الجريدة الرسمية - العدد 39 مكرر - السنة الحادية والستون
21 المحرم سنة 1440هـ ، الموافق أول أكتوبر سنة 2018م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى والعشرون من سبتمبر سنة 2018م، الموافق الثانى عشر من المحرم سنة 1440هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم
ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 155 لسنة 27 قضائية " دستورية ".

المقامة من:

سعـد عبدالله حمـد

ضد

1- رئيس الجمهوريـة
2- رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب
4- وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب
5- رئيس مصلحة الضرائب على المبيعــات
6- رئيس مأمورية ضرائب مبيعات المكس والدخيلـة

الإجراءات

بتاريخ الثالث من يوليو سنة 2005، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعـدم دستورية نصوص المواد (5، 16، 17/ 3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصـادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وسقوط باقى مواده.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 3181 لسنة 2003 مدنى كلى، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، مختصمًا فيها المدعى عليهم من الرابع إلى السادس، بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 42022 جنيهًا الذى تطالبه به مصلحة الضرائب على المبيعات عن المدة من شهر يناير سنة 1995 حتى شهر ديسمبر سنة 1995 وذلك عن نشاطه فى إنتاج البسكويت، بالمصنع ملكه، المسجل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات بالإسكندرية، والذى قدم عنه إقرارات شهرية عن مبيعاته عن تلك المدة من واقع مستندات ودفاتر منتظمة، إلا أن مصلحـة الضرائب لم تتبع الإجراءات القانونية فى تعديل إقراره عن تلك المدة، وقدرتها بالمبلغ المشار إليه، فأقام دعواه بطلباته سالفة الذكر، وتدوولت الدعوى بالجلسات، وبجلسة 13/ 12/ 2003 قدم مذكرة دفع فيها بعدم دستورية نصوص المواد (1، 5، 16، 17/ 3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جديته، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (5) من قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانـون رقم 11 لسنة 1991، تنص على أن "يلتزم المكلفون بتحصيل الضريبة، وبالإقرار عنها، وتوريدها للمصلحة فى المواعيد المنصوص عليها فى هذا القانون".
وتنص المادة (16) من ذلك القانون على أن:"على كل مسجل أن يقدم إلى المصلحة إقرارًا شهريًّا عن الضريبة المستحقة على النموذج المعد لذلك خلال الثلاثين يومًا التالية لانتهاء شهر المحاسبة، ويجوز بقرار من الوزير مد فترة الثلاثين يومًا بحسب الاقتضاء.
كما يلتزم المسجل بتقديم هذا الإقرار ولو لم يكن قد حقق بيوعًا أو أدى خدمات خاضعة للضريبة فى خلال شهر المحاسبة. وإذا لم يقدم المسجل الإقرار فى الميعاد المنصوص عليه فى هذه المادة، يكون للمصلحة الحق فى تقدير الضريبة عن فترة المحاسبة، مع بيان الأسس التى استندت إليها فى التقدير، وذلك كله دون إخلال بالمساءلة الجنائية".
وكانت المادة (17) من القانون ذاته، قبل تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 - مقروءة على ضوء الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/ 1/ 2001 فى القضية رقم 65 لسنة 18 قضائية "دستورية" - تنص فقرتها الأولى على أن:"للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه فى المادة السابقة، ويخطر المسجل بذلك بخطاب موصى عليه مصحوبًا بعلم الوصول خلال ستين يومًا من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة ....". وكانت الفقرة الثالثة من تلك المادة، قبل الحكم بعدم دستوريتها، تنص على أن "وفى جميع الأحوال يجوز مد هذه المدد بقرار من الوزير".
واستنادًا لنص الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون المار ذكره، أصدر وزير المالية قراره رقم 231 لسنة 1991، بمد مدة الستين يومًا التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل إلى مدة سنة، ثم أصدر قراره رقم 143 لسنة 1992 بمد هذه المدة إلى ثلاث سنوات.
وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتغيا هذا الشرط
أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة. وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ويتحدد مفهوم
هذا الشرط باجتماع عنصرين، أولهما: أن يقيم المدعى - فى الحدود التى اختصم فيها النص المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا - اقتصاديًّا أو غيره -
قد لحق به، سواء كان مهددًا بهذا الضرر أو كان قد وقع فعلاً، ويتعين دومًا أن يكون الضرر مباشرًا، منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاًّ بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنًا تصوره ومواجهته بالترضية القضائية، تسوية لآثاره. ثانيهما: أن يكون الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، وليس ضررًا متوهمًا أو منتحلاً أو مجهلاً. فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلًا على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أيّة فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن رحى النزاع الموضوعى تدور حول براءة ذمة المدعى من المبلغ المبين آنفًا، الذى تطالبه به المصلحة نتيجة التعديلات التى أدخلتها على إقراراته الشهرية خلال المدة سالفة الذكر، وكان مجال إعمال أحكام المادة (16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه يقتصر على حالة قيام مصلحة الضرائب بتقدير الضريبة عن فترة المحاسبة لعدم تقديم المسجل لإقراره الشهرى عن الضريبة المستحقة خلال الثلاثين يومًا التالية لانتهاء شهـر المحاسبة، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية ذلك النص لا يرتب أدنى انعكاس على الطلبات المطروحة فى الدعوى الموضوعية، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى الشخصية المباشرة فى الطعن على ذلك النص، مما مؤداه القضاء بعدم قبول الدعوى فى هذا الشق منها.
وحيث إنه بشأن الطعن على نصى المادتين (5) و(17/ 3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005، فقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن تناولت بحث دستورية النصين التشريعيين المشار إليهما، إذ قضت بجلسة 11/ 10/ 2009 فى القضية رقم 50 لسنة 30 قضائية "دستورية" برفض الدعوى المقامة طعنًا على نص المادة (5) من القانون المشار إليه، وقد نشر هذا الحكم فى العدد رقم 43 (مكررًا) من الجريدة الرسمية بتاريخ 26/ 10/ 2009، كما قضت بجلسة 13/ 11/ 2011 فى القضية رقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، قبل تعديله بالقانون رقـم 9 لسنة 2005، فيما تضمنه من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل، وسقوط قرارى وزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992، وقد نُشر هذا الحكم فى العدد رقم 47 (مكررًا) من الجريـدة الرسمية بتاريـخ 27/ 11/ 2011. متى كان ذلك، وكان مقتضى نص المـادة (195) مـن الدستور، والمادتين (48، 49) مـن قانـون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا حجية مطلقة فى مواجهة الكافـة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارهـا قولاً فصلاً فى المسألـة المقضى فيها، لا يقبل تأويـلاً ولا تعقيبًا من أى جهـة كانت، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها من جديد عليها لمراجعتها، فإن الخصومة بالنسبة لهذين النصين - وهى عينية بطبيعتها - تكون قد تم حسمها، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص المادة (5) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشـار إليه، وبانتهـاء الخصومـة فى خصوص الطعن على نص المادة (17/ 3) من هذا القانون قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005.
وحيث إنه عن طلب المدعى الحكم بسقوط باقى مواد قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، فإن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن طلب السقوط لا يُعد طلبًا مستقلاًّ بعدم الدستورية، إنما هو من قبيل التقريرات القانونية التى تملكها المحكمة الدستورية العليا بمناسبة قضائها فى الطلبات الأصلية المطروحة عليها، وتتصل بالنصوص القانونية التى ترتبط بها ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة. إذ كان ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت إلى القضـاء فى الدعوى المعروضة على النحو المتقدم بيانه، فإن هذا الطلب يكون فاقدًا لسنده، متعينًا الالتفات عنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على نصى المادتين (5، 16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.
ثانيًا : باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة للطعـن على نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005.
أمين السر رئيس المحكمة