الجريدة الرسمية - العدد 52 (تابع) - فى 26/ 12/ 2002

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 ديسمبر سنة 2002م الموافق 11 شوَّال سنة 1423هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عادل عمر شريف رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى :

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 98 لسنة 20 قضائية "دستورية".

المقامة من :

السيد/ عادل السيد سليمان.

ضـد:

السيد رئيس مجلس الوزراء.
السيد نقيب الصحفيين.
السيد رئيس محكمة جنوب القاهرة بصفته رئيس اللجنة المشرف على انتخابات النقابات المهنى.


الإجراءات:

بتاريخ الثانى من مايو سنة 1998، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العلى، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (62) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين فيما تضمنته من رفع الطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية وفى تشكيل مجلس النقابة أمام محكمة النقض - الدائرة الجنائية - من خُمس الأعضاء الذين حضروا اجتماعها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها. ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام بصفته عضواً بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين الطعن رقم 3 لسنة 67 قضائية أمام محكمة النقض، طالباً الحكم بإلغاء عملية انتخاب السيد/ مكرم محمد نقيباً للصحفيين والتى أجريت بتاريخ 22/ 6/ 1997 لبطلانها بطلاناً مطلقاً. وأودعت النيابة مذكرة خلصت فيها إلى عدم قبول الطعن استناداً إلى حكم الفقرة الثانية من المادة (62) من القانون رقم 76 لسنة 1970 المشار إليه، فقد دفع الحاضر عن المدعى بعدم دستورية نص تلك الفقرة. قدرت المحكمة جدية الطعن وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن النص فى الفقرة الثانية على أنه: "ولخُمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية حق الطعن فى صحة انعقادها، وفى تشكيل مجلس النقابة".
وحيث إن المدعى ينعى على نص المطعون عليه مخالفته حق التقاضى الذى كفله الدستور للناس كافة بالمادة (68)، حيث وضع قيداً خطيراً على حق عضو النقابة فى الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة أو تشكيل مجلس نقابتها وهو اشتراط أن يكون الطعن من خُمس الأعضاء.
وحيث إنه لما كان الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية طالما بقيت حركتها محدودة بنطاق الضوابط الدستورية وجوهرها هو التفرقة بين تنظيم الحق وبين المساس به على نحو يهدره كلياً أو جزئى، وكان الحق فى التقاضى من الحقوق الدستورية التى يجوز للمشرع أن يتدخل - وفى دائرة سلطته التقديرية - بتنظيمها على نحو يكفل بلوغ الغاية منه، وهو تحقيق العدالة ورد الحقوق إلى أصحابها دون أن يتجاوز هذا التنظيم حدود غايته، فينقلب إلى قيد يعيب الحق الدستورى فى أصل مضمونه أو جوهر وجوده. إذ كان ذلك، وكان حق التقاضى هو حق مقرر للشخص الطبيعى وللشخص الاعتبارى على السواء، فهما لا يختلفان البتة فى تمتعهما بذات الحق الدستورى، ولكنهما قد يختلفان فى التنظيم القانونى لمباشرة هذا الحق، اختلافاً مرده وحدة إرادة الشخص الطبيعى وتعدد الإرادات التى يتكون منها الشخص الاعتبارى وهو ما يجعل الأمر فى شأن التنظيم القانونى الذى ينظم مباشرة الشخص الطبيعى لحقه فى التقاضى محكوماً بأن يكون قوامه هو التعويل على إرادة هذا الشخص وحده وألا يعلق حقه فى التقاضى على تداخل إرادات أخرى مع إرادته الفردية. بما يجعل هذا التداخل إهداراً لإرادته الفردية، ومن ثم تقويضاً لحقه فى التقاضى.
وحيث إن النص الطعين وهو من النصوص المنظمة لمباشرة الحق فى التقاضى فى حالة بعينها إنما يتوجه فى خطابه إلى عضو النقابة كشخص طبيعى - انضم إليها استجابة لاختياره الفردى - وصار بعضويته العاملة فيها عضواً بجمعيتها العمومية - فلم يجز له مباشرة حقه فى التقاضى إلا إذا شاركه فى الموافقة على الطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية أو فى تشكيل مجلس النقابة خمس عدد الأعضاء الذين حضروا الجمعية العمومية، بما مؤداه تعليق إرادة الشخص الطبيعى فى مباشرة حقه فى التقاضى على موافقة إرادات أخرى، وهو ما يترتب عليه إهدار إرادة هذا الشخص إذا تجلت منفردة، وهو إهدار لازمة تقويض حقها فى التقاضى كما كلفه الدستور وهى نتيجة تصم النص الطعين بعدم الدستورية لمخالفته للمواد (40 و65 و68 و69 و165) من الدستور.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (62) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين فيما تضمنته من اشتراط أن يُرفع الطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية أو فى تشكيل مجلس النقابة من خُمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة