الجريدة الرسمية - العدد 15 (مكرر) - السنة الثانية والستون
9 شعبان سنة 1440هـ ، الموافق 15 إبريل سنة 2019م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2019م، الموافق الثلاثين من رجب سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمـد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 97 لسنة 34 قضائية "دستورية"

المقامة من:

محمد همام صادق السويدى

ضد

1 - وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكرى
2 - رئيس مجلس الوزراء

الإجراءات

بتاريخ الثالث عشر من يونيو سنة 2012، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية ما لم تنص عليه المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، بشأن عدم تحديد المدة التى ينتهى فيها عقد الإيجار التى يكون المستأجـر فيها جهة حكومية أو شخصًا اعتباريًّا عامًّا، أو تفسير هذا النص بما يوضح مدى سريان الامتداد القانونى على العقود التى يكون فيها المستأجر جهة حكومية من عدمه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعى ورث عن والده العقار رقم (11) شارع البطل أحمد عبد العزيز بالدقى، محافظة الجيزة، الذى صدر قرار من الأشغال العسكرية بوزارة الحربية سنة 1961 بالاستيلاء عليه بالقوة، ووضعه تحت حراسة الشرطة العسكرية، وإجبار مالكه على توقيع عقد إيجار لصالح القوات المسلحة، وبعد صدور قرار مجلس الوزراء فى سنة 1997 فى شأن إعادة الوحدات التى تشغلها الجهات والأجهزة الحكومية والهيئات التابعة لها إلى أصحابها، استمر المدعى عليه فى شغل العقار، على الرغم من انتهاء مدة عقد الإيجار وتوجيه تنبيه إليه بالإخلاء، فأقام المدعى الدعوى رقم 26702 لسنة 62 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى، طلبًا للحكم بصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن تسليم العقار، وفى الموضوع، بإلغاء هذا القرار وتسليمه له خاليًا من المنقولات والأشخاص. وبجلسة 3/3/2009، قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء قرار وزير الدفاع السلبى بالامتناع عن تسليم العقار المبين بعريضة الدعوى، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذ لم يرتض المدعى عليه الأول هذا القضاء، فقد طعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، طالبًا إلغاءه، وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة الجيزة الابتدائية للاختصاص، وبجلسة 28/5/2011، قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص مجلس الدولة، بهيئة قضاء إدارى بنظر الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية بالجيزة للاختصاص. ونفاذًا لذلك، أحيلت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة، وقيدت برقم 1207 لسنة 2011 إيجارات كلى الجيزة، وتدوولت بالجلسات، وبجلسة 19/10/2011، وبموجب صحيفة معلنة عدَّل المدعى طلباته لتكون أصليًّا: إخلاء العقار وتسليمه خاليًا من الأفراد والمنقولات، وذلك لانتهاء مدة عقد الإيجار واحتياطيًّا: تحديد المدة التى ينتهى فيها عقد الإيجار، ومن باب الاحتياط الكلى: قبول الطعن بعدم دستورية نص المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما لم تنص عليه من تحديد المدى الزمنى، الذى ينتهى فيه عقد الإيجار، للوحدات المؤجرة للهيئات الحكومية. وإذ قدّرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر ثمة علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة فى النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الحكم فى المسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، وكان من المقرر كذلك أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، ومؤداه: ألا تقبل الخصومة إلا من هؤلاء الذين أضيروا من جريان سريان النص المطعون عليه فى شأنهم، سواء أكان هذا الضرر يتهددهم أم كان قد وقع فعلاً، وبشرط أن يكون هذا الضرر مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنًا تحديده ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره، عائدًا فى مصدره إلى النص المطعـون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه؛ دل ذلك على انتفاء مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص القانونى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان النزاع الموضوعى، الذى تولدت عنه الدعوى الدستورية المعروضة، يتعلق بطلب المدعى إخلاء المدعى عليه من العين المؤجرة، وهو أمر تنظمه المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر؛ التى حددت الحالات التى يجوز فيها للمؤجر أن يطلب إخلاء المستأجر من المكان المؤجر، ولو انتهت المدة المتفق عليها، ولا علاقة له بنص المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، المطعون بعدم دستوريته، الذى ينظم الامتداد القانونى لعقد الإيجار، ومن ثم فإن هذا النص الأخير لا ينطبق على النزاع الموضوعى، ولا يكون للقضاء فى دستوريته أثر أو انعكاس على هذا النزاع، والطلبات المطروحة به، وقضاء محكمة الموضوع فيها، لتنتفى بذلك المصلحة فى الطعن عليه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها.
وحيث إنه عن طلب المدعى تفسير نص المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، فإنه من المقرر، وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أن المشرع بعد أن بيّن فى المادة (26) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 الحالات التى تتولى فيها المحكمة تفسير نصوص القوانين والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية، نص فى المادة (33) منه على أن "يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعـب (النواب حاليًّا) أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية (مجلس الهيئات القضائية حاليًّا) ....." ومؤدى ذلك أن المشرع قصر الحق فى تقديم طلبات التفسير على الجهات المحددة فى المادة (33) المشـار إليها، وذلك عن طريق وزير العـدل. لما كان ذلك، فإن طلب المدعى لا يكون قد اتصل بالمحكمة اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة قانونًا لتقديم طلبات التفسير، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبوله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة