الجريدة الرسمية - العدد 20 مكرر (ب) - السنة الثامنة والخمسون
2 شعبان سنة 1436هـ، الموافق 20 مايو سنة 2015م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مايو سنة 2015م، الموافق العشرين من رجب سنة 1436هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الشناوى وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 122 لسنة 30 قضائية " دستورية ".

المقامة من:

السيد/ أحمد عبد اللطيف محمد دياب

ضد

1 - السيد رئيس الجمهورية
2 -  السيد رئيس مجلس الشعب
3 - السيد رئيس مجلس الوزراء
4 - السيدة/ فوزية السعيد محمد


الإجراءات

بتاريخ العاشر من أبريل سنة 2008، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (37) من قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946، فيما تضمنه من عدم إجازة الورثة للموصى به.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
تتحصل الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى وشقيقه أقاما الدعوى رقم 11343 لسنة 2007 مدنى كلى،أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد المدعى عليها الرابعة، بطلب الحكم: أولاً: بصفة أصلية ببطلان الوصية المؤرخة 1/ 5/ 1993، المزعوم صدورها من مورثهما،لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية، ولعدم دستورية نص المادة (37/ 1) من قانون الوصية. ثانيًا: وبصفة احتياطية: بطلان الوصية فيما جاوز ثلث أموال التركة، التى تخلفت عن مورثهما، وعدم إجازة الورثة، لما زاد على الثلث، وعدم نفاذ ما زاد على الثلث فى حقهما. واحتياطيًّا: إلزام المدعى عليها أرملة مورثهما بتسليمهما نصيبهما الشرعى. إذ أن هذه الوصية باطلة لتقسيمها للتركة على نحو يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك بالإيصاء لها، رغم أنها وارثة لنصف التركة، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بجلسة 18/ 2/ 2008 بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (37) من قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946، فيما تضمنه من جواز الوصية للوارث، لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع،وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة. وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه مخالفته نص المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، إذ أن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة قد بينت أنصبة الورثة على نحو جازم، فلا يجوز، من ثم للوصية أن تجور على أنصبة الورثة، كما أنه يخالف نص المادة 34 من الدستور. وحيث إنه عن النعى بمخالفة النص المطعون فيه للمادة 34 من دستور عام 1971، المقابلة لنص المادة 35 من الدستور الحالى، فإنه مردود بأن ما نصت عليه المادة 30 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أن القرار الصادر من محكمة الموضوع بإحالة مسألة دستورية بذاتها إلى هذه المحكمة للفصل فى مطابقة النصوص القانونية التى تثيرها للدستور أو خروجها عليه، وكذلك صحيفة الدعوى الدستورية التى يرفعها إليها خصم للفصل فى بطلان النصوص القانونية المطعون عليها أو صحتها، يتعين أن يتضمنا بيان النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور وأوجه تلك المخالفة، إنما تغيا ألا يكون هذا القرار أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التى تُدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ضمانًا لتحديدها تحديدًا كافيًا يبلور مضمونها ونطاقها، فلا تثير - بماهيتها أو مداها - خفاء يحول دون إعداد ذوى الشأن جميعًا - ومن بينهم الحكومة - لدفاعهم بأوجهه المختلفة خلال المواعيد التى حددتها المادة 37 من قانون المحكمة الدستورية العليا؛ بل يكون بيانها لازمًا لمباشرة هيئة المفوضين - بعد انقضاء هذه المواعيد - لمهامها فى شأن تحضير جوانبها، ثم إبدائها رأيًا محايدًا فيها يكشف عن حكم الدستور والقانون بشأنها، إذ كان ذلك، وكانت صحيفة الدعوى الماثلة جاءت خلوًا من أوجه مخالفة النص المطعون فيه للمادة 34 من الدستور المقابلة للمادة 35 من الدستور الحالى، فإن الدعوى الماثلة فى هذا الشق منها تضحى غير مقبولة وهو ما يتعين القضاء به.
وحيث إنه عن النعى بمخالفة النص المطعون فيه للمادة الثانية من الدستور فإن قضاء هذه المحكمة مطرد على أن ما نص عليه دستور عام 1971 فى مادته الثانية - بعد تعديلها سنة 1980 - والذى رددته المادة (2) من دستور سنة 2014، من أن مبادى الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، إنما يتمخض عن قيد يجب على السلطة التشريعية أن تتحراه وتنزل عليه فى تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل، فلا ينصرف سوى إلى التشريعات التى تصدر بعد التاريخ الذى فرض فيه هذا الإلزام بحيث إذا انطوى أى منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أى فى وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائمًا، واجب الإعمال، ومن ثم، فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية.
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان مبنى الطعن مخالفة الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946 للمادة الثانية من الدستور تأسيسًا على أن المادة المطعون عليها تخالف قواعد الميراث طبقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية التى جعلتها المادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسى للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى هذه المادة - بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980، والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية - لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكانت الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون الوصية المشار إليه لم يلحقها أى تعديل بعد التاريخ المشار إليه، ومن ثم، فإن النعى عليها، بمخالفة المادة الثانية من الدستور - وأيًا كان وجه الرأى فى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية - يكون فى غير محله، الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة