الجريدة الرسمية - العدد 40 (مكرر) - السنة التاسعة والخمسون
11 المحرم سنة 1438هـ، الموافق 12 أكتوبر سنة 2016م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أكتوبر سنة ٢٠١٦م، الموافق التاسع والعشرين من ذى الحجة سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من

السيد/ طارق محمد وفاء عبد المعطى حجازى.

ضـد

الممثل القانونى لشركة تصنيع وتعبئة كوكا كولا مصر.


الإجراءات

بتاريخ الثالث عشر من يناير سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم أولاً: بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 56 لسنة 31 قضائية "دستورية". ثانيًا: بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 11357 لسنة 83ق.
وقدمت الشركة المدعى عليها مذكرة, طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقدم المدعى مذكرة وحافظة مستندات، وقررت المحكمة إصدار الحكم فى الدعوى بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 333 لسنة 4 قضائية أمام الدائرة الخامسة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية ضد الممثل القانونى للشركة المدعى عليها طلبًا للحكم بإلزامه بأن يؤدى إلى المدعى مبلغ التعويض المناسب لما أصابه من أضرار مادية وأدبية ومعنوية، ولما فاته من كسب نتيجة استيلاء المدعى عليه على حقوق الملكية الفكرية له. وبجلسة 8/ 5/ 2013، قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعى مبلغ مليون وخمسمائة ألف جنيه كتعويض مادى وأدبى، فطعن المدعى عليه على هذا الحكم بالنقض رقم 11357 لسنة 83 قضائية. وبجلسة 24/ 11/ 2014، قضت الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض، بنقض الحكم المطعون فيه، وفى موضوع الدعوى برفضها.
ويرى المدعى أن هذا الحكم الصادر من محكمة النقض فى مسألة من المسائل المنصوص عليها فى قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 يعد عقبة فى تنفيذ مؤدى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5/ 8/ 2012، فى القضية رقم 56 لسنة 31 قضائية "دستورية" لمخالفته ما تضمنه حكم المحكمة الدستورية العليا المذكور من ربط التنظيم الإجرائى للخصومة فى الدعاوى التى تختص بها المحاكم الاقتصادية بالغايات التى استهدفها المشرع من إنشائها والتى تتمثل فى تحقيق المصلحة العامة عن طريق إقامة قضاء متخصص فى نظر المنازعات ذات الطابع الاقتصادى.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن منازعة التنفيذ التى يدخل الفصل فيها فى اختصاص المحكمة الدستورية العليا وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك الخصومة التى تتوخى فى غاياتها النهائية إنهاء الآثار القانونية الملازمة لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليه، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، فإن مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز، يفترض أمرين: أولهما: أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقه. ثانيهما: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًا بها، ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الخصومة فى الدعوى الدستورية - وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية - قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحريًا لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية، أو هى بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هى الغاية التى تبتغيها هذه الخصومة؛ وأن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة فى تلك الدعوى يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية، التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة، فصلاً حاسمًا، بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى ولو تطابقت فى مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضى لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من أسباب اتصالاً حتميًا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان حكم محكمة النقض فى الطعن رقم 11357 لسنة 83 قضائية، الذى يطلب المدعى القضاء باعتباره عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 56 لسنة 31 قضائية "دستورية"، قد أعمل نص المادة (12) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 فيما تضمنه من إسناد الاختصاص لدائرة أو أكثر من دوائر محكمة النقض بالفصل فى الطعون على الأحكام الصادرة ابتداء من الدوائر الاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية، وأوجب على محكمة النقض - استثناء من أحكام الفقرة الثانية من المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية - إذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه أن تحكم فى موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة حال أن حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، قضى برفض الدعوى المقامة طعنًا على نصى المادتين (6، 11) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 فيما تضمناه من اختصاص الدوائر الاستئنافية فى المحاكم الاقتصادية دون غيرها بالنظر ابتداء فى كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (6) إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه، وجواز الطعن عليها بطريق النقض. وكان محل الحكم الصادر فى القضية الدستورية الفائت بيانها - وعلى ما ورد بمنطوقه - يتحدد بماهية النصوص التشريعية المطعون بعدم دستوريتها، لا يبارحه إلى نصوص أخرى، وتبعًا لذلك فلا يتصور أن ترد عوائق التنفيذ على غير ذلك المحل، ومن ثم فإن ما يدعيه المدعى من كون الحكم الصادر من محكمة النقض المار بيانه يشكل عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 56 لسنة 31 قضائية "دستورية"، لا يستند على أساس صحيح من الواقع أو القانون، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن الطلب العاجل فى الدعوى، فإنه وإذ انتهت المحكمة إلى القضاء بعدم قبول الدعوى على النحو المتقدم ذكره، فإن هذا الطلب يضحى غير ذى موضوع متعينًا لذلك الالتفات عنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة