الجريدة الرسمية - العدد 23 مكرر (ز) - السنة الثانية والستون
8 شوال سنة 1440هـ ، الموافق 12 يونيو 2019م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من يونيه سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمـد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمـى إسكندر ومحمود محمـد غنيـم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 42 لسنة 38 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من:

رئيس مجلس إدارة شركة الصباح للصناعات الغذائية

ضد

1 - رئيس الجمهورية
2 - وزير المالية
3 - رئيس مصلحة الجمارك
4 - رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات

الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من سبتمبر سنة 2016، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصـادر بجلسة 19 /6 /2016، من محكمة القضـاء الإدارى بالإسكندريـة فـى الدعوى رقم 36539 لسنة 69 قضائية، وفى الموضوع: بعدم الاعتداد بالحكم سالف الذكر، والاستمرار فى تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين فى الدعويين رقمى 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، و28 لسنة 27 قضائية "دستورية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصـل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية - الدائرة الأولى - الدعوى رقم 36539 لسنة 69 قضائية، بطلب الحكم بعدم خضوع الأصول الرأسمالية المستوردة عن الماكينات والمعدات المبينة بصحيفة تلك الدعوى للضريبة العامة على المبيعات، وإلزام الإدارة برد ما سبق تحصيله منها، وبراءة ذمتها من المبالغ المطالب بها، وتدوولت الدعوى أمامها، حتى قضت بجلسة 19 /6 /2016، برفض الدعوى. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 36539 لسنة 69 قضائية المشار إليه، يشكل عقبة تحول دون تنفيذ مقتضى حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 13 /5 /2007، فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، والصادر ثانيهما بجلسة 2 /3 /2008، فى الدعوى رقم 28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، أقامت دعواها المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائـق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعـة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى فى ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكـون لازمًا لضمـان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها فى تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور: أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعـة التنفيـذ لا تعـد طريقًا للطعـن فـى الأحكـام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن إعمال آثار الأحكام التى تصدرها فى المسائل الدستورية هو من اختصاص محاكم الموضوع، وذلك ابتناءً على أن محكمة الموضوع هى التى تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا باعتباره مفترضًا أوليًّا للفصل فى النزاع الموضوعى الدائر حولها، ومن ثم فهى المنوط بها تطبيق نصوص القـانون فى ضوء أحـكام المـحكمة الدسـتورية العليا، الأمـر الذى يستلزم
– كأصل عام – اللجوء إلى تلك المحاكم ابتداءً لإعمال آثار الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية على الوجه الصحيح، وليضحى اللجوء إلى هذه المحكمة هو الملاذ الأخير لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتحول دون جريان آثارها.
وحيث إن الثابت من الإفادة الواردة من جدول المحكمة الإدارية العليا، بتاريخ 12 /1 /2019، أن حكم محكمة القضاء الإدارى المشار إليه، مطعون عليه من قبل الشركة المدعية أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 92796 لسنة 62 قضائية عليا، ولم تتضمن الإفادة المذكورة الفصل فى ذلك الطعن، ومن ثم فالأمر مازال معروضًا على المحكمة الإدارية العليا، لتقول كلمتها فى شأن إعمال آثار الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية المشار إليها، على النزاع الموضوعى، باعتبار أن ذلك مفترض أولىّ للفصل فيه، من خلال إلتزامها، كسائر محاكم جهات القضاء المختلفة، بتطبيق نصوص القانون فى ضوء ما انتهى إليه قضاء المحكمة الدستورية العليا بشأنها، إعمـالاً لنص المـادة (195) من الدستور، والمادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، التى بمقتضاها تكون الأحكام والقرارات الصادرة من هذه المحكمة ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، بما فيها جهات القضاء المختلفة، وتكون لها الحجية المطلقة بالنسبة لهم.
متى كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد استبقت الأمر، بإقامة منازعة التنفيذ المعروضة، ابتغاء الحكم بالاستمرار فى تنفيذ الحكمين الصادرين فى الدعويين الدستوريتين المشار إليهما، وإعمال آثارهما على النزاع الموضوعى، وصولاً إلى تصحيح الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى ذلك النزاع، ليتواكب مع قضاء المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، لتنحل – بهذه المثابة – دعواهـا المعروضة إلى طعـن على الحكـم الصـادر فى النـزاع الموضوعـى، وهو ما يخرج الفصل فيه عن ولاية هذه المحكمة، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.
وحيث إن طلب الشركة المدعية وقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى المشار إليه، يُعد فرعًا من أصل النزاع فى هذه الدعوى، والذى انتهت المحكمة إلى عدم قبوله، بما مؤداه أن تولى هذه المحكمة – طبقًا لنص المـادة (50) من قانونهـا - اختصـاص البت فى طلب وقف التنفيـذ يكـون، على ما جرى به قضاؤها، قد بات غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة