الجريدة الرسمية - العدد 52 (تابع) - فى 26/ 12/ 2002

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 ديسمبر سنة 2002م الموافق 11 شوَّال سنة 1423هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عادل عمر شريف رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى :

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 193 لسنة 23 قضائية "دستورية".

المقامة من:

السيد/ فاروق عبد الله عبد البر.

ضـد:

السيد رئيس مجلس الوزراء.
السيد رئيس مجلس الشعب.
السيد رئيس اتحاد الكتاب.
السيد وزير الثقافة.
السيد المستشار رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات اتحاد الكتاب.


الإجراءات:

بتاريخ الرابع من يوليو سنة 2001، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 65 لسنة 1975 بإنشاء اتحاد الكتاب فيما أورده من قيود على حق التقاضى بالمخالفة لنص المادة (68) من الدستور.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى أقام على المدعى عليهم الثلاثة الأخيرين الدعوى رقم 5028 لسنة 55 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى، طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إعلان نتيجة انتخابات التجديد النصفى لمجلس اتحاد الكتاب التى أجريت بتاريخ 23/ 3/ 2001. وقال بياناً لدعواه أنه بمناسبة التجديد النصفى لمجلس اتحاد الكتاب، تقدم للترشيح لعضوية هذا المجلس، وإذ شاب العملية الانتخابية التى أجريت بتاريخ 23/ 3/ 2001 أخطاء قانونية تنال من مشروعيتها وتؤدى إلى بطلانها فقد أقام دعواه التى دفع فى صحيفتها بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 65 لسنة 1975 بإنشاء اتحاد الكتاب، فيما تضمنته من قصر ميعاد الطعن واشترط توقيع صحيفته من مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية بتوقيعات مصدق عليها من الجهة المختصة، وإذ تمسك بهذا الدفع أمام المحكمة فقد قدرت جديته وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن النص فى الفقرة الثانية - المطعون عليها - من المادة (30) من القانون رقم 65 لسنة 1975 بإنشاء اتحاد الكتاب على أنه "........ كما يجوز لمائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية الطعن أمام المحكمة المذكور (محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة) فى قراراتها أو صحة انعقادها أو فى انتخاب رئيس الاتحاد أو أعضاء مجلس الاتحاد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية، وذلك بتقرير مسبب ومصدق على الإمضاءات الموقع بها عليه من الجهة المختصة، وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً".
وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين مخالفته لنص المادة (68) من الدستور لوضعه قيوداً على حق التقاضى تتحصل فى اشتراط توقيع مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية مصدق على توقيعاتهم من الجهة المختصة فضلاً عن قصر المدة التى يجوز الطعن خلالها، والتى لقصرها تجعل استعمال الحق مستحيلاً.
وحيث إن النعى الأخير بشأن قصر المدة التى يجوز الطعن خلالها، فإنه نعى مردود، ذلك لما كان الأصل أن سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق. أنها سلطة تقديرية، طالما بقيت حركتها محدودة بنطاق الضوابط الدستورية وجوهرها هو التفرقة بين تنظيم الحق وبين المساس به على نحو يهدره كلياً أو جزئى، وكان الحق فى التقاضى من الحقوق الدستورية التى يجوز للمشرع أن يتدخل، وفى دائرة سلطته التقديرية بتنظيمها، على نحو يكفل بلوغ الغاية منه، وهو تحقيق العدالة ورد الحقوق إلى أصحابها دون أن يتجاوز هذا التنظيم حدود غايته فينقلب إلى قيد يعيب الحق الدستورى فى أصل مضمونه أو جوهر وجوده. إذ كان ذلك وكان تحديد ميعاد الطعن لا يتجاوز خمسة عشر يوماً هو من قبيل استعمال المشرع لسلطته التقديرية فى تنظيم الحق فى التقاضى، وهو ميعاد ليس بالقصير بحيث يعوق استعمال الحق أو يجعله مستحيلاً أو شبه مستحيل، ومن ثم فإن النعى فى هذا الشق يكون غير صحيح.
وحيث إنه لما كان حق التقاضى هو مقرر للشخص الطبيعى والشخص الاعتبارى على السواء، فهما لا يختلفان البتة فى تمتعهما بذات الحق الدستورى ولكنهما قد يختلفان فى التنظيم القانونى لمباشرة هذا الحق، اختلافاً مرده وحدة إرادة الشخص الطبيعى وتعدد الإرادات التى يتكون منها الشخص الاعتبارى وهو ما يجعل الأمر فى شأن التنظيم القانونى الذى ينظم مباشرة الشخص الطبيعى لحقه فى التقاضى محكوماً بأن يكون قوامه هو التعويل على إرادة هذا الشخص وحده وألا يعلق حقه فى التقاضى على تداخل إرادات أخرى مع إراداته الفردية. بما يجعل هذا التداخل إهداراً لإرادته الفردية، ومن ثم تقويضاً لحقه فى التقاضى. لما كان ذلك وكان النص الطعين وهو من النصوص المنظمة لمباشرة الحق فى التقاضى فى حالة بعينها يتوجه فى خطابة إلى عضو النقابة كشخص طبيعى - انضم إليها استجابة لاختياره الفردى، وصار بعضويته العاملة فيها عضواً بجمعيتها العمومية - فلم يجز له مباشرة حقه فى التقاضى إلا إذا شاركه فى الموافقة على الطعن فى قراراتها أو صحة انعقادها أو فى انتخاب رئيس الاتحاد أو أعضاء مجلس الاتحاد مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية، بما مؤداه تعليق إرادة الشخص الطبيعى فى مباشرة حقه فى التقاضى على موافقة إرادات أخرى، وهو ما يترتب عليه إهدار إرادة هذا الشخص إذا تجلت منفردة، وهو إهدار لازمه تقويض حقها فى التقاضى كما كفله الدستور وهى نتيجة تصم النص الطعين بعدم الدستورية لمخالفته للمواد (40 و65 و68 و69 و165) من الدستور.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 65 لسنة 1975 بإنشاء اتحاد الكتاب فيما تضمنته من اشتراط أن يُرفع الطعن فى قرارات الجمعية العمومية للاتحاد أو فى صحة انعقادها أو فى انتخاب رئيس الاتحاد أو أعضاء مجلسه من مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية. وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة