الجريدة الرسمية - العدد 23 مكرر (د) - السنة التاسعة والخمسون
10 رمضان سنة 1437هـ، الموافق 15 يونيه سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يونيو سنة ٢٠١٦م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 28 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من

شركة بيبى كوكا للنسيج والتريكو

ضـد

1 - السيد رئيس الجمهورية
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد وزير المالية
4 - السيد رئيس مأمورية ضرائب مبيعات الرمل


الإجراءات

بتاريخ الثامن والعشرين من يوليو سنة 2015، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بوقف تنفيذ، ثم عدم الاعتداد بالحكم الصادر بجلسة 27/ 11/ 2010، من محكمة الإسكندرية الابتدائية، فى الدعوى رقم 9894 لسنة 2007 مدنى كلى، والمؤيد بالحكم الصادر بجلسة 17/ 5/ 2011 فى الاستئناف رقم 213 لسنة 67 قضائية مستأنف الإسكندرية. والاستمرار فى تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين فى القضيتين رقمى 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" و28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، بجلستى 13/ 5/ 2007، 2/ 3/ 2008.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 9894 لسنة 2007 مدنى كلى، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، بطلب الحكم بعدم أحقية مصلحة الضرائب على المبيعات "مأمورية الرمل" فى احتساب ضريبة مبيعات بإجمالى مبلغ 576544.43 جنيه، على الماكينات والآلات التى استوردتها الشركة لتجهيز مصنع للنسيج والتريكو، وإلزام مصلحة الضرائب برد ما سبق تحصيله من الشركة تحت حساب هذه الضريبة، وبراءة ذمة الشركة مما لم يسدد منها. وبجلسة 27/ 11/ 2010، قضت المحكمة برفض الدعوى، على سند من خضوع كافة السلع المستوردة من الخارج للضريبة العامة على المبيعات أيًا كان الغرض من استيرادها. لم ترتض الشركة هذا القضاء، وطعنت عليه بالاستئناف رقم 213 لسنة 67 قضائية، أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وبجلسة 17/ 5/ 2011، قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. وإذ رأت الشركة المدعية أن هذين الحكمين يُعدَّان عقبة فى تنفيذ قضاء المحكمة الدستورية العليا، فى القضيتين رقمى 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" و28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، الصادر أولهما بجلسة 13/ 5/ 2007، والصادر ثانيهما بجلسة 2/ 3/ 2008، فقد أقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة، دفعت بعدم قبول الدعوى من ثلاثة وجوده، أولها: أن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى كل من القضيتين رقمى 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" و28 لسنة 27 قضائية" دستورية، لم يفصل فى دستورية أية نصوص تشريعية وإنما قضى بعدم قبول الدعوى لعدم توافر المصلحة، ومن ثم لا يحوز حجية تلزم جهات القضاء الأخرى. وثانيها: أن الأسباب التى تأسس عليها هذين الحكمين لا تُعد من قبيل التفسير التشريعى المقرر لهذه المحكمة بموجب المادتين (26، 33) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. وثالثها: أن المحكمة الدستورية العليا لا تعد جهة طعن فى أحكام جهات القضاء الأخرى، ولا تمتد ولايتها إلى بحث مدى توافقها وأحكام القانون.
وحيث إن هذا الدفع، فى جميع أوجهه، مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن قوام منازعة التنفيذ التى ناط نص المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه بهذه المحكمة الفصل فيها, أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها، وإعداد وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر فى دعوى دستورية فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة ودون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها، فى تأمين الحقوق للأفراد وصون حرياتهم، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة فعلاً دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً أو مقيدة لنطاقها. وعلى ذلك لا تعد منازعة التنفيذ طريقًا للطعن فى الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة، ولا تطرحه الدعوى الماثلة، التى تهدف فى حقيقتها إلى إزالة العوائق التى تحول دون ترتيب الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا المشار إليهما لآثارهما، وتنفيذ مقتضاهما بالنسبة للشركة المدعية، على ضوء ما تأسس عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، فى كل منهما، من أسباب، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بما انتهى إليه قضاؤها بعدم قبول الدعوى لعدم توافر المصلحة. ومن ثم، فإن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة يُعد قائمًا على غير سند صحيح من القانون، متعينًا الالتفات عنه.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 13/ 5/ 2007، فى القضية رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بعدم قبول الدعوى، تأسيسًا على أن تعيين الالتزام الضريبى الوارد بالفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، التى تنص على أن "تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة، المحلية والمستوردة، إلا ما استثنى بنص خاص...." لا يستقيم منهجًا إلا بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصر هذا الالتزام، كماهية المكلف والمستورد، وهو ما لا يتأتى سوى بالتعرض وجوبًا لدلالات الألفاظ حسبما أوردها المشرع بالمادة الأولى من هذا القانون، والتى يتضح منها بجلاء اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة على المبيعات، ولذلك ربط دومًا فى تحديده نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيها يتم استيراده. وخلصت المحكمة إلى انتفاء المصلحة فى الدعوى، بحسبان أن الضرر المدعى به فيها ليس مرده إلى النصوص المطعون فيها، وإنما إلى الفهم الخاطئ لها، والتطبيق غير السليم لأحكامها، وأن الشركة المدعية فى تلك الدعوى يمكنها بلوغ طلباتها الموضوعية بإعفائها من الخضوع للضريبة على قطع الغيار المستوردة لاستخدامها فى الصيانة والإحلال لمصانعها، وليس بغرض الاتجار، وذلك من خلال نجاحها فى إثبات الغرض من الاستيراد أمام محكمة الموضوع. وعلى ذلك النهج والأسباب، قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2/ 3/ 2008، فى القضية رقم 28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا فى حكميها المتقدمين، قد حددت - بطرق الدلالة المختلفة - معنى معينًا لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات، وخلصت من ذلك إلى اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة على المبيعات المقررة وفقًا لأحكام هذا القانون. وبذلك حددت نطاق الخضوع للضريبة بالنسبة للسلع والخدمات المستوردة، فى تلك التى يتم استيرادها من الخارج للاتجار فيها، منتهية من ذلك إلى الحكم بعدم قبول الدعوى، فإن هذا المعنى يكون هو الدعامة الأساسية التى انبنى عليها كل من هذين الحكمين، ولازمًا لما انتهيا إليه من نتيجة، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بمنطوقهما ويكمله، ليكوِّنَ معه وحدة لا تقبل التجزئة، لتمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة والكاملة التى أسبغتها الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والمادة (195) من الدستور القائم، على ما يصدر منها من أحكام وقرارات، وذلك فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، وبحيث تلتزم تلك السلطات - بما فيها الجهات القضائية على اختلافها - باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح، فلا يجوز لأية جهة أن تعطى هذه النصوص معنى مغايرًا لما قضت به.
وحيث إن الحكم الصادر بجلسة 27/ 11/ 2010، فى الدعوى رقم 9894 لسنة 2007 مدنى كلى الإسكندرية، قضى برفض دعوى الشركة المدعية، وقد تأيد هذا القضاء بالحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 17/ 5/ 2011 فى الاستئناف رقم 213 لسنة 67 قضائية. وذهب هذان الحكمان فى تدويناتهما إلى خضوع كافة السلع والمعدات والآلات المستوردة من الخارج للضريبة العامة على المبيعات، أيًا كان الغرض من استيرادها. مما يعطى لنصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات - قبل تعديله بالقرار بقانون رقم 102 لسنة 2012 - معنى مغايرًا يجاوز تخوم الدائرة التى يعمل فيها، محددًا إطارها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الحكمين الصادرين فى القضيتين رقمى 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" و28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، ومن ثم فإن حكمى محكمة الموضوع المشار إليهما يعدان عقبة فى تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا آنفى الذكر، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإزالتها.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكمى محكمة الإسكندرية الابتدائية ومحكمة استئناف الإسكندرية سالفى الإشارة، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ الماثلة، بما مؤداه أنه بقيام هذه المحكمة - طبقًا للمادة (50) من قانونها - بمباشرة اختصاص البت فى موضوع منازعة التنفيذ، فإن طلب وقف التنفيذ المقدم من الشركة المدعية يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد بات غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بالاستمرار فى تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا، الصادر أولهما بجلسة 13/ 5/ 2007، فى القضية رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، والصادر ثانيهما بجلسة 2/ 3/ 2008، فى القضية رقم 28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 27/ 11/ 2010، فى الدعوى رقم 9894 لسنة 2007 مدنى كلى، المؤيد بالحكم الصادر، من محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 17/ 5/ 2011، فى الاستئناف رقم 213 لسنة 67 قضائية، وألزمت الحكومة بالمصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة