الجريدة الرسمية - العدد 39 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
2 المحرم سنة 1438هـ، الموافق 3 أكتوبر سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع والعشرين من سبتمبر سنة ٢٠١٦م، الموافق الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 45 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من

شركة السويدى للكابلات.

ضـد

السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب المصرية.


الإجراءات

بتاريخ الخامس والعشرين من نوفمبر سنة 2015، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبة الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 14/ 6/ 2011 فى الطعن رقم 16702 لسنة 79 قضائية، و فى الموضوع بعدم الاعتداد بهذا الحكم، والاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 16/ 9/ 2009 فى الاستئناف رقم 6533 لسنة 126 قضائية، والحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 13/ 5/ 2007 فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى قم 1198 لسنة 2006 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد المدعى عليه، بطلب الحكم بإلزامه برد مبلغ 348825.9 جنيهًا والفوائد القانونية من تاريخ تقديم الطلب فى 18/ 1/ 2006 وحتى تمام السداد، وبراءة ذمتها من مبلغ 385354.8جنيهًا، قولاً منها أنها قامت باستيراد ماكينات لخط إنتاج الشركة، وأنها تعد سلعًا رأسمالية تخرج عن نطاق سريان قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بما لازمه اعتبار ما تم سداده وما تم تقسيطه من مبالغ اقتضاء لهذه الضريبة كان دون وجه حق، وبجلسة 25/ 1/ 2009 قضت المحكمة برفض الدعوى، وإذ لم ترتض الشركة هذا القضاء فقد طعنت عليه أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6533 لسنة 126 قضائية، وبجلسة 16/ 9/ 2009 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وإلزام المستأنف ضده برد مبلغ 348825.9 جنيه والفوائد القانونية بنسبة 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تاريخ السداد، وبراءة ذمة الشركة من مبلغ 385354.75 جنيهًا، على سند من عدم خضوع السلع التى استوردتها الشركة للضريبة العامة على المبيعات لكونها سلعًا رأسمالية عبارة عن ماكينات ومعدات لازمة للإنتاج، وقد طعن وزير المالية على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 16702 لسنة 79 قضائية، وبجلسة 14/ 6/ 2011 قضت المحكمة بنقض الحكم، وفى موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، تأسيسًا على أن مؤدى نص المادتين الثانية والسادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات أن الآلات والمعدات المستوردة من الخارج تخضع جميعها لهذه الضريبة ولو كان مستوردها قد قصد من ذلك إقامة وحدات إنتاجية أو توسيعها أو تطويرها، وأن ذلك هو ما انتهت إليه الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض بحكمها الصادر فى الطعن رقم 8529 لسنة 75 قضائية "هيئة عامة" بجلسة 17/ 3/ 2008، وإذ ارتأت الشركة المدعية أن الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 16702 لسنة 79 قضائية يعد عقبة فى تنفيذ قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 13/ 5/ 2007 فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، فقد أقامت دعواها الماثلة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة قولاً منها أن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" قضى بعدم قبول الدعوى، ولم يتضمن قضاءً بعدم دستورية المواد المطعون فيها فى هذه الدعوى.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ التى ناط نص المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 بهذه المحكمة الفصل فيها، أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها، وإعداد وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها، وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر فى دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فعاليته، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة ودون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها، فى تأمين الحقوق للأفراد وصون حرياتهم، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة فعلاً دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً أو مقيدة لنطاقها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 13/ 5/ 2007 فى القضية رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" بعدم قبول الدعوى، تأسيسًا على أن تعيين الالتزام الضريبى الوارد بالفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، التى تنص على أن "تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص....." لا يستقيم منهجًا إلى بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصر هذا الالتزام، كماهية المكلف والمستورد، وهو ما لا يتأتى سوى بالتعرض وجوبًا لدلالات الألفاظ حسبما أوردها المشرع بالمادة الأولى من هذا القانون، والتى يتضح منها بجلاء اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة على المبيعات، ولذلك ربط دومًا فى تحديده نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده، وخلصت المحكمة إلى انتفاء المصلحة فى الدعوى، بحسبان أن الضرر المدعى به فيها ليس مرده إلى النصوص المطعون فيها، وإنما إلى الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير السليم لأحكامها، وأن الشركة المدعية فيها يمكنها بلوغ طلباتها الموضوعية بإعفائها من الخضوع للضريبة على قطع الغيار المستوردة لاستخدامها فى الصيانة والإحلال لمصانعها، وليس بغرض الاتجار، وذلك من خلال نجاحها فى إثبات الغرض من الاستيراد أمام محكمة الموضوع.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا بحكمها المتقدم قد حددت - بطرق الدلالة المختلفة - معنى معينًا لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات، وخلصت إلى اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة على المبيعات المقررة وفقًا لهذا القانون. وبذلك حددت نطاق الخضوع للضريبة بالنسبة للسلع والخدمات المستوردة، فى تلك التى يتم استيرادها من الخارج للاتجار فيها، منتهية من ذلك إلى الحكم بعدم قبول الدعوى، فإن هذا المعنى يكون هو الدعامة الأساسية التى انبنى عليها هذا الحكم، ولازمًا للنتيجة التى انتهى إليها, ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بمنطوقه ويكمله، ليكوِّنَ معه وحدة لا تقبل التجزئة، لتمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة والكاملة التى أسبغتها الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والمادة (195) من الدستور على أحكامها، وذلك فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، وبحيث تلتزم تلك السلطات - بما فيها الجهات القضائية على اختلافها - باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح، فلا يجوز لأية جهة أن تعطى هذه النصوص معنى مغايرًا لما قضت به.
وحيث إن الحكم الصادر بجلسة 25/ 1/ 2009 فى الدعوى رقم 1198 لسنة 2006 مدنى كلى جنوب القاهرة قضى برفض الدعوى، وتأيد هذا القضاء بالحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 14/ 6/ 2011 فى الطعن رقم 16702 لسنة 79 قضائية، الذى قضى بنقض الحكم المطعون فيه وفى موضوع الاستئناف رقم 6533 لسنة 126 قضائية بتأييد الحكم المستأنف، وذهب هذا الحكم فى تدويناته إلى خضوع كافة السلع والمعدات والآلات المستوردة من الخارج للضريبة العامة على المبيعات, أيًا كان الغرض من استيرادها ولو كان مستوردها قد قصد من ذلك إلى إقامة وحدات إنتاجية أو توسيعها أو تطويرها، مما يعطى لنصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات معنى مغايرًا يجاوز تخوم الدائرة التى تعمل فيها محددًا إطارها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" بما لازمه اعتبار هذا الحكم عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، الأمر الذى يتعين معه الالتفات عن الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من هيئة قضايا الدولة لافتقاره لسنده القانونى السليم، والقضاء بإزالة العقبة المتقدمة وعدم الاعتداد بها، والاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، دون ما حاجة إلى التعرض للحكم الصادر بجلسة 16/ 9/ 2009 فى الاستئناف رقم 6523 لسنة 126 قضائية، وذلك أن القضاء بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض المار ذكره يحقق للشركة المدعية كامل غايتها من دعواها الراهنة.
وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ حكم محكمة النقض المشار إليه، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل فيه، فإن مباشرة هذه المحكمة لاختصاص البت فى هذا الطلب قد بات غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 13/ 5/ 2007 فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 14/ 6/ 2011 فى الطعن رقم 16702 لسنة 79 قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة