الجريدة الرسمية - العدد 46 (تابع) - فى 13/ 11/ 2003

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 2 نوفمبر سنة 2003م الموافق 8 من رمضان سنة 1424هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وبحضور السادة المستشارين: محمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى والدكتور/ حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه.
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى :

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 217 لسنة 23 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى الدائرة الثانية بحكمها الصادر بجلسة 30/ 7/ 2000 ملف الدعوى رقم 3983 لسنة 54 قضائية.

المقامة من:

السيد/ حسين محمود الجبالى نقيب الفنانين التشكيليين.

ضـد:

1 - السيد وزير العدل.
2 - السيد رئيس محكمة جنوب القاهرة، بصفته المشرف على انتخابات نقابة التشكيليين.
3 - السيد رئيس مجلس الوزراء.


الإجراءات

بتاريخ الخامس من أغسطس سنة 2001 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 3983 لسنة 54 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 30/ 7/ 2000 بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة (27) من القانون رقم 83 لسنة 1976 بإنشاء نقابة الفنانين التشكيليين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة، وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 3983 لسنة 54 قضائية ضد المدعى عليهما الأول والثانى أمام محكمة القضاء الإدارى التشكيليين بالإسكندرية التى أجريت فى 23/ 1/ 2000، وبوقف تنفيذ قرار المدعى عليه الثانى بإعلان للقانون وللحكم القاضى بوقف إجراء هذه الانتخابات، وبجلسة 30/ 7/ 2000 قضت المحكمة بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة (27) من القانون رقم 83 لسنة 1976 بإنشاء نقابة الفنانين التشكيليين؛ لما تراءى لها من شبهة عدم دستوريته.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، يستوى فى ذلك أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، ذلك أن الأخيرة لا تفيد بذاتها توافر المصلحة فى الدعوى الدستورية، ولازم ذلك، أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعى المحال على النزاع الموضوعي؛ لما كان ذلك، وكان الطعن بالإلغاء المردد فى الدعوى الموضوعية يتعلق بانتخاب النقيب وأعضاء مجلس نقابة الفنانين التشكيليين بالإسكندرية؛ والتى ينضم رئيسها المنتخب إلى مجلس النقابة العامة عملاً بحكم المادة 29 من القانون رقم 83 لسنة 1976 - آنف الذكر - وكان الحق فى الطعن مقيداً بقيد فرضه النص الطعين، وبإبطاله تتحقق مصلحة المدعى فى مباشرة حقه فى التقاضى طليقاً من هذا القيد. فإن الدعوى تكون مقبولة فى هذا النطاق.
وحيث إن المادة (27) - المطعون عليها - تنص على أنه:
"لوزير الثقافة أو لربع عدد الأعضاء حق الطعن فى انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة بتقرير يودع قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه نتيجة الانتخاب.... وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً....".
وحيث إن الحق فى إقامة التنظيمات النقابية على أسس ديمقراطية، وكذلك إداراتها لشئونها بما يكفل استقلال قراراتها بعيداً عن أى تدخل أو وصاية من الجهة الإدارية، وحق جمعيتها العمومية فى مراقبة صحة انعقادها سيما فى مجال انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة، وكلها أمور كفلها الدستور للحرية النقابية، وهذه لا سبيل إلى إدراكها إلا بضمان شفافية العملية الانتخابية، وضبط ممارستها بمقاييس الشرعية الدستورية؛ إلا أن النص الطعين نقض هذا الأصل، حين جعل للطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية لانتخاب مجلس النقابة العامة أو إحدى نقاباتها الفرعية نصاباً عددياً فلا يقبل إلا إذا كان مقدماً من ربع أعضائها، ليحول بهذا القيد بين كل عضو على استقلال، وبين ممارسة حقه فى تصحيح ما ارتآه مخالفاً حكم القانون، من زاوية صحة انعقاد جمعيتها العمومية فى يوم الانتخاب، أو شرعية القرارات المنظمة للعملية الانتخابية، نائياً بالحرية النقابية عن منابتها، بما يشكل عدواناً جسيماً عليها، وعصفاً بجوهرها بالمخالفة لحكم المادة (56) من الدستور.
وحيث إن الطعن بالإلغاء على قرار أو إجراء معين لا يجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التى تقتضيها ضرورة تنظيمه، وكان النظراء لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال استعمال الحقوق التى كفلها الدستور لهم، ولا فى فرص صونها، والدفاع عنها، ولا فى اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها، بل يكون للحقوق عينها قواعد موحدة، سواء من حيث وسائل إثباتها أو نفيها من خلال الخصومة القضائية التى كفل الدستور الحق فيها لكل فرد، وعزز ضماناتها، وأطلقها من القيود الجائرة عليها، بما لا يحد من فرصة ولوجها، أو يعطل استعمالها، وكان: القيد الذى تضمنه النص الطعين يرهق الخصومة القضائية التى يحركها أحد أعضاء الجمعية العمومية طعناً فى انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة، وينتهى إلى غلق أبوابها من دونه، ووأد وسائل الدفاع فى شأن الحقوق التى يستهدف الوصول إليها، فإن هذا النص يكون قد تردى كذلك فى مخالفة أحكام المواد (40 و65 و68 و69) من الدستور.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته المادة (27) من القانون رقم 83 لسنة 1976 بإنشاء نقابة الفنانين التشكيليين من عدم قبول الطعن فى انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة والنقابات الفرعية إلا من ربع عدد أعضائها.

أمين السر رئيس المحكمة


صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره أمام السيد المستشار/ محمد عبد القادر عبد الله الذى سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع مسودة هذا الحكم فقد جلس بدلاً منه عند تلاوته السيد المستشار/ حمدى محمد على.