الجريدة الرسمية - العدد 12 مكرر (ب) - السنة الثامنة والخمسون
5 جمادى الآخرة سنة 1436هـ، الموافق 25 مارس سنة 2015م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من مارس سنة 2015م, والموافق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة 1436هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور/ حنفى على جبالى ومحمد عبد العزيز الشناوى ومحمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور/ حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 144 لسنة 24 قضائية "دستورية" المحالة من محكمة القضاء العالى بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بحكمها الصادر بجلسة 17/ 1/ 2002 فى الدعوى رقم 716 لسنة 55 قضائية

المقامة من:

السيد/ أشرف نزيه عرافة إبراهيم.

ضـد:

1 - السيد رئيس جامعة الإسكندرية.
2 - السيد عميد كلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية


الإجراءات

بتاريخ التاسع والعشرين من أبريل سنة 2002, ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 716 لسنة 55 قضائية, بعد أن قضت الدائرة الأولى بحكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 17/ 1/ 2002؛ أولاً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ثانيًا: بوقف الدعوى وبإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة (32) من اللائحة الداخلية للدراسات العليا بكلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة, وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - فى أن المدعى كان قد أقام ضد المدعى عليهما الدعوى رقم 716 لسنة 55 قضائية أمام الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، وطلب فى ختامها الحكم؛ أولاً: وبصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة امتحان الفرقة الثانية (دبلوم الإرشاد السياحى والفنادق) بجامعة الإسكندرية عن العام الدراسى 1999/ 2000، فيما تضمنه من اعتباره راسبًا فى هذه الفرقة، وما يترتب على ذلك من آثار؛ أخصها اعتباره ناجحًا مع عقد امتحان دور ثان للمادة التى رسب فيها، ثانيًا: وقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة (32) من اللائحة الداخلية لكلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية، فيما تضمنه من عدم عقد امتحان دور ثان لطلبة مرحلة الدبلوم، ثالثًا: بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار. وقد قرر المدعى بصحيفة دعواه أمام محكمة الموضوع أنه كان مقيدًا بالفرقة الثانية بدبلوم الإرشاد السياحى والفنادق بالكلية المذكورة فى العام الدراسى (1999/ 2000) ورسب للمرة الثانية فى امتحان مادة "الحضارة"، فأعلنت الكلية - إعمالاً للنص المُحال - رسوبه فى ذلك العام الدراسى رسوبًا كاملاً وإلغاء قيده نهائيًا بالدبلوم، كما امتنعت الكلية عن عقد امتحان دور ثان له.
وبجلسة 17/ 1/ 2002 قضت محكمة الموضوع؛ أولاً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها تمكين المدعى من أداء امتحان الدور الثانى لدبلوم الإرشاد السياحي، بالفرقة الثانية (دراسات عليا) فى مادة "الحضارة" فى العام الجامعى (2001/ 2002), ثانيًا: بوقف الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة (32) من اللائحة الداخلية للدراسات العليا بكلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية، لما تراءى لها من شبهة مخالفة النص المُحال لحكم المادة (40) من دستور 1971، تأسيسًا على أن لائحة كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان قد منحت الطالب، فى حالة رسوبه فى مادة أو مادتين، الحق فى إعادة الامتحان فى الدور الثاني، كما منحت الطالب، فى حالة رسوبه فى الدور الثاني، الحق فى إعادة الامتحان فى هذه المادة أو هاتين المادتين فى السنة التالية، كذلك منحت الطالب، فى حالة رسوبه فى أكثر من مادة، الحق فى إعادة الامتحان فى السنة التالية فى المواد التى رسب فيها، وبذلك يكون النص المُحال، دون أن تظاهره مصلحة قام الدليل على اعتبارها، قد أنشأ تمييزًا غير مبرر بين طلاب الكليتين فى مرحلة الدبلوم.
وحيث إن المادة (19) من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات عهدت إلى المجلس الأعلى للجامعات بوضع اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات واللوائح الداخلية للكليات والمعاهد التابعة للجامعة، لتحدد هذه اللوائح - على ما تطلبته المادة(167) من هذا القانون - الهيكل الداخلى لتكوينها والأحكام التفصيلية لنظم القيد والدراسة والامتحان فيما يخصها، وذلك فى حدود الإطار العام المقرر فى القانون وفى لائحته التنفيذية.
كما ناطت المادة (197) من قانون تنظيم الجامعات بوزير التعليم العالى إصدار قرار بلائحة داخلية لكل كلية أو معهد تابع للجامعة وذلك بعد أخذ رأى مجلس الكلية أو المعهد ومجلس الجامعة وموافقة المجلس الأعلى للجامعات، على أن تنظم هذه اللائحة علاوة على المسائل المحددة فى قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية الشروط التفصيلية للحصول على الدرجات والشهادات العلمية والدبلومات، والقواعد الخاصة بالامتحانات فيها.

وتنفيذًا لذلك أصدر وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى قراره رقم 256 لسنة 1993 باللائحة الداخلية لكلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية التى تنص فى المادة (32) منها على أن "يُمنح الراسبون فى أى من مقررات الماجستير أو الدبلوم فرصة واحدة لإعادة الامتحان فى جميع المقررات"
وحيث إن هذه المادة قد جرى تعديلها بمقتضى المادة الأولى من قرار وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى رقم 49 لسنة 2006 بشأن إجراء بعض التعديلات باللائحة الداخلية لكلية السياحة الفنادق, جامعة الإسكندرية (مرحلة الدارسات العليا)، وأصبحت تنص بعد التعديل على أن: " يُعقد امتحان دور ثان خلال شهر سبتمبر للطلاب الراسبين فيما لا يزيد على مقررين دراسيين من مقررات الماجستير أو الدبلوم, فإذا تكرر رسوبهم، تعين عليهم إعادة إجراءات التسجيل أو القيد فى العام الجامعى التالى وأداء الامتحانات فى جميع المقررات، كفرصة أخيرة، لا يجوز لهم بعدها تكرار القيد فى نفس الدرجة".
وحيث إن قرار وزير التعليم العالى والبحث العلمى رقم 920 لسنة 1997 قد نص على أن: "يُستبدل بنص المادة(25) من اللائحة الداخلية لكلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان والصادرة بالقرار الوزارى رقم 18 بتاريخ 9/ 1/ 1983 النص التالى:
مادة (25): "يحدد مجلس الدراسات العليا والبحوث بالجامعة بعد أخذ رأى مجلس الكلية مواعيد الامتحان ويمنح الراسبون فى أى من مقررات الماجستير فرصة واحدة لإعادة الامتحان فى جميع المقررات.
أما بالنسبة لمرحلة الدبلوم: يُعقد امتحان دور ثان لامتحان الدبلوم فى شهر سبتمبر من كل عام فى مواد الرسوب فقط، على أن يُعقد امتحان الدور الثانى للراسب فى مادة أو مادتين فقط.
وفى حالة رسوم الطالب فى الدور الثاني، يكون امتحانه فى السنة التالية فى مواد الرسوب فقط كفرصة أخيرة.
وفى حالة الرسوب فى أكثر من مادتين، يتم امتحانه فى السنة التالية فى مواد الرسوب فقط كفرصة أخيرة"
وحيث إن المادة الأولى من قرار وزير التعليم العالى والبحث العلمى رقم 918 لسنة 1997 تنص على أن: "تُطبق اللائحة الداخلية لكلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان والصادرة بالقرار الوزارى رقم 18 بتاريخ 9/ 1/ 1983، على كلية السياحة والفنادق بجامعة المنيا".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثرًا فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع فى الدعوى الموضوعية تدور حلة صحة قرار إعلان نتيجة امتحان الفرقة الثانية (دبلوم الإرشاد السياحى والفنادق) بجامعة الإسكندرية عن العام الدراسى (1999/ 2000) فيما تضمنه من اعتبار المدعى راسبًا، ومن ثم فإن مصلحته الشخصية المباشرة تكون متحققة فى الطعن على النص المُحال المشار إليه, قبل تعديله بقرار وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى رقم 49 لسنة 2006، فيما تضمنه من منح الراسبين فى أى من مقررات الدبلوم فرصة واحدة لإعادة الامتحان فى جميع المقررات، وفيه ينحصر نطاق الدعوى الماثلة.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المحال مخالفته المادة (40) من دستور سنة 1971، تأسيسًا على منحه الطالب فى مرحلة الدبلوم بكلية السياحة الفنادق بجامعة الإسكندرية فرصة واحدة لإعادة الامتحان فى جميع المقررات؛ فى حين أن قرينه الطالب بطامعة حلوان يُمنح فى حالة رسوبه فى مادة أو مادتين، الحق فى إعادة الامتحان فى الدور الثانى أو فى السنة التالية، كما يُمنح فى حالة رسوبه فى الدور الثانى، الحق فى إعادة الامتحان فى السنة التالية كذلك، وبذلك يكون النص المطعون فى قد مايز، دون مبرر موضوعى بين طلاب الكليتين فى مرحلة الدراسات العليا بالرغم من تماثل مراكزهم القانونية، بما يُعد إخلالاً بمبدأ المساواة.
وحيث إن حماية هذه المحكمة للدستور - وفقًا لما جرى به قضاؤها - إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعي، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر النص المحال فى ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا النص قد عُمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استُبدل نص آخر به خلال مدة سريانه ذلك الدستور. متى كان ذلك، وكان النص المحال قد تم استبدال نص آخر به قبل نفاذ الدستور الحالى الصادر فى 18/ 1/ 2014، ومن ثم يتعين الاحتكام، فى شأن المسألة الدستورية المتعلقة بالنص المحال، إلى نصوص دستور سنة 1971 الذى عُمل فى ظله بالنص المطعون فيه، إلى تم استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور.
وحيث إن المادة (18) من دستور سنة 1971 تنص على أن: "التعليم حق تكفله الدولة، وهو إلزامى فى المرحلة الابتدائية، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى، وتشرف على التعليم كله، وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج".
وحيث إن كفالة الدستور لحق التعليم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما جاء انطلاقًا من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة، وأكثرها خطرًا، بحسبانه أداتها الرئيسية فى تنمية القيم الخلقية والتربوية والثقافية لدى النشء والشبيبة، إعدادًا لحياة أفضل يتوافق فيها الإنسان مع بيئته ومقتضيات انتمائه إلى وطنه، ويتمكن فى كنفها من اقتحام الطريق إلى آفاق المعرفة وألوانها المختلفة.
وحيث إن التعليم العالي - بجميع كلياته ومعاهده - يشكل الركيزة الرئيسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل فى مختلف مجالاته، فإن ارتباطه - فى أهدافه وأسس تنظيمه - بحاجات هذا المجتمع ومتطلبات تنمية إنتاجه يكون لازمًا، وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وهو ما حرص المشرع الدستورى على النص عليه صراحةً، ورددته من بعد لمادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات السالف الذكر عند تحديدها لرسالة الجامعات بأن يكون التعليم فيها موجهًا لخدمة المجتمع والارتقاء به حضاريًا، والإسهام فى النهوض بالفكر وتقدم العلوم، وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة، المطلع على أحدث طرائق البحث، والقيم الرفيعة لضمان ازدهار الوطن وتنمية ثروته البشرية، والعمل على بعث الحضارة العربية واستعادة التراث التاريخى للشعب المصرى وتقاليده الأصلية، وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم الجامعى وحاجات المجتمع والإنتاج، وفقًا للقواعد التى يتولى المشرع وضعها تنظيمًا للحق فى التعليم للحق فى التعليم، بما لا يؤدى إلى مصادرته أو الانتقاص منه، وعلى ألا تخل القيود التى يفرضها فى مجال هذا التنظيم بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما فى المادتين (8) و(40) من دستور سنة 1971
وحيث إن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن مبدأ المساواة أمام القانون يتعين تطبيقه على المواطنين كافةً؛ باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التى يستهدفها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ - فى جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التى كفلها المشرع للمواطنين فى حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتأيه محققًا للصالح العام. إذ كان ذلك، وكان من المقرر أيضًا أن صور التمييز المجافية للدستور، وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كلفها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه دستوريًا هو ما يكون تحكميًا، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يُعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يُعتبر هذا التنظيم ملبيًا لها، وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع لبلوغها متخذًا من القواعد القانونية التى يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها. إذ إن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه؛ هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيمًا تشريعيًا ترتبط فيه النصوص القانونية التى يضمها بالأغراض المشروعة التى يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيًا، كان التمييز انفلاتًا وعسفًا، فلا يكون مشروعًا دستوريًا.
وحيث إن التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، وفقًا لنص المادة (8) من الدستور ذاته، مؤداه أن الفرص التى تلتزم الدولة بأن تتيحها للراغبين فى الالتحاق بالدراسات العليا بالتعليم الجامعى مقيدة بتحديد مستحقيها وتربيتهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد فى أساسها إلى طبيعة هذا التعليم وأهدافه ومتطلبات الدارسة فيه، والتى يتحقق بها ومن خلالها التكافؤ فى الفرص والمساواة أمام القانون، بما يتولد عن تلك الشروط فى ذاتها من مراكز قانونية متماثلة تتحدد على ضوئها ضوابط الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين فى الانتفاع بهذه الفرص، بحيث إذا استقر لأى منهم الحق فى الدراسات العليا وفق هذه الشروط، فلا يجوز من بعد أن يميز بينه وبين من يماثله فى مركزه القانون، وإلا كان ذلك مساسًا بحق قرره الدستور.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان طلاب الدبلوم بالدراسات العليا فى كليات السياحة والفنادق، وإن تباينت هذه الكليات التى تضمهم، يتكافأون من حيث نوع التعليم الذى يتلقونه ومن حيث إنفاق المجتمع عليهم وحاجته إلى جهودهم بعد تزودهم بالقدر اللازم من الدراسات المتخصصة فى مجاله؛ فإنه يجب ردهم إلى قاعدة موحدة تكفل عدم التمييز بينهم من حيث نظم الامتحان التى تفضى إلى ارتقائهم فى الدارسات العليا، بلوغًا فى خاتمتها إلى المؤهل الذى يدفع بهم إلى معترك الحياة، خدمة لوطنهم، وتوظيفًا لما حصلوه من العلوم فى مجال السياحة والفنادق، وإسهامًا فاعلاً فى حركة الإنتاج، وما ذلك إلا توكيدًا لحقيقة أن التعليم بقدر ما هو حق للفرد على مجتمعه، فإنه - وبذات القدر - أداة هذا المجتمع إلى التقدم والنماء. إذ كان ذلك، وكان النص المُحال لم يلتزم هذه القاعدة، وإنما تضمن تقييد حق الطلاب فى إعادة الامتحان فى دبلوم الدراسات العليا بكلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية؛ بأن منح الراسبين فى أى من مقررات الدبلوم بها فرصة واحدة لإعادة الامتحان فى جميع المقررات، دون النص على ذلك التقييد فى نظيرتيها بجامعتى حلوان والمنيا، ودون أى مبرر موضوعى لهذا التمييز، متحيفًا بذلك الحق فى التعليم، ومتنكبًا - تبعًا لذلك - الهدف الذى تغياه الدستور من تقريره، ومنتهكًا كلاً من مبدأى المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص فى الحق فى التعليم، ومن ثم يكون هذا النص المُحال مخالفًا لأحكام المواد (8) و(18) و(40) من دستور سنة 1971؛ بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (32) من اللائحة الداخلية لكلية السياحة والفنادق، جامعة الإسكندرية، الصادر بقرار وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى رقم 256 لسنة 1993؛ قبل تعديله بقرار وزير التعليم العالى والدولة والبحث العلمى رقم 49 لسنة 2006، فيما تضمنه من منح الراسبين فى أى من مقررات الدبلوم فرصة واحدة لإعادة الامتحان فى جميع المقررات.

أمين السر رئيس المحكمة