الجريدة الرسمية - العدد 4 (تابع) - فى 24/ 1/ 2002

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 13 يناير سنة 2002م الموافق 29 من شوال سنة 1422هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: على عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى والدكتور حنفى على جبالى وإلهام نجيب نوار والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه.
وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعى عمرو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 55 لسنة 23 قضائية "دستورية".
بعد أن أحالت محكمة الاستئناف ملف الأستئنافين رقمى 50، 87 سنة 117 قضائية تجارى استئناف القاهرة.

المقام أولهما من:

رئيس مجلس إدارة شركة سيناء للتنمية السياحية سيكوت.

ضـد:

1 - السيد وزير العدل.
2 - السيد كبير محضرى العجوزة.
3 - السيد محضر تنفيذ محكمة العجوزة.
4 - السيد الممثل القانونى لشركة الأهلى للتنمية والاستثمار.
5 - السيد الممثل القانونى لشركة إيه دى أى للتنمية السياحية.
6 - السيد عبد الحميد إبراهيم.

والمقام ثانيهما من:

رئيس مجلس إدارة شركة سيناء للتنمية السياحية سيكوت.

ضـد:

1 - السيد الممثل القانونى لشركة الأهلى للتنمية والاستثمار.
2 - السيد الممثل القانونى لشركة إيه دى أى للتنمية السياحية.
3 - السيد وزير العدل.
4 - السيد كبير محضرى مدينة نصر.
5 - السيد محضر أول تنفيذ محكمة مدينة نصر.
6 - السيد رئيس الهيئة العامة لسوق المال.


الإجراءات:

بتاريخ 7/ 4/ 2001، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعويين رقمى 50، 87 س 117 ق. تجارى استئناف القاهرة، بعد أن قررت تلك المحكمة بجلسة 12/ 3/ 2001 وقف السير فيهما وإحالتهما إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية نص المادتين 10، 52 من القانون رقم 95 لسنة 1992 فى شأن سوق رأس المال.
وقدمت الشركة المستأنفة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم دستورية المادتين المشار إليهما وسقوط المواد المرتبطة بهما عضوياً.
كما قدم كل من هيئة سوق المال وهيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبتا فيهما رفض الدعوي.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركتين المستأنف ضدهما تقدمتا إلى مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال باعتراض على القرارات الصادرة بتاريخ 1/ 12/ 1999 من الجمعية العمومية للشركة المستأنفة التى يساهمان فيها انتهيا فيه إلى طلب وقف تلك القرارات، وبعد أن أجابتهما الهيئة إلى طلبهما استصدرا من هيئه التحكيم - المشكلة طبقاً لقانون سوق رأس المال - الحكم رقم 1 لسنة 2000 والذى قضى ببطلان القرارات السبعة الأولى للجمعية العامة السالف الإشارة إليها. طعنت الشركة المستأنفة فى هذا الحكم بالاستئناف رقم 50 لسنة 117 فى تحكيم تجارى استئناف القاهرة كما أقامت أمام تلك المحكمة الدعوى رقم 87 لسنة 117 ق تحكيم تجارى استئناف القاهرة ببطلان حكم التحكيم السالف، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين قضت بوقفهما وبإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادتين 10، 52 من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992.
وحيث إن المادة (10) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 تنص على أن "لمجلس إدارة الهيئة بناء على أسباب جدية يبديها عدد من المساهمين الذين يملكون (5%) على الأقل من أسهم الشركة وبعد التثبت وقف قرارات الجمعية العامة للشركة التى تصدر لصالح فئة معينة من المساهمين أو للإضرار بهم أو لجلب نفع خاص لأعضاء مجلس الإدارة أو غيرهم.
وعلى أصحاب الشأن عرض طلب إبطال قرارات الجمعية العامة على هيئة التحكيم المنصوص عليها فى الباب الخامس من هذا القانون خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور القرار، فإذا انقضت المدة دون اتخاذ هذا الإجراء اعتبر الوقف كأن لم يكن".
كما تنص المادة (52) من ذلك القانون على أنه "يتم الفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون فيما بين المتعاملين فى مجال الأوراق المالية عن طريق التحكيم دون غيره.
وتشكل هيئة التحكيم بقرار من وزير العدل برياسة أحد نواب رؤساء محاكم الاستئناف وعضوية محكم عن كل من طرفى النزاع. وإذا تعدد أحد طرفى النزاع وجب عليهم اختيار محكم واحد.
وفى جميع الأحوال تكون أحكام هيئات التحكيم نهائية ونافذة
ما لم تقرر محكمة الطعن وقف تنفيذها".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها توافر ارتباط مباشر بينها وبين المصلحة القائمة فى النزاع الموضوعى وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية المطعون عليها لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات فى الدعوى الموضوعية، وإذ كان جوهر النزاع الموضوعى هو عدم صحة حكم التحكيم وطلب إلغاؤه، فإن نطاق المصلحة فى الخصومة الدستورية الماثلة ينحصر فيما تضمنه النصان المطعون عليهما من أحكام تتصل مباشرة بنظام التحكيم كجهة لفض المنازعات المشار إليها فى النصين، تأسيساً على أن الفصل فى مدى دستوريتهما من شأنه أن يؤثر على الفصل فى الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، وعلى ذلك فإن نص الفقرة الأولى من المادة العاشرة المطعون عليها لا يندرج فى هذا النطاق حيث اقتصر حكمها على تقرير اختصاص مجلس إدارة هيئة سوق المال بوقف قرارات الجمعية العامة بالشروط والأوضاع التى قررها النص.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النصين المطعون عليهما - المحددين نطاقاً على النحو المتقدم - أنهما جعلا اللجوء إلى التحكيم طريقاً إجبارياً للتقاضى على خلاف الأصل من أنه وسيلة اختيارية لفض المنازعات لا تنشأ إلا عن الإرادة الحرة لأطرافه، فحالا بذلك دون اللجوء إلى القضاء ابتداءً بما يخل بحق التقاضى المنصوص عليه فى المادة (68) من الدستور.
وحيث إن هذا النعى صحيح، وذلك أن مؤدى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز أن يكون التحكيم إجبارياً يذعن له أطرافه أو بعضهم إنفاذاً لقاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها، ذلك أن القاعدة التى تتأسس عليها مشروعية التحكيم، كأسلوب لفض المنازعات يغاير طريق التقاضى العادى هى قاعدة اتفاقية تنبنى إرادة الأطراف فيها على أصولها وأحكامها، سواء توجهت هذه الإرادة الحرة إلى اختيار التحكيم سبيلاً لفض نزاع قائم بينهم، أو لفض ما عساه أن يقع مستقبلاً من خلافات بينهم تنشأ عن علاقاتهم التعاقدية، ومن هذه القاعدة الاتفاقية تنبعث سلطة المحكمين الذين يلتزمون حدود وأحكام ما اتفق عليه أطراف التحكيم، ومن ثم فإن التحكيم يعتبر نظاماً بديلاً عن القضاء فلا يجتمعان، لأن مقتضى الاتفاق عليه أن تعزل المحاكم عن نظر المسائل التى انصب عليها التحكيم استثناءً من أصل خضوعها لولايتها، وعلى ذلك فإنه إذ ما قام المشرع بفرض التحكيم قسراً بقاعدة قانونية آمرة دون خيار فى اللجوء إلى القضاء، فإن ذلك يعد انتهاكاً لحق التقاضى الذى كفله الدستور لكل مواطن بنص مادته الثامنة والستين التى أكدت أن اللجوء إلى القضاء للحصول على الترضية القضائية دون قيود تعسر الحصول عليها أو تحول دونها هو أحد الحقوق الجوهرية التى تبنى عليها دولة القانون ويتحقق بها سيادته.
وحيث إن البّين من النصين المطعون عليهما - بالتحديد السالف بيانه - أن المشرع أنشأ بموجبهما نظاماً للتحكيم الإجبارى، كجهة بديلة عن القضاء لفض المنازعات بين المتعاملين فى مجال الأوراق المالية وأسبغ على القرارات التى تصدرها هيئة التحكيم فى هذا الشأن قوة تنفيذية، فى حين أن المقرر أن التحكيم لا يترع عن القضاء ولايته فى الفصل فى كافة المنازعات ابتداءً إلا إذا كان متولداً عن الإرادة الحرة لأطرافه، بما مؤداه أن اختصاص هيئة التحكيم المنشأة بموجب النصين السالفين بالفصل فى المنازعات التى أدخلت جبراً فى ولايتها يكون منطوياً بالضرورة على إخلال بحق التقاضى بحرمان ذوى الشأن من اللجوء إلى قاضيهم الطبيعى بغير طريق الاتفاق الإرادى على ذلك وهو ما يخالف المادة (68) من الدستور.
وحيث إن المواد من 53 إلى 62 من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 والتى تتناول تنظيم إجراءات التحكيم ترتبط ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالمادة (52) منه كما أن تلك المادة هى الأساس التشريعى الذى تقوم عليه المادتان (210 و212) من قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 135 لسنة 1993 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال، فإن هذه النصوص جميعها تسقط حتماً كأثر للحكم بعدم دستورية المادة (52) المشار إليها.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة:
أولاً - بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (10) والمادة (52) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992.
ثانياً - بسقوط نصوص المواد (53 و54 و55 و56 و57 و58 و59 و60 و61 و62) من القانون المشار إليه ونصى المادتين (210 و212) من قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 135 لسنة 1993 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال المشار إليه.

أمين السر رئيس المحكمة