الجريدة الرسمية - العدد 51 (مكرر) - فى 25/ 12/ 2001

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 9 ديسمبر سنة 2001م الموافق 24 من رمضان سنة 1422هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن نصير وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح.
وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعى عمرو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 22 قضائية "طلبات أعضاء".

المقامة من:

السيد المستشار/ مصطفى جميل مرسى.

ضـد:

1 - السيد المستشار/ رئيس المحكمة الدستورية العليا بصفته.


الإجراءات:

بتاريخ الثانى والعشرين من أكتوبر سنة 2000، أودع الطالب صحيفة الطلب الماثل قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بأحقيته فى الحصول على المقابل النقدى للرصيد الكامل لإجازته التى حرم من استعمالها بسبب ظروف ومقتضيات العمل طوال مدة خدمته، دون التقيد بحد أقصى ودفع احتياطياً بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 فيما تضمنته من وضع حد أقصى للمقابل النقدى لصيد الإجازات التى لم يستعملها العامل لا يجاوز ثلاثة أشهر. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطلب لتقادم الحق فيه فضلاً عن أنه إعمالاً للأثر الفورى للحكم الصادر فى الدعوى رقم 2 لسنة 21 قضائية "دستورية" فإن الطالب لا يستفيد منه لتقاعده فى تاريخ سابق على صدوره كما دفعت بعدم قبول الدعوى الدستورية لسابقة الحكم فيها بالحكم المشار إليه.
وبعد تحضير الطلب والمسألة الدستورية تنفيذاً لقرار المحكمة، قدمت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الطلب وسائر الأوراق - تتحصل فيما ذكره الطالب من أنه قد استحق له رصيد عن إجازته الاعتيادية فى الفترة من تاريخ تعيينه وحتى تاريخ بلوغه سن التقاعد فى 15 سبتمبر سنة 1987، وإذ لم يتم صرف البدل النقدى عن هذا الرصيد إلا عن مدة ثلاثة شهور باعتبارها الحد الأقصى المنصوص عليه فى الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983، فقد أقام الطلب الماثل ودفع بعدم الدستورية نص الفقرة المشار إليها.
وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 - المطعون عليها - تنص على أن "فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته، وذلك بألا يجاوز أجر ثلاثة أشهر".
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن قضت بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (65) المشار إليها بعد تعديلها بالقانون رقم 219 لسنة 1991، وكان النص المطعون عليه - قبل التعديل - وهو المطبق على الطالب، فإن مصلحته فى الطعن تكون قائمة لاختلاف النصين وإن اتفقا فى مضمونهما، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى الدستورية يكون على غير أساس، كما أن طلب الرفض بقاله الأثر الفورى للحكم بعدم الدستورية يكون ولا محل له فضلاً عن عدم صحته على ما سيأتى بيانه. وحيث إنه وقد استقر قضاء المحكمة على أن المشرع فى إطار تنظيمه لحق العمل قد تغيا من حماية الحق فى الأجازة السنوية بالشروط التى حددها أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية، ولا يجوز بالتالى أن ينزل عنها ولو كان النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها، إذ هى فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة العمل، فلا يملك أيهما إهدارها كلياً أو جزئياً إلا لأسباب قوية تقضيها مصلحة العمل. ولا أن يدعى العامل أنه بالخيار بين طلبها وتركها وإلا كان التخلى عنها إنهاكاً لقواه وتبديداً لطاقاته بما يؤثر على القوة الإنتاجية البشرية وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة ويمس مصالحها. لما كان ذلك وكان المشرع بما نص عليه فى الفقرة الأخيرة التى أضافها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 إلى المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وهو ذات النص بعد التعديل الذى انصب فقط على نطاق الحد الأقصى للبدل النقدى وطريقة حساب الأجر، لم يجز للعامل أن يتخذ من الإجازة السنوية وعاءً ادخارياً من خلال ترحيل مددها التى تراخى عن استعمالها ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء الخدمة على ما يقابلها من أجر فلم يعطه الحق فى الحصول على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور وهى مدة قدر أن قصرها يعتبر كافلاً للإجازة السنوية غايتها فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها، إلا أنه - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – لا ينبغى أن يسرى هذا القول على إطلاقه بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل يد فيها، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها فيجوز للعامل عندئذ - كأصل عام - أن يطلبها جملة، إذ كان اقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً، وإلا كان التعويض النقدى عنها واجباً، تقديراً بأن المدة التى يمتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل، فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك. ومن ثم فإن النص المطعون عليه - كلاحقه بعد التعديل - وقد حرم العامل من حقه الكامل فى التعويض المكافئ للضرر الجابر له، يكون قد جاء مناقضاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة والمكفولة بنص المادتين (32 و34) من الدستور والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة:
أولاً - بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 فيما تضمنته من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز ثلاثة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل.
ثانياً - حددت المحكمة جلسة 13/ 1/ 2001 لنظر موضوع الطلب.

أمين السر رئيس المحكمة


أصدرت المحكمة الدستورية العليا بذات الجلسة حكماً مماثلاً فى الدعوى رقم 9 لسنة 22 ق طلبات أعضاء.