الجريدة الرسمية - العدد 51 (مكرر) - فى 25/ 12/ 2001

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 9 ديسمبر سنة 2001م الموافق 24 من رمضان سنة 1422هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن نصير وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح.
وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعى عمرو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم لسنة 123 لسنة 19 قضائية "دستورية".

المقامة من:

السيدة/ روحية محمد عثمان.

ضـد:

1 - السيد/ رئيس مجلس الوزراء.
2 - السيد/ وزير التأمينات الاجتماعية.
3 - السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية.
والدعوى المضمومة إليها رقم 189 لسنة 19 قضائية دستورية المحالة من محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان" بحكمها الصادر بجلسة 5/ 8/ 1997 فى الاستئناف رقم 5 لسنة 16 قضائية.

المقامة من:

السيدة/ روحية محمد عثمان.

ضـد:

1 - السيد/ رئيس مجلس الوزراء.
2 - السيد / رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات.


الإجراءات:

بتاريخ الثامن عشر من يونيه سنة 1997، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبة الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
وبتاريخ 11/ 10/ 1997، ورد إلى قلم كتاب المحكمة من محكمة استئناف قنا (مأمورية أسوان) ملف الاستئناف رقم 5 لسنة 16 قضائية المقام من المدعية، بعد أن قضت المحكمة المذكورة بوقف نظره وإحالته للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية ذات النص الطعين، وقد قيدت الأوراق بجدول الدعاوى الدستورية برقم 189 لسنة 19 قضائية.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
بعد تحضير الدعويين، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها، وطلبت ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد.
ونُظرت الدعويان على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/ 11/ 2001 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 189 لسنة 19 قضائية "دستورية" إلى الدعوى الماثلة لوحدة الموضوع وليصدر فيهما حكم واحد، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل فى أن المدعية سبق وأن صدر لصالحها الحكم فى القضية رقم 362 لسنة 91 كلى أحوال شخصية أسوان ضد الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية وورثة المرحوم عبد الفتاح على حسن باعتبارها أرملته وتستحق الثُمن فى تركته، وقد تم ربط معاش شهرى لها قدره 60،114 جنيه، قامت الهيئة بصرفه لمدة عشرة أشهر ثم أوقفت الصرف، فتقدمت بطلب إلى لجنة فض المنازعات بالهيئة، ثم أقامت الدعوى رقم 937 لسنة 96 مدنى كلى أسوان بطلب الاعتداد بالحكم المشار إليه والاستمرار فى تنفيذه وصرف كافة مستحقاتها التأمينية اعتباراً من تاريخ وفاة مورثها الحاصل فى 2/ 12/ 1990. فقُضى برفض تلك الدعوى تأسيساً على أن المدعية أقامت دعواها رقم 362 لسنة 1991، كلى أحوال شخصية أسوان بعد وفاة المؤمن عليه، ولم تستوف شروط استحقاقها للمعاش طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة (105) من القانون رقم 79 لسنة 1975 والتى تشترط أن يكون الزواج ثابتاً بحكم قضائى نهائى بناء على دعوى رفعت أثناء حياة الزوج. طعنت المدعية على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 5 لسنة 16 قضائية أمام محكمة استئناف قنا (مأمورية أسوان)، وأثناء نظره دفعت بعدم دستورية النص المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، فقد صرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية فأقامت الدعوى الماثلة. وفى ذات الوقت قضت المحكمة المذكورة بوقف نظر الاستئناف أمامها وأحالت الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية التى أثارتها، ولوحدة الموضوع فى الدعويين فقد قررت المحكمة ضمهما معاً ليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إن المدعية تنعى على نص المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 مخالفته لأحكام المواد (2 و17 و40 و68 و72) من الدستور وذلك فيما استلزمه هذا النص من عدم الاعتداد بالحكم القضائى الصادر بإثبات الزوجية إلا إذا كانت الدعوى التى صدر فيها ذلك الحكم قد رفعت حال حياة الزوج، وتأسس دفعها بعدم الدستورية على أن الزواج فى الشريعة الإسلامية يقوم ويُرتب كافة آثاره بمجرد الإيجاب والقبول بين الزوجين والإشهاد، وأن النص الطعين يحول دون المدعية والحصول على خدمات التأمين الاجتماعى التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً، كما ميّز النص بين أصحاب المراكز القانونية الواحدة دون مبرر منطقى، وخالف نص المادة (68) من الدستور بإخلاله بكفالة حق التقاضى، وناقض حكم المادة (72) من الدستور بإهداره لحجية الأحكام القضائية ووجوب تنفيذها.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت الدعوى بأن النص الطعين إنما ينظم أحوال استحقاق المعاش على أساس أن يكون تحقق ثبوت الزوجية معاصراً لواقعة الاستحقاق وهى وفاة الزوج ولا يمنع من تنفيذ أحكام القضاء فى شأن ثبوت الزوجية، وأن المعاش ليس ميراثاً وإنما هو نوع من النفقة تُستحق بعد وفاة الزوج، وقد بررت الأعمال التحضيرية للقانون النص الطعين بأن غايته درء التحايل.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها ارتباطها بالمصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للبت فى الطلبات المطروحة فى النزاع الموضوعى، وكان محور الطلب أمام محكمة الموضوع يدور حول أحقية الأرملة فى نصيبها فى معاش زوجها إذا ما كانت الزوجية قد ثبتت بحكم قضائى نهائى صدر فى دعوى أقيمت بعد وفاة الزوج، فإنه يكون للمدعية مصلحة شخصية مباشرة فى الطعن على ما تضمنه نص المادة (105) المشار إليها من اشتراط أن تكون الدعوى قد رفعت حال حياة الزوج.
وحيث إن النعى على النص الطعين انطواؤه على حكم يخالف الدستور، هو نعى صحيح، ذلك أنه إذ ناطت المادة (122) من الدستور بالقانون أن يعين قواعد منح المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التى تتقرر على خزانة الدولة، فإن القاعدة القانونية التى تصدر بهذا التعيين، إنما يستند وجودها إلى حكم المادة (122) من الدستور، إلا أن اكتمال دستوريتها لا يتحقق إلا باتفاقها مع باقى أحكام الدستور وأخصها مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (40) من الدستور، إذ كان ذلك، وكان نص المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يجرى على أنه "يشترط لاستحقاق الأرملة أو المطلقة أن يكون الزواج موثقاً أو ثابتاً بحكم قضائى نهائى بناء على دعوى رفعت حال حياة الزوج، ولوزير التأمينات بقرار يصدره تحديد مستندات أخرى لإثبات الزواج أو التصادق فى بعض الحالات التى يتعذر فيها الإثبات بالوسائل سالفة الذكر"، فإن هذا النص، باعتداده بالحكم القضائى بثبوت الزواج بناء على دعوى رفعت حال حياة الزوج، وعدم اعتداده بالحكم المماثل والصادر فى دعوى رفعت بعد وفاة الزوج، يكون قد أجرى تفرقة تستند إلى حالة المدعى عليه من حيث الحياة أو الموت، وقعت رفع الدعوى، وهى حالة منفصلة ومنبتّة الصلة بجوهر الحق الذى يكشف عنه الحكم القضائى بثبوت الزواج، باعتباره فى جميع الأحوال عنوان الحقيقة، وقد ترتب على هذه التفرقة، التمييز بين آثار الأحكام القضائية المتماثلة فى درجة حجيتها وفى الحق الواحد الذى قررته، فذهب ببعضها إلى المدى المقرر لحجيتها، غير أنه قصر مدى هذه الحجية عن البعض الأخر، وهو ما يتناقض والقاعدة الأصولية بأن الأحكام المتماثلة التى تصدر عن درجة قضائية واحدة، لها ذات الحجية، وقد قاد ذلك كله إلى الإخلال بحقوق أصحاب المركز القانونى الواحد الذى تنطق به الأحكام القضائية المتماثلة فيما تكشف عنه من هذه الحقوق، وهو ما يهدر مبدأ المساواة الذى يكفل للمحكوم لصالحهم الحق فى التمسك بحجيتها وإنفاذ آثارها، وهى مساواة يجب أن تظل قائمة وحاكمة للدائرة التى تتواجد فيها المراكز القانونية المتماثلة.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإن ما اشترطته المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 من وجوب أن يكون إثبات الزوجية - فى حالة الركون إلى حكم قضائى بإثباتها - مرهوناً بصدور ذلك الحكم فى دعوى رفعت حال حياة الزوج، هو اشتراط يتناقض مع أحكام المادتين (40، 122) من الدستور.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 فيما نصت عليه من أنه "بناء على دعوى رفعت حال حياة الزوج" وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنية مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة