الجريدة الرسمية - العدد 51 (ج) - السنة السابعة والخمسون
30 صفر سنة 1436ه، الموافق 22 ديسمبر سنة 2014م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من ديسمبر سنة 2014م، الموافق الحادى والعشرين من صفر سنة 1436هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوى ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 36 لسنة 19 قضائية "دستورية ". بناءً على حكم الإحالة الصادر بجلسة 8/ 1/ 1997 من محكمة استئناف بنى سويف (مأمورية المنيا) فى الاستئناف رقم 319 لسنة 32 ق.م.

المقامة من

1 - السيد/ جبريل فرج جبريل.
2 - السيد/ مفتاح فرج جبريل.

ضـد

أولاً: ورثة المرحوم فرج جبريل محمود وهم:
1 - السيدة/ ريم حسن سلطان زوجة المرحوم فرج جبريل.
2 - السيدة/ سالمه فرج جبريل.
3 - السيد/ مفتاح فرج جبريل.
4 - جبريل فرج جبريل.
ثانيًا: 5 - عصام شوقى محمد أمين.
6 - السيد مدير مصلحة الأملاك الأميرية بالمنيا.


الإجراءات

بتاريخ الخامس والعشرين من فبراير سنة 1997،ورد إلى هذه المحكمة ملف الدعوى رقم 319 لسنة 32 قضائية بعد أن قضت محكمة استئناف بنى سويف - مأمورية المنيا - بوقف الاستئناف، وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الثانية من المادة (65) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، والمادة (32) من القانون رقم142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى، والمادة (24 مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964بشأن رسوم التوثيق والشهر المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرين برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المستأنفين أقاما ضد مورث المستأنف ضدهم الأربعة الأوائل وكذلك الخامس والسادس، الدعوى رقم 994 لسنة 1995 مدنى كلى المنيا،بطلب الحكم بصحة التعاقد المؤرخ 13/ 2/ 1988، المتضمن بيع مورث المدعى عليهم مساحة الأراضى الزراعية المبينة بالأوراق نظير مبلغ مقداره (3150) جنيهًا، وقضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لإقامتها دون شهر صحيفتها خلافًا لما أوجبته الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991،ولعدم التأشير فى السجل العينى بالمخالفة للمادة (32) من القانون رقم 142 لسنة 1964بنظام السجل العينى، فطعن المدعيان فى هذا الحكم بالاستئناف رقم 319 لسنة 32قضائية، وبجلسة 8/ 1/ 1997، قضت المحكمة بوقف نظر الاستئناف وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الثانية من المادة (65) من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، والمادتين (32) من القانون رقم 142لسنة 1964 بنظام السجل العينى و(24 مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، لما تراءى لها من أن هذه المواد تنال من الحق فى التقاضى إذ إنها تُلزم مُقيم دعوى صحة التعاقد بإجراء تغيير فى بيانات السجل العينى والتأشير فى السجل العقارى بما يفيد إقامة الدعوى، وتقديم شهادة تفيد حصول هذا التأشير، كما أن المادة (24 مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، قد زادت من أعباء المدعى، حين ألزمته بإيداع خزينة المحكمة ربع الرسم المستحق على إشهار التصرف، وهو ما يشكل - بالإضافة إلى العبء المادى - تعقيدًا فى الإجراءات، وذلك كله بالمخالفة لحكم المادتين (68، 69) من دستور سنة 1971، ومن ثم قررت تلك المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية هذه النصوص.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (65) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، تنص على أن: "ولا تقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا أشهرت صحيفتها".
وتنص المادة (32) من القانون رقم 142لسنة 1964 بنظام السجل العينى على أن: "الدعاوى المتعلقة بحق عينى عقارى أو بصحة أو بنفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها يجب أن تتضمن الطلبات فيها إجراء التغيير فى بيانات السجل العينى ولا تقبل الدعوى إلا بعد تقديم شهادة دالة على حصول التأشير فى السجل بمضمون هذه الطلبات".
كما تنص المادة (24 مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر، المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991،على أن: "تحصل مؤقتًا - عند شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية أو عند شهر طلب عارض أو طلب تدخل أو طلب إثبات اتفاق يتضمن صحة التعاقد على حق من هذه الحقوق - أمانة قضائية تورد لخزينة المحكمة المختصة على ذمة شهر الحكم الذى يصدر فى الدعوى أو الطلب مقدارها (25%) من قيمة الرسم النسبى الذى يستحق على شهر الحكم طبقًا للقواعد الواردة بالمادة (21) من هذا القانون، وتخصم قيمة هذه الأمانة من الرسم النسبى المستحق عن ذلك الشهر.
وفى حالة القضاء نهائيًّا برفض الدعوى أو عدم قبولها أو اعتبارها كأن لم تكن أو تركها أو سقوط الخصومة فيها أو فى حالة عدم شهر الحكم لتخلف أحد الشروط اللازمة قانونًا لشهره والتى لا دخل لإرادة طالب الشهر فيها، يمحى ما تم من شهر، ويعتبر كأن لم يكن، وترد الأمانة بغير رسوم".
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التى ينبغى أن تقوم عليها الجماعة، تقتضى إخضاع القواعد القانونية جميعها - وأيًا كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور القائم لضمان اتساقها والمفاهيم التى أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد فى مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التى تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. متى كان ذلك، فإن المحكمة تتناول بحث دستورية النصوص التشريعية المحالة على ضوء أحكام الدستور القائم الصادر فى 18/ 1/ 2014.
وحيث إن المستقر عليه فى قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن المصلحة الشخصية المباشرة تُعد شرطًا لقبول الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، متى كان ذلك، وكان المدعيان يهدفان من دعواهما الموضوعية الحكم بصحة العقد المؤرخ 13/ 2/ 1988 والمبرم بينهم وبين مورث المدعى عليهم، فإن الفصل فى دستورية النصوص المحالة سوف يكون له انعكاسه على الفصل فى الطلبات الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع، وهو ما يتوافر به شرط المصلحة المباشرة فى الدعوى، والتى يتحدد نطاقها بما تضمنه نص الفقرة الثانية من المادة (65) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991،والمادة (32) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى، والمادة (24مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن نظام التوثيق والشهر، المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991.
وحيث إنه بالنسبة للطعن على نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، المضافة بالمادة الخامسة من القانون رقم 6 لسنة 1991، فإن المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها انحسمت المسألة الدستورية المتعلقة بهذا النص، وذلك بحكمها الصادر فى القضية رقم 33 لسنة 21 قضائية "دستورية" بجلسة الرابع من نوفمبر سنة 2000، والذى قضى برفض الدعوى طعنًا عليه، ونشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (46)بتاريخ 16/ 11/ 2000، وكان مقتضى حكم المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضائها فى المسائل الدستورية حجية مطلقة، لا تجوز المجادلة فيها أو إعادة طرح النزاع عليها من جديد لمراجعته، فإن الطعن على هذا النص يغدو غير مقبول.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على نص المادة (32) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى أنه إذ يُلزم مقيم دعوى صحة التعاقد بإجراء تغيير فى بيانات السجل العينى والتأشير فى السجل بما يفيد إقامة هذه الدعوى، وتقديم الشهادة الدالة على حصول هذا التأشير فى السجل بمضمون هذه الطلبات حتى تقبل الدعوى، فإن ذلك جميعه ينال من أصل الحق فى التقاضى، مما يخالف نص المادة(68) من دستور سنة 1971 المقابل لنص المادة (97) من دستور سنة 2014
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن سلطة المشرع فى تنظيمه لحق التقاضى هى سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض فى شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا ينبغى التزامها. وفى إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع بإتباع أشكال جامدة لا يريم عنها تفرغ قوالبها فى صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التى يباشر الحق فى التقاضى فى نطاقها، وبما لا يصل إلى حد إهداره، ليظل هذا التنظيم مرنًا فلا يكون إفراطًا يطلق الخصومة القضائية من عقالها انحرافًا بها عن أهدافها، ولا تفريطًا مجافيًا لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قوامًا، التزامًا بمقاصدها، باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق فى صورتها الأكثر اعتدالاً.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد تغيا من النص الطعين تنظيم التعامل فى الحقوق العينية العقارية الأصلية والتصرف فيها وانتقال ملكيتها بين الأفراد وفقًا للبيانات المثبتة بالسجل العينى، حرصًا على استقرار الملكية العقارية وعدم شيوع الفوضى بشأنها، وتحقيق الأمان لكل من يتعامل على العقار وفقًا للبيانات الثابتة بالسجل العينى، فضلاً عن أن هذا النص يهدف إلى تأمين المدعى فى دعوى صحة التعاقد بمجرد إثبات صحيفتها فى السجل والتأشير بمضمون الطلبات بها ضد أى مدعٍ آخر يدعى أى حق على خلاف ما هو ثابت بالسجل، وهو ما يؤدى إلى سلامة إجراءات الدعوى، كما يتوخى النص الطعين أن تتوافر للخصومة القضائية فى دعوى صحة التعاقد عناصر جديتها، من خلال تضمين الطلبات فيها ما يفيد إجراء التغيير فى بيانات السجل العينى، وتقديم الشهادة الدالة على حصول التأشير فى السجل بمضمون هذه الطلبات، وعدم قبولها إلا بعد تقديم هذه الشهادة، ومن ثم فإن ما قرره المشرع بهذا النص يندرج فى نطاق سلطته التقديرية، ويقوم على أسس مبررة تستند إلى واقع يرتبط بالأغراض المشروعة التى توخاها والمصالح التى توخى حمايتها دون انتقاص أو تقييد لحق التقاضى.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على نص المادة(24 مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر، المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991 فيما تضمنه من تحصيل أمانة قضائية عند شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية مقدارها (25%) من قيمة الرسم النسبى الذى يستحق على شهر الحكم، أنه يزيد فى تعقيد إجراءات رفع دعوى صحة التعاقد على خلاف الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، بما يناهض المادة (69) من دستور سنة 1971المقابلة للمادة (98) من دستور سنة 2014، والتى أوجبت تمكين غير القادرين ماليًا من مباشرة دعواهم.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن دعوى صحة التعاقد إذا كان محلها حق عينى عقارى - تهدف إلى تقرير صحة العقد وشهره - وقد قرر المشرع على من يقيمها توريد أمانة لخزينة المحكمة المختصة، تسدد عند شهر صحيفة الدعوى، أو طلب التدخل فيها، أو طلب إثبات اتفاق يتضمن صحة التعاقد، مقدارها (25%)من قيمة الرسم النسبى الذى كان يتعين على طالب الحق سداده كاملاً، إذا لجأ إلى الشهر العقارى مباشرة قبل البدء فى إجراءات الشهر، والمشرع بهذا التنظيم لا يكون قد مس الحق فى التقاضى وإنما نظم أمرًا يرتبط باستئداء رسم قبل أداء الخدمة المقابلة له، كما أن تحصيل هذا الرسم كاملاً هو الأصل فى التكليف، وفضلاً عن ذلك،فقد قرر المشرع فى النص الطعين خصم قيمة هذه الأمانة من الرسم النسبى المستحق عن الشهر، بل أوجب ردها بغير رسوم حال القضاء نهائيًّا برفض الدعوى، أو عدم قبولها،أو اعتبارها كأن لم تكن، أو تركها، أو سقوط الخصومة فيها، أو فى حالة عدم شهر الحكم لتخلف أحد الشروط اللازمة قانونًا لشهره والتى لا دخل لإرادة طالب الشهر فيها. ومن ثم يكون النص الطعين قد جاء ملتزمًا بالضوابط الدستورية التى تحكم سلطة المشرع التقديرية فى تنظيم حق التقاضى دون أن يقيده، أو يفرغه من مضمونه، أو يرهقه بأعباء مالية تنال منه أو تجاوز حد الاعتدال.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً:
بعدم قبول الدعوى بالنسبة للفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991
ثانيًا: برفض الدعوى بالنسبة للمادة (32) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى والمادة (24 مكررًا) من القانون رقم70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991

أمين السر رئيس المحكمة