الجريدة الرسمية - العدد 52 (تابع) - فى 26/ 12/ 2002

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 ديسمبر سنة 2002م الموافق 11 شوَّال سنة 1423هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عادل عمر شريف رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى :

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 248 سنة 21 قضائية "دستورية".

المقامة من:

1 - السيد/ عبد الرحمن حسين عبد الله عبد الرحمن النميس.
2 - السيد/ عبد الله حسين عبد الله عبد الرحمن النميس.
3 - السيدة/ مشيرة حسين عبد الله عبد الرحمن النميس.
4 - السيدة/ ناهد حسين عبد الله عبد الرحمن النميس.
5 - السيدة/ ماجدة حسين عبد الله عبد الرحمن النميس.
6 - السيدة/ فاتن حسين عبد الله عبد الرحمن النميس.
7 - السيدة/ دلال حسين عبد الله عبد الرحمن النميس.
8 - السيدة/ زينب حسين عبد الله عبد الرحمن النميس.

ضـد:

1 - السيد رئيس الجمهورية.
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 - السيد رئيس مجلس الشعب.
4 - السيد رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للمعلمين بأسيوط.
5 - السيد رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى بالقاهرة.
6 - السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان بالقاهرة.
7 - السيدة/ نفين وجيه لورنس.
8 - السيد/ حجازى دياب أبو طالب.
9 - السيد/ محمود محمد سالم.


الإجراءات:

بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1999، أودع المدعون قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة، طالبين الحكم بعدم دستورية نص المادة (4) من قانون التعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981.
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى عليه الرابع كان قد أقام بصفته الدعوى رقم 1514 لسنة 1996 مدنى كلى أسيوط الابتدائية ضد المدعين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليه مبلغ 11250 جنيهاً وهو ريع مساحة الأرض الموضحة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى عن المدة من 1991 حتى 1998 مع طردهم من الأراضى وتسليمها إليه، وذلك على سند من قيام الجمعية التى يمثلها المدعى فى الدعوى الموضوعية، بشراء هذه الأرض من المدعى عليهم بموجب عقد بيع عرفى مؤرخ 8/ 7/ 1979 إلا أنهم قاموا بوضع يدهم على القدر المباع واستغلاله فى الزراعة وامتنعوا عن تسليمه للجمعية، دفع المدعى عليهم هذه الدعوى بعدة دفوع من بينها سقوط حق المدعى بصفته فى المطالبة بريع الأرض وتسليمها بمضى المدة، ثم أعقبوا ذلك بالدفع بعدم دستورية المادة (4) من قانون التعاون الإسكانى رقم 14 لسنة 1981 فيما نصت عليه من أنه لا يجوز تملك أموال الجمعيات التعاونية أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعين برفع دعواهم الدستورية، فقد أقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (4) من قانون التعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 تنص على أنه: "تتمتع الملكية التعاونية بكافة الضمانات المدنية والجنائية المقررة للملكية العامة ولا يجوز تملك أموال الجمعيات التعاونية أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، ويجوز بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة دفع التعدى الذى يقع على أموال هذه الجمعيات بالطريق الإدارى ويكون للمبالغ المستحقة لهذه الجمعيات قبل أعضائها أو الغير امتياز على جميع أموال المدين تأتى مرتبته بعد المصروفات القضائية والضرائب والرسوم ومستحقات التأمينات الاجتماعية مباشرة.
وللجهة الإدارية المختصة تحصيل مستحقات وحدات التعاون الإسكان لدى الأعضاء بطريق الحجز الإدارى، ولها فى سبيل ذلك أن تستعين بغير مقابل بالأجهزة الحكومية أو المحلية ويشمل ذلك مستحقات الاتحاد لدى الجمعيات الأعضاء".
وحيث إنه لما كانت المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها ارتباطها بالمصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى بحيث يغدو الفصل فى هذا النزاع متوقفاً على الفصل فى المسألة الدستورية المطروحة، إذ كان ذلك وكان من بين دفوع المدعين أمام محكمة الموضوع دفعهم بتملكهم أرض النزاع بمضى المدة، فإن الفصل فى دستورية ما ورد بنص المادة الرابعة من القانون رقم 14 لسنة 1981 سالفة الذكر من عدم جواز تملك أموال الجمعيات التعاونية أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، يكون لازماً للفصل فى الدفع، وبهذا الحكم وحده يتحدد نطاق الدعوى الدستورية دون باقى أحكام المادة المذكورة.
وحيث إن المدعين على النص الطعين - محدداً نطاقاً على النحو المتقدم - تعارضه ومبدى تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين أمام القانون، وإهداره للحق فى التقاضى، بالمخالفة لأحكام المواد (8، 40، 68) من الدستور، وقد فعل ذلك حين ميز الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان بالنص على عدم جواز تملك أموالها بالتقادم بالرغم من أنها من أشخاص القانون الخاص.
وحيث إن هذا النعى سديد فى جملته، ذلك أن الدستور إذ أخضع فى المادة (29) منه كافة صور الملكية لرقابة الشعب، وأوجب على الدولة حمايتها، فإنه فى صدد بيان هذه الصور قد كشف عن الفروق بين كل نوع منها، حيث نصت المادة (30) على أن الملكية العامة هى ملكية الشعب وكفلت المادة (33) لها حرمة خاصة وجعلت حمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقاً للقانون، فى حين أن المادة (31) إذ نصت على الملكية التعاونية هى ملكية الجمعيات التعاونية، فإنها لم تزد على أن تنيط بالقانون رعاية هذه الملكية وأن يضمن لها الإدارة الذاتية، بما مؤداه أن المشرع الدستورى لم يتجه إلى إنزال الملكية التعاونية منزلة الملكية العامة فى شأن مدى حرمتها أو أدوات حمايتها، إنما هو أبقاها فى إطار أنواع الملكيات الأخرى غير الملكية العامة لتحظى بالضمانات المنصوص عليها فى المواد (34، 35، 36) من الدستور، دون أن يغير ذلك من طبيعتها كملكية تعاونية.
وحيث إن قانون التعاون الإسكانى إذ نص على أن أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان مملوكة لها ملكية تعاونية، ثم بين إجراءات تأسيس هذه الجمعيات وشهرها، والتى بتمامها تكتسب الجمعيات شخصيتها الاعتبارية بحسبانها "منظمة جماهيرية ديمقراطية" يستقل أعضاؤها بإدارتها وفقاً لنظامها الداخلى فلا تتدخل فيها الإدارة، وحدد مهمتها بتوفير المساكن لأعضائها وتعهدها بالصيانة، فإنه يكون بذلك كله قد التزم الإطار الدستورى فى تحديد طبيعة الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان بأنها من أشخاص القانون الخاص، وأن ما تتملكه من أموال إنما تتملكه ملكية تعاونية غير متداخلة أو متشابهة مع الملكية العامة بأية صورة من الصور، إذ كان ذلك وكان النص الطعين قد جاء مناقضاً لهذا الإطار الدستورى بنصه على عدم جواز تملك أموال الجمعيات التعاونية العاملة فى مجال التعاون الإسكانى أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، فإنه يكون قد أخرج هذه الأموال من طبيعتها التعاونية وألبسها ثوب الأموال العامة، فجاوز بذلك النطاق الذى تفرضه طبيعتها، وهى طبيعة تستمد ذاتيتها من حكم الدستور ولا شأن لها بوسائل الحماية المدنية أو الجنائية التى يقررها المشرع للجمعيات مالكة هذه الأموال، كاعتبار مستنداتها وسجلاتها ودفاترها وأختامها فى حكم الأوراق والمستندات والدفاتر والأختام الرسمية أو اعتبار أموالها فى حكم الأموال العامة فى مجال تطبيق قانون العقوبات.
وحيث إنه فى ضوء ما سلف فإنه النص الطعين - محدداً على نحو ما تقدم - قد أفرد لأموال الجمعيات التعاونية العاملة فى مجال الإسكان، ودون سند دستورى، معاملة تفضيلية تتميز بها بالمخالفة لطبيعتها، ويختص بها مالكوها وهم من أشخاص القانون الخاص، دون باقى أشخاص هذا القانون، فإنه يكون بذلك قد وقع فى حمأة مخالفة أحكام المواد (30، 40، 65) من الدستور، بما يوجب القضاء بعدم دستوريته.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الماد (4) من قانون التعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فيما تضمنه من عدم جواز تملك أموال الجمعيات التعاونية أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة