.
وحيث إنه عن توافر المصلحة فى الدعوى المعروضة، وما إذا كانت قد انتفت بموافقة مجلس النواب، فى 14 من يونيو سنة 2017، على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، وتصديق رئيس الجمهورية عليها فى 17 من يونيو سنة 2017، قبل صدور أمر رئيس المحكمة الدستورية العليا بوقف التنفيذ والحكم فى الدعوى، ولاسيما وقد نشرت الاتفاقية بعد التصديق فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم (33) الصادر فى 17 من أغسطس سنة 2017، فلما كانت المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتى: أولاً...... ثانيًا........ ثالثًا: الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة قضائية أخرى منها......." مما مفاده أن المشرع حرص على قيام رقابة مهيمنة تحسم الخلاف حول تنفيذ الأحكام القضائية النهائية المتناقضة الصادرة فى موضوع واحد من جهتين، أو أكثر، من الجهات القضائية أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، إذا كان تنفيذها معًا متعذرًا، إعلاء منه لمبدأ الدولة القانونية، ذلك أن الحق فى التقاضى، بوصفه حقًا دستوريًا أصليًلا، لا تكتمل مقوماته إذا لم توفر الدولة للخصومة فى نهاية مطافها حلاً منصفًا يمثل الترضية القضائية التى يقتضيها رد العدوان على الحقوق المدعى بها، ولا كذلك إذا تعذر تنفيذ حكم قضائى صادر من جهة قضائية مختصة ولائيًا بالفصل فى النزاع، إذا تناقض مع حكم آخر صادر من جهة قضائية أخرى غير مختصة ولائيًا بالفصل فى النزاع ذاته، ولذا فقد عهد المشرع إلى المحكمة الدستورية العليا، حال اتصالها بالمنازعة، لفض هذا التناقض الناجم عن تغول إحدى الجهات القضائية على اختصاص غيرها، بما نص عليه فى البند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة المشار إليه، وإذ كان هذا النص، فضلاً عما تقدم، قد جاء مطلقًا، ولم يشترط لقبول دعوى فض التناقض، ألا يكون أحد الحكمين، أو كلاهما، قد تم تنفيذه سواء قبل رفع هذه الدعوى أو بعد رفعها، فلا يجوز تخصيص هذا النص بغير مخصص، لما هو مقرر من بقاء المطلق على إطلاقه، بل إن تنفيذ أحد الحكمين الصادر من جهة قضائية غير مختصة ولائيًا، أيًا ما كان توقيت هذا التنفيذ، لا يعدو أن يكون عقبة مادية تحول دون تنفيذ الحكم الآخر الصادر من الجهة القضائية صاحبة الولاية الأصلية بالفصل فى النزاع، ومن ثم تكون قالة انتفاء المصلحة فى الدعوى المعروضة، نظرًا لما طرأ من مستجدات تتعلق الموافقة على الاتفاقية والتصديق عليها ونشرها، وبقطع النظر عن صحة قالة أن هذا كله يعد تنفيذًا لأحد الحكمين، على غير أساس متعينًا رفضه.
وحيث إنه عن توافر الشروط الموضوعية لقبول الدعوى، فلما كان الأصل فى النزاع القائم حول التناقض، أن مداره حكمان نهائيان صادران عن جهتين قضائيتين مختلفتين، وأن يكونا قد حسما موضوع النزاع فى جوانبه كلها أو بعضها، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، وكان البين من مطالعة الأحكام التى تشكل حدى التنازع، حكم محكمة القضاء الإدارى المؤيد بحكم دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وحكم محكمة تنفيذ جنوب القاهرة الصادر فى منازعة تنفيذ موضوعية المؤيد بحكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية، أنهما حكمان نهائيان، صدرا من جهتى قضاء مختلفتين، وحسما جانبًا من جوانب النزاع، وهو المسألة الأولية المتعلقة بالاختصاص الولائى بالفصل فى صحة توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، وكان الحكمان قد تناقضا فيما ذهبا فيه من حسم هذه المسألة، إذا نحا حكم جهة القضاء الإدارى منحى توسيد ولاية نظر أمر هذا التوقيع لمحاكم مجلس الدولة بحسبانه، وإذ لم يكن قرارًا إداريًا، مما يندرج فى عموم المنازعات الإدارية، ودون ذلك لكنه هذه المنازعة، ومضى، من بعد، فى نظر الدعوى، وفصل فى موضوعها، حيث أنكر الحكم الصادر من جهة القضاء العادى على محاكم مجلس الدولة هذا الاختصاص، بمقولة أن ذلك التوقيع يُعد من أعمال السيادة، المحجوب عن نظرها جهات القضاء كافة،وانتهى، بالبناء على ذلك، على القضاء بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محاكم مجلس الدولة، ومن ثم يكون الحكمان قد تعامدا، على المحل ذاته، وتناقضا فيما قضيا به، مما تغدو معه الدعوى جديرة بالقبول.
وحيث إنه لما كان اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فى التناقض وفقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانونها، ليس مقررًا لها بوصفها جهة طعن تفصل فيما يعرض عليها من الطعون خلال ميعاد مجدد بقاعدة آمرة لا تجوز مخالفتها، ذلك أن النزاع الموضوعى لا ينتقل إليها لتجيل بصرها فى العناصر التى قام عليها، واقعية كانت أم قانونية، ولكنها، وأيًا كانت الأخطاء التى تكون قد نسبت إلى الحكمين المدعى تناقضهما، لا تفصل فى شأن التناقض بينهما إلا على ضوء قواعد ا لاختصاص الولائى التى ضبطها المشرع؛ ليحدد بها لكل هيئة قضائية قسطها أو نصيبها من المنازعات التى اختصها بالفصل فيها، حتى لا تنحل الأحكام عدوانًا من إحدى جهات القضاء على الولاية التى أ ثبتها المشرع لجهة أخرى، أو كان مما يمثل افتئاتًا على اختصاص خرج عن ولايتها وولاية القضاء عامة، واحتجزه الدستور لسلطة أخرى من سلطات الدولة، بما يناقض مبدأى الفصل بين السلطات وخضوع الدولة للقانون، ذلك أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى ممارستها لسلطاتها، أيًا كانت وظائفها أو غايتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها، فلا تتحلل منها، إذ إن سلطاتها هذه، وأيًا كان القائمون عليها، لا تعتبر امتيازًا شخصيًا لمن يتولونها، ولا هى من صنعهم، بل أسستها إرادة الجماهير فى تجمعاتها على امتداد الوطن، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها، ومن ثم تكون هذه القواعد قيدًا على كل أعمالها وتصرفاتها، فلا تأتيها إلا فى الحدود التى رسمها الدستور.
ومن حيث إن مناطق الفصل فى الدعوى المعروضة،هو تحديد ما إذا كان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية مندرجًا فى أعمال السياسة، أم أنه محض عمل من الإدارة، توصلاً لتحديد جهة القضاء المختصة بنظره. وعلى الرغم من تعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة، وفى القلب منها الأعمال السياسية، التى تعد بحق المجال الحيوى والطبيعى لنظرية أعمال السيادة، فإن ثمة عناصر ومميزات تميز هذه الأعمال عن الأعمال الإدارية العادية، أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها، فهى تتصل بنظام الدولة السياسى، أو بسيادتها فى الداخل أو الخارج، اتصالاً وثيقًا، إذ تصدر ع السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم، وبما لها من سلطة عليها لتحقيق مصلحة الجماعة السياسية كلها والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها فى الداخل والخارج. وهو ما يفارق هذه الأعمال عن أعمال الإدارة العادية التى تجريها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة إدارة، تتولى الإشراف على المصالح اليومية للجمهور ومرافقة العادة، ويبرر، فى الآن ذاته، منح السلطة التنفيذية، فى شأن الأعمال السياسية، سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقًا، ومن ثم استبعادها من ولاية القضاء عامة، تحقيقًا للغايات المتقدمة، واتساقًا مع الاعتبارات السياسية التى تقتضيها طبيعة هذه الأعمال، بل إن خروج الأعمال السياسية عن ولاية القضاء يعد أحد صور التطبيق الأمثل لإعمال المفهوم الصحيح لمبدأ الفصل بين السلطات، الذى يوجب إقامة توازن دقيق بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بحيث تتولى كل من هذه السلطات صلاحياتها التى خلعها عليها الدستور وفى الحدود التى رسمها دون افتئات من إحداها على الأخرى.
وحيث إن العبرة فى تحديد التكييف القانونى لأى عمل تجريه السلطة التنفيذية، لمعرفة ما إذا كان من أعمال السياسة أم لا، وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، رهن بطبيعة العمل ذاته، فإذا تعلق العمل بعلاقات سياسية بين الدولة وغيرها من أشخاص القانون الدولى العام، أو دخل فى نطاق التعاون والرقابة الدستورية المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، عد عملاً من أعمال السياسة، وبالبناء على هذا النظر؛ فإن إبرام المعاهدات والتوقيع عليها يعد من أبرز أمثلة هذه الأعمال، وذلك من وجهين؛ الأول: تعلقها بعلاقة بين السلطة التنفيذية، ممثلة للدولة، وبين سائر أشخاص القانون الدولى العام، من دول ومنظمات دولية، وذلك فى مراحل التفاوض والتوقيع والتنفيذ، الثانى: وقوعها فى مجال الاختصاص المشترك، والرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فبمقتضى المادة (151) من الدستور يراقب مجلس النواب السلطة التنفيذية فيما تبرمه من معاهدات، وله أن يوافق أو يرفض ما يدخل منها فى اختصاصه بموجب الفقرة الأولى من المادة المذكورة، كما له تقرير ما إذا كانت تلك المعاهدات تتعلق بالفقرتين الثانية والثالثة من المادة ذاتها، فيُحال ما يندرج منها فى الفقرة الثانية للاستفتاء، ويمتنع عن الموافقة، بأية صورة، على ما يتعلق منها بالنزول عن شئ من إقليم الدولة أو ما يخالف الدستور. وسلطة البرلمان فى ذلك سلطة حصرية لا يشاركه فيها غيره، فإذا ما استنفد مجلس النواب سلطاته، كان ملاك الأمر، مرة أخرى، لرئيس الجمهورية وحده، بما له من سلطة رقابة سياسية، إن شاء صدق على المعاهدة، وإن شاء أبَى، وذلك كله وفقًا لتقديراته السياسية وما يتطلبه صون المصالح العليا للبلاد، ويمتنع على السلطة القضائية بجميع جهاتها ومحاكمها التدخل فى أى من هذه الشئون جميعها حتى تمامها، فإذا نشرت المعاهدة وفقًا للأوضاع المقررة فى الدستور، وأصبح لها قوة القانون، جاز مراقبتها قضائيًا من وجهين، الأول: رقابة استيفائها للشروط الشكلية المقررة فى الدستور، الثانى: الرقابة الموضوعية للمعاهدة، وهى رقابة تجد موجباتها فى نص الفقرة الأخيرة من المادة (151) من الدستور، التى حظرت مخالفة المعاهدة لأحكام الدستور كافة، وهذه الرقابة القضائية على المعاهدات، ومن وجهيها، هى رقابة دستورية لا مشروعية، وهى، بهذه المثابة، منوطة استئثارًا بالمحكمة الدستورية العليا، لا تشاركها فيها جهة قضائية أخرى أيًا كانت، وذلك متى اتصلت الدعوى الدستورية بها طبقًا لأحكام قانونها.
وهديا بما سبق؛ فإن توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتى جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية يُعد، لا ريب، من الأعمال السياسية، وإذ كان الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 43709، 43866 لسن 70ق "قضاء إدارى" والمؤيد بالحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 74236 لسنة 62ق "عليا"، قد خالف هذا المبدأ، بأن قضى باختصاص القضاء الإدارى بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتى جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، حال كونه ممنوعًا من ذلك، على نحو ما سلف، عدوانًا على اختصاص السلطة التشريعية، فإنه يكون خليقًا بعدم الاعتداد به.
وحيث إن المادة (190) من الدستور تنص على أن "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه......."، وكان الحكم الصادر فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 مستعجل القاهرة، المؤيد بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة قد خالف هذا النظر، وفصل فى منازعة تنفيذ موضوعية متعلقة بحكم صادر من المحكمة الإدارية العليا، فإنه يكون قد انتحل اختصاصًا ممتنعًا عليه دستورًا، ويكون، والحال كذلك، حقيقًا بعدم الاعتداد به.
وحيث إنه عن الدفع بعدم دستورية قرار وزير الخارجية رقم 26 لسنة 2017، وما تضمنه من القرار الجمهورى رقم 607 لسنة 2016، وكتاب رئيس مجلس النواب المؤرخ 14 من يونيو سنة 2017، ووثيقة تصديق رئيس الجمهورية وكافة الخطابات المتبادلة والمنشورة جميعها بالجريدة الرسمية، وكذلك الدفع بعدم دستورية اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتى جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ذاتها؛ فلما كان من المقرر أن دستور سنة 1971 بنص المادة (175) منه، والمقابلة لنص المادة (192) من الدستور الحالى، بعد أن وسد للمحكمة الدستورية العليا وحدها سلطة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، حرص على أن يفوض السلطة التشريعية فى أن تنظم كيفية مباشرة المحكمة الدستورية العليا لرقابتها هذه، دون أن تنال من محتواها، وفى حدود هذا التفويض، صدر قانون المحكمة الدستورية العليا مفصلاً القواعد الإجرائية التى تباشر من خلالها، وعلى ضوئها، رقابتها على الشرعية الدستورية، فرسم لاتصال الخصومة الدستورية بها طرائق بذاتها حددتها المادتان (27) و(29) من هذا القانون باعتبار أن ولوجها من الأشكال الجوهرية التى ينبغى اتباعها حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية فى إطارها وبمراعاة أحكامها، فلا يتحلل أحد منها. وباستقراء هاتين المادتين يتبين أن أولاهما تخول المحكمة الدستورية العليا أن تُعْمل بنفسها نظرها فى شأن دستورية النصوص القانونية التى تعرض لها بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها، وذلك بعد اتخاذ الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية، بينها لا تثار دستورية النصوص القانونية، عملاً بثانيتهما، إلا من أحد مدخلين: فإما أن تمنح محكمة الموضوع خصمًا، أثار أمامها دفعًا بعدم دستورية نص قانونى لازم للفصل فى النزاع المعروض فيها، وبعد تقديرها لجدية مناعية، أجلاً لا يجاوز ثلاثة أشهر يقيم خلالها الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وإما أن تحيل بنفسها إلى المحكمة الدستورية العليا نصوص قانونية يثور لديها شبهة مخالفتها للدستور، ولا يتصور فى المنطق السديد، ولوج المحكمة الدستورية العليا أحد المدخلين المنصوص عليهما فى المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، لتمارس اختصاصها المنفرد برقابة دستورية ما يعرض لها من نصوص بمناسبة مباشرة عملها القضائى، ذلك أن علة ما ورد بهذه المادة هو امتناع الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على أى من جهات القضاء خلال المحكمة الدستورية العليا، فكان لزمًا، إذا ما عرض لأى من محاكم هذه الجهات، بمناسبة مباشرتها لعملها، شبهة عدم دستورية نص قانونى، أن تسعى لاستنهاض ولاية المحكمة الدستورية العليا، إما إحالة وإما تصريحًا للخصوم بإقامة الدعوى الدستورية، ثم توقف، من بعد، الدعوى المعروضة عليها، حتى يأتيها قول المحكمة الدستورية العليا الفصل فى شأن ما ارتأته من مظنة عدم الدستورية، وهو ما لا يسوغ القول به فى شأن المحكمة الدستورية العليا، إذا تملك ممارسة اختصاصاتها بالرقابة الدستورية مباشرة أثناء نظرها أى من الدعاوى المعروضة عليها، لتفصل فى دستورية ما عُرض لها من نصوص وفى موضوع الدعوى بحكم واحد، ومن ثم، تكون رخصة التصدى هى الوسيلة الوحيدة لممارسة المحكمة الدستورية العليا اختصاصها بالفصل فى دستورية النصوص التى تعرض لها أثناء نظرها للدعاوى المعروضة عليها، وينحل الدفع المبدى بعدم الدستورية فى الدعوى المعروضة، فى حقيقته، طلبًا من الخصوم يتغيا ح ث المحكمة الدستورية العليا على استعمال رخصة التصدى، المخولة لها بمقتضى المادة (27) من قانونها، فى شأن قرار وزير الخارجية رقم 26 لسنة 2017، وما أرفق به من وثائق قانونية، وعلى رأسها اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتى جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية.
وحيث إن إعمال المحكمة الدستورية العليا الرخصة المقررة لها بمقتضى نص المادة (27) من قانونها، منوط بأن يكون النص الذى يرد عليه التصدى متصلاً بالنزاع المطروح عليها، وترتبط ممارسة هذه الرخصة فى مجال الفصل فى تناقض الأحكام – المقرر لهذه المحكمة طبقًا لنص البند "ثالثًا" من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – بطبيعة ذلك الاختصاص، القائم حسمه على قواعد الاختصاص الولائى، والنصوص الحاكمة له، والتى يتحدد بها إطار ممارسة هذه الرخصة فى هذا الشأن، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى عدم الاعتداد بالحكمين المشار إليهما، وذلك إعمالاً لنص المادة (11) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972، التى تضمنت قاعدة أمرة، بمقتضاها لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر فى الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة، والمادة (190) من الدستور، التى جعلت مجلس الدولة هو صاحب الاختصاص، دون غيره، بالفصل فى منازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه – على النحو سالف البيان – وبالتالى لا يكون هناك مسوغ لإعمال سلطاتها فى التصدى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم الاعتداد بكل من الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 21/ 6/ 2016 فى الدعويين رقمى 43709، 43866 لسنة 70 "قضائية" المؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا "دائرة فحص الطعون" بجلسة 16/ 1/ 2017 فى الطعن رقم 74236 لسنة 62 "قضائية عليا"، والحكم الصادر من محكمة مستعجل جنوب القاهرة بجلسة 2/ 4/ 2017 فى الدعوى رقم 121 لسنة 2017 "مستعجل القاهرة" المؤيد بالحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة بجلسة 28/ 5/ 2017 فى الاستئناف رقم 157 لسنة 2017 "مستأنف تنفيذ موضوعى جنوب القاهرة".

أمين السر النائب الأول لرئيس المحكمة