الجريدة الرسمية - العدد 40 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
11 المحرم سنة 1438هـ، الموافق 12 أكتوبر سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أكتوبر سنة ٢٠١٦م، الموافق التاسع والعشرين من ذى الحجة سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 34 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من

السيد رئيس حزب السلام الديمقراطى.

ضـد

1 - السيد رئيس الجمهورية.
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء.


الإجراءات

بتاريخ الثانى والعشرين من أغسطس سنة 2012، أودع المدعى صحيفة الدعوى المعروضة قلم كتاب المحكمة، طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية الصادر فى 12/ 8/ 2012 فيما تضمنه من إلغاء الإعلان الدستورى المكمل الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 17/ 6/ 2012، والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وفى الموضوع بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 20 لسنة 34 قضائية "دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة, طلبت فى ختامها الحكم أصليًا: بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى لتعلق الدعوى بعدم دستورية إعلان دستورى، ولتعلقها أيضًا بعمل من أعمال السيادة. واحتياطيًا: بعدم القبول، ومن باب الاحتياط الكلى برفض الدعوى.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى أقام الدعوى المعروضة على سند من القول بأن المدعى عليه الأول كان قد استمد صلاحياته من الإعلانين الدستوريين الصادرين فى 13/ 2/ 2011، 30/ 3/ 2011 بالإضافة إلى الإعلان الدستورى الصادر فى 17/ 6/ 2012، وإذ كان الشعب هو مصدر السلطات، وقد أقسم رئيس الجمهورية على احترام الدستور والقانون، إلا أنه أصدر قرارًا باعتباره إعلانًا دستوريًا ألغى بمقتضاه بعض أحكام الإعلان الدستورى القائم وقتئذ، بعد أن منح نفسه سلطة الجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وعطّل نص المادة (56) من الإعلان الدستورى، الصادر فى 30/ 3/ 2011. وإذ أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها فى الدعوى رقم 20 لسنة 34 قضائية "دستورية" ببطلان انتخابات مجلس الشعب، فقد أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإعلان الدستورى المكمل، والذى جاء تأكيدًا لمبدأ خضوع الدولة للقانون، وإعمالاً للآثار التى رتبها الحكم وقرر إسناد سلطة التشريع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، سدًا للفراغ التشريعى، ومن ثم فإن رئيس الجمهورية ما كان يملك أن يسحب الاختصاص الموكول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة - وهو الأمر الذى يقيم من الإعلان الدستورى المكمل عائقًا أمام تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا يستوجب تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزالة هذا العائق إعمالاً لنص المادة (50) من قانونها، وهو ما حدا بالمدعى إلى إقامة دعواه المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثار كاملة دون نقصان، ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غاياتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه ونطاق القواعد القانونية التى يضمها والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًا بها، ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن الأسباب التى أقام عليها المدعى دعواه المعروضة بوصفها منازعة تنفيذ مما عنته المادة (50) من قانون المحكمة تتمثل فى جمع رئيس الجمهورية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وإصداره للإعلان الدستورى فى 12/ 8/ 2012 والذى ألغى بموجبه الإعلان الدستورى الصادر فى 17/ 6/ 2012 مخالفًا بذلك الإعلان الدستورى الصادر فى 30/ 3/ 2011، والذى استمد منه رئيس الجمهورية شرعيته، فضلاً عن قيام تعارض بين الإعلانين الدستوريين الصادر أولهما فى 30/ 3/ 2011 والصادر ثانيهما فى 12/ 8/ 2012
وحيث إنه متى كان ما تقدم وكانت الأسباب سالفة البيان لا تشكل عقبة فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 20 لسنة 34 قضائية "دستورية"، والذى قضى بعدم دستورية بعض النصوص القانونية التى تم انتخاب أعضاء مجلس الشعب على أساسها؛ إذ خلت صحيفة الدعوى من أية إشارة إلى أحكام أخرى صدرت من هذه المحكمة اعترضت تنفيذها أى من تلك النصوص التى أشار إليها المدعى، ومن ثم تكون منازعة التنفيذ المعروضة قد جاءت مفتقدة لشرائطها المنصوص عليها بالمادة (50) من قانون المحكمة، وهى لا تعدو فى مجملها أن تكون اعتراضًا من المدعى كمواطن على بعض السلطات التى خولها رئيس الجمهورية لنفسه، وجمعه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو أمر منبت الصلة بخصومة التنفيذ المنوط بالمحكمة الفصل فيها وهو ما يستوجب الحكم بعدم قبول الدعوى.
وحيث إن الحكم فى موضوع الدعوى بعدم قبولها على النحو المتقدم، يجعل طلب الفصل فى الشق العاجل منها غير ذى موضوع؛ متعينًا الالتفات عنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة