الجريدة الرسمية - العدد 12 (مكرر) فى 25 مارس سنة 2007

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 مارس سنة 2007م، الموافق 21 من صفر سنة 1428هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد - رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار.
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 146 لسنة 26 قضائية "دستورية"

المقامة من:

السيد المستشار/ حسين محمد حسن عقر.

ضـد:

1 - السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء.
2 - السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات.


الإجراءات:

بتاريخ الرابع عشر من شهر يونيه سنة 2004، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية ما اشترطته المادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1992 لاستحقاق الزيادة فى المعاشات التى تقررت اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 من ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فى الأولى الحكم بعدم قبول الدعوى, وفى الثانية رفضها.
كما قدمت الهيئة القومية للتأمين والمعاشات مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، حيث قدمت الهيئة القومية للتأمين والمعاشات مذكرة طلبت فيها أصليًا إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لإعداد تقرير جديد فى ضوء مذكرتها المقدمة إلى الهيئة إبَّان تحضير الدعوى، واحتياطيًا رفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد تقدم بالطلب رقم 84 لسنة 70 قضائية، أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض، أبدى فيه أنه كان يشغل وظيفة رئيس محكمة بمحكمة استئناف القاهرة وأحيل إلى التقاعد فى 16/ 10/ 1999 لبلوغه السن القانونية. وإذ تمت تسوية معاشه على غير ما قضت به المادة (70) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 والمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، فقد تقدم بتظلم إلى الهيئة القومية للتأمين والمعاشات فلم ترد عليه، فأقام طلبه المشار إليه، طالبًا الحكم له أولاً: بأحقيته فى إعادة تسوية معاشه عن الأجر الأساسى على أساس آخر مرتب أساسى كان يتقاضاه بحد أقصى (100%) من أجر الاشتراك الأخير، ثانيًا: بأحقيته فى إعادة تسوية معاشه عن الأجر المتغير على أساس آخر أجر متغير كان يتقاضاه بحد أدنى 50% منه وبما لا يجاوز أجر الاشتراك الأخير، ثالثًا: بأحقيته فى إعادة تسوية مكافأة نهاية الخدمة على أساس آخر مرتب أساسى كان يتقاضاه. وبجلسة 3/ 7/ 2001 قضت تلك المحكمة أولاً: بأحقية الطالب فى إعادة تسوية معاشه عن الأجر الأساسى على أساس آخر مرتب أساسى كان يتقاضاه على أن يربط المعاش بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير، وتضاف للمعاش الزيادات المقررة قانونًا اعتبارًا من تاريخ إحالته إلى التقاعد فى 16/ 10/ 1999، ثانيًا: بأحقية الطالب فى إعادة تسوية معاشه عن الأجر المتغير على أساس آخر أجر متغير كان يتقاضاه طبقًا للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى، على ألا يزيد المعاش على (80%) من أجر التسوية فإن قل عن (50%) من هذا الأجر رُفع إلى هذا القدر شريطة ألا تتجاوز قيمة المعاش (100%) من أجر الاشتراك الأخير مضافًا إليه الزيادات المقررة قانونًا، وذلك اعتبارًا من تاريخ إحالته إلى التقاعد فى 16/ 10/ 1999، ثالثًا: بأحقية الطالب فى إعادة تسوية مكافأة نهاية الخدمة على أساس آخر أجر أساسى كان يتقاضاه مضافًا إليه العلاوات الخاصة وقدره 49ر890 جنيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ويبدى المدعى أن الهيئة القومية للتأمين والمعاشات قامت عند تسوية المعاش المستحق له عن الأجر الأساسى بخصم الزيادة المقررة بالمادة (11) من القانون رقم 107 لسنة 1987 معدلة بالمادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1992، ومقدارها خمسة وثلاثون جنيهًا شهريًا من المعاش المستحق له، بحجة أن نص المادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1992 اشترط لمنح هذه الزيادة ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير، مما دعاه إلى تقديم الطلب رقم 8 لسنة 73 قضائية إلى دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض، طالبًا الحكم له بأحقيته فى تلك الزيادة. وبجلسة 11/ 5/ 2004 دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1992 فيما اشترطه لاستحقاق الزيادة فى المعاشات التى تقررت بذات النص من ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير، وإذ قدرت المحكمة جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى تأسيسًا على أن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن فصلت فى المسألة الدستورية المثارة فى الدعوى الماثلة وذلك بحكمها الصادر بجلسة 9/ 9/ 2000 فى القضية رقم 1 لسنة 18 قضائية " دستورية " والذى قضى بعدم دستورية نص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى فيما تضمنه من اشتراط أن تكون سن المؤمن عليه 50 سنة فأكثر لزيادة المعاش المستحق فى الحالة المنصوص عليها فى البند الخامس من المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 1 لسنة 18 قضائية " دستورية " بجلسة 9/ 9/ 2000 كان متعلقًا بنص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 قبل تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1992 – المطعون عليه فى الدعوى الماثلة – منصبًا على حكمه الذى أضاف شرطًا جديدًا لاستحقاق الزيادة التى تقررت فى المعاشات اعتبارًا من 1/ 7/ 1987 بالنسبة للمخاطبين بنص البند الخامس من المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، حاصله أن يكون طالب الصرف قد بلغ من العمر خمسين عامًا فأكثر، فى حين أن المسألة الدستورية محل الدعوى الراهنة تتعلق بما اشترطه النص الطعين بعد تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1992 لاستحقاق الزيادة فى المعاشات التى تقررت من 1/ 7/ 1992 من ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير.
وحيث إنه عن طلب الهيئة القومية للتأمين والمعاشات إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لإعادة تحضيرها فى ضوء مذكرتها المقدمة إليها إبان تحضير الدعوى، حيث لم يشر تقرير هيئة المفوضين الذى ضمنته رأيها فى الدعوى إلى مذكرة الهيئة، كما لم يتناوله بالتعقيب، فإن الثابت من الاطلاع على ملف الدعوى أن الهيئة القومية للتأمين والمعاشات كانت قد تقدمت بمذكرة بدفاعها وحافظة مستندات بجلسة التحضير المنعقدة فى 2/ 1/ 2005، ومن ثم فإن هذه المذكرة وما أرفق بها من مستندات كانت تحت نظر هيئة المفوضين عند إعداد تقريرها بالرأى القانونى فى القضية، والذى عرض فيه لرأيين: أولهما يرى الحكم بعدم دستورية النص الطعين، فى حين يرى الثانى الحكم برفض الدعوى، وهو ما أيده تقرير هيئة المفوضين، الأمر الذى يعنى أن الهيئة الأخيرة قد تبنت وجهة نظر الهيئة القومية للتأمين والمعاشات التى ضمنتها مذكرة دفاعها المشار إليها. ومن ثم فإن طلب الهيئة القومية للتأمين والمعاشات إعادة القضية إلى هيئة المفوضين، بعد أن أصبحت فى حوزة المحكمة، ليس له من هدف سوى إطالة أمد النزاع وتعطيل الفصل فيه.
وحيث إن المادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعى، تنص على أن:
" يستبدل بنص المادة الحادية عشرة والمادة الثانية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 الصادر بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى النصان الآتيان:
المادة الحادية عشرة - تزاد المعاشات التى تستحق اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 فى إحدى الحالات الآتية:
1 - بلوغ سن الشيخوخة أو الفصل بقرار من رئيس الجمهورية أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها فى المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعى المشار إليه.
2 - الحالة المنصوص عليها فى البند (5) من المادة 18 المشار إليها ......
3 - ...... ..........
وتحدد الزيادة بنسبة (25%) من المعاش بحد أدنى مقداره عشرون جنيهًا شهريًا وبحد أقصى مقداره خمسة وثلاثون جنيهًا شهريًا.
وتسرى فى شأن الزيادة الأحكام الآتية:
1 - تحسب على أساس معاش المؤمن عليه عن الأجر الأساسى.
2 - تستحق بالإضافة للحدود القصوى للمعاشات بما لا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير.
3 - ............
4 - ...........
ويلغى نص المادة 165 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه، وكذا أحكام الزيادات المنصوص عليها بالقوانين أرقام 61 لسنة 1981 بزيادة المعاشات و .......... ".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع. وكان المدعى يستهدف من نزاعه الموضوعى الحكم بأحقيته فى الزيادة التى تقررت للمعاشات التى تستحق اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 ومقدارها خمسة وثلاثون جنيهًا، وكان نص المادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1992، فيما اشترطه لاستحقاق تلك الزيادة ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير، يحول دون إجابة المدعى إلى طلبه، فإن مصلحته الشخصية المباشرة تتحدد بالطعن على ما ورد بالبند (2) من الأحكام التى تسرى فى شأن الزيادة فى المعاشات التى تستحق اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 والواردة بنص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 معدلة بالمادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1992، والذى يشترط لاستحقاق تلك الزيادة ألا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير، وبه وحده يتحدد نطاق الدعوى الدستورية الماثلة.
وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين - محددًا نطاقًا على النحو المتقدم - أنه يخالف أحكام المواد (32 و 34 و 40 ) من الدستور، ذلك أنه يحرم فئة من رجال القضاء ممن تقاعدوا اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 من الزيادة فى المعاشات التى تقررت بذات النص، فى حين أن زملاءهم الذين تقاعدوا قبل هذا التاريخ مُنحوا هذه الزيادة نزولاً على حكم النص عينه قبل تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1992، وهو ما يناقض مبدأ المساواة ويُخَّل بالحماية التى أظل بها الدستور حق الملكية والتى تمتد إلى الحقوق العينية والشخصية جميعها، فضلاً عن أن هذا النص صدر بالمخالفة لحكم المادة (173) من الدستور والتى تستلزم أخذ رأى المجلس الأعلى للهيئات القضائية فيه قبل صدوره باعتبار أنه يُنظم شأنًا من شئون الهيئات القضائية.
وحيث إن هذا النعى سديد فى جوهره، ذلك أن الدستور وإن فوض السلطة التشريعية فى تقرير قواعد منح المعاش، إلا أن من المقرر - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن الحق فى المعاش إذا توافر أصل استحقاقه فإنه ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها مترتبًا فى ذمتها بقوة القانون. وإذا كان الدستور قد خطا خطوة أبعد فى اتجاه دعم التأمين الاجتماعى حين ناط بالدولة فى مادته السابعة عشرة تقرير معاش يواجه به المواطنون بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعى هى التى تكفل بمداها واقعًا أفضل يؤمن المواطن فى غده، ويرعى موجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع على ما تقضى به المادة السابعة من الدستور.
وحيث إن الدستور أفرد بابه الثالث للحريات والحقوق والواجبات العامة، وصدَّره بالنص فى المادة الأربعين منه على أن المواطنين لدى القانون سواء، وكان الحق فى المساواة أمام القانون، هو ما رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى، وعلى تقدير أن الغاية التى يتوخاها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وتأمين حرياتهم فى مواجهة صور من التمييز تنال منها، أو تقيد ممارستها. وغدا هذا المبدأ فى جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، والتى لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك، إلى تلك التى يقررها القانون ويكون مصدرًا لها. وكانت السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية المتماثلة التى تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون. وكان المشرع قد أصدر القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى، مقررًا بمادته الحادية عشرة زيادة فى المعاشات التى تستحق اعتبارًا من 1/ 7/ 1987 فى الحالات المشار إليها فيها، محددًا الأحكام التى تسرى فى شأنها، ناصًا فى البند (2) من تلك الأحكام على أن تستحق هذه الزيادة بالإضافة إلى الحدود القصوى للمعاشات بما لا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير، مستثنيًا من هذا الحكم المعاشات المستحقة وفقًا للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى. إلا أن المشرع حين أصدر القانون رقم 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات عَدَلَ عن مسلكه السابق، ولم يستثن من قاعدة الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير أصحاب المعاشات التى تمت تسويتها طبقًا للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى، رغم تماثل المراكز القانونية لكلتا الطائفتين باعتبار أنهم جميعًا سُويت معاشاتهم على أساس شغلهم منصب الوزير أو نائب الوزير، مشترطًا فيمن أحيل إلى التقاعد اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 لكى يفيد من حكم المادة السابعة منه بزيادة معاشه بالنسبة التى حددتها ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير، متبنيًا بذلك تمييزًا تحكميًا - بالمخالفة لنص المادة (40) من الدستور - بين فئتين، إحداهما تلك التى أحيل أفرادها إلى التقاعد قبل 1/ 7/ 1992 وأخرهما التى بلغ أفرادها سن التقاعد بعد ذلك التاريخ، دون أن يستند التمييز بين هاتين الفئتين إلى أسس موضوعية، إذ اختص الفئة الأولى بحقوق تأمينية – تتمثل فى زيادة معاشاتهم دون حد أقصى - وحجبها عن الفئة الثانية، حال أن أفراد هاتين الفئتين سويت معاشاتهم وفقًا لحكم المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وكان يجب ضمانًا للتكافؤ فى الحقوق بينهما، أن تنتظمها قواعد موحدة، لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزًا بين المخاطبين بها.
وحيث إن الحماية التى أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها وفقًا لنص المادة (34) منه تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصيًا أم عينيًا أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية. وكان الحق فى الزيادة فى المعاش - شأنه شأن المعاش الأصلى - إذا توافر أصل استحقاقه ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها وعنصرًا إيجابيًا فى ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه، تتحدد قيمته وفقًا لأحكام قانون التأمين الاجتماعى بما لا يتعارض فيه وأحكام الدستور، فإن النص الطعين ينحل - والحالة هذه - عدوانًا على حق الملكية بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور.
وحيث إنه لذلك فإن النص الطعين يكون مخالفًا لأحكام المواد (17 و 34 و 40 ) من الدستور.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند (2) من الفقرة الثالثة من المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 معدلاً بالمادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1992 فيما لم يتضمنه من استثناء المعاشات المستحقة وفقًا للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 من شرط ألا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر  رئيس المحكمة