الجريدة الرسمية - العدد 27 (مكرر) - السنة الخمسون
24 جمادى الآخرة سنة 1428هـ، الموافق 9 يوليه سنة 2007م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 1 يوليو سنة 2007م، الموافق 16 من جمادى الآخرة سنة 1428هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد عبد القادر عبد الله والدكتور/ حنفي علي جبالي وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف، وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 33 لسنة 28 قضائية "دستورية".
المقامة من:
1 - السيدة/ فتحية أحمد محمد موسى.
2 - السيدة/ سهام أحمد الدسوقي الحسيني.
3 - السيدة/ السيدة عبد المنعم قاسم محمد.

ضد

1 - السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء.


الإجراءات

بتاريخ التاسع من مارس سنة 2006 أقامت المدعيات الدعوى الماثلة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة، بطلب الحكم بعدم دستورية البند (1) من المادة الثانية من القوانين أرقام: 150 لسنة 1988، 85 لسنة 2000، 19 لسنة 2001، 150 لسنة 2002، 91 لسنة 2003، 88 لسنة 2004، بزيادة المعاشات، فيما تضمنته من قصر إضافة الزيادة في معاش الأجر المتغير على حالات استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها في المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، دون حالة استحقاق المعاش بسبب انتهاء خدمة المؤمن عليه بالاستقالة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعيات، كن قد أقمن الدعوى رقم 2501 لسنة 2005 مدني أمام محكمة بور سعيد الابتدائية بطلبات ختامية هي الحكم بأحقيتهن في ضم العلاوات الخاصة بنسبة 80% من العلاوات التي لم تضم إلى أجورهن الأساسية، لمعاش الأجور المتغيرة عن فترة عملهن بالشركات اللاتي عملن بها إلى تاريخ إحالتهن للمعاش المبكر للاستقالة. وأثناء نظر الدعوى دفعت المدعيات بعدم دستورية نص البند (1) من المادة الثانية من القوانين أرقام 150 لسنة 1988، 85 لسنة 2000، 19 لسنة 2001، 150 لسنة 2002، 91 لسنة 2003، 88 لسنة 2004 بزيادة المعاشات.
وحيث إن المشرع رغبة منه في تحقيق الرعاية لأصحاب المعاشات وإعانتهن في مواجهة الزيادة في تكاليف وأعباء المعيشة، جرى على تقرير زيادة سنوية تضاف إلى معاش الأجر المتغير ضمنها المادة الثانية من القوانين أرقام 150 لسنة 1988، 124 لسنة 1989، 14 لسنة 1990، 14 لسنة 1991، 30 لسنة 1992، 175 لسنة 1993، 204 لسنة 1994، 24 لسنة 1995، 86 لسنة 1996، 83 لسنة 1997، 91 لسنة 1998، 20 لسنة 1999، 85 لسنة 2000، 19 لسنة 2001، 150 لسنة 2002، 91 لسنة 2003، 88 لسنة 2004. واشترط لاستحقاق تلك الزيادة طبقاً لنص البند (1) من المادة الثانية من هذه القوانين أن يكون استحقاق المعاش بسبب بلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها في المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، واشترط البند رقم (2) من هذه المادة أن يكون المؤمن عليه في تاريخ انتهاء الخدمة مستحقاً لتلك العلاوات ومشتركاً عنها، كما حددت المادة المشار إليها ما يتبع في شأن حساب هذه الزيادة.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بعدم دستورية نص البند (1) من المادة الثانية من القوانين أرقام 124 لسنة 1989، 14 لسنة 1990، 14 لسنة 1991، 30 لسنة 1992، 175 لسنة 1993، 204 لسنة 1994، 24 لسنة 1995، 86 لسنة 1996، 83 لسنة 1997، 91 لسنة 1998، وذلك في القضية رقم 33 لسنة 25 قضائية "دستورية" بجلسة 12/ 6/ 2005. كما قضت بعدم دستورية البند (1) من المادة الثانية من القانون رقم 20 لسنة 1999 في الدعوى رقم 26 لسنة 25 قضائية "دستورية" بجلسة 11/ 12/ 2005، وهو ما أدى بالمدعيات إلى قصر الدعوى الماثلة على طلب الحكم بعدم دستورية البند (1) من المادة الثانية من القوانين أرقام 150 لسنة 1988، 85 لسنة 2000، 19 لسنة 2001، 150 لسنة 2002، 91 لسنة 2003، 88 لسنة 2004، لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنات قد انتهت خدمتهن في 1/ 6/ 1994، 1/ 3/ 2004، 1/ 3/ 2005 على التوالي، وقد انصبت طلباتهن أمام محكمة الموضوع على زيادة معاش الأجر المتغير المستحق لهن بواقع 80% من قيمة العلاوات الخاصة التي لم تضم إلى أجورهن الأساسية والسابقة على إحالتهن إلى المعاش، والتي حال دون استحقاقهن لها عدم إدراج حالة الإحالة إلى المعاش بسبب انتهاء الخدمة بالاستقالة ضمن حالات استحقاق تلك الزيادة التي حددها نص البند الأول من المادة الثانية من القوانين آنفة الذكر. ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الماثلة تكون متحققة في الطعن على نص هذا البند من المادة الثانية من القوانين المشار إليها، وذلك فيما تضمنته من قصر إضافة هذه الزيادة إلى معاش الأجر المتغير على حالات استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة، دون حالة استحقاق المعاش بسبب انتهاء الخدمة بالاستقالة، وهو ما يتوافق وطلباتهن في الدعوى الماثلة، وبه وحده يتحدد نطاقها، ولا يمتد إلى غير ذلك من أحكام أخرى وردت بالمادة الثانية من هذه القوانين.
وحيث إن المدعيات ينعين على النصوص المطعون فيها - محددة نطاقاً على النحو المتقدم - مخالفتها نصوص المواد (7، 17، 34، 40، 122) من الدستور، على سند من أن هذه النصوص بحرمانها ممن أحيلوا إلى المعاش بسبب انتهاء الخدمة بالاستقالة من الزيادة في معاش الأجر المتغير، رغم سدادهم الاشتراكات المقررة قانوناً عن العلاوات الخاصة السالفة الذكر، تكون قد تضمنت تمييزاً غير مبرر بينهم، وبين من أحيل إلى المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة، بالرغم من أنهم جميعاً في مركز قانوني واحد، مما يشكل اعتداء على حقوقهم التأمينية وحقهم في الملكية التي كفلها الدستور.
وحيث إن البين من قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعويين رقمي 33 لسنة 25 قضائية "دستورية"، 26 لسنة 25 قضائية "دستورية" المشار إليهما آنفاً أن الدستور قد حرص في المادة (17) منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم في الحدود التي يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، معتبراً أن مظلة التأمين الاجتماعي هي التي تكفل بمداها واقعاً أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقاً لنص المادة (7) من الدستور. كما عهد الدستور بنص المادة (122) إلى المشرع بصوغ القواعد التي تتقرر بموجبها على خزانة الدولة المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت والجهات التي تتولى تطبيقها لتهيئة الظروف الأفضل التي تفي باحتياجات من تقررت لمصلحتهم، وتكفل مقوماتها الأساسية التي يتحررون بها من العوز وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعيشتها، وهو ما صدرت بإنفاذه قوانين التأمين الاجتماعي المتعاقبة مقررة الحق في المعاش مبينة حالات استحقاقه وقواعد منحه وشروط اقتضائه، ولازم ذلك - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحق في المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون فإنه ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها مترتباً في ذمتها بقوة القانون، ولا يجوز بعد ربطه بصورة نهائية التعديل في العناصر التي قام عليها أو الانتقاص منه، ذلك أن المساس به بعد اكتماله ليس إلا هدماً لوجوده، وإحداثاً لمركز قانوني جديد يستقل عن المركز السابق الذي نشأ مستوفياً لشرائطه بما يخل بالحقوق التي رتبها بإنكار موجباتها، ويتمخض بالتالي عدواناً على حقوقهم الشخصية التي سعى الدستور إلى صونها، وذلك بالمخالفة لنص المادتين (17، 122) من الدستور.
وحيث إن النصوص المطعون فيها بتقريرها الزيادة في معاش الأجر المتغير تكون قد استهدفت - كما أوضحت الأعمال التحضيرية لها - رعاية أصحاب المعاشات وزيادة معاشاتهم بما يتناسب مع الزيادة في الأسعار، وارتفاع تكاليف المعيشة، ومواكبة الزيادة في الأجور، غير أنها بقصرها الاستفادة من تلك الزيادة على حالات استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة، دون حالة استحقاق المعاش بسبب انتهاء الخدمة بالاستقالة - رغم كونهم جميعاً مؤمن عليهم قاموا بسداد الاشتراكات المقررة قانوناً، ويواجهون الأعباء ذاتها والتكاليف والالتزامات التي من أجلها سن المشرع النصوص الطعينة وضمنها الزيادة المتقدمة في معاش الأجر المتغير - فإن تلك النصوص تكون - وعلى ما سبق أن قضت به هذه المحكمة - قد انطوت على تمييز بين هاتين الفئتين يصادم الأغراض التي توخاها المشرع من تقرير هذه الزيادة ويجافيها، بما يحول دون ربطها منطقياً بها، أو اعتبارها مدخلاً إليها، الأمر الذي تضحى معه هذه النصوص غير مستندة إلى أسس موضوعية تبررها، ومتبنية تمييزاً تحكمياً بالمخالفة لنص المادة (40) من الدستور. ومن جهة أخرى فإن الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة التي تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواءً كان هذا الحق شخصياً أم عينياً، أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية؛ وكان الحق في الزيادة في المعاش - شأنه في ذلك شأن المعاش الأصلي - إذا توافر أصل استحقاقه ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها، وعنصراً إيجابياً في ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه، تتحدد قيمته وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي، بما لا يتعارض مع أحكام الدستور، فإن النصوص المطعون فيها تستحيل - والحالة هذه - عدواناً على حق الملكية بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند (1) من المادة الثانية من القوانين أرقام 150 لسنة 1988، 85 لسنة 2000، 19 لسنة 2001، 150 لسنة 2002، 91 لسنة 2003، 88 لسنة 2004 بزيادة المعاشات، فيما تضمنته من قصر إضافة الزيادة في معاش الأجر المتغير على حالات استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها في المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، دون حالة استحقاق المعاش بسبب انتهاء خدمة المؤمن عليه بالاستقالة، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة