الجريدة الرسمية - العدد 46 (مكرر) - فى 21/ 11/ 2006

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 12 نوفمبر سنة 2006 م، الموافق 20 شوال سنة 1427 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد - رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح والسيد عبد المنعم حشيش.
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 265 لسنة 25 قضائية "دستورية".

المقامة من:

السيد/ يوسف أديب شاهين.

ضـد:

1 - السيد رئيس الجمهورية.
2 - السيد رئيس مجلس الشعب.
3 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
4 - السيد وزير العدل.
5 - السيد وزير المالية.
6 - السيد وزير الاقتصاد.
7 - السيد رئيس الهيئة العامة للاستثمار.


الإجراءات:

بتاريخ التاسع عشر من شهر أكتوبر سنة 2003، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص البند 3 (ج) من المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2108 لسنة 1997 باللائحة التنفيذية لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
كما قدمت الهيئة المدعى عليها السابعة مذكرتين طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى وآخرين تقدموا بطلب إلى الهيئة المدعى عليها السابعة للحصول على الموافقة المبدئية للسير فى إجراءات تأسيس شركة مساهمة برأس مال مقداره سبعة مليون جنيه وذلك لمزاولة النشاط الشامل لصناعة السينما وفقًا لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، إلا أن الهيئة أفادتهم - بأن رأس المال المصدر للشركة لم يبلغ النصاب المالى المنصوص عليه فى اللائحة التنفيذية للقانون رقم 8 لسنة 1997 والمحدد بما لا يقل عن مائتى مليون جنيه، وهو ما اعتبره المدعون فى الدعوى الموضوعية بمثابة قرار برفض الطلب، مما حدا بهم إلى إقامة الدعوى رقم 977 لسنة 53 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، بطلب الحكم أولاً: بإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص البند 3 (ج) من المادة الأولى من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 8 لسنة 1997. ثانيًا: إلغاء القرار المطعون عليه. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع بعدم الدستورية الذى أبداه المدعون فى صحيفة الدعوى وصرحت لهم برفع الدعوى الدستورية، فأقام المدعى الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة الأولى من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 قد حددت مجالاته وأحالت فى تفصيلها إلى اللائحة الطعينة، والتى أوردت فى المادة الأولى منها تفصيلاً لأنشطه كل مجال من المجالات المنصوص عليها فى القانون، حيث نصت على مايلى "تكون مزاولة النشاط فى المجالات المنصوص عليها فى المادة الأولى من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار المشار إليه بالشروط وفى الحدود الآتى بيانها:
(1) ...................................
(2) ...................................
(3) الصناعة والتعدين.
( أ ) ....................................
(ب) ....................................
(ج) النشاط الشامل لصناعة السينما الذى يجمع بين إقامة أو استئجار استديوهات ومعامل الإنتاج السينمائى، ودور العرض وتشغيلها، بما فى ذلك من تصوير وتحميض وطبع وإنتاج وعرض وتوزيع، وبشرط أن يزاول النشاط من خلال شركة مساهمة أو منشأة كبرى لا يقل رأس المال الموظف فى أى منهما عن مائتى مليون جنيه".
وحيث إنه ولئن كانت اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2108 لسنة 1997 - المطعون عليها - قد استبدلت بأخرى صدرت برقم 1247 لسنة 2004 إلا أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليهم خلال فترة نفاذها إذ تتحقق مصلحتهم الشخصية المباشرة بإبطال ما ترتب على هذه القاعدة من آثار قانونية فى شأنهم إبان نفاذها، وعلى ذلك يتحدد نطاق الدعوى بما أورده نص البند 3 (ج) من المادة الأولى من اللائحة التنفيذية المشار إليها قبل استبدالها من عبارة "لا يقل رأس المال الموظف فى أى منهما عن مائتى مليون جنيه".
وحيث إن مما ينعاه المدعى على النص الطعين - محددًا نطاقًا على النحو سالف البيان - أنَّه استحدث حكمًا لا سند له من القانون تضمن قيدًا ماليًا على نصاب رأس مال الشركة المساهمة التى تستهدف مزاولة النشاط الشامل لصناعة السينما مما يعد تزيدًا عن حدود ما نص عليه قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 الذى خلا من أى قيد يتعلق بنصاب رأس مال الشركات التى تؤسس لمزاولة الأنشطه فى كافة المجالات التى حددها بما يصم ذلك النص بمخالفة المادة (144) من الدستور.
وحيث إن هذا النعى سديد فى جوهره، ذلك أن الدستور قد اختص فى المادة (86) منه السلطة التشريعية بمهمة إقرار القوانين فلا تباشرها إلا بنفسها، ولم يخول السلطة التنفيذية مباشرة شئ من تلك الوظيفة التشريعية إلا فى الحدود الضيقة التى بينها حصرًا، ذلك أن الأصل ألا تتولى السلطة التنفيذية مهمة التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسًا على إعمال القوانين، وإحكام تنفيذها، بيد أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقًا لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها فى حالات محددة بأعمال تدخل فى نطاق الأعمال التشريعية، من ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، ولا يدخل فى مفهوم ذلك توليها ابتداء تنظيم مسائل خلا القانون من بيان الإطار العام الذى يحكمها، وإلا كان ذلك منها تشريعًا لأحكام جديدة لا يمكن إسنادها إلى القانون، وليست تفصيلاً لأحكام أوردها المشرع فى القانون إجمالاً، بما يخرج اللائحة - عندئذ - عن الحدود التى نظمتها المادة (144) من الدستور.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 قد خلت أحكامه من أى قيد بشأن نصاب رأس مال الشركات التى يرغب المستثمرون فى تأسيسها لمزاولة أى نشاط فى المجالات التى حددها القانون للانتفاع بالحوافز والمزايا التى تضمنها ذلك القانون، ومن بينها النشاط الشامل لصناعة السينما. وكان القانون المشار إليه قد أحال الفقرة الأخيرة من مادته الأولى إلى اللائحة التنفيذية لتحديد شروط وحدود مجالات الأنشطة، مستهدفًا من ذلك تفصيل أوجه أنشطة المجالات التى حُدِّدت فى القانون لجذب الاستثمارات فإن اللائحة التنفيذية بالنص الطعين وقد استحدثت حكمًا جديدًا استلزم ألاَّ يقل رأس المال الموظف فى الشركة المساهمة أو المنشأة الكبرى التى تعمل فى مجال النشاط الشامل لصناعة السينما عن مائتى مليون جنيه، فإنه يكون قد أتى بقيد لا سند له من القانون الذى جاء خلوًا من بيان الإطار الذى يحكم هذا الأمر، مخالفًا بذلك الضوابط التى أوجب الدستور تقيد اللائحة التنفيذية بها بما يعيبه بمخالفة نص المادتين (86) و(144) من الدستور ويوجب القضاء بعدم دستوريته.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند 3 (ج) من المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2108 لسنة 1997 باللائحة التنفيذية لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 وذلك فيما ورد بعجزه من عبارة "لا يقل رأس المال الموظف فى أىِّ منهما عن مائتى مليون جنيه"، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة