الجريدة الرسمية - العدد 11 (تابع) - السنة الثالثة والخمسون
2 ربيع الآخر سنة 1431 هـ، الموافق 18 مارس سنة 2010 م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، السابع من مارس سنة 2010 م، الموافق الحادى والعشرين من ربيع الأول سنة 1431 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان - رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور/ عادل عمر شريف - نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى - رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 165 لسنة 25 قضائية "دستورية".

المقامة من:

ورثة المرحوم/ رمسيس عبد الجواد قنديل، وهم.
1 - السيدة/ ماجدة عبد الوهاب إمام سماحة.
2 - السيد/ عمرو رمسيس عبد الجواد قنديل.
3 - السيدة/ ياسمين رمسيس عبد الجواد قنديل.

ضد:

1 - السيد رئيس الجمهورية.
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 - السيد المشير وزير الدفاع.
4 - السيد المستشار وزير العدل.
5 - السيد رئيس الهيئة القومية للتأمين والمعاشات.

الإجراءات

بتاريخ الخامس والعشرين من شهر مايو سنة 2003، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص الفقرة الخامسة من المادة (99) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق - فى أن مورث المدعين كان قد أقام الدعوى رقم 4054 لسنة 53 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى، طلبًا للحكم بأحقيته فى صرف ما يستحقه من معاش عن مدة خدمته المدنية بوزارة الخارجية فى الفترة من 15/ 4/ 1968 حتى إحالته للمعاش فى 22/ 10/ 1997، مع الاستمرار فى صرف المعاش العسكرى الذى تقرر له عند إنهاء خدمته العسكرية لسبب عدم اللياقة الطبية لإصابته أثناء العمليات الحربية وبدون حد أقصى، وذلك على سند من القول بأنه كان يعمل بالقوات المسلحة منذ تخرجه بتاريخ 14/ 7/ 1957 حتى أصيب أثناء العمليات الحربية فأنهيت خدمته لعدم اللياقة الطبية، وسوى معاشه وفقًا للمادة (31) من القانون رقم 116 لسنة 1964 فى شأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض للقوات المسلحة. وبعد حصوله على ليسانس الحقوق، عُيِّن بوزارة الخارجية تعيينًا جديدًا دون أن يضم مدة الخدمة العسكرية، وظل يجمع بين معاش الإصابة العسكرى وراتبه، حتى إحالته إلى المعاش فى 22/ 10/ 1997 حيث فوجئ بصرف مبلغ 88ر12497 جنيه، الذى يمثل تعويض الدفعة الواحدة عن مدة خدمته المدنية بوزارة الخارجية، دون صرف معاش شهرى له على سند من نص الفقرة الخامسة من المادة (99) من القانون رقم 90 لسنة 1975 وأثناء نظر هذه الدعوى توفى المدعى فقام ورثته بتصحيح شكلها ودفعوا بعدم دستورية نص الفقرة الخامسة من المادة (99) المشار إليها. وبعد أن قدرت تلك المحكمة جدية دفعهم صرحت لهم بإقامة الدعوى الدستورية فأقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إن الفقرة الخامسة من المادة (99) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 2004، تنص على أن "وفى حالة الاحتفاظ بالمعاش العسكرى يسرى فى شأن المعاش العسكرى كافة الزيادات التى تتقرر فى شأن المعاشات العسكرية. ويطبق فى شأنه حكم المادة (41) من هذا القانون. ولا يستحق عن مدة الخدمة المدنية - التى لم تدخل فى تقدير معاشه العسكرى مهما كان سبب الاستحقاق - غير تعويض الدفعة الواحدة عن مدة الاشتراك فى الأجر الأساسى محسوبًا طبقًا للمادة (27) من قانون التأمين الاجتماعى، ويصرف هذا التعويض فور انتهاء مدة الخدمة المدنية، أما مدة الاشتراك عن الأجر المتغير فيستحق عنها معاشًا فقط أيًا كان مقدارها محسوبًا وفقًا لأحكام قانون التأمين الاجتماعى، بمراعاة توافر شروط مدة الخدمة المدنية فى حساب الحد الأدنى لمعاش هذا الأجر، ومع التقيد بالحد الأقصى لمعاش هذا الأجر، وعدم تجاوز مجموع معاش الأجر المتغير وإجمالى معاشه العسكرى وزياداته الحد الأقصى لمعاش الأجر الأساسى والمتغير وفقًا لقانون التأمين الاجتماعى والقرارات المنفذة له".
وحيث إنه وفقًا للمصلحة الشخصية المباشرة للمدعين فى دعواهم الموضوعية التى ترتبط بها الدعوى الدستورية، فإن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة يتحدد بما ورد فى النص المطعون عليه من أنه "لا يستحق عن مدة الخدمة المدنية - التى لم تدخل فى تقدير معاشه العسكرى مهما كان سبب الاستحقاق - غير تعويض الدفعة الواحدة عن مدة الاشتراك فى الأجر الأساسى محسوبًا طبقًا للمادة (27) من قانون التأمين الاجتماعى، ويصرف هذا التعويض فور انتهاء مدة الخدمة المدنية"، إذ إن هذا النص فقط هو الذى يؤدى إلى حرمانهم من معاش مورثهم عن مدة خدمته المدنية، دون باقى عبارات النص المذكور.
وحيث إن المدعين ينعون على النص المطعون عليه بالنطاق المحدد سلفًا أنه إذ حرم مورثهم من معاشه عن مدة خدمته المدنية مهما طالت مدة اشتراكه فيها اكتفاءً بتعويض الدفعة الواحدة، فإنه بذلك يكون قد انتقص من الحقوق التأمينية المقررة لمورثهم الأمر الذى يمثل اعتداءً على حق الملكية والحق فى المعاش وإهدارًا للحق فى العمل وإخلالاً بمبدأ المساواة، وذلك لما يقيمه من تفرقة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة، فضلا عن نيله من الرعاية التى كفلها الدستور لأفراد القوات المسلحة بصفة عامة والمصابين منهم فى عمليات حربية بصفة خاصة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدستور قد حرص فى المادة (17) منه على دعم التأمين الاجتماعى حين ناط بالدولة مد خدماتها فى هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم فى الحدود التى يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعى هى التى تكفل بمداها واقعًا أفضل يؤمن المواطن فى غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع وفقا لنص المادة (7) من الدستور، بما يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هى ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها فى مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم. وقد عهد الدستور بنص المادة (122) منه إلى المشرع بصوغ القواعد التى تتقرر بموجبها على خزانة الدولة المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت والجهات التى تتولى تطبيقها، لتهيئة الظروف الأفضل التى تفى باحتياجات من تقررت لمصلحتهم، وتكفل مقوماتها الأساسية التى يتحررون بها من العوز وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعيشتها. وإذ صدرت - نفاذًا لذلك - قوانين التأمين الاجتماعى المتعاقبة، مقررة الحق فى المعاش ومبينة حالات استحقاقه وقواعد منحه وشروط اقتضائه، مُتضمنة الربط بين مدة الاشتراك وقيمة المعاش المستحق، وعدم إهدار أية مدة اشتراك فى التأمين بحسبان أن الاشتراكات التى أداها المؤمن عليه هى جزء من ناتج عمله، وثمرة جهده، اقتطعها من حاجة يومه لغده. ولازم ذلك، أن الحق فى المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون فإنه ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها مترتبًا فى ذمتها بقوة القانون. بحيث إذا توافرت فى المؤمن عليه الشروط التى تطلبها القانون لاستحقاق المعاش استقر مركزه القانونى بالنسبة إلى هذا المعاش بصفة نهائية، ولا يجوز من بعد التعديل فى العناصر التى قام عليها أو الانتقاص منه، ذلك أن المساس به بعد اكتماله ليس إلا هدما لوجوده، وإحداثا لمركز قانونى جديد يستقل عن المركز السابق الذى نشأ مستوفيا لشرائطه بما يخل بالحقوق التى رتبها بإنكار موجباتها.
وحيث إن القانون رقم 116 لسنة 1964 فى شأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويضات للقوات المسلحة - الذى تم صرف المعاش العسكرى لمورث المدعين فى ظل العمل به - يقضى بمنح معاش لمن يصاب بعجز كلى أو جزئى بسبب العمليات الحربية، ثم حل محله قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 ونص على منح معاش شهرى لكل من تنتهى خدمته العسكرية بسبب إصابته فى العمليات الحربية التى يكون قد نتج عنها عجز كلى أو جزئى. ومفاد ذلك أن المشرع تقديرًا منه لمن يصاب فى عمليات حربية عند أدائه للواجب الوطنى فى الخدمة العسكرية، قرر منحه معاشًا عسكريًا تعويضًا عن إصابته، فهو معاش إصابة عن عجز تقرر صرفه طبقًا لأحكام قانون التأمين والمعاشات للقوات المسلحة، ولا شأن له بالمعاش المستحق عن مدة الخدمة المدنية التى يقضيها أحدهم فى إحدى الوظائف المدنية، والذى تنتظمه الأحكام التى وردت فى قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975. إذ كان ذلك وكان النص المطعون عليه قد أبدل تعويض الدفعة الواحدة بالمعاش الشهرى المستحق لهذه الفئة، فحرمهم بذلك من ميزة تأمينية تقررت لهم تخولهم الجمع بين المعاشين المدنى والعسكرى، وذلك بقصره الاستحقاق عن مدة الخدمة المدنية على تعويض الدفعة الواحدة فى جميع الأحوال، سيما وأن المعاش العسكرى لم يتقرر على أساس حساب مدة خدمة، وإنما على أساس قدر التضحية التى بذلت أثناء العمليات الحربية، مما يجعل حرمانهم من المعاش عن مدة خدمتهم المدنية مصادرة لحقهم فى المعاش، كما أن ضياع المبالغ المقتطعة من راتبهم كاشتراكات مقررة قانونًا بحرمانهم من تقرير معاش يمثل اعتداءً على حق الملكية، وذلك بالمخالفة لنص المادتين (34 و122) من الدستور.
وحيث إنه تقديرًا للآثار المالية التى ستترتب على الأثر الرجعى للقضاء بعدم دستورية النص المطعون عليه، فإن المحكمة تقرر إعمال الرخصة المخولة لها بنص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم التالى لنشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية تاريخًا لسريانه، وذلك دون إخلال بحق المدعى فى الإفادة من الحكم الصادر بعدم دستورية النص المطعون عليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً: بعدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة (99) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 قبل تعديله، فيما نص عليه من "ولا يستحق عن مدة الخدمة المدنية - التى لم تدخل فى تقدير معاشه العسكرى مهما كان سبب الاستحقاق - غير تعويض الدفعة الواحدة عن مدة الاشتراك فى الأجر الأساسى محسوبًا طبقًا للمادة (27) من قانون التأمين الاجتماعى، ويصرف هذا التعويض فور انتهاء مدة الخدمة المدنية"، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ثانيًا: بتحديد اليوم التالى لنشر هذا الحكم تاريخا لإعمال أثره.

أمين السر رئيس المحكمة