الجريدة الرسمية - العدد 36 مكرر (ج) - السنة السابعة والخمسون
15 ذى القعدة سنة 1435هـ، الموافق 10 سبتمبر سنة 2014م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الحادى والثلاثين من أغسطس سنة 2014م، الموافق الخامس من ذى القعدة سنة 1435هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصى والدكتور/ حنفى على جبالى والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور/ حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ محمود محمد على غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 36 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى بحكمها الصادر بجلسة 25/ 3/ 2007 ملف الدعوى رقم 17303 لسنة 61ق

المقامة من

السيد/ عادل عبد العاطى محمد

ضد

1 - السيد رئيس جامعة عين شمس.
2 - السيد عميد كلية الحقوق.


الإجراءات

بتاريخ السادس من يناير سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 17303 لسنة 61 قضائية، بعد أن أصدرت الدائرة الحادية عشرة بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بجلسة 25/ 3/ 2007 حكمها بوقف نظر الدعوى، وبإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الثالثة من المادة (184) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم؛ أصليا؛ بعد اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى، واحتياطيًا: بعدم قبولها، وعلى سبيل الاحتياط: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 17303 لسنة 61 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الحادية عشرة) ضد المدعى عليهما، طلب فى ختامها الحكم: بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس تأديب الطلاب بالكلية الذى قضى بإلغاء امتحانات الفصل الدارسى الأول، مع ما يترتب على ذلك من آثار؛ أخصها مواصلة الدارسة، ودخول الحرم الجامعى من أجل ذلك، وأداء الامتحانات التى قد تجرى أثناء سريان القرار. وإذ خلصت محكمة الموضوع إلى أن الفقرة الثالثة من المادة (184) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972؛ والتى تنص على عدم جواز الحكم بوقف تنفيذ قرارات مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل فى الموضوع، فإنها تنتقص من اختصاص مجلس الدولة فى مجال إلغاء القرار الإدارى ووقف تنفيذه، مما يخل بحق التقاضى الذى كلفه الدستور، كما تصادر الحق فى التعليم؛ وذلك فيما تتضمنه من حرمان الطالب من الحماية الوقتية العاجلة التى يحققها طلب وقف التنفيذ خلال الفترة التى يستغرقها تحضير الدعوى فى الموضوع والفصل فيها، بما يترتب على ذلك من حرمانه من الدراسة والتعليم خلال هذه الفترة التى قد يطول أمدها ويستحيل تدارك آثارها لأن الزمن لا يعود. فقد ارتأت المحكمة أن هذا النص يثير شبهة مخالفته لأحكام الدستور على النحو السالف البيان، ومن ثم فقد أحالت الأوراق إلى هذه المحكمة عملاً بنص المادة (29/ أ) من قانونها، وذلك للفصل فى دستوريتها.
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة (184) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 - وهى الفقرة المحالة للفصل فى دستوريتها - تنص على أنه "وفى جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ قرارات مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل فى الموضوع".
وحيث إن هيئة قضايا الدولة قد دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، على سند من القول، بأن التكييف الصحيح لسبب إحالة الدعوى المعروضة من محكمة القضاء الإدارى إلى المحكمة الدستورية العليا، هو وجود تعارض بين كل من نص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 الذى يجيز لمحاكم مجلس الدولة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، والنص المحال للفصل فى دستوريته الذى لا يجيز الحكم بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل فى الموضوع، مما مؤداه خروج الفصل فى هذا التعارض عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيًا بنظر دعوى بذاتها، سابق بالضرورة على تثبتها من توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قاعدة مخالفة نص فى قانون لقانون آخر، وإن كانت لا تشكل فى ذاتها خروجًا على أحكام الدستور المنوط بهذه المحكمة صونها وحمايتها، إلا أن ذلك لا يستطيل إلى حالة إذا ما كانت تلك المخالفة تشكل إخلالاً بأحد المبادئ الدستورية التى تختص هذه المحكمة بحمايتها والذود عنها.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت محكمة القضاء الإدارى تنعى على النص المحال مصادرته الحق فى التعليم، وانتقاصه من حق التقاضى؛ على النحو السالف البيان، بما يخالف أحكام الدستور التى تكفل حماية هذين الحقين، وكان الدستور الحالى الصادر سنة 2014 قد نص فى المادة (19) منه على أن التعليم حق لكل مواطن، كما نص فى المادة (97) منه على أن التقاضى حق مصون ومكفول للكافة، ومن ثم تستهدف الدعوى الدستورية الراهنة الفصل فى دستورية النص المحال فى ضوء شبه مخالفته الأحكام المنصوص عليها فى الدستور، بصرف النظر عن التعارض بين كل من هذا النص ونص المادة (49) من قانون مجلس الدولة المشار إليه؛ وتبعًا لذلك؛ يكون الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى قائمًا على غير أساس، مما يتعين الالتفات عنه.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة قد دفعت كذلك بعدم قبول الدعوى؛ استنادًا إلى أن حكم الإحالة لم يبين النصوص الدستورية المدعى مخالفتها ولا أوجه مخالفة النص المحال لتلك النصوص.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن ما تغياه قانونها بنص المادة (30) منه، من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية أو قرار الإحالة بيانًا بالنص التشريعى المطعون بعدم دستوريته والنصوص الدستورية المدعى مخالفتها وأوجه هذه المخالفة؛ هو ألا تكون صحيفة الدعوى أو قرار الإحالة مجهلاً بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضمانًا لتعيينها تعيينًا كافيًا، فلا تصير خفاءً فى شأن مضمونها، أو اضطرابًا حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن جميعًا من إعداد دفاعهم ابتداءً وردًا وتعقيبًا فى المواعيد التى حددتها المادة (37) من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذل تحضير الدعوى، وإعداد تقرير يكون فيه تعيين هذه المسائل ممكنًا، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئًا عن حقيقتها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان حكم الإحالة قد أوضح أن النص المحال يصادر - على النحو السالف البيان - الحق فى التعليم خلال الفترة التى يستغرقها تحضير موضوع الدعوى والفصل فيها، كما ينتقص من حق التقاضى بحجبه محاكم مجلس الدولة عن مباشرة اختصاصها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه قبل الفصل فى موضوع الدعوى، ومن ثم يكون حكم الإحالة قد ت ضمن بيانًا للنص التشريعى الذى قامت لدى محكمة الموضوع شبهة عدم دستوريته، كما تضمن ما يُنبئ عن النصوص الدستورية المدعى مخالفتها وأوجه تلك المخالفة، وتبعًا لذلك؛ تكون الدعوى الدستورية الراهنة قد اتصلت بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقًا لما تقتضى به المادتان (29/ أ) و(30) من قانون هذه المحكمة، ويكون الدفع بعدم قبولها قائمًا على غير سند، مما يتعين طرحه.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى فى شأن توافر هذه المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تحرى توافر شرط المصلحة فى الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، ومؤدى ذلك أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمة أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النصوص التشريعية المحالة على النزاع الموضوعى، فيكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازمًا للفصل فى ذلك النزاع، وأنه لا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل فى دستورية النصوص التى ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعى؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع فى الدعوى الموضوعية، مرتبطة بالدعوى الدستورية الراهنة، تدور حول حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب بإلغاء امتحانات الفصل الدراسى الأول، قبل الفصل فى موضوع الدعوى، وكان النص المحال يقضى بعدم جواز الحكم بوقف تنفيذ قرارات مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل فى الموضوع، وكان الفصل فى دستورية هذا النص لن يحقق للمدعى فى الدعوى الموضوعية أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى عما كان عليه قبلها؛ ذلك أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب المؤيد بقضاء المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 4/ 9/ 2013 فى الطعن رقم 13635 لسنة 53 ق عليا، حقق للمدعى مبتغاه من طلب وقف التنفيذ، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية النص المحال لن يكون له أى انعكاس على الدعوى الموضوعية، الأمر الذى تنتفى إزاءه المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الماثلة، مما يتعين معه القضاء بعدم قوبل هذه الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

أمين السر النائب الأول لرئيس المحكمة