الجريدة الرسمية - العدد 52 (مكرر) - فى 31/ 12/ 2003

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 14 ديسمبر سنة 2003م الموافق 20 من شوال سنة 1424 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: حمدى محمد على وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وماهر سامى يوسف وتهانى محمد الجبالى.
وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى :

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 83 لسنة 22 قضائية "دستورية".

المقامة من:

السيد/ رفعت راغب فرج.

ضـد:

1 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
2 - السيدة وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية.
3 - السيد الممثل القانونى للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى.


الإجراءات

بتاريخ السادس والعشرين من إبريل سنة 2000، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند (2) من المادة (106) ونص البند (4) من المادة (112) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما تضمنه من أحقية الأرملة فى الجمع بين دخلها من العمل أو المهنة أو معاشها وبين المعاش المستحق لها عن زوجها وذلك دون الزوج.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى كما قدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى عدة مذكرات طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص المادة 112/ 4 لانتفاء المصلحة ورفض الدعوى موضوعاً.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 69 لسنة 1999 عمال كلى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بتقرير معاش له عن زوجته الموظفة السابقة ببنك القاهرة وذلك تأسيساً على أنه المستحق الوحيد لهذا المعاش دون باقى الورثة ولأنه عاجز عن الكسب وليس له من دخل سوى معاشه المستحق عن عمله ببنك مصر. وإذ أبدت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى أن المدعى لا يعد عاجزاً عن الكسب فى مفهوم المادة 106 من قانون التأمين الاجتماعى، ذلك أنه يتقاضى معاشاً عن عمله فى بنك مصر فقد دفع المدعى بعدم دستورية نصى المادتين 106/ 2 و112/ 4 من قانون التأمين الاجتماعى، وبعد أن قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن المادة (106) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 معدلاً بالقانون رقم 25 لسنة 1977 تنص على أن:
"يشترط لاستحقاق الزوج ما يأتي:
1 - أن يكون عقد الزواج موثقاً.
2 - أن يكون عاجزاً عن الكسب وفقاً للبيانات المقدمة بطلب صرف المعاش على أن يؤيد ذلك بقرار من الهيئة العامة للتأمين الصحى.
3 - ................"
وتنص المادة 112 من القانون المذكور على أن:
"استثناء من أحكام حظر الجمع المنصوص عليه بالمادتين (110 و111) يجمع المستحق بين الدخل من العمل أو المهنة والمعاش أو بين المعاشات فى الحدود الآتية:
1 - ................ 2 - .................. 3 - .................
4 - تجمع الأرملة بين معاشها عن زوجها وبين معاشها بصفتها منتفعة بأحكام هذا القانون، كما تجمع بين معاشها عن زوجها وبين دخلها من العمل أو المهنة وذلك دون حدود".
وينعى المدعى على هذين النصين فيما تضمناه من اشتراط أن يكون الزوج عاجزاً عن الكسب لاستحقاق معاش عن زوجته وتمييز الزوجة بتقرير أحقيتها فى الجمع بين دخلها من العمل أو المهنة أو معاشها وبين المعاش المستحق عن زوجها دون تقرير ذات الحق للزوج عند وفاة زوجته فإنهما يكونان قد خالفا ما أوجبه الدستور على الدولة من كفالة المساواة بين المرأة والرجل فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكفالة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعاً وفقاً للقانون، وكذا ما قرره الدستور من المساواة بين المواطنين جميعاً فى الحقوق والواجبات العامة دون تمييز فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة الأمر الذى يشكل إخلالاً بأحكام المواد (11، 17، 40) من الدستور.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص البند الرابع من المادة (112) سالفة الذكر تأسيساً على أن طلب المدعى فى الدعوى الموضوعية ينصب على تقرير معاش له عن زوجته فى حين أنه لم يتوافر فيه أحد شروط استحقاقه لهذا المعاش - وهو العجز عن الكسب - ومن ثم فإن النص المذكور والمتعلق بالجمع بين المعاشين لا ينطبق على حالته وتنتفى مصلحته بالتالى فى الطعن عليه، فإن هذا الدفع مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن المصلحة الشخصية المباشرة التى تعد شرطاً لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وإذ كان جوهر النزاع الموضوعى يتمثل فى مطالبة المدعى إلزام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بتقرير معاش له عن زوجته وأحقيته بالتالى فى الجمع بين هذا المعاش والمعاش المستحق له عن عمله السابق فى بنك مصر، فإن القضاء بعدم دستورية نص المادة (106/ 2) المشار إليه، وإن كان يترتب عليه إمكان تقرير معاش له عن زوجته، إلا أنه لن يتمكن من الجمع بين المعاشين بسبب ما تقضى به المادة (110) من قانون التأمين الاجتماعى والتى تحظر الجمع بين أكثر من معاش، وذلك ما لم يقض أيضاً بعدم دستورية نص المادة (112/ 4) فيما تضمنه من حق الأرملة فى الجمع بين معاشها عن زوجها وبين معاشها بصفتها منتفعة بأحكام القانون دون الزوج، ومن ثم فإن مصلحة المدعى تغدو متحققة فى الطعن على هذا النص الأخير.
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون رددته الدساتير المصرية جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساساً للعدل والسلام الاجتماعى، غايته صون الحقوق والحريات فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها، أو تقيد ممارستها، وباعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة للحقوق جميعها، إلا أن مجال إعماله لا يقتصر على ما كفله الدستور من حريات وحقوق وواجبات، بل يمتد - فوق ذلك - إلى تلك التى يقررها التشريع. وإذا كانت صور التمييز المجافية للدستور يتعذر حصرها إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون، سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها، بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أن مناط دستورية أى تنظيم تشريعى ألا تنفصل نصوصه أو تتخلف عن أهدافها، ومن ثم فإذا قام التماثل فى المراكز القانونية التى تنتظم بعض فئات المواطنين وتساووا بالتالى فى العناصر التى تكونها، استلزم ذلك وحدة القاعدة القانونية التى ينبغى أن تنتظمهم، ولازم ذلك، أن المشرع عليه أن يتدخل دوماً بأدواته لتحقيق المساواة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة، أو لمداركة ما فاته فى هذا الشأن.
وحيث إنه تطبيقاً لما سلف فإن قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وإن وحد بين الزوج والزوجة الخاضعين لأحكامه سواء فى حقوقهما التأمينية أو التزاماتهما المالية وفى الأسس التى يتم على ضوئها حساب معاشيهما، إلا أنه حين نظم شروط استحقاق كل منهما للمعاش المستحق عن الآخر أضاف بالنسبة للزوج بنص المادة 106/ 2 شرطاً مؤداه أن يكون عاجزاً عن الكسب، ثم قرر بنص المادة 112/ 4 أحقية الأرملة فى الجمع بين معاشها عن زوجها وبين معاشها بصفتها منتفعة بأحكام هذا القانون، دون تقرير ذات الحق للزوج، وهما النصان محل الطعن الماثل، ومن ثم يكون قد أقام فى هذا المجال تفرقة غير مبررة مخالفاً بذلك مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً - بعدم دستورية نص البند (2) من المادة (106) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
ثانياً - بعدم دستورية نص البند (4) من المادة (112) من القانون المذكور فيما لم يتضمنه من أحقية الزوج فى الجمع بين معاشه عن زوجته وبين معاشه بصفته منتفعاً بأحكام هذا القانون، وكذا الجمع بين معاشه عن زوجته وبين دخله من العمل أو المهنة وذلك دون حدود.
ثالثاً - بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة