الجريدة الرسمية - العدد 19 مكرر (ب) - السنة الحادية والستون
27 شعبان سنة 1439هـ، الموافق 13مايو سنة 2018م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمـرو ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 48 لسنة 32 قضائية " دستورية ".

المقامة من:

سيد عبدالعزيز إسماعيل، بصفته رئيس مجلس الإدارة
والعضو المنتدب للشركة الدولية للفنادق والسياحة بالإسكندرية

ضد

1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا)
3- رئيس مجلس الوزراء
4- وزير المالية

الإجراءات

بتاريخ الثانى والعشرين من فبراير سنة 2010، أقامت الشركة المدعية هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية المعدل بالقانون رقم 549 لسنة 1955، والمادتين الثامنة والتاسعة من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– فى أن المدعى بصفته كان قد أقام الدعوى رقم 179 لسنة 2006 مدنى، أمام محكمة العطارين الجزئية بالإسكندرية، طلبًا للحكم ببراءة ذمته من قيمة الضريبة العقارية المربوطة على العقار رقم 2257 شياخة الصبحية – قسم محرم بك – مستجدات 2005/2006، بقيمة إجمالية 7958 جنيهًا، واحتياطيًّا بندب خبير فى الدعوى لتقدير قيمة الضريبة العقارية، وذلك على سند من أن محافظة الإسكندرية كانت قد أسندت لشركة دلتا مصر للتنمية السياحية والعقارية تطوير الحديقة الدولية والانتفاع بها بموجب عقد مؤرخ 21/5/1998، على أن تؤول كافة المنشآت التى شيدت للمحافظة وذلك فى نهاية عام 2018، نظير أن تدفع للمحافظة تسعة ملايين جنيه مدة التعاقد، وبتاريخ 1/10/2000 تم التعاقد بين شركة دلتا مصر للتنمية السياحية والعقارية وبين الشركة المدعية، بالترخيص للأخيرة باستغلال مساحة 69662 مترًا مربعًا بالحديقة الدولية، وذلك حتى 1/12/2018، وقد أخطرت محافظة الإسكندرية الشركة المدعية بتاريخ 10/5/2004 بفسخ التعاقد بين المحافظة وشركة دلتا مصر، ثم فوجئت الشركة المدعية بورود إنذار من حى وسط الإسكندرية (إدارة الإيرادات والتحصيل والحجز) بتوقيع الحجز الإدارى على الشركة وفاء لمبلغ 7958 جنيهًا بزعم أنها ضريبة عقارية على العقار رقم 2257 شياخة الصبحية – قسم محرم بك – مستجدات 2005/2006، رغم كون الشركة المدعية منتفعة وليست مالكة أو مستأجرة، فضلًا عن أن أرض الحديقة الدولية كلها مملوكة ملكية عامة لمحافظة الإسكندرية، ومعفاة من أداء الضريبة، وبجلسة 28/7/2009 قضت محكمة العطارين الجزئية برفض الدعوى، وقد استندت فى قضائها إلى ما أثبته تقرير الخبير من أن الشركة المدعية هى مقيمة المبانى المفروض عليها الضريبة العقارية موضوع الدعوى والمالكة لها والمنتفعة بها، والملتزمة بأداء هـذه الضريبـة، وإذ لم ترتض الشركة المدعية هذا القضاء فقد طعنت عليه بالاستئناف رقم 1388 لسنة 2009 مدنى مستأنف الإسكندرية، بطلب الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتها، وأثناء نظر الاستئناف دفع الحاضر عن الشركة بجلسة 3/1/2010 بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبنية المعدلة بالقانون رقم 549 لسنة 1955، والمادتين الثامنة والتاسعة من قانـون الضريبة على العقـارات المبنية الصـادر بالقانون رقـم 196 لسنة 2008، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للشركة برفع الدعوى الدستورية، أقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية المعدلة بالقانـون رقـم 549 لسنة 1955 تنص على أن " تُفرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية أيًّا كانت مادة بنائها، وأيًّا كان الغرض الذى تستخدم فيه دائمة أو غير دائمة مقامة على الأرض أو تحته
أو على الماء مشغولة بعوض أو بغير عوض.
وفى تطبيق أحكام هذا القانون يعتبر فى حكم العقارات المبنية الأراضى الفضاء المستغلة أو المستعملة سواءً كانت ملحقة بالمبانى أم مستقلة عنها، مسورة أم غير مسورة مالم تكن هذه الأراضى مجاورة لمساكن العزب ومستعملة أجرانًا خاصة لأهالى القرية.
كما تعتبر فى حكم العقارات المبنية التركيبات التى تقام على أسطح واجهات العقارات إذا كانت مؤجرة أو كان التركيب مقابل نفع أو أجر.
وتفرض الضريبة على العقارات المخصصة لإدارة واستغلال المرافق العامة التى تدار بطريق الالتزام سواء كانت مقامة على أرض مملوكة للدولـة أم للملتزمين، وسواء نص فى العقود على أيلولتها للدولة فى نهاية مـدة الالتزام أم لم ينص".
كما تنص المادة الثانية من القانون رقم 196 لسنة 2008 بإصدار قانون الضريبة على العقارات المبنية على أن "مع مراعاة حكم المادة التاسعة من
هذا القانوني، يلغى ما يأتى:
- ...................
- القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبنية.
- ................... ".
وتنص المادة التاسعة منه على أن "يُنشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره، مع مراعاة ما يأتى:
1- تستحق الضريبة المربوطة وفقًا لأحكام القانون المرافق اعتبارًا من أول يناير للسنة التالية التى تبدأ فيها إجراءات الربط.
2- يعمل بالمادتين الثانية والثالثة من هذا القانون اعتبارًا من تاريخ استحقاق الضريبة المربوطة وفقًا لأحكام القانون المرافق طبقًا لحكم البند السابق".
وتنص المادة (8) من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008على أن " تُفرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية أيًّا كانت مادة بنائها وأيًّا كان الغرض الذى تستخدم فيه، دائمة أو غير دائمة، مقامة على الأرض أو تحتها أو على الماء، مشغولة بعوض أو بغير عوض، سواء أكانت تامة ومشغولة أو تامة وغير مشغولة أو مشغولة على غير إتمام، وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات حصر العقارات المبنية.
وتسرى الضريبة على جميع العقارات المبنية وما فى حكمها فى جميع أنحاء البلاد".
وتنص المادة (9) من القانون ذاته على أن " يُعتبر فى حكم العقارات المبنية ما يأتى:
(أ) العقارات المخصصة لإدارة واستغلال المرافق العامة التى تدار بطريق الإلتزام أو الترخيص بالإستغلال أو بنظام حق الانتفاع، سواء كانت مقامة على أرض مملوكة للدولة أو للملتزمين أو المستغلين أو المنتفعين، وسواءً نُص أو لم يُنص فى العقود المبرمة معهم على أيلولتها للدولة فى نهاية العقد أو الترخيص.
(ب) الأراضى الفضاء المستغلة سواءً كانت ملحقة بالمبانى أو مستقلة عنها، مسورة أو غير مسورة.
(ج) التركيبات التى تقام على أسطح أو واجهات العقـارات إذا كانت مؤجرة أو كان التركيب مقابل نفع أو أجر".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها – وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها المطروحة
على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعى يتعلق بطلب الشركة المدعية براءة ذمتها من مبلغ 7958 جنيهًا قيمة الضريبة العقارية المربوطة على العقار رقم 2257 شياخة الصبحية – قسم محرم بك – مستجدات 2005/2006 – الذى تديره الشركة بموجب عقد الاستغلال المؤرخ 1/10/2000 المبرم بينها وبين شركة دلتا مصر للتنمية السياحية والعقارية، المسند لها تطوير الانتفاع بالحديقة الدولية بموجب عقد الالتزام المبرم مع محافظة الإسكندرية والمؤرخ 21/5/1998، وتلتزم بتسليمه فور إنتهاء مدة العقد والترخيص بالاستغلال فى 1/12/2018، وتم ربط هذه الضريبة استنادًا لنص المادة (1) من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية المعدلة بالقانون رقم 549 لسنة 1955 فى فقرتها الأخيرة والتى بمقتضاه تفرض ضريبة سنوية على العقارات المخصصة لإدارة واستغلال المرافق العامة التى تُدار بطريق الالتزام المقامـة على أرض مملوكة للدولة، والتى تؤول ملكيتها للدولة فى نهاية الالتزام، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون متحققة فى الطعن على هذا النص وحده، محددًا نطاقًا على النحو المتقدم، لكون الفصل فى دستوريته ذا أثر وانعكاس على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها.
وحيث إنه بشأن الطعن على نص المادتين (7، 8) من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008، فإنه لما كان ربط الضريبة محل النزاع الموضوعى قد ارتكن - كما سلف البيان – على أحكام القانون رقم 56 لسنة 1954 المشار إليه الملغى، ولا يسرى فى شأنه أحكام كل من النصين المشار إليهما، ومن ثم لا تتوافر للشركة المدعية مصلحة فى الطعن عليهما ويغدو هذا الطعن غير مقبول.
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه أنه يناقض مفهوم العدالة الاجتماعية المنصوص عليه فى المادة (38) من الدستور الصادر سنة 1971، وينطوى على عدوان على الملكية الخاصة بالمخالفة للمادة (34) من الدستور ذاته، وكذا لا يشجع على الاستثمار أو الادخار.
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - تخضع للدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون هذا الدستور وحمايته من الخروج على أحكامه، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر القانون المطعون عليه فى ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه، إلى أن تم إلغاؤه أو استبدال نص آخـر به خـلال مدة سريـان ذلك الدستور. متى كان ذلك، وكانت المناعى التى وجهتها الشركة المدعية للنص المطعون فيه تندرج تحت المطاعن الموضوعية التى تقوم فى مبناها على مخالفة نص تشريعى لقاعدة فى الدستور من حيث محتواها الموضوعى، وكان النص المطعون فيه ضمن أحكام القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية، المعدل بالقانون رقم 549 لسنة 1955، وقد عمل بمقتضى أحكامه فى ظل العمل بأحكام دستور سنة 1971، إلى أن تم إلغاؤه بموجب القانون رقم 196 لسنة 2008 بشأن الضريبة على العقارات المبنية، الذى حل محله، فى ظل العمل بأحكام ذلك الدستور، ومن ثم تتولى هذه المحكمة الرقابة على دستورية النص المطعون عليه فى ضوء أحكام دستور سنة 1971.
وحيث إن الدستور الصادر سنة 1971 قد حرص فى المادتين (38، 119) منه، وتقابلها المادة (26) من الدستور الصادر سنة 2012، على تحديد القواعد الضابطة والحاكمة لفرض الضريبة العامة، وذلك تقديرًا منه لأهميتها، بالنظر إلى خطـورة الآثار التى ترتبهـا، ومايز – ترتيبًا على ذلك – بينها وبين غيرهـا من الفرائض المالية، فنص على أن أولهمـا لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها فى الحدود التى بينها القانون، مما مؤداه: أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها، متضمنًا تحديد نطاقها، وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره، وبيان مبلغها، والملتزمين أصلًا بأدائها، والمسئولين عنها، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها، وكيفية أدائهـا، وغير ذلك مما يتصـل ببنيان هذه الضريبة، عدا الإعفاء منها،إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون.
وحيث كان ما تقدم، وكان الأصل أن يتوخى المشرع، بالضريبة التى يفرضها، أمرين يكون أحدهما أصلًا مقصودًا منها ابتداءً، ويتمثل فى الحصول على غلتها، لتعود إلى الدولة وحدها لتعينها على مواجهة نفقاتها، ويكون ثانيهما مطلوبًا منها بصفـة عرضية أو جانبية أو غير مباشرة، كاشفًا عن طبيعتها التنظيمية، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة، وبوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التى تتناولها، أو حمل المكلفين بها – عن طريق عبئها – على التخلى عن نشاطهم، وعلى الأخص إن كان مؤثمًا جنائيًّا. وينبغى أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونًا لمحتوى النظام الضريبى وغاية يتوخاها، ويتعين تبعًا لذلك – بالنظر إلى وطأة وخطورة تكلفة الضريبة – أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمنًا عليها بمختلف صورها؛ محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن العدالة فى غاياتها لا تنفصل علاقتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفًا إلا إذا كان كافلاً لأهدافها، فإذا ما زاغ ببصره عنها أو أهدر القيم الأصيلة التى تحتضنها، كان منهيًا للتوافـق فى مجال تنفيذه، ومسقطًا كـل قيمة لوجـوده، ومستوجبًا تغييره أو إلغاءه.
وحيث إن التنظيم التشريعى للضريبة العقارية فى القانون رقم 56 لسنة 1954 المشار إليه المعدل بالقانون رقم 549 لسنة 1955 يقوم على فرض ضريبة مباشرة سنوية على العقارات المبنية، تقدر على أساس القيمة الإيجارية للعقار، ويلتزم بها المستفيد من العقار، وقد أعفى المشرع بعض العقارات من هذه الضريبة على النحو الوارد فى المادة (21) منه، ومنها العقارات المملوكة للدولة، وكذا العقارات المملوكة لمجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية والمحلية المخصصة لمكاتب إدارتها أو للخدمات العامة، سواء كانت هذه الخدمات تؤدى بالمجان أم بمقابل كمبانى عمليات الكهرباء والغاز والمياه والمجارى والإسعاف وإطفاء الحرائق والمذابح والمغاسل العامة وما شابهها، أى إن مناط الإعفاء فيها هو تخصيص تلك العقارات للمنفعة العامة مباشرة، أما إذا تم الترخيص للغير بامتياز استغلالها انتفى مناط الإعفاء.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد تغيا بالنص المطعون فيه فرض الضريبة العقارية على العقارات المخصصة لإدارة واستغلال المرافق العامة التى تدار بطريق الالتزام، المقامة على أرض مملوكة للدولة، والتى ينص فى عقد الالتزام على أيلولة ملكيتها إلى الدولة فى نهاية مدة الالتزام، وذلك طوال مدة استغلال وانتفاع الملتزم بها، وصولاً إلى شمول فرض هذه الضريبة لمختلف الأموال التى تمثل وعاءً حقيقيًا لها، بما يكفـل تحقيق العدالة الاجتماعية التى جعلها الدستور أساسًا لبناء النظـام الضريبى، وهو ما التزمه النص المطعون فيه، فليس ثمة ما يبرر إعفاء هذه العقارات تمييزًا لها عن غيرها، فهى تُدار وتُستغل بواسطة أشخاص القانون الخاص، للاستثمار وتحقيق ربح لهؤلاء الأشخاص، وتُدر دخلاً سنويًا يقتضى فرض الضريبة عليها أسوة بكافة العقارات التى يسرى عليها القانون، وبذات الأسس التى تُطبق بشأنها، ومن ثم فإن ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه يندرج فى نطاق سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق والحريات، دون افتئات عليها أو مساس بجوهرها وأصلها، ويقوم على أسس مبررة تستند إلى واقع يرتبط بالأغراض المشروعة التى توخاها، برابطة منطقية وعقلية، دون تناقض بين فرض الضريبة فى هذه الحالة ومفهوم العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى، ولا يخالف من ثم نصى المادتين (38، 119) من الدستور الصادر سنة 1971، وتقابلها المادة (26) من الدستور الصادر سنة 2012.
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه عدوانه على الملكية الخاصة بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور الصادر سنة 1971، وتقابلها المادة (24) من الدستور الصادر سنة 2012. فمن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الملكية – فى إطار النظم الوضعية التى تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة – لم تعد حقًا مطلقًا، ولا هى عصية على التنظيم التشريعى، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومراميها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التى ينبغى توجيهها إليها، وبمراعاة الموازنة التى يجريها المشرع، ويرجح من خلالها ما يراه من المصالح أولى بالرعاية، وأجدر بالحماية على ضوء أحكام الدستور.
وحيث إن الضريبة فى أساسها الدستورى تستند إلى ورود التكليف بقيمتها على المال الخاص للممول، وهو ما لا يجوز معه الادعاء بأن الضريبة فى ذاتها – متى استوفت أوضاعها الدستورية – يمكن أن تشكل عدوانًا على الملكية الخاصة. متى كان ذلك، فإن ما تضمنه النص المطعون فيه من فرض ضريبة سنوية على العقارات المخصصة لإدارة واستغلال المرافق العامة التى تدار بطريق الالتزام المقامة على أرض مملوكة للدولة والتى تؤول ملكيتها للدولة فى نهاية مدة الالتزام، كونها تدر دخلاً حقيقيًا نتيجة نشاط استثمارى، ولا يستنزف رأس المـال أو يرهقه، ومن ثم لا يمثل عدوانًا على حق الملكية.
وحيث إن الضريبة المفروضة بالنص المطعون فيه لا تلحق بفرص الاسـتثمار أية أضـرار، إذ لم تحملها أعـباء تحد من نطاقها أو ترهق نشاطها، بما يجاوز حدودها المنطقية، فلا يكون تنافسها متكافئًا مع غيرها ممن يباشرون مجال عملها ذاته، وهى كذلك لم تعوق الادخار، بل نظم المشرع بموجب سلطته التقديرية أحوال فرضها بحسب تقديره للإسهام فى التكاليف والأعباء والخدمات العامة، فجاء تنظيمه ملتئمًا مع النصوص الدستورية واجبة التطبيق، لا يناقضها فى مبدأ فرضها ولا ينافرها فى ضوابط تنظيمها.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أى أحكام أخرى فى الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة