الجريدة الرسمية - العدد 19 مكرر (ب) - السنة الحادية والستون
27 شعبان سنة 1439هـ، الموافق 13مايو سنة 2018م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 24 لسنة 29 قضائية " دستورية ".

المقامة من:

فتحى محمود محمد حبيب

ضد

1- رئيس مجلس الـوزراء
2- رئيس نيابة شبين الكوم الكلية
3- وزير الماليـة

الإجراءات

بتاريخ السابع والعشرين من يناير سنة 2007، أقام المدعى هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادتين (43،44) من قانون الضريبة العامـة على المبيعات الصادر بالقانـون رقم 11 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامة قدمت المدعـى للمحاكمة الجنائية فـى القضية رقم 26037 لسنة 2003 جنح قويسنا، طالبة عقابه بنصوص المواد(43، 44/2-5، 47) من قانون الضريبة العامة على المبيعـات الصـادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بوصف أنه فى الفترة من عام 1995 حتى عام 1999 بدائرة قويسنا: باع السلعة المبينة بالأوراق دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة، وقدم بيانات غير صحيحة للتخلص من سداد ضريبة المبيعات. تدوولت الدعوى بالجلسات وادعى المدعـى عليه الثالث - فى الدعوى المعروضة - مدنيًا ضد المدعى، بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى إليه مبلغ مائتى وواحد وثلاثين ألفًا وثلاثمائة وسبعة وخمسين جنيهًا وأربعة قروش على سبيل التعويض المدنى، وبجلسة 2/6/2004 قضت محكمة جنح قويسنا بتغريم المدعى مبلغ ألف جنيه، وألزمته بأداء قيمة الضريبة الأصلية، وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة، وأحالت الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة. طعن المدعى على هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 23014 لسنة 2004 جنح مستأنف شبين الكوم، وبجلسة 19/12/2006 دفع المدعى بعدم دستورية نصى المادتين (43، 44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، فقررت تلك المحكمة تأجيل نظر الاستئناف لجلسة 6/2/2007، وصرحت له بالطعن بعدم الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر، يعاقب على التهرب من الضريبة أو الشروع فيه بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز ثلاثة أمثال الضريبة، وإذا تعذر تقدير الضريبة قدرت المحكمة التعويض بما لا يجاوز خمسين ألف جنيه. وفى حالة العود يجوز مضاعفة العقوبة والتعويض. وتنظر قضايا التهرب عند إحالتها إلى المحاكم على وجه الاستعجال".
وقد صدر القانون رقم 91 لسنة 1996 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 واستبدل بنص الفقرة الأولى من المـادة (43) من ذلك القانـون، النص الآتى: "مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشـد يقضى بها قانـون آخر، يعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقـل عن شهـر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة".
وتنص المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 على أنه " يُعد تهربًا من الضريبة يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها فى المادة السابقة ما يأتى: 1-..........2- بيع السلعة أو استيرادها أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة. 3- ........4-.......... 5- تقديم مستندات أو سجلات مـزورة أو مصطنعة أو بيانات غير صحيحة للتخلص من سداد الضريبة كلها أو بعضها".
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن حسمت أمر دستورية الأحكام التى تضمنها نص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والمعدل بالقانـون رقم 91 لسنة 1996 - الذى قصر المدعى طعنه عليه دون الفقرتين الثانية والثالثة من المادة ذاتها -، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 4/11/2007 فى القضية رقم 9 لسنة 28 قضائية "دستورية"، المنشور فى الجريدة الرسمية بعددها رقم (45 مكرر) فى 13/11/2007، والقاضى بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من القانون المشار إليه فيما تضمنه من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة، ورفضت فى أسباب حكمها الطعن على دستورية ما تضمنه نص الفقرة ذاتها من عقوبات جنائية بحتة هى الحبس والغرامة أو عقوبات تجمع بين الجزاء والتعويض، وهى إلزام المحكوم عليه بأداء الضريبة والضريبة الإضافية.
وحيث إن مقتضى نص المـادة (195) من دستور سنة 2014، والمادتين (48 و49) من قانون المحكمـة الدستورية العليا الصـادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لأحكام المحكمة وقراراتها حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، مما يتعين معه الحكم باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لنص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات السالف بيانه.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة "إن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد تدخلها فى هذه الخصومة، فلا تفصل فى غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعى، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين: أولهما: أن يقيم المدعى - فى حدود الصفة التى اختصم بها النص المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به، سواء كان مهددًا بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلاً. ثانيهما: أن يكون هذا الضـرر عائدًا إلى النص المطعـون فيـه، وليس متوهمًا أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفـاء المصلحة الشخصية المباشـرة ، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أى فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان قبلها". ومن ثم فإن نطاق الدعوى المعروضة وفقًا لطلبات المدعى، وما دفع به أمام محكمة الموضوع وصرحت به، يكون مقصورًا على نص البند (2) من المادة (44) من قانون الضريبـة العامـة على المبيعـات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والذى قصر المدعى مناعيه الدستورية عليه دون نص البند (5) من المادة ذاتها- الوارد فى قيد ووصف النيابـة العامـة للاتهـام المسند للمدعـى -، إذ بهذا النطاق تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الدعوى المعروضة، ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة الثانية من مواد إصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016 من أنه "يلغى قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 كما يلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون ........."، ذلك أن إلغاء النص التشريعى الجنائى المطعـون فيه، متى كان أصلح للمتهم، لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم الدستورية من ِقبَلِ من طُبّقَ عليهم ذلك النص خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وبالتالى توافرت لهم مصلحة شخصية فى الطعن عليه.
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه الإخلال بقواعد الشرعية الدستورية، ومبادئ العدالة، بإقراره المسئولية المفترضة، وإهداره أصـل البراءة، وذلك بالمخالفة لنصوص المواد (34، 38، 65، 66، 67، 68، 69) من دستور سنة 1971.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة "أن الرقابة على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، تخضع للدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون هذا الدستور، وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التى ينبغى أن تقوم عليها الجماعة، تقتضى إخضاع القواعد القانونية جميعها - وأيًّا كان تاريخ العمل بها – لأحـكام الدسـتور القائم، لضـمان اتساقها والمفاهيم التى أتى بها، فـلا تتفرق هذه القواعد فى مضامينها بين نظـم مختلفة يناقض بعضها البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التى تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية.
إذ كان ذلك، وكانت المناعى التى وجهها المدعى إلى النص المطعون فيه تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التى تقوم فى مبناها على مخالفة نص تشريعى لقاعدة فى الدستور من حيث محتواها الموضوعى، وكان النص المطعون فيه قد عُمل به حتى تم إلغاءه بنص المادة الثانية من مواد إصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016 - على ما سبق بيانه - فإن هذه المحكمة تفصل فى دستورية النص المطعون فيه على ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014.
وحيث إن الدستور الحالى قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ العدل باعتباره إلى جانب مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك حرص الدستور فى المادة (96) منه على جعله ضابطًا للمحاكمة القانونية العادلة والمنصفة، التى يكفل للمتهم فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، فالعدالة الجنائية فى جوهر ملامحها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هى التى يتعين ضمانها من خلال قواعد محددة تحديدًا دقيقًا، ومنصفًا، يتقرر على ضوئها ما إذا كان المتهم مدانًا أو بريئًا، ويفترض ذلك توازنًا بين مصلحة الجماعة فى استقرار أمنها، ومصلحة المتهم فى ألا تفرض عليه عقوبة ليس لها من صلة بفعل أتاه، أو تفتقر هذه الصلة إلى الدليل عليها، ولا يجوز بالتالى أن تنفصل العدالة الجنائية عن مقوماتها التى تكفل لكل متهم حدًا أدنى من الحقوق التى لا يجوز النزول عنها أو التفريط فيها، ولا أن تخل بضرورة أن يظل التجريم مرتبطًا بالأغراض النهائية للقوانين العقابية.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه يجب أن يقتصر العقاب الجنائى على أوجه السلوك التى تضر بمصلحة اجتماعية ذات شأن لا يجوز التسامح مع من يعتدى عليها، ذلك أن القانون الجنائى، وإن اتفق مع غيره من القوانين فى سعيها لتنظيم علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض، وعلى صعيد صلاتهم بمجتمعهم، إلا أن هذا القانون يفارقها فى اتخاذه الجزاء الجنائى أداة لحملهم على إتيان الأفعال التى يأمرهم بها، أو التخلى عن تلك التى ينهاهم عن مقارفتها، وهو بذلك يتغيا أن يحدد من منظور اجتماعى ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مخالفًا للدستور، إلا إذا كان مجاوزًا حدود الضرورة التى اقتضتها ظروف الجماعة فى مرحلة من مراحل تطورها، فإذا كان مبررًا من وجهة اجتماعية، انتفت عنه شبهة المخالفة الدستورية.
وحيث إن النطاق الحقيقى لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إنما يتحدد على ضوء عدة ضمانات يأتى على رأسها وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهى ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها.
وحيث إن افتراض أصل البراءة - وعلى ما جـرى به قضـاء هـذه المحكمة - يُعد أصلاً ثابتًا يتعلق بالتهمة الجنائية، وينسحب إلى الدعوى الجنائية فى جميع مراحلها وعلى امتداد إجراءاتها، وقد غدا حتمًا عدم جواز نقض البراءة بغير الأدلة الجازمة التى تخلص إليها المحكمة، وتتكون من مجموعها عقيدتها حتى تتمكن من دحض أصل البراءة المفروض فى الإنسان، على ضوء الأدلة المطروحة أمامها، والتى تثبت كل ركن من أركان الجريمة، وكل واقعة ضرورية لقيامها، بما فى ذلك القصد الجنائـى بنوعيه إذا كان متطلبًا فيهـا، وبغيـر ذلك لا ينهدم أصل البراءة.
وحيث كان ذلك، وكان المشرع فى إطار حرصه على التوازن بين صون الملكية الخاصة وبين تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية، قد استن النص المطعون فيه، وارتأى بسلطته التقديرية أن امتناع المسجل لدى مصلحة الضرائب عن الإقرار عن السلعة التى باعها أو استوردها أو الخدمة التى قدمها، وما يرتبط بذلك من نكوله عن سداد الضريبة المستحقة عنها، بانقضاء المواعيد المنصوص عليها فى المادتين (16) فقرة أولى و(41 بند 1) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، إنما يشكل جرم التهرب الضريبى، ويمثل عين التهرب الضريبى الذى عُنى الدستور القائم بتجريمه فى المادة (38) منه، وإذ صيغ النص المطعون فيه بصورة جلية ومحددة، لا لبس فيها ولا غموض، وجاءت عبارة هذا النص متضمنة الركن المادى للجريمة، وقوامه: الامتناع عن الإقرار عن السلعة المبيعة، أو المستوردة أو الخدمة المقدمة، وما يزايل ذلك من عدم سداد الضريبة المستحقة عن أوجه النشاط المار بيانها، وقصد عمدى يقارن الركن المادى، جوهره: العلم بعناصر الركن الأول، وإرادة تحقيق النتيجة المترتبة عليه ممثلة فى الإفلات من سداد الضريبة المستحقة على النشاط الخاضع لها، وذلك كله دون أن يتخذ النص المطعون فيه من وقوع أفعال الركن المادى للجريمـة قرينة قانونية غير قابلة لإثبات عكسها، تقوم بها - وحدها - مسئولية جنائية مفترضة لمن يخالف الالتزام الذى فرضه ذلك النص، أو يهدر أصـل براءة المخالف، بحسبان أن ذلك النص لم يحل بين محكمة الموضوع - فى ضوء التزامها المنصوص عليه فى المادة (304) من قانون الإجراءات الجنائية - وبين التحقق بصورة يقينية من وقوع ركنى جريمة التهرب الضريبى، ولم يصادر حق المتهم بالجرم المذكور فى أن يدفع نسبته إليه بكافة أوجه الدفاع التى تواجه أدلة الاتهام التى ساقتها ضده سلطة الاتهام، سواء ما يتعلق منها بعناصر الركن المادى للجريمة، أم ما يتصل منها بالقصد الجنائى، الأمر الذى يكون معه النص المطعون فيه قد التزم حدود الشرعية الدستورية للنص الجنائى، وانضبط بقواعدها المقررة فى شأن عدم افتراض المسئولية الجنائية بقرينة تحكمية تزحزح أصل البراءة، أو مساس بقيم العدل الضابطة لسن نصوص التجريم والعقاب، وقواعد المحاكمة القانونية العادلة والمنصفة، وبما لا مخالفة فيه لأى من نصـوص المـواد (4، 35، 38، 94، 95، 96، 97، 98) مـن الدستور القائـم، أو أى من أحكامه الأخرى، مما يتعين معه القضاء، فى شأن النص المار ذكره، برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة