الجريدة الرسمية - العدد 52 (تابع) - فى 29/ 12/ 2005م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 ديسمبر سنة 2005م، الموافق 9 من ذى القعدة سنة 1426هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: حمدى محمد على وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور وأنور رشاد العاصى ومحمد خيرى طه، وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 21 لسنة 27 قضائية "دستورية" المحالة من محكمة القضاء الإدارى بقنا بالحكم الصادر بجلسة 15/ 7/ 2004 فى الدعوى رقم 2251 لسنة 8 قضائية.

المقامة من:

السيدة/ موزة عبده حسين.

ضـد:

1 - السيد وزير الدفاع.
2 - السيد مدير إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة.


الإجراءات:

بتاريخ الخامس والعشرين من يناير سنة 2005، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 2251 لسنة 8 قضائية بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بقنا بجلستها المنعقدة فى 5/ 7/ 2004 بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 44 من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أنه بتاريخ 22/ 1/ 2000 أقامت المدعية الدعوى رقم 21 لسنة 2000 مدنى كلى أمام محكمة أسوان الابتدائية ضد المدعى عليهما طالبة الحكم بأحقيتها فى معاش زوجها.
وقالت شرحاً لدعواها أن زوجها المرحوم/ علم الهدى على كريم كان يعمل إبان حياته بالقوات المسلحة إلى أن توفى بتاريخ 5/ 11/ 1991 عنها وزوجة أخرى وأبناء.
وإذ تستحق هى والزوجة الأخرى نصيباً متساوياً فى معاش زوجهما فقد تقدمت بطلب لصرف نصيبها فى المعاش وأرفقت به المستندات التى تؤيد ذلك الطلب إلا أن المدعى عليه الثانى قام بصرف الجزء المستحق للزوجة كاملاً للزوجة الأخرى دونها، مما حدا بها إلى إقامة الدعوى رقم 422 لسنة 1991 شرعى كلى أسوان طالبة الحكم لها بثبوت ميراثها فى تركة زوجها. وبجلسة 30/ 10/ 1994 قضت تلك المحكمة بثبوت ميراثها فى تركته وقسمة الثمن المستحق فى معاشه بينها وبين الزوجة الأخرى، وقد تأيد هذا القضاء بالحكم الصادر بجلسة 28/ 3/ 1995 فى الاستئناف رقم 188 لسنة 13 "قضائية" أحوال شخصية قنا، إلا أن المدعى عليه الثانى امتنع عن صرف المعاش المستحق لها دون سند قانونى، وبجلسة 25/ 6/ 2000 قضت محكمة أسوان الابتدائية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بقنا حيث قيدت برقم 2251 لسنة 8 ق، ولدى نظرها أبدت جهة الإدارة أن امتناعها عن صرف ما تستحقه المدعية فى معاش زوجها يجد سنده فى نص الفقرة الأولى من المادة (44) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسن 1975 الذى يشترط لاستحقاق الأرملة أو المطلقة فى معاش الزوج أن يكون عقد زواجها موثقاً أو أن يثبت الزواج بحكم قضائى نهائى فى دعوى رفعت حال حياة الزوج، وإذ قُضىَ للمدعية بثبوت ميراثها فى تركة زوجها المرحوم/ علم الهدى على كريم بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 422 لسنة 1991 والتى أودعت صحيفتها فى 15/ 12/ 1991 بعد وفاة زوجها بأربعين يوماً، فقد انتفى عنها وصف الأرملة، وتم صرف الجزء المستحق للزوجة كاملاً إلى الزوجة الأخرى. وقد تراءى لمحكمة القضاء الإدارى بعد استعراضها للمادة (44) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة المشار إليه أن نص الفقرة الأولى منها يُخل بمبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور، إذ أنه أقام تفرقة بين الحكم القضائى الصادر بثبوت الزواج بناء على دعوى رفعت حال حياة الزوج، وبين الحكم الصادر بثبوت الزواج بناء على دعوى رفعت بعد وفاة الزوج مستنداً فى ذلك إلى حال الزوج حياةً أو موتاً وقت رفع الدعوى، وهى حال ليس لها من صلة بجوهر الحق الذى يكشف عنه الحكم القضائى بثبوت الزواج، ومن ثم فقد قضت بجلستها المعقودة فى 5/ 7/ 2004 بوقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية النص المشار إليه.
وحيث إن المادة (44) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 تنص فى فقرتها الأولى على أن "يشترط لاستحقاق الأرملة أو المطلقة أن يكون عقد الزواج موثقاً أو أن يثبت الزواج بحكم قضائى نهائى فى دعوى رفعت حال حياة الزوج. ولمدير إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة أو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات حسب الاختصاص تحديد مستندات أخرى لإثبات الزواج فى بعض الحالات التى يتعذر فيها الإثبات بالوسائل سالفة الذكر".
وحيث إن من المقرر أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية مؤثراً فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. إذ كان ذلك، وكان النزاع المثار أمام محكمة الموضوع يدور حول مدى أحقية المدعية فى معاش زوجها وذلك بعد صدور حكم فى الدعوى رقم 422 لسنة 1991 شرعى كلى أسوان فى تركته وقسمة الثمن المستحق للزوجة فى معاشه بينها وبين الزوجة الأخرى، والمؤيد بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم 188 لسنة 13 "قضائية" أحوال شخصية قنا بجلسة 28/ 3/ 1995، وكان نص الفقرة الأولى من المادة 44 من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة فيما اشترطه لاستحقاق الأرملة نصيباً فى معاش الزوج أن يثبت زواجها منه بحكم قضائى نهائى فى دعوى رفعت حال حياة الزوج، يقف مانعاً دون القضاء لها بأحقيتها فى ذلك النصيب، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد بما يتضمنه نص الفقرة الأولى من المادة 44 من القانون المذكور من اشتراط أن تكون الدعوى قد رفعت حال حياة الزوج.
وحيث إن الدستور إذ عهد بالمادة (122) منه إلى المشرع أن يعين القواعد القانونية لمنح المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التى تتقرر على خزانة الدولة، فذلك لتهيئة الظروف التى تفى باحتياجات المواطنين الضرورية على النحو الذى يكفل لهم مقومات حياتهم الأساسية. والتنظيم التشريعى للحقوق التى كفلها المشرع فى هذا النطاق، يكون مجافياً أحكام الدستور ومنافياً لمقاصده، إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها.
وحيث إن هذه المحكمة كانت قد قضت بحكمها الصادر بجلستها المعقودة فى التاسع من ديسمبر سنة 2001 فى القضية رقم 123 لسنة 19 قضائية "دستورية" والقضية المضمومة إليها رقم 189 لسنة 19 قضائية "دستورية" بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 فيما نصت عليه من أنه "بناء على دعوى رفعت حال حياة الزوج"، وأقامت قضاءها على أن نص المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يجرى على أنه "يشترط لاستحقاق الأرملة أو المطلقة أن يكون الزواج موثقاً أو ثابتاً بحكم قضائى نهائى بناءً على دعوى رفعت حال حياة الزوج، ولوزير التأمينات بقرار يصدره تحديد مستندات أخرى لإثبات الزواج أو التصادق فى بعض الحالات التى يتعذر فيها الإثبات بالوسائل سالفة الذكر"، وهذا النص باعتداده بالحكم القضائى بثبوت الزواج بناء على دعوى رفعت حال حياة الزوج، وعدم اعتداده بالحكم المماثل والصادر فى دعوى رفعت بعد وفاة الزوج، يكون قد أجرى تفرقة تستند إلى حالة المدعى عليه من حيث الحياة أو الموت، وقت رفع الدعوى، وهى حالة منفصلة ومنبتة الصلة بجوهر الحق الذى يكشف عنه الحكم القضائى بثبوت الزواج، باعتباره فى جميع الأحوال عنوان الحقيقة، وقد ترتب على هذه التفرقة التمييز بين آثار الأحكام القضائية المتمثلة فى درجة حجيتها وفى الحق الواحد الذى قررته، فذهب ببعضها إلى المدى المقرر لحجيتها، غير أنه قصر مدى هذه الحجية عن البعض الآخر، وهو ما يتناقض والقاعدة الأصولية بأن الأحكام المتماثلة التى تصدر عن درجة قضائية واحدة لها ذات الحجية، وقد قاد ذلك كله إلى الإخلال بحقوق أصحاب المركز القانونى الواحد الذى تنطق به الأحكام القضائية المتماثلة فيما تكشف عنه من هذه الحقوق، وهو ما يهدر مبدأ المساواة الذى يكفل للمحكوم لصالحهم الحق فى التمسك بحجيتها وإنفاذ آثارها، وهى مساواة يجب أن تظل قائمة وحاكمة للدائرة التى تتواجد فيها المراكز القانونية المتماثلة.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها، وكان التكافؤ فى المراكز القانونية بين المشمولين بنظم التأمين الاجتماعى المختلفة يقتضى معاملتهم معاملة قانونية متكافئة، فإن حرمان الأرامل المخاطبات بحكم الفقرة الأولى من المادة (44) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 من الحق فى معاش أزواجهن إذا ثبت زواجهن بحكم قضائى نهائى بناءً على دعوى رفعت بعد وفاة الزوج، حال تمتع أقرانهن من الخاضعات لأحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 بها الحق، يناقض مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (40) من الدستور.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (44) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 فيما نصت عليه (فى دعوى رفعت حال حياة الزوج).

أمين السر رئيس المحكمة