الجريدة الرسمية - العدد 20 مكرر (ب) - السنة الثامنة والخمسون
2 شعبان سنة 1436هـ، الموافق 20 مايو سنة 2015م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مايو سنة 2015م، الموافق العشرين من رجب سنة 1436هـ. برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصى والدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 177 لسنة 27 قضائية " دستورية".

المقامة من:

السيد/ محمد سعيد محمد إسماعيل جادو

ضـد

1 - السيد رئيس الجمهورية
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد وزير العدل
4 - السيد رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب
5 - السيد رئيس مجلس الشعب
6 - السيدة/ صباح الدسوقى رمضان


الإجراءات

بتاريخ الأول من سبتمبر سنة 2005، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا فى ختامها الحكم؛ أولاً: بعدم دستورية نص المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض الأحوال الشخصية وما تضمنه من تعديل لسن الحضانة، ثانيًا: بعدم دستورية نصى المادتين (2) و(11) من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى عليها الأخيرة كانت قد أقامت الدعوى رقم 599 لسنة 2004 أمام محكمة الأسرة بكفر الدوار؛ ضد المدعى، بطلب الحكم بضم ابن ابنتها لحضانتها، تأسيسًا على أن ابنتها كانت متزوجة من المدعى، ورُزقت منه على فراش الزوجية بصغيرهما "سعيد"، ثم طُلقت منه وتزوجت بآخر أجنبى عن الطفل، بما يحق معه للمدعى عليها الأخيرة ضم الصغير لحضانتها بوصفها الجدة لأم؛ وفقًا لترتيب الحاضنات الوارد بنص المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه، فقررت محكمة الموضوع إحالة الدعوى للخبيرين الاجتماعى والنفسى المعاونين للمحكمة لإبداء رأيهما، حيث أودعا تقريرًا انتهيا فيه إلى تفويض الأمر للمحكمة لتقرير ما تراه فى مصلحة الصغير، كما أودعت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى أنها ترى الحكم بضم الصغير لحضانة جدته لأمه "المدعى عليها الأخيرة".وبجلسة 13/ 7/ 2005 دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (20) من المرسوم بقانون رقم25 لسنة 1929 الخاص ببعض الأحوال الشخصية، ونصى المادتين (2) و(11) من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم25 لسنة 1929 الخاص ببعض الأحوال الشخصية، معدلاً بالقانون رقم 4 لسنة 2005 تنص على أن:"ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشرة، ويخير القاضي الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذه السن فى البقاء فى يد الحاضنة دون أجر حضانة، وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة".
وحيث إن الفقرة الخامسة من المادة (20) من المرسوم بقانون ذاته تنص على أنه:"ويثبت الحق فى الحضانة للأم، ثم للمحارم من النساء؛ مقدمًا فيه من يدلى بالأم على من يدلى بالأب، ومعتبرًا فيه الأقرب من الجهتين على الترتيب التالى: الأم، فأم الأم وإن علت، فأم الأب وإن علت.............. بالترتيب المذكور". وحيث إن المدعى يتغيا القضاء بعدم دستورية المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه، فيما نصت عليه فى شأن سن حضانة النساء للصغير،ولمن تؤول إليه حضانته منهن، وهو ما ورد بنصى الفقرتين الأولى والخامسة من تلك المادة، على النحو السالف البيان، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن حسمت المسألة المثارة فى شأن كل من الفقرتين، حيث قضت فى الطعن على نص الفقرة الأولى من تلك المادة، بعد تعديلها بالقانون رقم 4 لسنة 2005، فى القضية الدستورية رقم 125 لسنة 27 قضائية؛بجلسة 4/ 5/ 2008 برفض الدعوى، ونُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (20 مكرر)بتاريخ 19/ 5/ 2008، كما سبق لهذه المحكمة أن قضت فى الطعن على نص الفقرة الخامسة من المادة ذاتها فى القضية الدستورية رقم 164لسنة 19 قضائية، بجلسة 3/ 7/ 1999 برفض الدعوى، ونُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (28) بتاريخ 15/ 7/ 1999. متى كان ذلك، وكان مقتضى نصى المادتين 48و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة، فى مواجهة الكافة، وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة التى قُضى فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد؛ فإن الخصومة الدستورية بالنسبة لنصى الفقرتين الأولى والخامسة المشار إليهما - وهى خصومة عينية بطبيعتها - تضحى غير مقبولة.
وحيث إن المادة (2) من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004 تنص على أن:"تؤلف محكمة الأسرة من ثلاثة قضاة يكون أحدهم على الأقل بدرجة رئيس بالمحكمة الابتدائية، ويعاون المحكمة فى الدعاوى المنصوص عليها في المادة (11) من هذا القانون خبيران أحدهما من الأخصائيين الاجتماعيين، والآخر من الأخصائيين النفسيين، يكون أحدهما على الأقل من النساء. وتؤلف الدائرة الاستئنافية من ثلاثة من المستشارين بمحكمة الاستئناف يكون أحدهم على الأقل بدرجة رئيس بمحاكم الاستئناف، وللدائرة أن تستعين بمن تراه من الأخصائيين.
ويعين الخبيران المشار إليهما من بين المقيدين فى الجداول التى يصدر بها قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الشئون الاجتماعية أو وزير الصحة، بحسب الأحوال".
وحيث إن المادة (11) من القانون ذاته تنص على أن:"يكون حضور الخبيرين المنصوص عليهما فى المادة (2) من هذا القانون جلسات محكمة الأسرة وجوبيًا فى دعاوى الطلاق والتطليق والتفريق الجسمانى والفسخ وبطلان الزواج وحضانة الصغير ومسكن حضانته وحفظه ورؤيته وضمه والانتقال به وكذلك فى دعاوى النسب والطاعة. وللمحكمة أن تستعين بهما فى غير ذلك من مسائل الأحوال الشخصية إذا رأت ضرورة لذلك. وعلى كل منهما أن يقدم للمحكمة تقريرًا فى مجال تخصصه ". وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثرًا فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع فى الدعوى الموضوعية صارت تقتصر - بعد حسم هذه المحكمة المسألة الدستورية فى شأن المادة (20) من المرسوم بقانون رقم25 لسنة 1929 المشار إليه على ما سلف بيانه - على جدوى استعانة محكمة الأسرة بالتقرير الذى يقدمه كل من الخبيرين المعاونين للمحكمة، ووجوب حضورهما جلساتها، فمن ثم تتحقق مصلحة المدعى فى الطعن على الفقرة الأولى من المادة (2) من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004 فيما نصت عليه من أن:" يعاون المحكمة فى الدعاوى المنصوص عليها فى المادة (11) من هذا القانون خبيران أحدهما من الأخصائيين الاجتماعيين، والآخر من الأخصائيين النفسيين"،كما تتحقق مصلحته كذلك فى الطعن على نص المادة (11) من القانون ذاته، وفيهما يتحدد نطاق الدعوى الماثلة. وحيث إن المدعى ينعى على النصين المطعون فيهما، مخالفتهما لنصي المادتين (65) و(69) من دستور سنة 1971، على سند من أن مقتضى النصين الطعينين أن يشمل تشكيل محكمة الأسرة إلى جانب قضاتها خبيرين أحدهما من الأخصائيين الاجتماعيين،والآخر من الأخصائيين النفسيين، ووجوب حضورهما جلسات المحكمة فى الدعاوى المبينة بنص الفقرة الأولى من المادة (11) من قانون إنشاء محاكم الأسرة المشار إليه، بما يؤدى إلى إشراك غير القضاة فى تشكيل محكمة الأسرة، وإدلائهم برأيهم فى الدعاوى السالف بيانها،الأمر الذى يُخل بمبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، فضلاً عن أنه ينال من حق الدفاع. وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصوص المطعون عليها فى ضوء أحكام الدستور الصادر عام 2014.
وحيث إن الأصل فى سلطة المشرع فى تنظيمه لحق التقاضى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض فى شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا لها ينبغى التزامها، وفى إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال جامدة لا يريم عنها، تفرغ قوالبها فى صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التى يباشر الحق فى التقاضى فى نطاقها، وبما لا يصل إلى إهداره، ليظل هذا التنظيم مرنًا، فلا يكون إفراطًا يطلق الخصومة القضائية من عقالها انحرافًا بها عن أهدافها، ولا تفريطًا مجافيًا لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قوامًا، التزامًا بمقاصدها، باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق فى صورتها الأكثر اعتدالاً.
وحيث إنه من المقرر كذلك أن لكل مواطن حق اللجوء إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعة الخصومة القضائية، وعلى ضوء مختلف العناصر التى لابستها، مهيأ للفصل فيها، وهذا الحق مخول للناس جميعًا، فلا يتمايزون فيما بينهم فى ذلك، وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية فى مجال سعيهم لرد العدوان على حقوقهم، فلا يكون الانتفاع بهذا الحق مقصورًا على بعضهم، ولا منصرفًا إلى أحوال بذاتها ينحصر فيها، ولا محملاً بعوائق تخص نفرًا من المتقاضين دون غيرهم، بل يتعين أن يكون النفاذ إلى ذلك الحق، منضبطًا وفق أسس موضوعية لا تمييز فيها، وفى إطار من القيود التى يقتضيها تنظيمه، ولا تصل فى مداها إلى حد مصادرته. وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى يُعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وشخصيته المتكاملة،كما أن استقلال السلطة القضائية، وإن كان لازمًا لضمان موضوعية الخضوع للقانون ولحصول من يلوذون بها على الترضية القضائية التى يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم وحرياتهم،إلا أن حيدتها عنصر فاعل فى صون رسالتها لا تقل شأنًا عن استقلالها بما يؤكد تكاملهما.
وحيث إن حق الدفاع أصالةً أو بالوكالة - وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - قد كفله الدستور، باعتبار أن ضمانة الدفاع لا يمكن فصلها أو عزلها عن حق التقاضى، ذلك أنهما يتكاملان ويعملان معًا فى دائرة الترضية القضائية التى يُعتبر اجتناؤها غاية نهائية للخصومة القضائية، فلا قيمة لحق التقاضى ما لم يكن متساندًا لضمانة الدفاع، مؤكدًا لأبعادها، عاملاً من أجل إنفاذ مقتضاها. كذلك لا قيمة لضمانة الدفاع بعيدًا عن حق النفاذ إلى القضاء، وإلا كان القول بها وإعمالها واقعًا وراء جدران صامتة؛يؤيد ذلك أن الحقوق التى يكفلها الدستور أو النظم المعمول بها تتجرد من قيمتها العملية إذا كان من يطلبها عاجزًا عن بلوغها من خلال حق التقاضى، أو كان الخصوم الذين تتعارض مصالحهم بشأنها لا يتماثلون فيما بينهم فى أسلحتهم التى يشرعونها لاقتضائها.
ولا يعد وأن يكون إنكار ضمانة الدفاع أو انتقاصها إخلالاً بالحق المقرر دستوريًا لكل مواطن فى مجال اللجوء إلى قاضيه الطبيعى، وليس النزول عليها إلا توكيدًا للحق فى الحياة والحرية،حائلاً دون اقتحام حدودهما، وذلك سواء أكان إنكار ضمانة الدفاع أو تقييدها متصلاً بحق كل شخص فى أن يعرض بنفسه وجهة نظره فى شأن الواقعة محل التداعى، وأن يبين حكم القانون بصددها، أم كان منسحبًا إلى الحق فى أن يقيم باختياره محاميًا يطمئن إليه لخبرته وملكاته،ويراه - لثقته فيه - أقدر على تأمين المصالح التى يتوخى حمايتها، ليكون الدفاع عنها فعالاً، محيطًا بالخصومة القضائية التى تتناولها، نائيًا عن الانحدار بمتطلباتها إلى ما دون مستوياتها الموضوعية التى يمليها التبصر وتفرضها العناية الواجبة.
وحيث إن المشرع قد تغيا من قانون إنشاء محاكم الأسرة الذى حوى النصين المطعون فيهما - وعلى ما تضمنته الأعمال التحضيرية لهذا القانون – سرعة حسم المنازعات المتصلة بالأسرة؛ لما تتسم به هذه المنازعات من طبيعة خاصة تتعلق، فى جوهرها، بأخص أمور العلاقات الإنسانية، وما استلزمه ذلك من إيجاد آلية جديدة تتغيا تحقيق عدالة أوفى وأقرب منالاً، وتكون فى الوقت ذاته ملائمة لطبيعة المنازعات الأسرية وأشخاصها؛ والصغار منهم على وجه الخصوص، مما حدا بالمشرع، من أجل تحقيق هذه الغاية،إلى إنشاء محاكم الأسرة التى يقوم عليها قضاة مؤهلون ومتخصصون، ويعاون المحكمة خبيران أحدهما من الأخصائيين الاجتماعيين، والآخر من الأخصائيين النفسيين، يكون أحدهما على الأقل من النساء، ويكون حضورهما جلسات محكمة الأسرة وجوبيًا فى دعاوى الطلاق والتطليق والتفريق الجسمانى والفسخ وبطلان الزواج وحضانة الصغير ومسكن حضانته وحفظه ورؤيته وضمه والانتقال به، وكذلك فى دعاوى النسب والطاعة،كما يكون للمحكمة أن تستعين بهما فى غير ذلك من مسائل الأحوال الشخصية إذا رأت ضرورة لذلك، ويبدأ دورهما بعد أن فشلت محاولات الصلح فى مكتب تسوية المنازعات الأسرية بالمحكمة،وأضحى لزامًا تسوية النزاع قضائيًّا، فيقع على عاتقهما عبء معاونة القضاة؛ عن طريق بحث الحالة الاجتماعية والنفسية للطفل المحضون والأطراف المتنازعة على حضانته، وكذلك فى المنازعات الأخرى المشار إليها، ويقدم كل منهما تقريرًا إلى المحكمة بما أسفر عنه بحثه للحالة المعروضة، ولا يعدو هذا التقرير كونه تقريرًا استرشاديًا، كما أن وجوب حضورهما جلسات المحكمة يُقصد منه تقديم الخبرة والمشورة الفنية المتخصصة – كل فى مجاله - من أجل معاونة القضاة فى الإحاطة بجوانب النزاع، دون أن يندرجا فى تشكيل محكمة الأسرة، ودون أن تلتزم المحكمة برأى أى منهما، حيث يكون لها وحدها القول الفصل فيما تسطره فى حكمها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان المشرع بتقريره النصين المطعون فيهما، قد أعمل سلطته التقديرية فى شأن التنظيم الإجرائى للخصومة فى المنازعات والدعاوى التى تختص بنظرها محاكم الأسرة، بأن وضع للحماية القضائية للمتقاضين أمامها نظامًا للتداعى يقوم على أساس نوع المنازعة، مما مؤداه ربط هذا التنظيم الإجرائى للخصومة فى مجمله بالغايات التى استهدفها المشرع من هذا القانون، والتى تتمثل - على ما يتضح جليًّا من أعماله التحضيرية - فى تحقيق المصلحة العامة عن طريق إقامة قضاء متخصص فى نظر المنازعات ذات الطابع الأسرى، وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزًا منهيًّا عنه بين المخاطبين بها، وكان هذا التنظيم لا يناقض جوهر حق التقاضى ولا ينتقص منه أو يقيده،ولا يمس حق الدفاع، بل هو تنظيم إجرائى للخصومة القضائية المتعلقة بالأسرة؛ وضعه المشرع - فى إطار سلطته التقديرية فى المفاضلة بين الأنماط المختلفة لإجراءات التداعى – ودون التقيد بقالب جامد يحكم إطار هذا التنظيم، فى ضوء ما ارتآه من وجوب استعانة محكمة الأسرة برأى كل من الخبيرين، من أجل استجلاء الأمور المتعلقة فى أغلبها بالمرأة والطفل،وهو لا يعدو أن يكون رأيًا استشاريًّا غير ملزم للمحكمة عند فصلها فى النزاع المطروح أمامها، ومن ثم يكون ما قرره المشرع بالنصين الطعينين، فى إطار تنظيمهما لإجراءات التقاضى أمام محكمة الأسرة، قائمًّا على أسس مبررة، كما أن هذا التنظيم توخى تحقيق مصلحة عامة وقد سعى لتحقيقها بإجراءات تتفق بالأغراض المشروعة التى توخاها، ومن ثم تنتفى قالة الإخلال بمبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، كما أنه لا مساس فيه بحق الدفاع.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النصين المطعون فيهما لا يخالفان أحكام المادتين (94) و(98) من الدستور، كما لا يخالفان أى أحكام أخرى فيه، مما يتعين معه القضاء برفض هذه الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة