الجريدة الرسمية - العدد 17 (تابع) - فى 27/ 4/ 2002

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 14 أبريل سنة 2002م الموافق 1 صفر سنة 1423هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور حنفى على جبالى وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه.
وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعى عمرو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 2 لسنة 22 قضائية "دستورية".

المقامة من:

السيد/ حمدى إسماعيل حسين.

ضـد:

1 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
2 - السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى.


الإجراءات:

بتاريخ الثانى من يناير سنة 2000، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (13) مكرر ( أ ) من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى فيما تضمنه من أنه "لا تكون القرارات الصادرة من اللجان المنصوص عليها فى المادة (13) والمادة (13 مكرراً) نهائية إلا بعد التصديق عليها من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة انتهت فيهما إلى طلب الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الاعتراض رقم 45 لسنة 1969 أمام اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعى بطلب الحكم بإلغاء قرار لجنة التوزيع بحرمانه من تملك الأرض الزراعية المؤجرة له من الإصلاح الزراعى وأحقيته فى تملكها طبقاً لقانون الإصلاح الزراعى، وبتاريخ 26/ 5/ 1991 قررت اللجنة إجابته إلى طلبه، وبعد أن استصدر الأمر رقم 1 لسنة 1998 من مأمورية طهطا بمحكمة سوهاج الابتدائية بتذييل القرار بالصيغة التنفيذية تظلم المدعى عليه الثانى بصفته من ذلك الأمر بموجب الدعوى رقم 553 لسنة 1998 مدنى طهطا على سند من عدم نهائية ذلك القرار لرفض التصديق عليه من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بموجب القرار رقم 209 المؤرخ 11/ 4/ 1998، وبتاريخ 31/ 1/ 1999 حكمت المحكمة بإلغاء الأمر المُتَظَلّم منه. استأنف المدعى هذا الحكم بالاستئناف رقم 277 لسنة 74 ق سوهاج، وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 13 مكرراً ( أ ) من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 13 مكرراً ( أ ) من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى المطعون عليها تنص على أنه "فيما عدا القرارات الصادرة من اللجان القضائية فى المنازعات المنصوص عليها فى البند (1) من الفقرة الثالثة من المادة السابقة لا تكون القرارات الصادرة من اللجان المنصوص عليها فى المادة (13) والمادة 13 مكرراً نهائية إلا بعد التصديق عليها من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي".
وحيث إن المادتين المحال إليهما فى النص السالف ينصان على ما يأتى:
أولاً: الفقرة الأولى من المادة (13) "تشكل لجان فرعية تقوم بعملية الاستيلاء وحصر الأراضى المستولى عليها وتجميعها عند الاقتضاء وتوزيعها على صغار الفلاحين".
ثانياً: المادة (13 مكرر) "تشكل لجان خاصة لفحص الحالات المستثناة طبقاً للمادة (2) لتقدير ملحقات الأراضى المستولى عليها ولفرز نصيب الحكومة فى حالات الشيوع......................".
وتشكل لجنة قضائية أو أكثر من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل تكون له الرياسة ومن عضو بمجلس الدولة يختاره رئيس المجلس وثلاثة أعضاء يمثلون كلاً من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ومصلحة الشهر العقارى والتوثيق ومصلحة المساحة.
وتختص هذه اللجنة دون غيرها - عند المنازعة - بما يأتى:
1 - تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضى المستولى عليها أو التى تكون محلاً للاستيلاء طبقاً للإقرارات المقدمة من الملاك وفقاً لأحكام هذا القانون وذلك لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه منها.
2 - الفصل فى المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضى المستولى عليها على المنتفعين.................
وتبين اللائحة التنفيذية إجراءات التقاضى أمام اللجان القضائية، ويتبع فيما لم يرد بشأنه نص خاص أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية..................
واستثناء من أحكام قانون السلطة القضائية يمتنع على المحاكم النظر فى المنازعات التى تختص بها اللجان القضائية المشار إليها...................
ويجوز لذوى الشأن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة فى القرارات الصادرة من اللجان القضائية المنصوص عليها فى البند (1) من الفقرة الثالثة........... ولا يترتب على الطعن وقف تنفيذ القرار إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بذلك".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية التى تدعى هذه المحكمة لنظرها لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية، ولما كان جوهر طلبات المدعى فى النزاع الموضوعى يتعلق بمدى أحقيته فى تذييل القرار الذى استصدره من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بالصيغة التنفيذية كى يصير نهائياً ودون التوقف على اتخاذ إجراء آخر، وإذ كان نص الفقرة الأولى من المادة 13 مكرراً ( أ ) - المطعون عليها - قد تضمن أن نهائية القرارات الصادرة فى تلك المنازعات تتوقف على تصديق مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فإن حسم المسألة الدستورية المثارة من شأنه أن يؤثر تأثيراً جوهرياً على الفصل فى الطلبات الموضوعية مما تتحقق معه مصلحة شخصية للمدعى فى إقامة دعواه الدستورية الماثلة وكان نص الفقرة الثالثة من المادة (13 مكرراً) قد قصر الحق فى الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على القرارات الصادرة فى المنازعات المبينة فى البند (1) من الفقرة الثالثة من ذات المادة دون تلك المنصوص عليها فى البند (2) المتعلقة بمنازعات توزيع الأراضى على المنتفعين، وهو نص يرتبط بالنص الطعين ارتباط لزوم لا انفصام فيه فإن التحقق من مدى دستورية النص الأخير من شأنه أن يحقق أيضاً مصلحة شخصية مباشرة للمدعى، ومن ثم فإن نطاق المصلحة فى الدعوى الماثلة يتسع ليشمل نص الفقرة الثالثة من المادة (13 مكرراً).
وحيث إن مبنى طعن المدعى قام على النص الطعين انطوى على الإخلال بالمساواة بين الخصوم فى مجال الطعن على القرارات الصادرة فى المنازعات التى تختص بها اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى، وأن توقف نهائية القرار الصادر فى منازعة توزيع الأراضى المستولى عليها على تصديق مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى يحول دون تحقيق الترضية القضائية فى وقت ملائم بما ينطوى على مخالفة لنص المادتين 40 و68 من الدستور.
وحيث إن المشرع قد اختص اللجنة القضائية المنصوص عليها فى المادة 13 مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى بالفصل دون غيرها فيما ينشأ عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعى من منازعات تتعلق بتحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضى المستولى عليها، وكذلك المنازعات الخاصة بتوزيع تلك الأراضى والتى كان الاختصاص بنظرها والفصل فيها معقوداً للمحاكم قبل صدور القرار بقانون رقم 381 لسنة 1956 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعى، وقد استهدف المشرع من تقرير تلك الاختصاصات للجنة القضائية سرعة البت فى هذه المنازعات وهو ما أفصح عنه فى المذكرات الإيضاحية للقانون رقم 131 لسنة 1953 والقرار بقانون رقم 381 لسنة 1956، وقد حرص المشرع فى هذين القانونين على تحقيق المساواة بين كافة المنازعات التى تختص بها اللجنة القضائية، مراعياً فى ذلك التماثل فى طبيعة هذه المنازعات، وباعتبار أن الغاية من الاستيلاء على الأراضى المنطبقة عليها أحكام قانون الإصلاح الزراعى هو توزيعها على المنتفعين الذين تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها فى هذا القانون، وتأسيساً على ذلك، فقد انتهج المشرع منهجاً واحداً فى شأن الإجراءات التى تتبع أمام هذه اللجنة القضائية، فأوجب إتباع إجراءات قضائية تكفل ضمانات التقاضى، وجعل قراراتها جميعاً لا تكسب نهائيتها إلا بعد اعتمادها من اللجنة العليا للإصلاح الزراعى.
إلا أن المشرع خرج عن مقتضيات هذه المساواة عند إصداره القانون رقم 69 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعى، فأقام تفرقة فى إجراءات الطعن على القرارات الصادرة من اللجنة القضائية المشار إليها، حيث استحدث حكماً أجاز به الطعن مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا على قراراتها الصادرة فى شأن المنازعات الخاصة بتحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضى المستولى عليها، فى حين أنه لم يجز الطعن بهذا الطريق فى القرارات الصادرة من ذات اللجنة فى المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضى على المنتفعين والتى لا تكتسب نهائيتها طبقاً لنص المادة 13 مكرراً ( أ ) - المطعون عليها - إلا بعد تصديق مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الناس لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية والموضوعية التى تحكم الخصومات القضائية المتماثلة، ولا فى فعالية ضمانة حق الدفاع التى يكفلها الدستور أو المشرع للحقوق التى يدعونها ولا فى اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها، ولا فى طرق الطعن التى تنظمها، بل يجب أن يكون للحقوق عينها قواعد موحدة سواء فى مجال التداعى بشأنها أو الدفاع عنها أو استئدائها أو الطعن فى الأحكام المتعلقة بها، لما كان ذلك، وكان الأصل أن المتقاضين فى المنازعات التى تختص بها اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى فى مركز قانونى متماثل، وكانت تلك المنازعات - وعلى ما سلف بيانه - تتماثل من حيث طبيعتها تماثلاً قاد المشرع إلى توحيد الإجراءات أمامها وفى الطعن فى قراراتها قبل إصداره القانون رقم 69 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعى، وإذ اتجه المشرع فى هذا القانون إلى تقرير حق الطعن مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا فى القرارات الصادرة من اللجنة القضائية فى شأن منازعات فحص ملكية الأراضى المستولى عليها، فى حين أنه حظر ذلك فى شأن القرارات الصادرة فى منازعات توزيع تلك الأراضى واستوجب فى نص المادة 13 مكرراً ( أ ) - المطعون عليها - لإسباغ النهائية على تلك القرارات تصديق مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، وبصرف النظر عن أنه حتى لم يحدد أجلاً لإتمام هذا التصديق، فإنه يكون بهذا التباين قد خلق تمييزاً لفئة من المتقاضين عن فئة أخرى فى مجال الطعن على الأحكام بالرغم من تماثل مراكزهما القانونية واتفاق طبيعة المنازعات التى يتقاضون فى شأنها، كما انطوى على إخلال بأصول القواعد الإجرائية لحق التقاضى وهو ما يعد إخلالاً بمبدأ المساواة فى مجال حق التقاضى، بما يوقع النصين المطعون عليهما فى حمأة مخالفة أحكام المادتين(40 و68) من الدستور وذلك فى شأن ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة 13 مكرراً ( أ ) من قانون الإصلاح الزراعى من توقف نهائية القرار الصادر من اللجان القضائية فى شأن المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضى المستولى عليها على تصديق مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، وما اشتمل عليه نص الفقرة الأخيرة من المادة (13) مكرراً من القانون السالف من قصر حق الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على القرارات الصادرة من اللجان القضائية المنصوص عليها فى البند (1) دون المنازعات المنصوص عليها فى البند (2) من الفقرة الثالثة من ذات المادة والمتعلقة بتوزيع الأراضى على المنتفعين.
وحيث إن القضاء بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 13 مكرراً ( أ ) على النحو السالف بيانه يؤدى بحكم اللزوم إلى سقوط ما تضمنته الفقرة الثانية من ذات المادة من العبارة التى أحالت على المادة 13 مكرراً وذالك لارتباطها بما لا يقبل التجزئة بالنص الطعين مما لا يتصور معه إعمال حكمها فى غيبتها.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 13 مكرراً ( أ ) من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى وذلك فيما تضمنته من توقف نهائية القرار الصادر فى منازعات توزيع الأراضى على المنتفعين على تصديق مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، وبعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (13 مكرراً) فيما تضمنته من قصر الحق فى الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على القرارات الصادرة من اللجان القضائية المنصوص عليها فى البند (1) دون المنازعات المنصوص عليها فى البند (2) من الفقرة الثالثة من ذات المادة، وبسقوط الإشارة إلى المادة (13) الواردة بنص الفقرة الثانية من ذات المادة، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتى جنية مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة