بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 24/ 4/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإدارى
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز السيد على نائب رئيس مجلس الدولة والسيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد محمد الإبيارى نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد النجار مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 1586 لسنة 66 ق
المقامة من:

1 - محمد محمد إبراهيم الشريف

ضـد:

1 - وزير الداخلية.
2 - مساعد وزير الداخلية للأمن الوطنى.
3 - مساعد وزير الداخلية لمصلحة الجوازات والجنسية والهجرة "بصفتهم"


(الوقائع)

أقام المدعى دعواه الماثلة بصحيفة موقعه من محام وأودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 11/ 10/ 2011 بطلب الحكم بصفه مستعجلة وقف تنفيذ قرار جهة الإدارة السلبى بمنعه من دخول مصر وحرمانه من الإقامة بها وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع الحكم بعودته لمباشرة أعماله وفقا للقانون والدستور وتعويضه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعى شرحا لدعواه أنه من أبناء الدولة الفلسطينية وصاحب شركة مشلك للصناعات (دهانات سيارات وأثاثات) بمصر قام بتسجيلها بهيئة الاستثمار فى نهاية عام 2006 وحصل على الإقامة خمس سنوات وفى 29/ 8/ 2008 فوجئ برجال أمن الدولة تلقى القبض عليه عن واقعه شراء أحد السائقين منه عدد (4) جالونات بويه من مصنعه وأثر ذلك تم حجزه فى أمن الدولة بالإسماعيلية وترحيله بعد ذلك إلى أمن الدولة بمدينة نصر ثم إلى برج العرب إلى أن تم الإفراج عنه بعد تقديمه تظلم إلا أن أمن الدولة قام باصطحابه إلى مصلحة الجوازات والهجرة فى 14/ 12/ 2008 وأجبره على التنازل ورقيا على إقامته وبعدها تم ترحيله خارج مصر فى 1/ 1/ 2009.
وأضاف المدعى أنه لعدم ختم جواز سفره على أنه لاغى فقد عاد إلى مصر ومصنعه وإعماله فى 23/ 2/ 2009 وتم القبض عليه بعد أن قدم تظلم إلى رئيس مصلحة الجوازات فكان عقابه ترحيله خارج مصر فى 23/ 3/ 2009 بعد ختم جوازه بإلغاء الإقامة.
وينعى المدعى على القرار المطعون فيه بترحيله خارج البلاد مخالفته للدستور وأيضًا لحقوق الإنسان خاصة أنه لم يقترف ذنبًا أو خطأ يعاقب بكل هذا من أجله ,واختتم المدعى صحيفة دعواه بالطلبات سالفة الذكر.
وعين لنظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة جلسة 22/ 11/ 2011 وتدوول نظره بجلسات المرافعة وذلك على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 3/ 1/ 2012 قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة بالدفاع.
وبجلسة 28/ 2/ 2012 قدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 27/ 3/ 2012 وفيها مد أجل النطق به لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن حقيقة طلبات المدعى طبقا للتكييف القانونى السليم لها هو الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الداخلية بإبعاده عن البلاد مع ما يترتب على ذلك من آثار,ثانيا - أحقيته فى التعويض عن الأضرار التى لحقت به من جراء صدور القرار المطعون فيه,وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية فهى مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن الفصل فى الشق العاجل من الدعوى وفقًا للمادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 يستلزم توافر ركنين مجتمعين هما ركن الجدية: بأن يكون ادعاء المدعى قائمًا بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل فى طلب الإلغاء ,وركن الاستعجال: بأن يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن المادة 16 من القانون رقم 89 لسنة 1960 بشأن دخول وإقامة الأجانب بأراضى الجمهورية والخروج منها تنص على أنه:"يجب على كل أجنبى أن يكون حاصلاً على ترخيص بالإقامة ,وعليه أن يغادر الجمهورية عند انتهاء إقامته ما لم يكن قد حصل قبل ذلك على ترخيص من وزارة الداخلية فى مد إقامته".
وتنص المادة 17 من ذات القانون على أن يقسم الأجانب من حيث الإقامة إلى ثلاث فئات:
1 - أجانب ذوى إقامة خاصة. 2 - أجانب ذوى إقامة عادية. 3 - أجانب ذوى إقامة مؤقتة.
وأوردت المادتين 18, 19 من ذات القانون الأحكام والشروط التى يجب توافرها لمنح الإقامة الخاصة والعادية ثم نصت المادة 20 من هذا القانون على أن: "الأجانب ذوى الإقامة المؤقتة هم الذين لا تتوافر فيهم الشروط السابقة ويجوز منح أفراد هذه الفئة ترخيصًا فى الإقامة مدة أقصاها سنة يجوز تجديدها".
كما نصت المادة 25 من ذات القانون على أنه:" لوزير الداخلية بقرار منه إبعاد الأجانب ".
وتنص المادة 13 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والذى تمت الموافقة عليه بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 536 لسنة 1981 على أنه:" يجوز إبعاد الأجنبى المقيم بصفه قانونية فى إقليم دولة طرف فى الاتفاقية الحالية فقط استنادًا إلى قرار صادر طبقًا للقانون ويسمح له ما لم تتطلب أسباب اضطرارية تتعلق بالأمن الوطنى غير ذلك ,بتقديم أسبابه ضد هذا الإبعاد......".
ومفاد ما تقدم أن على كل أجنبى يرغب فى دخول البلاد والإقامة بها أن يحصل على ترخيص بذلك من وزارة الداخلية وعليه مغادرة البلاد فور انتهاء إقامته ما لم يكن قد حصل على ترخيص من وزارة الداخلية بمدها كما منح المشرع وزير الداخلية سلطة تقديرية فى إبعاد الأجنبى خارج البلاد بقرار منه أثناء سريان إقامته ,وهذه السلطة التقديرية فى الإبعاد لا يحدها بالنسبة لأصحاب الإقامة المؤقتة أو يقيدها إلا أن يصدر القرار مشوبًا بالتعسف فى استعمال السلطة أو الانحراف بها وهى فى ذلك تخضع لرقابة القضاء الإدارى شأنها شأن ما يصدر عنها من قرارات إدارية مبنية على سلطة تقديرية,فإذا تبين أنه لم يكن للإبعاد سبب يبرره مستخلص استخلاصًا سائغًا من الأوراق كان ضربًا من التعسف وسوء استعمال السلطة.
" حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 3486 لسنة 39ق.ع بجلسة 7/ 11/ 1999 وحكمها فى الطعن رقم 428 لسنة 48ق.ع بجلسة 21/ 4/ 2007.
ومن حيث إنه تطبيقا لما تقدم وأن البين من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل من الدعوى أن المدعى فلسطينى الجنسية حصل على إقامة مؤقتة داخل البلاد لمدة خمس سنوات فى نهاية عام 2006 بعد حصوله على موافقة هيئة الاستثمار والمناطق الحرة لإقامة وتشغيل مصنع لتصنيع جميع أنواع الدهانات الصناعية ودهانات السيارات والأثاثات بالمنطقة الصناعية الثانية بالإسماعيلية هو وآخر والذى بدأ نشاطه فى 28/ 2/ 2007.
وحيث خلت الأوراق عما يفيد ارتكاب المدعى جرائم جنائية صدرت بشأنها ثمة أحكام أو جرائم تمس أمن البلاد وتضر بمصلحتها العليا فمن ثم فإن القرار المطعون فيه بإبعاده عن البلاد وترحيله إلى غزة يكون صدر بحسب الظاهر من الأوراق مشوبا بإساءة استعمال السلطة والانحراف بها مما يرجح معه إلغائه عن الفصل فى طلب الإلغاء.
ولا ينال مما تقدم ما ذكرته جهة الإدارة فى معرض دفاعها من أن المدعى خالف شروط ومارس أعمال التهريب لقطاع غزة فإن ذلك كان يستوجب إحالته عنها للمحاكمة أمام القضاء الجنائى المختص فى ظل قيام دولة القانون وسيادته أما وأن الأوراق قد خلت من صدور أية أحكام بشأنه فإن قول جهة الإدارة فى هذا الشأن يضحى مجرد قول مرسل ولا دليل على صحته.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال:فإنه متوافر أيضًا لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى عدم مباشرة المدعى لنشاطه التجارى كمستثمر داخل البلاد مما يؤثر فى سمعته التجارية ويضر بدخله المالى.
ومن حيث إنه وقد توافر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركناه فإنه بات على المحكمة أن تقضى به مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها السماح للمدعى بدخول البلاد والإقامة بها قانونا.
ومن حيث إنه عن مصروفات هذا الطلب فإنه يلزم بها من أصابه الخسران عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكلاً, وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطلب العاجل, وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلبى الإلغاء والتعويض.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة