الجريدة الرسمية - العدد 42 مكرر - السنة الحادية والستون
15 صفر سنة 1440هـ ، الموافق 22 أكتوبر سنة 2018م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 13 من أكتوبر سنة 2018م، الموافق 4 من صفر سنة 1440هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولـس فهمـى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 39 قضائية "تنازع".

المقامة من:

شريف أحمد عبدالغفار حمودة
بصفته مدير مجموعة دانا للاستثمار الصناعى والتجارى

ضد

1-رئيس الجمهورية
2- وزير الدفاع والإنتاج الحربى
3- وزير الدولة للإنتاج الحربى ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للإنتاج الحربى
4- رئيس مجلس إدارة شركـة حلوان للآلات والمعدات (مصنع 999)
5- مدير إدارة المدعى العام العسكرى
6- رئيس هيئة القضـاء العسكرى
7- مدير إدارة المحاكم العسكرية
8- رئيس فرع محاكم المنطقة المركزية العسكرية

الإجراءات

بتاريخ الثامن من مارس سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بتعيين جهة القضاء المختصة بنظر النزاع من بين جهة القضاء المدنى فى الدعاوى أرقام 249، 255، 257 لسنة 2015 مدنى كلى جنوب القاهرة، وجهة القضاء العسكرى فى الجناية رقم 3 لسنة 2017 جنايات عسكرية غرب القاهرة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها القضاء بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بتقديم مذكرات فى خلال أسبوع، وفى الأجل المشار إليه قدمت الشركة المدعى عليها الرابعة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن محافظات الفيوم وأسيوط والمنيا تعاقدت بالأمر المباشر مع الشركة المدعى عليها الرابعة بتاريخ 1/ 6/ 2008، 23/ 6/ 2008، 3/ 2/ 2010، على التوالى لإنشاء مجازر آلية وعنابر تسمين، وأنها قامت بالتعاقد من الباطن مع الشركة المدعية مقابل نسبة من قيمة العقود تعود إليها. ونظرًا لحدوث مشاكل فى تنفيذ العقود الثلاثة فقد أنذرت الشركة المدعى عليها الرابعة الشركة المدعية بفسخ تلك العقود، فأقامت الشركة المدعية الدعاوى أرقام 255 و249 و257 لسنة 2015 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية -التابعة لجهة القضاء العادى- طلبًا للحكم بالتعويض عن الأضرار الناتجـة عن فسخ تلك العقـود – بحسبانها المحكمة المتفـق على اختصاصهـا بنظر المنازعات القضائية الناشئة عن هذه العقود على نحو ما تضمنته أحكامها وشروطها، إلا أن النيابة العسكرية قامت بناء على شكوى الشركة المدعى عليها الرابعة- بتحريك الجناية رقم 3 لسنة 2017 جنايات عسكرية غرب القاهرة ضـد المدعى، واتهامه فيهـا بارتكاب الجريمة المؤثمة بالبند (ج) من المادة (116 مكرر) من قانون العقوبات، للإخلال العمدى بتنفيذ الالتزامات المقررة فى العقود الثلاثة، وإذ ارتأت الشركة المدعية عدم اختصاص القضاء العسكرى بمحاكمة المدنيين وفقًا لنص المادة (204) من الدستور القائم، فضلاً عن أن الالتزامات المتقدمة تقع على عاتق الشركة المتعاقدة مع الجهة الإدارية "المدعى عليها الرابعة"، التى تخضع لقانون المناقصات والمزايدات، وأن ثمة تنازعًا على الاختصاص بين جهتى القضاء العادى والقضاء العسكرى، أقامت دعواها المعروضة بطلباتها المشار إليها.
وبجلسة 22/ 9/ 2018، دفع الحاضر عن الشركة المدعية ببطلان تقرير هيئة المفوضين؛ لعدم توقيعه من المستشار المقرر.
وحيث إن هذا الدفع مردود:- بأن هيئة المفوضين أمام المحكمة الدستورية العليا هى أحد الأعمدة الرئيسية لنظام القضاء الدستورى المصرى، ولقد حرص الدستور على النص عليهـا فى المادة (193) منه، كمـا أفـرد لها قانـون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقـم 48 لسنة 1979 الفصـل الرابع من الباب الأول، وتؤلف من رئيس، وعدد كاف من الرؤساء بالهيئة، والمستشارين، والمستشارين المساعدين طبقًا لنص كل من المادة (193/ 2) من الدستور والمادة (21) من قانون هذه المحكمة، وعهد إليها بتحضير الدعاوى والطلبات التى تنظرها المحكمة؛ إذ يعرض عليها قلم الكتاب ملف الدعوى أو الطلب فى اليوم التالى؛ لانقضاء المواعيد القانونية المقررة لتتولى الهيئة تحضير الدعوى، ولها فى سبيل ذلك الاتصال بالجهات ذات الشأن للحصول على ما تراه من بيانات وأوراق، كما أن لها دعوة ذوى الشأن لاستيضاحهم ما ترى من وقائع، وتكليفهم بتقديم مستندات ومذكرات تكميلية وغير ذلك من إجراءات التحقيق فى الأجل الذى تحدده طبقًا لنص المادة (39) من قانون المحكمة، وبعد تحضير الموضوع، تودع الهيئة تقريرًا تحدد فيه المسائل الدستورية والقانونية المثارة ورأى الهيئة فيه مسببًا إعمالاً لنص المادة (40) من القانون المذكور، ويحدد رئيس المحكمة خلال أسبوع من إيداع التقرير تاريخ الجلسة التى تنظر فيها الدعوى أو الطلب طبقًا لنص المادة (41) من قانون المحكمة، ويجب حضور أحد أعضاء هيئة المفوضين جلسات المحكمة، ويكون من درجة مستشار على الأقل إعمالاً لنص المادة (42) من ذلك القانون، ومقتضى ذلك أن المهام القضائية التى عهد بها قانون المحكمة الدستورية العليا إلى هيئة المفوضين تضطلع بها الهيئة، وتباشرها بصفتها القضائية داخل منظومة القضاء الدستورى، باعتبارها وحدة واحدة لا تتجزأ، تكمل بعضها البعض، وما يصدر عنها من أعمال ينسب إليها فى مجموعها بهذه الصفة، وليس لعضو من أعضائها منفردًا، ومن ثَمَّ يكون التقرير الصـادر عنها فى إحدى الدعاوى، أو الطلبات منسوبًا إليها فى الأساس، ومعبرًا عن رأى الهيئة فى المسائل الدستورية والقانونية المثـارة فى الدعوى، مما لا يتأتى معه الطعن ببطلانه؛ لعدم توقيعه من عضو معين، طالما اعتمـده رئيس الهيئة، وأودعه طبقًا للإجراءات المقررة، ولما كان ذلك، وكان تقرير هيئة المفوضين فى الدعوى المعروضة قد اعتمده رئيس الهيئة، وأودعه بتاريخ 12/ 3/ 2018، فإن الادعاء ببطلانه لعدم توقيعه من العضو الذى أعده يكون غير سديد، وتبعًا لذلك يتعين الالتفات عنه.
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقًا للبند ثانيًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها، أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط انطباقه بالنسبة للتنازع الإيجابى أن تكون الخصومة قائمة فى وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كل منهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص فى الفقرة الثالثة من المـادة (31) من قانـون المحكمة المشـار إليه، على أن يترتب على تقديم الطلب، وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه، ومن ثَمَّ يتحدد وضع دعوى تنازع الاختصاص أمام المحكمة الدستورية العليا بالحالة التى تكون عليها الخصومة أمام كل من جهتى القضاء المدعى بتنازعهما على الاختصاص، فى تاريخ تقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة إلى هذه المحكمة، ولا اعتداد بما تكون أى من جهتى القضاء، قد اتخذته من إجراءات أو أصدرته من قرارات تالية لهذا التاريخ.
وحيث إن الثابت بالأوراق - وأيًّا كان وجه الرأى فى شأن وحدة الموضوع فى الحالة المعروضة - أن الشركة المدعية لم ترفق بطلبها تعييـن الجهة المختصة بنظر النزاع - وعملاً بنص المادتيـن (31، 34) مـن قانـون هـذه المحكمة - ما يدل على أن محكمة جنوب القاهـرة الابتدائيـة التابعـة لجهة القضـاء العـادى، عند نظرهـا الدعويين رقمى 255، و257 لسنة 2015 مدنى كلى جنوب القاهرة، ولا كذلك محكمة جنايات غرب القاهرة العسكرية التابعة لجهة القضاء العسكرى التى تنظر الجناية رقم 3 لسنة 2017 جنايات عسكرية غرب القاهرة، قد قضت أى منهما باختصاصها بنظر الدعاوى المطروحة أمام كل منهما، والفصل فيها، أو أنها مضت فى نظرها بما يفيد عدم تخليها عنها، حتى يمكن القول أن ثمة تنازعًا إيجابيًّا على الاختصـاص قائم بين كل من جهتى القضاء العادى والقضـاء العسكـرى. ولا ينال من ذلك إرفاق المدعى بطلبه الشهادة الصادرة من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، والتى تفيد قيد تلك القضايا أمامها، وأنه لم يفصل فيها بعد، وكذا المستندات المقدمة منه التى تفيد إقامة النيابة العسكرية القضية المشار إليها، وقيدها أمام المحكمة العسكرية، ذلك أن مجرد قيد القضية بجدول المحكمة، ونظرهـا أمامها، لا يفيد تمسكها باختصاصها بنظرها والفصل فيها، بما يترتب عليه عدم قيام تنازع إيجابى على الاختصاص يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، ومن ثَمَّ تغدو الدعوى المعروضة - لما تقدم - مفتقدة شرائط قبولها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
أمين السر رئيس المحكمة