الجريدة الرسمية - العدد 23 مكرر (ب) - السنة السادسة والخمسون
غرة شعبان سنة 1434هـ، الموافق 10 يونيه سنة 2013م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثانى من شهر يونيو سنة 2013م، الموافق الثالث والعشرين من رجب سنة 1434هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيرى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: دكتور/ حنفى على جبالى ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور/ عادل عمر شريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 22 قضائية "دستورية".

المقامة من:

السيدة/ روضة فايز عفارة.

ضـد:

1 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
2 - السيد/ حسين محمود حسين عودة.
3 - السيد/ عبد النبى محمد السيد الديب.


الإجراءات

بتاريخ الخامس من يناير سنة 2000، أودعت المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة فى ختامها الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (9 و10) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
كما قدم المدعى عليه الثانى ثلاث مذكرات بدفاعه، طلب فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعية أقامت ضد المدعى عليهما الثانى والثالث الدعوى رقم 414 لسنة 1996 أمام محكمة بندر الزقازيق الجزئية بطلب الحكم بوقف الأعمال الجديدة التى شرع فيها المدعى عليه الثالث على الأرض المملوكة لها بموجب عقد البيع الابتدائى المؤرخ 3/ 5/ 1975 المبرم بينها وبين المالك الاصلى للأرض والذى قضى بصحته ونفاذه فى 26/ 3/ 1978 بالحكم الصادر من محكمة الزقازيق الابتدائية فى القضية رقم 45 لسنة 1977، ثم أضافت المدعية طلبًا جديدًا برد حيازة الأرض محل النزاع إليها على سند من القول بأن المالك الاصلى للأرض قام ببيع ذات الأرض للمدعى عليه الثانى بعد بيعها لها ووضع يدها عليها، وقام المشترى بإشهار عقد البيع برقم 579 لسنة 1977 قبل قيام المدعية بتسجيل عقدها سالف الذكر المحكوم بصحته ونفاذه. وبجلسة 25/ 11/ 1999 دفعت المدعية بعدم دستورية المادتين (9 و10) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت مسألة دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 114 لسنة 1946 المشار إليه، بحكمها الصادر بجلسة 6/ 12/ 1997 فى القضية رقم 59 لسنة 17 قضائية "دستورية" القاضى برفض الدعوى، وقد نُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (51) الصادر فى 18/ 12/ 1997، وكان مقتضى نص المادتين (48 و 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة؛ باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة التى قضى فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم تكون هذه الدعوى فى هذا الشق غير مقبولة.
وحيث إن المادة (10) من القانون رقم 114 لسنة 1946 المشار إليه - بعد إضافة الفقرة الأخيرة منها بالقانون رقم 25 لسنة 1976 - تنص على أن "جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية يجب كذلك تسجيلها ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير.
ويسرى هذا الحكم على القسمة ولو كان محلها أموالاً موروثة.

ويجوز للشريك الذى حصل على حكم نهائى بالقسمة أو بصحة التعاقد على القسمة أن يطلب قصر التسجيل على حصته ما لم يترتب على هذا الشهر إنهاء حالة الشيوع، كما يجوز له أن يطلب قصر التسجيل على نصيبه فى قسم أو ناحية معينة، وعلى المكتب الذى تم فيه التسجيل أن يخطر مكاتب الشهر التى تقع بدائرتها باقى العقارات موضوع القسمة للتأشير بذلك".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثرًا فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع لما كان ذلك، وكانت المدعية تهدف من دعواها الموضوعية السالفة البيان إلى القضاء برد حيازة الأرض محل النزاع إليها تأسيسًا على أن المالك الأصلى للأرض قام ببيعها للمدعى عليه الثانى بعد بيعه تلك الأرض لها، فقام المدعى عليه الثانى بإشهار عقد البيع قبل قيام المدعية بتسجيل عقدها سالف الذكر، وكان نص الفقرة الأولى من المادة (10) من القانون رقم 114 لسنة 1946 المشار إليه يحول دون القضاء للمدعية بطلباتها فى الدعوى الموضوعية، ومن ثم فإن مصلحتها الشخصية المباشرة تكون متحققة فى الطعن على هذا النص فى النطاق المشار إليه، بحسبان أن الفصل فى دستوريته سيكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية.
وحيث إن المدعية تنعى على النص المطعون فيه - محددًا نطاقه على النحو المتقدم - مخالفته أحكام المادة الثانية من دستور سنة 1971؛ بعد تعديلها فى 22 مايو سنة 1980، لتناقضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما تضمنته المادة الثانية من دستور سنة 1971، بعد تعديلها فى 22 مايو سنة 1980، يدل على أن الدستور، واعتبارًا من تاريخ العمل بهذا التعديل، قد ألزم السلطة التشريعية فيما تقره من النصوص التشريعية بعد العمل به أن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية، بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً يتعين أن ترد إليه هذه النصوص أو تستمد منه لضمان توافقها مع مقتضاه، ودونما إخلال بالضوابط الأخرى التى فرضها الدستور على السلطة التشريعية وقيدها بمراعاتها والنزول عليها فى ممارستها لاختصاصاتها الدستورية، وكان من المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه، يتعين بالضرورة أن يكون سابقًا فى وجوده على هذه النصوص ذاتها، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التى أقامها الدستور معيارًا للقياس فى مجال الشرعية الدستورية تفترض لزومًا أن تكون النصوص التشريعية المدعى إخلالها بتلك المبادئ، وتراقبها هذه المحكمة، صادرة بعد نفاذ الدستور، بحيث إذا انطوى نص منها صدر بعد نفاذه على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية فإنه يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما النصوص الصادرة قبل نفاذه فتظل بمنأى عن الخضوع لأحكامه.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه وهو نص الفقرة الأولى من المادة (10) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى لم يلحقه أى تعديل منذ صدوره سنة 1946، وكان القيد المقرر بالدستور والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، ومنها النص المطعون فيه؛ فإن النعى عليه بمخالفة النص الدستورى من هذا الوجه - أيًا كان وجه الرأى فى تعارضه مع تلك المبادئ - يكون غير سديد، الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة