الجريدة الرسمية - العدد 39 مكرر - السنة الحادية والستون
21 المحرم سنة 1440هـ ، الموافق أول أكتوبر سنة 2018م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى والعشرون من سبتمبر سنة 2018م، الموافق الثانى عشر من المحرم سنة 1440هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار
والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 36 لسنة 38 قضائية " منازعة تنفيذ ".

المقامة من:

مصطفى حسين أحمد رجب عن نفسه وبصفته مدير شركة الحرمين للكيماويات والدهانات الحديثة

ضد

1- وزير المالية
2- رئيس مصلحة الضرائب المصرية
3- مدير عام مأمورية الضرائب على المبيعات بكفر الزيات
4- المحامي العام لنيابات غرب طنط

الإجراءات

بتاريخ الرابع عشر من أغسطس سنة 2016، أقام المدعى هذه الدعوى، بإيداع صحيفتهـا قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكـم الصـادر بجلسة 27/ 11/ 2014 من محكمة جنح مستأنف كفر الزيات فى القضية رقم 7583 لسنة 2013، المؤيد للحكم الصادر بجلسة 27/ 3/ 2011 من محكمة جنح بسيون فى الجنحة رقم 8898 لسنة 2007، وبعدم الاعتداد بذلك الحكم وانعدامه، باعتباره عقبة فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 13/ 11/ 2011 فى الدعوى رقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامـة اتهمت المدعى فى الجنحـة رقم 8898 لسنة 2007 جنح بسيون، بأنه فى السابع من أغسطس سنة 2004 بدائرة مركز بسيون: تهرب من أداء الضريبة على المبيعات، وطلبت عقابه بالمواد (1، 2، 18، 43، 44 بند 1، 47/ 1، 8) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وبجلسة 27/ 3/ 2011، قضت محكمة جنح مركز بسيون حضوريًّا بتغريم المتهم ألف جنيه وإلزامه بأداء الضريبة والضريبة الإضافية. وإذ لم يرتض المدعى الحكم استأنفه أمام محكمة جنح مستأنف كفر الزيات، وقيد استئنافه برقم 7583 لسنة 2013 جنح مستأنف كفر الزيات. وبتاريخ 12/ 5/ 2011 قضت هذه المحكمة، غيابيًّا بعدم قبول الاستئناف للتقرير به بعد الميعاد، فعارض المتهم في الحكم، وبجلسة 27/ 11/ 2014، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وبقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفى الموضوع برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، بعد تعديلها القيد والوصف، بقيد الواقعة جنحة بالمواد (1، 2، 15، 16، 43، 44 بند 5، 47/ 2 و8) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بحسبان المدعى قد تهرب من أداء الضرائب، بأن قدم بيانات ومستندات غير صحيحة، وإذ ارتأى المدعى أن الحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف كفر الزيات بجلسة 27/ 11/ 2014 فى الدعوى رقم 7583 لسنة 2013 جنح مستأنف كفر الزيات، يمثل عقبة فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 13/ 11/ 2011 فى الدعوى رقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية"، أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتهـا موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى فى ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها فى تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعـة التنفيـذ لا تعـد طريقًا للطعـن فـى الأحكـام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن إعمال آثار الأحكام التى تصدرها فى المسـائل الدستورية هـو من اختصاص محاكم الموضـوع، وذلك ابتناءً على أن محكمة الموضوع هى التى تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا، باعتباره مفترضًا أوليًّا للفصل فى النزاع الموضوعى الدائر حولها، ومن ثم فهى المنوط بها تطبيق نصوص القانون فى ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا، الأمـر الذى يستلزم – كأصل عام - اللجوء إلى تلك المحاكم ابتداء لإعمال آثار الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية على الوجه الصحيح، وليضحى اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا هو الملاذ الأخير لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتحول دون جريان آثارها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 13/ 11/ 2011 فى الدعوى رقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية" أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005، فيما تضمنه من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل. ثانيًا: سقوط قرارى وزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992"، ونُشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم 47 (مكرر) بتاريخ 27/ 11/ 2011.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المدعى قد أقام الدعوى المعروضة على سند من أن الحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف كفر الزيات بجلسة 27/ 11/ 2014 فى الدعوى رقم 7583 لسنة 2013 جنح مستأنف كفر الزيات ، يشكل عقبة فى تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 13/ 11/ 2011، فى الدعوى رقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية" المشار إليه. وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المار ذكره مطعون عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 7833 لسنة 85 قضائية، ولم يصدر فيه حكم بعد، ومن ثم فالأمر مازال معروضًا على محكمة النقض، لتقول كلمتها فى شأن إعمال أثر الحكم الصادر فى القضية الدستورية المشار إليها، على النزاع الموضوعى، باعتبار أن ذلك مفترض أولىّ للفصل فيه، من خلال التزامها، كسائر محاكم جهات القضاء المختلفة، بتطبيق نصوص القانون فى ضوء ما انتهى إليه قضاء المحكمة الدستورية العليا بشأنها، إعمالاً لنص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والتى بمقتضاها تكون الأحكام والقرارات الصادرة منها ملزمة للكافة، ولجميع سلطات الدولة، بما فيها محاكم السلطة القضائية، ويكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم.
وحيث كان ذلك، وكان المدعى قد استبق الأمر، بإقامة منازعة التنفيذ المعروضة، ابتغاء الحكم بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، وإعمال آثاره على النزاع الموضوعى، وصولاً إلى تصحيح الحكم الصادر فى ذلك النزاع، ليتواكب مع قضاء هذه المحكمة المشار إليه، لتنحل - بهذه المثابة - دعواه المعروضة إلى طعـن على هـذا الحكـم، وهو ما يخرج الفصل فيه عن ولاية هذه المحكمة، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكم محكمة جنح مستأنف كفر الزيات، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع فى الدعوى المعروضة، والذى انتهت المحكمة فيما تقدم إلى الحكم بعدم قبولها، بما مؤداه أن تولى هذه المحكمة – طبقًا لنص المادة (50) من قانونها – اختصاص البت فى طلب وقف التنفيذ يكـون قد بات غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة