الجريدة الرسمية - العدد 32 مكرر ( أ ) - السنة الثامنة والخمسون
25 شوال سنة 1436هـ، الموافق 10 أغسطس سنة 2015م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أغسطس سنة 2015م، الموافق السادس عشر من شوال سنة 1436هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور/ حمدان حسن فهمي نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار/ محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 25 قضائية "دستورية".

المقامة من:

السيدة/ هبة الله أحمد علي.

ضـد:

1 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
2 - السيد وزير المالية

والدعوى المضمومة لها
رقم 153 لسنة 25 قضائية " دستورية"

بعد أن أحالت محكمة جنح التهرب الضريبى ملف الجنحة رقم 736 لسنة 2002

المقامة من:

النيابة العامة

ضـد:

السيدة/ هبة الله أحمد على.


الإجراءات

بتاريخ الثامن من يناير سنة 2003، أودعت المدعية صحيفة الدعوى رقم 14 لسنة 25 قضائية " دستورية" قلم كتاب المحكمة، طلبًا للحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (190) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993.
وبتاريخ الرابع من مايو سنة 2003, ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الجنحة رقم 736 لسنة 2002 المقامة من النيابة العامة ضد/ هبة الله أحمد على بعد أن قضت محكمة جنح التهرب الضريبى بجلسة 25/ 2/ 2003 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية مادة الاتهام، وقيدت الدعوى برقم 153 لسنة 25 قضائية "دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة فى كل من الدعويين طلبت فيها الحكم برفضها.
وبعد تحضير الدعويين أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها فى كل منهما.
ونُظرت الدعويان، على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وبجلسة 25/ 7/ 2003 قررت المحكمة ضم الدعويين لوحدة الموضوع ليصدر فيهما حكم واحد، وقررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن النيابة العامة كانت قد أقامت ضد السيدة/ هبة الله أحمد على الجنحة رقم 736 لسنة 2002 جنح التهرب الضريبى، متهمة إياها بأنها خلال الفترة من عام 1991 حتى عام 1996 بدائرة قسم عابدين بمحافظة القاهرة، وبصفتها المدير المسئول عن نشاط شركة الخيل للصناعة والتجارة، لم تلتزم بتطبيق أحكام الخصم والإضافة على تعاملات الشركة مع الممولين الخاضعين للضريبة، ولم تورد لمصلحة الضرائب المبالغ المستحقة تحت حساب الضريبة خلال الميعاد، وطلبت معاقبتها بالمواد (44/ 1، 45، 53/ 1، 187/ ثالثًا، 190/ 1) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 ولائحته التنفيذية. وأثناء نظر الدعوى دفعت المدعية بجلسة 15/ 10/ 2002 بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (190) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993, وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى رقم 14 لسنة 25 قضائية " دستورية". وبجلسة25/ 2/ 2003 حكمت المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية مادة الاتهام، وقيدت الدعوى برقم 153 لسنة 25 قضائية "دستورية".
وحيث إن المادة (190/ 1) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 تنص على أن " يحكم بتعويض يعادل قيمة ما لم يخصم أو يضف أو يحصل أو يورد إلى مصلحة الضرائب لحساب الضريبة المستحقة على الممول طبقًا لأحكام المواد (37) و(38) و(39) و(40) و(41) و(42) و(43) و(44) و(70) و(74) و(75) و(76) و(77) و(78) من هذا القانون مع إلزام المخالف بتوريد المبالغ المخصومة أو المضافة أو المحصلة لحساب الضريبة وفى حالة العود يضاعف التعويض".
وتنعى المدعية على النص المطعون فيه إخلاله بمبدأ العدالة الاجتماعية لإنزاله عقوبة لا مبرر لها وتجاوز غرضها التقويمى، إذ لا يجوز أن تعمد الدولة استيفاء لمصلحتها فى اقتضاء دين الضريبة إلى تقرير جزاء على الإخلال بها يكون مجاوزًا بمداه أو تعدده الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلوًا وإفراطًا منافيًا ضوابط الاعتدال، واقعًا عملاً وراء نطاق العدالة الاجتماعية، المقررة بنصوص الدستور.
وحيث إن من المقرر أن القوانين الجنائية وإن كان سريانها على وقائع اكتمل تكوينها قبل نفاذها، غير جائز أصلاً، إلا أن إطلاق هذه القاعدة يفقدها معناها، ذلك أن الحرية الشخصية وإن كان يهددها القانون الجنائى الأسوأ، غير أن هذا القانون يرعاها ويحميها إذا كان أكثر رفقًا بالمتهم، سواء من خلال إنهاء تجريم أفعال أثمها قانون جنائى سابق، أو عن طريق تعديل تكييفها أو بنيان بعض العناصر التى تقوم عليها، بما يمحو عقوباتها كلية أو يجعلها أقل بأسًا، وذلك إعمالاً لقاعدة القانون الأصلح للمتهم، تلك القاعدة التى وإن اتخذت من نص المادة (5) من قانون العقوبات موطئًا وسندًا، إلا أن صون الحرية الشخصية التى كفلها الدستور الصادر عام 1971 بنص المادة (41) منه - تقابل المادة (54) من الدستور الحالي - يقيم هذه القاعدة ويرسيها بما يحول بين المشرع وتعديلها أو العدول عنها، ذلك أن ما يعتبر قانونًا أصلح للمتهم, وإن كان لا يندرج تحت القوانين التفسيرية التي تندمج أحكامها في القانون المفسر, يرتد إلى تاريخ نفاذه باعتبارها جزءًا منه يبلور إرادة المشرع التى قصد إليها ابتداء عند إقراره لهذا القانون، إلا أن كل قانون جديد بمحو التجريم عن الأفعال التى أثمها القانون القديم، أو يعدل تكييفها أو بنيان العناصر التى تقوم عليها، أو يُعدل عقوباتها بما يجعلها أقل بأسًا، إنما ينشئ للمتهم مركزًا قانونيًا جديدًا، ويُقوض مركزًا سابقًا. ومن ثم يحل القانون الجديد - وقد صار أكثر رفقًا بالمتهم، وأعون على صون الحرية الشخصية التى اعتبرها الدستور حقًا طبيعيًا لا يمس - محل القانون القديم فلا يتزاحمان أو يتدخلان، بل يُنحى ألحقهما أسبقهما.
وحيث إن البين من أحكام القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل أنه - بعد أن ألغى القانون رقم 157 لسنة 1981 برمته - أعاد بموجب أحكام قانون الضريبة على الدخل ترتيب أوضاع هذه الضريبة إجرائيًا وموضوعيًا وجاء بنصوص مغايرة للقانون السابق فى تحديده للأفعال المجرمة والعقوبات المقررة لها، نابذًا للعقوبة التى كانت مقررة بمقتضى النص المطعون عليه، مستبدلاً بها عقوبة أخف وطأة حيث نصت المادة (135) من القانون المشار إليه على معاقبة مرتكب جريمة الامتناع عن تطبيق نظام استقطاع وخصم وتحصيل وتوريد الضريبة فى المواعيد القانونية بعقوبة الغرامة التى قدرت بـ (25%) من المبالغ غير المؤداة، وبهذه المثابة فإن القانون الجديد يُعد قانونًا أصلح للمتهم - إذ أتى بعقوبات أخف وطأة من سابقه - ويتعين تبعًا لذلك تطبيق أحكامه على المتهمة فى الدعوى الموضوعية التى لم يصدر فيها حكم نهائى بعد، ومن ثم فلا محل البحث دستورية النص المحال بعد أن غدا تطبيق القانون الجديد أمرًا متعينًا.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعويين، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة

أمين السر رئيس المحكمة