الجريدة الرسمية - العدد 4 (تابع) - السنة الثامنة والخمسون
2 ربيع الآخر سنة 1436ه، الموافق 22 يناير سنة 2015م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من يناير سنة 2015م، الموافق التاسع عشر من ربيع الأول سنة 1436هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور/ عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور/ حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 22 لسنة 28 قضائية "دستورية".

المقامة من

رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات فاركو للأدوية بالإسكندرية، وتضم:
1 - الشركة الإسلامية للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية.
2 - شركة العامرية للصناعات الدوائية.
3 - الشركة الأوربية المصرية للصناعات الدوائية.
4 - شركة أربى شيرر مصر للكبسولات الجيلاتينية.
5 - شركة تكنو فارما إيجبت للأدوية.

ضـد

1 - السيد رئيس الجمهورية.
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 - السيد وزير القوى العاملة والهجرة.
4 - السيد وكيل وزارة القوى العاملة بالإسكندرية.
5 - الأمين العام لصندوق إعانات الطوارئ للعمال (خصمًا متدخلاً).


الإجراءات

بتاريخ الثامن عشر من شهر فبراير سنة2006، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 156 لسنة 2002 بإنشاء صندوق إعانات الطوارئ للعمال، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم1395 لسنة 2002، فيما نصت عليه من أن تتكون موارد الصندوق من 1% من الأجور الأساسية للعاملين بمنشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص التى يعمل بها ثلاثون عاملاً فأكثر تتحملها وتلتزم بتسديدها المنشآت المشار إليها على النحو الذى تحدده اللائحة التنفيذية.
وبجلسة الثانى من شهر نوفمبر سنة 2008، طلب الحاضر عن الأمين العام لصندوق إعانات الطوارئ للعمال التدخل خصمًا منضمًا إلى المدعى عليهم فى الدعوى، فصرحت له المحكمة باتخاذ إجراءات التدخل، فأودع فى السابع عشر من شهر ديسمبر سنة 2008 قلم كتاب المحكمة طلب التدخل طالبًا الحكم برفض الدعوى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى، كما قدم طالب التدخل مذكرة طلب فيها كذلك الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا أصليًا برأيها، وآخر تكميليًّا.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 4383 لسنة2005، مدنى كلى، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، طالبًا الحكم ببراءة ذمته من سداد مبلغ 1% من الأجور الأساسية للعاملين لصالح صندوق إعانات الطوارئ للعمال المنشأ بالقانون رقم 156 لسنة 2002، وأثناء نظر الدعوى، تقدم الأمين العام للصندوق بطلب تدخله خصمًا منضمًّا للمدعى عليهم فى الدعوى. وقد قبلت المحكمة هذا الطلب. وبجلسة 11/ 12/ 2005 دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 156 لسنة 2002 المشار إليه، ولائحته التنفيذية. وبعد أن قدرت تلك المحكمة جدية الدفع، صرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن القانون رقم 156 لسنة 2002 المشار إليه قد أنشأ بمقتضى نص المادة الأولى منه صندوقًا لإعانات الطوارئ للعمال،منحه الشخصية الاعتبارية العامة، وتبَّعه لوزير القوى العاملة والهجرة، وذلك بهدف تقديم إعانات للعاملين الذين يتوقف صرف أجورهم من المنشآت التى يتم إغلاقها كليًا أو جزئيًا أو تخفيض عدد عمالها المقيدين فى سجلاتها المؤمن عليهم لدى التأمينات الاجتماعية. ونصت المادة الثالثة منه على أن " تتكون موارد الصندوق من:
1 - (1%) من الأجور الأساسية للعاملين بمنشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص التى يعمل بها ثلاثون عاملاً فأكثر تتحملها وتلتزم بتسديدها المنشآت المشار إليها على النحو الذى تحدده اللائحة التنفيذية...
2 - ............. 3 - .................. 4 - ..............".
وقد صدرت اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1359 لسنة 2002، وقضت فى المادة (1) منها بأنه يتعين أن تكون واقعة التوقف عن صرف الأجور، التى تستحق عنها إعانة الطوارئ للعمال، غير منشئة لاستحقاق إعانة البطالة المقررة طبقًا للقانون رقم 79 لسنة 1975بشأن التأمين الاجتماعى؛ ونصت فى المادة (8) منها على أن " تسدد المنشآت الخاضعة لأحكام القانون رقم 156 لسنة 2002 نسبة قدرها (1%) من الأجور الأساسية للعاملين المؤمن عليهم لديها بموجب شيكات باسم صندوق إعانات الطوارئ للعمال خلال النصف الأول من كل شهر مرفقًا به نموذج يوضح عدد العمال المؤمن عليهم بالمنشأة ومجموع أجورهم الأساسية".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع شرطين، أولهما: أن يقيم المدعى – فى الحدود التى اختصم فيها النص المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحقبه، وثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص التشريعى المطعون عليه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع فى الدعوى الموضوعية تدور حول طلب المدعى الحكم ببراءة ذمة المنشآت التى يمثلها من سداد نسبة 1% من الأجور الأساسية للعاملين بهذه المنشآت لصالح صندوق إعانات الطوارئ للعمال، وهو الالتزام الذى تقرر بنص البند (1) من المادة الثالثة من القانون رقم 156 لسنة 2002 المشار إليه، ورددته المادة (8) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1395 لسنة 2002؛ وكان المدعى يهدف من وراء دعواه إلى إسقاط هذا الالتزام عن كاهله، وعدم خضوعه له، ومن ثم يضحى الفصل فى دستورية النصين الطعينين أمرًا ضروريًّا ولازمًا للفصل فى الطلبات المثارة فى الدعوى الموضوعية الأمر الذى يتوافر معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى طعنه على هذين النصين، وبهما وحدهما يتحدد نطاق الدعوى الماثلة.
وحيث إنه عن طلب التدخل الانضمامى فى الدعوى، فطبقًا لنص المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضمًّا لأحد الخصوم، أو طالبًا الحكم لنفسه بطلب يرتبط بالدعوى، وذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، أو بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة، ويثبت فى محضرها. وفى الدعوى الدستورية، فإن شرط قبول التدخل فيها أن يكون مقدمًا ممن كان طرفًا فى الدعوى الموضوعية التى يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الحكم فيها، فإذا كان طالب التدخل غير ممثل فى تلك الدعوى فلا يعتبر من ذوى الشأن فى الدعوى الدستورية، ولا يقبل تدخله. لما كان ذلك، وكان طالب التدخل قد سبق وأن تدخل فى دعوى الموضوع منضمًّا إلى المدعى عليهم فيها، وطالبًا الحكم برفضها، وقبلت محكمة الموضوع تدخله، وبعد إقامة الدعوى الدستورية طلب التدخل فيها خصمًا منضمًا إلى المدعى عليهم، وصرحت له هذه المحكمة باتخاذ الإجراءات، فأودع طلب تدخله قلم كتاب المحكمة طالبًا الحكم بقبوله ورفض الدعوى. ومن ثم، يكون طلب التدخل قد استوفى أوضاعه القانونية المقررة، مما يتعين معه القضاء بقبوله.
وحيث إن المدعى ينعى على النصين الطعينين أن حالة البطالة التى عالجها القانون رقم 156 لسنة 2002 المشار إليه هى حالة سبق أن عالجها المشرع بالفعل فى قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم79 لسنة 1975 الذى ألزم أرباب الأعمال بسداد نسبة 26% من أجر العامل الأساسى، ونسبة 24% من أجره المتغير، إلى جانب ما يسدده العامل عن نفسه، لمواجهة تلك المخاطر. ومن ثم، فإن ما تضمنه النصان الطعينان من التزام المنشآت المنصوص عليها فيهما بأداء نسبة 1% من الأجور الأساسية للعاملين فيها لصالح صندوق إعانات الطوارئ للعمال هو أمر ينطوى على ازدواج غير مبرر للالتزامات المالية المفروضة على تلك المنشآت، فضلاً عن إخلاله بعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة التى يكفلها الدستور الصادر فى عام 1971 فى المادة (4) منه، خاصة أن الدولة هى الملتزمة دستوريًا بكفالة تلك الإعانة وفقًا لنص المادة (17) من الدستور ذاته.
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره. إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه؛وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم،ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. لما كان ذلك، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على دستورية النصين الطعينين فى ضوء أحكام الدستور القائم الصادر فى 18/ 1/ 2014
وحيث إن الدساتير المصرية على تعاقبها قد حرصت على كفالة العدالة للجميع دون تفرقة أو تمييز، وعُنيت كذلك بإقامة المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعى باعتباره ركيزة أساسية، وواحدًا من الضمانات الجوهرية التى ينبغى أن ينعم بها المجتمع، وتقوم الدولة من خلاله، وعلى ما نصت عليه المادة (8) من الدستور القائم، بتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سبل التضامن الاجتماعى، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذى ينظمه القانون. وفى سبيل تحقيق ذلك، نصت المادة (17) من الدستور القائم على التزام الدولة بتوفير خدمات التأمين الاجتماعى، وحق المواطن فى الضمان الاجتماعى، إذا لم يكن متمتعًا بنظام التأمين الاجتماعى، بما يضمن له ولأسرته الحياة الكريمة، وتأمينه ضد مخاطر حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة، باعتبار أن مظلة التأمين الاجتماعى، التى يحدد المشرع نطاقها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هى التى تكفل بمداها واقعًا أفضل يؤمن المواطن فى غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع؛ بما مؤداه أن المزايا التأمينية هى – فى حقيقتها - ضرورة اجتماعية بقدر ما هى ضرورة اقتصادية؛ وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها فى مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم، وهى معان استلهمها الدستور القائم بربطه الرفاهية والنمو الاقتصادى بالعدالة الاجتماعية حين أكد فى المادة (27) منه أن النظام الاقتصادى يهدف إلى تحقيق الرخاء فى البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقى للاقتصاد القومى، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.
وحيث إن أحكام القانون رقم 156 لسنة2002 المشار إليه، وأعماله التحضيرية، تكشف عن أن إعانة الطوارئ التى استحدثها هذا القانون تحقيقًا لمقتضيات التضامن الاجتماعى والعدالة الاجتماعية - التى تتأذى من أن يجد العامل نفسه بلا دخل فى الحالات التى يتوقف فيها صرف أجره بسبب إغلاق المنشأة كليًا أو جزئيًا أو تخفيض أعداد العمالة فيها - هى نوع جديد من التأمين الاجتماعى، مستقل وقائم بذاته، لا يختلط ولا يتداخل مع تأمين البطالة الذى نظمه قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وأساس ذلك أن أحد شروط استحقاق تأمين البطالة طبقًا لما نص عليه البند (1) من المادة (92) من القانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه " ألا يكون المؤمن عليه قد استقال من الخدمة "، فى حين أن استحقاق إعانة الطوارئ المقررة بالقانون رقم 156 لسنة2002 المشار إليه مناطه - وعلى ما نصت عليه المادة (1) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون - تحقق واقعة توقف صرف أجر العامل شريطة ألا يكون هذا التوقف منشأ لاستحقاق إعانة البطالة المقررة طبقًا للقانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه. ومن ثم،تختلف الواقعة المنشئة لاستحقاق إعانة الطوارئ عن تلك المنشئة لاستحقاق إعانة البطالة، فضلاً عن اختلاف مقدار التعويض المستحق للعامل فى كلا النظامين، ومدة صرفه، وحالات وقفه. وبذلك يكون المشرع قد استخدم سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق لينشأ صندوق إعانات الطوارئ للعمال، منظمًا بذلك وضعًا تكافليًّا موازيًا لتأمين البطالة المقرر بقانون التأمين الاجتماعى، قاصدًا من وراء هذه الخطوة إلى دعم العاملين والاستزادة من المزايا التأمينية المقررة لهم، بحيث يعمل النظامان معًا بلا تداخل بينهما، ودون أن يغنى الاشتراك فى واحد منهما عن الانضمام إلى الآخر، ذلك أن الاشتراك فى كليهما إلزامى على الجهات المخاطبة بأحكامهما، ولصالح العاملين بها. ومن ثم، فإن قالة الازدواج غير المبرر فى الالتزامات المالية التى تتحمل بها المنشأة فى هذا المجال تكون بلا أساس يساندها، حرى بالالتفات عنها.
وحيث إنه - فضلاً عما تقدم – فإن الدستور - وإن قرن العدل بكثير من نصوصه، ومنها تلك المتعلقة بالتضامن الاجتماعى والتأمين الاجتماعى، ليكون قيدًا على السلطة التشريعية فى المسائل التى تتناولها هذه النصوص - قد خلا من كل تحديد لمعناه. ومع ذلك، فإن مفهوم العدل - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - ينبغى أن يتمثل دائمًا فيما يكون حقًّا وواجبًا، سواء فى علائق الأفراد فيما بينهم، أو فى نطاق صلاتهم بمجتمعهم، بحيث يتم دومًا تحديده من منظور اجتماعى باعتبار أن العدل يتغيا التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة فى مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة. ومن ثم، فإن مفهومه لا يكون مطلقًا، ولا يعنى شيئًا ثابتًا باطراد، بل تتباين معانيه، تبعًا لمعايير الضمير الاجتماعى ومستوياتها. ويتعين بالتالى أن توازن علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض بأوضاع مجتمعهم والمصالح التى يتوخاها من أجل التوصل إلى وسائل عملية تكفل إسهام أكبر عدد من بينهم لضمان أكثر المصالح والقيم الاجتماعية تعبيرًا عن النبض الاجتماعى لإرادتهم، ليكون القانون طريقًا لتوجههم الجمعى.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكان تحقيق العدل فى مجال النشاط الاقتصادى يتطلب مشاركة فاعلة من جانب أصحاب الأعمال لصالح العاملين لديهم لتأمين حاضرهم ومستقبلهم. ومن ثم، فإن تحميل منشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص بأقساط تأمينية بنسبة ال (1%) من الأجور الأساسية للعاملين بها، وإلزامهم بتسديدها عنهم على نحو ما نص عليه البند (1) من المادة الثالثة من القانون رقم 156 لسنة 2002، لا يعدو أن يكون وسيلة لتحقيق العدل والتضامن الاجتماعى من خلال إسهام هذه المنشآت - فى حدود معقولة ومناسبة لا ترهق رأس المال ولا تعوق فرص نموه - فى أعباء ذلك النظام التأمينى الجديد لصالح العاملين بها، ضمانًا للحقوق التأمينية التى يستأديها العمال من خلال توفير مصادر تمويلها، وحتى تمتد مظلة التأمين الاجتماعى إلى هؤلاء العمال الذين قدموا للمنشآت التى يعملون بها جهدهم وخبرتهم على امتداد السنين، فكان عدلاً أن تسهم هذه المنشآت فى سداد تكاليف التأمين عنهم باعتبار ذلك أكفل لأمنهم، وأدعى لاستقرارهم. وإذراعى المشرع ذلك آخذًا فى الاعتبار المقدرة التكليفية لتلك المنشآت من خلال قصر الالتزام بسداد الاشتراكات عن العاملين على المنشآت التى يزيد عدد العاملين فيها على ثلاثين عاملاً، مع إعفاء من قل عدد العاملين بها عن ذلك من السداد، دون إخلال بحق هؤلاء العمال - فى جميع الحالات - من التمتع بأحكام ومزايا النظام، فإنه يكون قد التزم بضوابط العدالة الاجتماعية ومقتضيات التضامن الاجتماعى، مهتديًا بأحكام الدستور نصًا وروحًا، وبما ليس فيه انتهاك لها أو خروج عليها.
وحيث إن النصين الطعينين لا يخالفان أحكام الدستور من أى وجه آخر، فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة