الجريدة الرسمية - العدد 4 (تابع) - السنة الثامنة والخمسون
2 ربيع الآخر سنة 1436ه، الموافق 22 يناير سنة 2015م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من يناير سنة 2015م، الموافق التاسع عشر من ربيع الأول سنة 1436هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ السيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 48 لسنة 31 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة مصر الجديدة الجزئية بجلسة 25/ 11/ 2008 ملف الدعوى رقم 366 لسنة 2008 مدنى جزئى مصر الجديدة.

المقامة من

السيد/ أحمد رضا عبد الرحمن محمد

ضـد

السيد/ فيليب توفيق زكى


الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من شهر فبراير سنة 2009، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 366 لسنة 2008 مدنى جزئى، بعد أن قضت محكمة مصر الجديدة الجزئية بجلستها المعقودة فى 25/ 11/ 2008، بوقف الدعوى تعليقًا وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية الفقرة الثانية من المادة (110) من قانون المرافعات فيما تضمنته من "التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 25/ 11/ 2005، استأجر السيد/ أحمد رضا عبد الرحمن من السيد/ فيليب توفيق زكى محلاً تجاريًّا بأجرة شهرية مقدارها ثلاثة آلاف جنيه مصرى، وإذ تأخر المستأجر فى سداد الأجرة لمدة أربعة أشهر، فأوقع المؤجر حجزًا تحفظيًّا على المنقولات الكائنة بالمحل المؤجر، فأقام المستأجر الدعوى رقم 12466 لسنة 2007 مدنى أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالبًا إلغاء أمر ذلك الحجز، وبجلسة 29/ 1/ 2008، قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها قيميًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة مصر الجديدة الجزئية للاختصاص، وأصبح هذا الحكم نهائيًّا بعدم الطعن عليه، وأحيلت الأوراق إلى محكمة مصر الجديدة الجزئية وقيدت أمامها برقم 366 لسنة 2008 مدنى، وبجلسة 25/ 11/ 2008 حكمت تلك المحكمة بوقف الدعوى تعليقًا وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الثانية من المادة (110) من قانون المرافعات فيما تضمنته من "التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها"لما تراءى لها من مخالفة ذلك النص لأحكام المواد (64، 65، 68، 86، 165، 166) من دستور 1971
وحيث إن المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13لسنة 1968 تنص على أنه: "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ولو كان عدم الاختصاص متعلقًا بالولاية، ويجوز لها عندئذ أن تحكم بغرامة لا تجاوز أربعمائة جنيه.
وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها".
وحيث إن النزاع الموضوعى قد سبق إقامته ابتداء أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بالدعوى رقم 12466 لسنة 2007 مدنى شمال القاهرة، فقضت المحكمة فيه بجلسة29/ 1/ 2008، بعدم اختصاصها قيميًا بنظره وأحالت الدعوى بحالتها إلى محكمة مصر الجديدة الجزئية تطبيقًا لنص المادة (110/ 2) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وبجلسة 25/ 11/ 2008، حكمت المحكمة الأخيرة بوقف الدعوى تعليقًا وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (110) من قانون المرافعات فيما تضمنه من التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد بالفصل فى دستورية النص المحال فى مجال تطبيقه على المحاكم التى تتبع جهة قضائية واحدة، دون الحكم بعدم الاختصاص المتعلق بالولاية.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع، والمحكمة الدستورية العليا وحدها هى التى تتحرى توافر شرط المصلحة فى الدعوى المقامة أمامها للتثبت من توافر هذا الشرط، وليس لجهة أخرى أن تنازعها ذلك أو تحل محلها فيه، ومن ثم؛ فإنه لا تلازم بين اتصال الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع، وتوافر شرط المصلحة فى الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغنى عن الثانية، فإذا انتهت هذه المحكمة إلى أن النص المحال الذى تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته، ليس له من أثر مباشر على الطلبات المبداة فى النزاع الموضوعى، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدعوى الدستورية ليست أداة يعبر المتداعون من خلالها عن آرائهم، أو نافذة يعرضون من خلالها ألوانًا من الصراع بعيدًا عن مصالحهم الشخصية المباشرة، بل يجب أن تكون رقابة المحكمة الدستورية العليا على النصوص التشريعية ملاذًا أخيرًا ونهائيًّا، وأن تدور تلك الرقابة مع الأضرار التى تستقل بعناصرها، ويكون ممكنًا إدراكها، لتكون لها ذاتيتها، ومن ثم يخرج من نطاقها ما يكون من الضرر متوهمًا أو منتحلاً أو مجردًا أو يقوم على الافتراض.
وحيث إن من المقرر أن حكم الإحالة وإن كان ملزمًا للمحكمة المحال إليها، إلا أن هذا الالزام يكون فى حدود الأسباب التى بُنِىَ عليها الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة، فإذا رأت المحكمة المحال إليها أنها غير مختصة لسبب آخر قضت بعدم اختصاصها وبإحالة الدعوى مرة أخرى إلى المحكمة المختصة.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها قيميًا بنظر الدعوى الموضوعية، وإحالتها إلى محكمة مصر الجديدة الجزئية،قد تضمن فى أسبابه أن حقيقة التكييف القانونى للدعوى أنها دعوى بطلان حجز، وأن الدين المطالب به يقل عن أربعين ألف جنيه، وكان اختصاص المحكمة الجزئية محدد على سبيل الحصر بنص المادة (43) من قانون المرافعات، وكانت المادة (275) من القانون ذاته تنص على أن "يختص قاضى التنفيذ دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أيًّا كان قيمتها، ويفصل قاضى التنفيذ فى منازعات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضيًا للأمور المستعجلة"، ومن ثم فلم يكن أمام محكمة مصر الجديدة الجزئية باعتبارها المحكمة المحال إليها الدعوى الموضوعية، من حائل من القانون دون الحكم بعدم الاختصاص وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة استنادًا إلى عدم اختصاصها نوعيًا بنظرها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت محكمة مصر الجديدة الجزئية قد أحالت الدعوى الماثلة لهذه المحكمة للفصل فى دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (110) من قانون المرافعات، دون أن تكون رقابة المحكمة الدستورية العليا ملاذًا أخيرًا ونهائيًا لها حتى تتمكن من الفصل فى الدعوى المعروضة عليها، وكان الضرر الذى تدعيه المحكمة المحيلة متوهمًا وليس له أساس من القانون، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية النص المحال، ليس له من أثر مباشر على الفصل فى الدعوى الموضوعية المعروضة عليها الأمر الذى تغدو معه الدعوى الماثلة غير مقبولة، وهو ما يتعين القضاء به.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

أمين السر رئيس المحكمة