الجريدة الرسمية - العدد 19 مكرر (ب) - السنة الحادية والستون
27 شعبان سنة 1439هـ، الموافق 13مايو سنة 2018م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى جه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 30 لسنة 35 قضائية " تنازع ".

المقامة من:

أسامة يونان ثروت إبراهيم

ضد

1- رئيس مجلس الـوزراء
2- وزير الداخليـة
3- وزير التنمية المحليـة
4- محافظ الإسكندريـة
5- مدير أمن الإسكندرية
6- رئيس حى شرق الإسكندرية
7- محمد مصطفى طـه
8- كمال عبدالمنعم فرج حسين
9- جمال شريف محسن محمـد
10- أحمد محمد على إبراهيـم

الإجراءات

بتاريخ 26 ديسمبر سنة 2013، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بما يأتى :
أولاً: تفسير التنازع بين المادة (59) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، والمادتين (304/1، 337) من قانون الإجراءات الجنائية.
ثانيًا: عدم دستورية ما كتب أسفل الشهادة الصادرة من حى شرق الإسكندرية، والمقدمة إلى محكمة جنح أول الرمل، وتملص الحى من المساءلة القانونية، والتوقيع عليها بعد أخذ رأى العضو القانونى بالحى.
ثالثًا: الفصل فى التنازع السلبى فيما بين محكمة الإسكندرية الابتدائية.
رابعًا: الفصل فى التنازع الإيجابى فيما بين محكمة الإسكندرية الابتدائية.
خامسًا: الفصل فى التنازع الإيجابى فيما بين محكمة الإسكندرية الابتدائية ومحكمة القضاء الإدارى، بتعيين جهة القضاء المختصة بنظر موضوع دعاوى الجنح ضد المتهمين القائمين بالأعمـال بالعقار رقم 20 خلف شـارع بطليموس الفلكـى، سـابا باشا الإسكندرية، والدعاوى أرقام 24853 لسنة 67 قضائية، 137، 138، 139 لسنة 68 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فيما أشار إليه المدعى من امتلاكه العقار رقم 20 خلف شارع بطليموس الفلكى - سابا باشا - قسم أول الرمل بالإسكندرية، بالميراث عن والده وجدته، وأنه قد صدر لذلك العقار قرار ترميم، استخرج على إثره المدعى رخصة ترميم ورخصة إشغال طريق تم تجديدها، وقد قدمت النيابة العامة المدعى عليهما السابع والثامن للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح أول الرمـل فى القضية رقـم 23571 لسنة 2012، متهمة إياهما أنهما بتاريخ 1/12/2012 قاما بإنشاء وإقامـة أعمـال أو تعليتهـا أو تعديلهـا أو هدمهـا بدون ترخيص، وبجلسـة 28/9/2013 قضت المحكمة بتغريم كل من المتهمين مثلى قيمة الأعمال المخالفة، وأن يؤديا للمدعى بالحق المدنى مبلغ 1001 جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت، كما قدمت النيابة العامة المدعى عليه العاشر وآخر للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح أول الرمل فى القضية رقم 15990 لسنة 2012، متهمة إياهما أنهما بتاريخ 22/8/2012 أتلفا عمدًا المنقولات المملوكة للمدعى، وجعلها غير صالحة للاستعمال، وترتب على ذلك ضرر مالى يزيد على خمسين جنيهًا، ودخلا عقارًا فى حيازة المدعى بقصد ارتكاب جريمة فيه، وتحدد لنظرها جلسة 7/5/2013، وقدمت النيابة العامة كذلك كلاً من عـادل شريف عبدالمحسن ومحمد السيد شعبان عيد إبراهيم إلى المحاكمة الجنائية فى القضية رقم 9167 لسنة 2013 جنح أول الرمل، متهمة إياهما بأنهما تدخلا فى وظيفة عمومية بأن ادعيا أنهما من رجال مباحث قسم أول الرمل لاستدعاء المدعى لتحرير محضـر ضـده، دون أن يكـون لهمـا صفـة رسمية فـى ذلك، وبجلسـة 31/10/2013 قضت المحكمة بحبس كـل مـن المتهمين ثلاثة أشهـر، مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ، وإلزامهما بدفع مبلغ 1001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وقدمت النيابة العامة المدعى عليهم من الثامن إلى العاشر للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح أول الرمل فى القضية رقم 4319 لسنة 2013، متهمة إياهم بأنهم فى يوم 17/2/2013 قاموا بإنشـاء مبانـى أو إقامـة أعمال وتوسيعهـا أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وبجلسة 21/9/2013 قضت المحكمة بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل، وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ، وغرامة مثلى قيمة الأعمال المخالفة، وغرامة 1% من قيمة الأعمال عن كل يوم تأخير، مع إلزامهم بأن يؤدوا للمدعى بالحق المدنى مبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت، كمـا قدمت النيابة العامة المتهمين المذكورين للمحاكمة الجنائية أمـام محكمة جنـح أول الرمـل فى القضايا أرقـام 5299، 7252، 7261، 8221، 8898 لسنة 2013، متهمة إياهـم بأنهـم فى أيـام 24/2/2013، 21، 28/3/2013، 7/4/2013، 10/4/2013 استأنفوا أعمال البناء السابق إيقافها بالطريق الإدارى رغم إعلانهم بذلك، وبجلسات 21/9/2013، 28/9/2013، 6/6/2013 قضت المحكمة فى كل من هذه القضايا غيابيًا بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ، وغرامة مثلى قيمة الأعمال المخالفة، وغرامة 1% من قيمة الأعمال عن كل يوم تأخير، وألزمتهم فى جميع هذه القضايـا - عدا القضية رقم 8898 لسنة 2013 جنح أول الرمـل - بأن يؤدوا للمدعى المدنى مبلغ 5001 جنيه علـى سـبيـل التعويض المدنى المؤقت، وهو ذات ما قضت به محكمـة جنح أول الرمل - على ما أشار إليه المدعى - فى القضيتين رقمى 10891، 11521 لسنة 2013 جنح أول الرمل بجلسة 19/1/2013. هذا وقـد عارض المحكـوم ضدهـم فى الدعـوى رقـم 8898 لسنة 2013 جنح أول الرمل فى الحكـم الغيابـى الصادر ضدهم، وبجلسة 28/11/2013 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءة المتهمين، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، واستندت البراءة إلى الشهادة الصادرة من حى شرق الإسكندرية، الخاصة بإعلان قرار إيقاف الأعمال رقم 126 لسنة 2013 بتاريخ 14/2/2013، والمذيلة بالعبارة التالية "هذا وقد صدرت الشهادة المذكورة بناء على تصريح هيئة المحكمة والطلب المقدم بعد سداد الرسوم المقررة وقدرها أربعة جنيهات وتسعون قرشًا فقط لا غير بموجب الإيصال رقم 68909 بتاريخ 9/12/2013، وذلك دون مسئولية المحافظة والإدارة الهندسية وحقوق الغير عما ورد بها من بيانات مع حفظ حق الجهة الإدارية فى اتخاذ أى إجراءات أخرى. كما أشار المدعى إلى أنه قضى بالبراءة للمتهمين فى القضية رقم 11855 لسنة 2013 جنح أول الرمل، والمستأنفـة برقـم 35264 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق، وكذا فى القضية رقم 11845 لسنة 2013 جنح أول الرمل، المستأنفة برقم 35265 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق، بالمخالفة لنص المادة (59) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، وأنه قضى فى القضيتين رقمى 7255، 4685 لسنة 2013 جنح أول الرمل بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة 1000 جنيه، وغرامة مثلى الأعمال المخالفة، وغرامة 1% من قيمة الأعمال عن كل يوم تأخير، دون الفصل فى الشق المدنى، فاستأنف المدعى هذين الحكمين بالاستئنافين رقمى 31134، 31135 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق، وقضى فى الاستئنافين بجلسـة 7/10/2013 غيابيًا بسقـوط الاستئناف، وتم المعارضـة فى هذيـن الحكمين، كما قضـى بالإدانـة فى الدعـوى رقم 9266 لسنة 2013 جنح أول الرمل، وتأيد هذا الحكم فى المعارضة، مع إحالة الشق المدنى إلى المحكمة المدنية المختصة، وكانت النيابة العامـة قد قدمت المدعى عليهما الثامن والتاسـع للمحاكمـة الجنائيـة فى القضيـة رقم 5335 لسنة 2013 جنح أول الرمـل، متهمة إياهما بأنهما بتاريخ 13/3/2013 قاما باستئناف أعمال بناء سبق إيقافها، وبجلسة 14/5/2013 قضت المحكمة غيابيًا بحبس المتهمين والغرامة، واستأنف المدعى - كمدعٍ بالحق المدنى - هذا الحكم بالاستئناف رقم 30070 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق الإسكندرية، وبجلسة 22/9/2013 قضت المحكمة بعدم قبول الاستئناف، وقد طعن المدعى على هذا الحكم أمام محكمة النقض. كما قدمت النيابة العامة المدعى عليهم من الثامن إلى العاشر إلى المحاكمة الجنائية فـى القضيتين رقمى 5959، 6454 لسنة 2013 جنح أول الرمـل، متهمة إياهم بأنهم بتاريخ 21، 27/3/2013، قامـوا باستئناف أعمـال بنـاء سبق إيقافهـا، وبجلسة 21/5/2013 قضت المحكمة فى القضيتين غيابيًّا بحبس المتهمين والغرامة، واستأنف المدعى - كمدعٍ بالحق المدنـى - هذين الحكميـن بالاستئنافين رقمى 27693، 27797 لسنة 2013 جنـح مستأنف شـرق الإسكندريـة، وبجلسة 29، 30/9/2013 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف، وقد طعن المدعى على هذين الحكمين أمام محكمة النقض، وقدمت النيابة العامة المدعى للمحاكمة الجنائية فى القضايا أرقام 17709، 24048 لسنة 2012، 3768 لسنة 2013 جنح أول الرمل، متهمة إياه بإشغال الطريق بدون ترخيص، وصدرت فيها أوامر جنائية بجلسات 20/9/2012، 24/12/2012، 24/2/2013، بتغريمه 100 جنيه والإزالة، وقد عارض المدعى فيها، وقضى فى كل معارضة بسقوط الأمر الجنائى، وتغريم المدعى 100 جنيه، وضعف رسم النظافـة، وخمسة أضعـاف رسم الإشغال، فاستأنف المدعى هذه الأحكـام بالاستئنافـات أرقام 27799، 27800، 27801 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق الإسكندرية، التى قضى فيها بجلسة 30/9/2013 بالبراءة، كما استأنف المدعى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 6450 لسنة 2013 جنـح أول الرمـل بالاستئناف رقم 36866 لسنة 2013 مستأنف شرق الإسكندرية، قضى فيه بجلسة 22/12/2013 غيابيًّا بسقوط الاستئناف. وقد أقـام المدعى أمام محكمة القضاء الإدارى الدعـوى رقـم 21853 لسنة 67 قضائية، ضد المدعى عليهم من الأول إلى الثالث، وآخرين، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بسرعة تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة للعقار رقم 20 خلف شـارع بطليموس بالاسكندرية، وتمكينه منه. وأقـام المدعى كذلك أمام المحكمة ذاتها الدعـوى رقـم 137 لسنة 68 قضائية، ضد المدعى عليه الرابع، والمدعى عليهم من السادس إلى العاشر، ورئيس مجلس إدارة شركة توزيع كهرباء الإسكندرية، وآخريـن، والدعـوى رقم 138 لسنة 68 قضائية، ضد المدعى عليه الرابع، والمدعى عليهم من السادس إلى العاشر، ورئيس مجلس إدارة مرفق الصرف الصحى بالإسكندرية، وآخرين، والدعوى رقم 139 لسنة 68 قضائية المقامة كذلك، ضد المدعى عليه الرابع، والمدعى عليهم من السادس إلى العاشر، ورئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب بالإسكندرية وآخرين، وطلب فى كل منها بوقف التعامل على العقار المملوك له، وما يترتب على ذلك من آثار. وإذ ارتأى المدعى أن ثمة تنازعًا سلبيًا وإيجابيًا على الاختصاص فى الحالات المعروضة، فقد أقام دعواه، للفصل فى هذا التنازع، وتفسير النصوص المار ذكرها، والفصل فى المسألة الدستورية التى عين نطاقها على النحو المتقدم بيانه تفصيلاً.
وبجلسة 7/4/2018، قدم المدعى مذكرة وخمس حوافظ مستندات، حوت صورة ضوئية من الحكم الصادر بجلسة 26/4/2004، من محكمة القضاء الإدارى، فى الدعوى رقم 21853 لسنة 68 قضائية، القاضى بعدم قبول الدعوى، وشهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد الطعن على هذا الحكم بالطعن رقم 43925 لسنة 60 قضائية عليا، وكذا صورة ضوئية من الحكم الصادر بجلسة 31/5/2015 فى الدعوى رقـم 137 لسنة 68 قضائيـة، القاضى بعـدم قبـول الدعـوى، وصـورة ضوئية من شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 4235 لسنة 62 قضائية عليا، وصورة ضوئية من الحكم الصادر بجلسة 31/8/2015 فى الدعوى رقم 138 لسنة 68 قضائية، القاضى بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية، وقيدت أمامها برقم 1249 لسنة 2016 مدنى كلى الإسكندرية، وقضت فيها بجلسة 31/10/2017 بإلزام المدعى عليهما الثالث والرابع بصفتهما المسئولين عن إدارة مرفق الصرف الصحى بالإسكندرية بمنع التعامل على العقار رقم 20 خلف شارع بطليموس الفلكى، سابا باشا، قسم الرمل، الإسكندرية، كما حوت الحوافظ المقدمة من المدعى صورة ضوئية من الحكم الصـادر بجلسـة 31/8/2015 فى الدعـوى رقم 139 لسنة 68 قضائية، القاضى بعدم قبول الدعوى، وصورة ضوئية من شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد الطعن على هذا الحكم بالطعن رقم 4237 لسنة 62 قضائية عليا، وكذلك عدد من الأحكام الصادرة من محكمة الإسكندرية الابتدائية، ومحكمة جنح أول الرمل، ومحكمة جنح مستأنف شرق الإسكندرية، وشهادات من واقع جداول تلك المحاكم.
وحيث إنه فى خصوص طلب المدعى القضاء بعدم دستورية ما كتب أسفل الشهادة الصادرة من حى شرق الإسكندرية، والمقدمة إلى محكمة جنح أول الرمل، فإن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تقرير اختصاصها ولائيًّا بنظر دعوى بذاتها يسبق الخوض فى شروط قبولها أو موضوعها، ولما كان الدستور الحالى قد عهد بنص المادة (192) منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وكان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد بين اختصاصاتها، وحدد ما يدخل فى ولايتها حصرًا، مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصًا منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وينحصر هذا الاختصاص فى النصوص التشريعية أيًّا كـان موضوعهـا أو نطـاق تطبيقهـا أو الجهة التى أصدرتها، فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعى، باعتباره منصرفًا إلى النصوص القانونية التى تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى تصـدرها السلطـة التنفيذية فـى حدود صلاحيتها التى ناطهـا الدستور بها، وتنقبض تلك الرقابـة - تبعًا لذلك - عما سواها.
وحيث إن الشهادة التى يطلب المدعى القضاء بعدم دستورية ما دوّن من عبارات بأسفلها، والصادرة من حى شرق الإسكندرية، وما ارتآه المدعى فى شأنها والذى جاء مجهلاً، فإن هذه الشهادة ومحتواها، لا تنطوى على قواعد تنظيمية عامـة، ولا تعد من النصوص التشريعية، التى عقد الدستور وقانون هذه المحكمة لها ولاية الرقابة القضائية على دستوريتها، مما يتعين معه القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر هذا الطلب والفصل فيه.
وحيث إنه عن طلب المدعى تفسير نص المادة (59) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، ونصى المادتين (304/1 و377) من قانون الإجراءات الجنائية، بما يزيل التنازع الذى يدعيه بينهم، فإن من المقرر أن طلب التفسير التشريعى الذى تنظـره هذه المحكمـة، وفقًا لنص المادة (33) من قانونها، لا يقدم إلا مـن وزير العـدل بنـاء على طلـب رئيس مجلس الـوزراء أو رئيس مجلـس الشعـب (النواب حاليًا) أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية (حاليًا مجلس الهيئات القضائية، المنشأ بالقانون رقم 192 لسنة 2008 فى شأن مجلس الهيئات القضائية) إذا كان للنص التشريعى المطلوب تفسيره أهمية جوهرية، وكان قد ثار عند تطبيقه خلاف حول مضمونه، تتباين معه الآثار القانونية التى يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه. لما كان ذلك، فإن طلب المدعى تفسير النصوص المشار إليها، لا يكون قد اتصل بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة قانونًا، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الطلب.
وحيث إنه فى خصوص طلب المدعى الفصل فى التنازع السلبى والإيجابى بين محكمة الإسكندرية الابتدائية، فإن حقيقة طلبات المدعى على نحو ما ضمنه صحيفة دعواه، إنما تنصب على الفصل فى التنازع الذى يدعيه بين محكمة جنح أول الرمل ومحكمة جنح مستأنف شرق الإسكندرية، فى الجنح السالف بيانها، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية، لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول طلب الفصل فى تنازع الاختصاص وفقًا للبند ثانيًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستوريـة العليـا المشـار إليـه - سـواء كان إيجابيًّا أو سلبيًّا - هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهمـا عنها، فإذا كان التنازع بين محكمتين تابعتين لجهة قضائية واحدة، كانت المحكمة العليا فى هذه الجهة وحدها هى التى تكون لها ولاية الفصل فيه، وفقًا للقواعد المعمول بها فى نطاقها.
وحيث إن ذلك التنازع المُدعى به - وبفرض وجوده - لا يعتبر قائمًا بين جهتين مختلفتين من جهات القضاء فى تطبيق أحكام البند "ثانيًا" من المادة (25) من قانون هذه المحكمة، باعتباره مرددًا بين محاكم تابعة لجهة قضاء واحدة هى جهة القضاء العادى، فإن الحكم بعدم قبول هذا الطلب يكون متعينًا.
وحيث إنه عن طلب المدعى الفصل فى التنازع الإيجابى بين محاكم جهة القضاء العادى، المتمثلة - على نحو ما يتبين من حقيقة طلبات المدعى - فى محكمتى جنح أول الرمل ومحكمة جنح مستأنف شرق الإسكندرية، فى خصوص الجنح المشار إليها آنفًا، ومحكمة القضـاء الإدارى المقام أمامهـا الدعـاوى أرقـام 21853 لسنة 67 قضائيـة، 137، 138، 139 لسنة 68 قضائيـة، فإن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقًا للبند "ثانيًا" مـن المادة (25) من قانـون المحكمة الدستورية العليـا المشار إليه، هـو - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها، أو تتخليان معًا عنها، فإذا كان تنازعهما إيجابيًا لزم أن تكون المنازعة قائمـة فى وقت واحـد أمـام الجهتين القضائيتين أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، وأن تستمر كل منهم متمسكة باختصاصها بنظرها إلى وقت رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص فى الفقرة الثالثة من المادة (31) من القانون ذاته على أنه يترتب على تقديم الطلب "وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى يفصل فيه"، بما مؤداه أن وضع طلب التنازع إنما يتحدد بالحالة التى تكون عليها المنازعة الموضوعية أمام كل من جهتى القضاء المدعى بتنازعهما على الاختصاص، فى تاريخ تقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة إلى هذه المحكمة، دونما اعتداد بما تكون أى من هاتين الجهتين قد اتخذته من إجراءات أو أصدرته من قرارات تالية لهذا التاريـخ. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق اختلاف الوقائع المنسوب للمتهمين ارتكابها فى الجنح المشار إليها، عن المسألة المطروحة على محكمة القضاء الإدارى فى كل من الدعاوى المشار إليها، إذ ينصب موضوع الدعوى رقم 21853 لسنة 68 قضائية على طلب القضاء بصفة مستعجلة بسرعة تنفيذ قرار الإزالة الصادر للعقار موضوع التداعى، وتمكين المدعى منه، على حين يتحـدد موضوع الدعـاوى أرقـام 137، 138، 139 لسنة 68 قضائية فى طلب الحكم بوقف التعامل على ذلك العقار، وما يترتب على ذلك من آثار. ومؤدى ذلك استقلال الدعاوى الجنائية المطروحة على محكمتى الجنح والجنح المستأنفة المشار إليهما، عن الدعاوى المطروحة على جهة القضاء الإدارى، إذ إن لكل منهما موضوعها وخصائصها، بما لازمه انتفاء مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص المعروضة لاختلاف الموضوع بين الدعاوى المقامة أمام كل من جهتى القضاء العادى والإدارى، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى، دون الاعتداد بما اتخذته جهات القضاء سالفة الذكر فى شأن تلك الدعاوى، وما أصدرته بشأنها من أحكام فى تاريخٍ تالٍ لتقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة إلى هذه المحكمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
أمين السر رئيس المحكمة