الجريدة الرسمية - العدد 3 مكرر (هـ) - السنة الستون
26 ربيع الآخر سنة 1438هـ، الموافق 24 يناير سنة 2017م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من يناير سنة 2017م، الموافق السادس عشر من ربيع الآخر سنة 1438هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى اسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 90 لسنة 33 قضائية "دستورية".

المقامة من

فتحية السيد على، بصفتها أرملة المرحوم/ الصافى سيد أحمد.

ضـد

1 - رئيس الجمهورية.
2 - رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
3 - رئيس مجلس الوزراء.
4 - وزير المالية.
5 - مدير عام مأمورية ضرائب باب شرقى (ثان) بالإسكندرية.


الإجراءات

بتاريخ الحادى والعشرين من مايو سنة 2011، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم:
أولاً: بعدم دستورية قرار وزير المالية رقم 125 لسنة 2007، وما تلاه من قرارات معدلة له أو متعلقة بإنشاء لجان الطعن، فيما تضمنه من إنشاء لجان الطعن بالقاهرة فقط، وتخويلها الاختصاص بالفصل فى النزاعات بين ممولى محافظة الإسكندرية ومأموريات الضرائب بالإسكندرية.
ثانيًا: بعدم دستورية عبارة "قبل أول أكتوبر 2004" الواردة بالمادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل.
ثالثًا: بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (103) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، والمعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993، فيما تضمنه من إعطاء الحق لمصلحة الضرائب فى تعديل الإقرار وتصحيحه أو عدم الاعتداد به وتحديد الأرباح والإيرادات بطريق التقدير، وذلك دون وضع ضوابط أو معايير لهذا التقدير.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة, طلبت فيها الحكم برفض الدعوى بالنسبة للطلبين الأول والثالث، وبالنسبة للطلب الثانى فقد طلبت أصليًا القضاء بعدم قبوله، واحتياطيًا، برفضه.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 7 لسنة 2009 كلى ضرائب ضد المدعى عليهما الرابع والخامس، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، طعنًا على قرار اللجنة السابعة - القطاع الأول - من لجان الطعن الضريبى بوزارة المالية بالقاهرة, الصادر بجلسة 20/ 9/ 2008، فى الطعن رقم 389 لسنة 2007، المرفوع منها طعنًا على تقديرات أرباح منشأة مورثها التجارية، وصافى الدخل عن السنوات من 1995 حتى 2000، وفقًا للتقدير الذى انتهى إليه قرار اللجنة. وطلبت المدعية فى ختام صحيفة دعواها، أصليًا: الحكم بعدم اختصاص لجنة الطعن بالفصل فى النزاع؛ واحتياطيًا: ببطلان إجراءات إعلان القرار المطعون فيه لبطلان إجراءات لجنة الطعن؛ ومن قبيل الاحتياط الكلى ببطلان إجراءات إحالة النزاع - موضوع القرار الطعين - إلى لجنة الطعن. وأثناء نظر الدعوى، دفعت المدعية بعدم دستورية قرار وزير المالية رقم 125 لسنة 2007، وما تلاه من قرارات، فيما تضمنه من إنشاء لجان الطعن بالقاهرة فقط، وبعدم دستورية عبارة "قبل أول أكتوبر 2004" الواردة بالمادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 2005، وبعدم دستورية نص المادة (103) من القانون رقم 157 لسنة 1981، والمعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993، المشار إليه. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت دعواها المعروضة.
وحيث إن نطاق الدعوى المعروضة يتحدد - فى ضوء طلبات المدعية وما تضمنته صحيفة دعواها - بالنسبة لنص الفقرة الثانية من المادة (103) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993، فيما تضمنه عجز هذه الفقرة من تخويل مصلحة الضرائب عدم الاعتداد بالإقرار، وتحديد الإيرادات والأرباح بطريق التقدير، دون وضع ضوابط أو معايير لهذا التقدير، وكذلك عبارة "قبل أول أكتوبر سنة 2004" الواردة بنص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل، وكذلك قرار وزير المالية رقم 125 لسنة 2007 المشار إليه فيما تضمنه من إنشاء لجان الطعن بالقاهرة فقط، وتخويلها الاختصاص بالفصل فى المنازعات بين ممولى محافظة الإسكندرية ومأموريات الضرائب بها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة المتعلقة بدستورية عجز الفقرة الثانية من المادة (103) من قانون الضرائب على الدخل فى حدود نطاقها المتقدم، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 12/ 5/ 2013 فى الدعوى رقم 229 لسنة 29 قضائية "دستورية"، والذى قضى "بعدم دستورية عجز الفقرة الثانية من المادة (103) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، والمعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993، فيما تضمنه من تخويل مصلحة الضرائب عدم الاعتداد بالإقرار، وتحديد الإيرادات والأرباح بطريق التقدير، دون وضع ضوابط أو معايير لهذا التقدير"، وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بعددها رقم 21 (مكرر) بتاريخ 26/ 5/ 2013. كما سبق لهذه المحكمة أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 2/ 4/ 2016، فى الدعوى رقم 123 لسنة 31 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية عبارة "قبل أول أكتوبر سنة 2004" الواردة بنص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل"، ونشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 14 (مكرر) بتاريخ 9/ 4/ 2016، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور والمادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من هذه المحكمة حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة، وهى حجية تحول دون المجادلة فيها، الأمر الذى يتعين معه القضاء باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة للنصين المشار إليهما.
وحيث إنه عن طلب المدعية القضاء بعدم دستورية قرار وزير المالية رقم 125 لسنة 2007 المشار إليه، المعدل بالقرار رقم 160 لسنة 2007، فيما تضمنه من إنشاء لجان الطعن بالقاهرة فقط، وتخويلها الاختصاص بالفصل فى المنازعات بين ممولى محافظة الإسكندرية ومأموريات الضرائب بالإسكندرية، فقد نصت المادة الأولى من هذا القرار على أن "تنشأ بوزارة المالية لجان دائمة للطعن، تختص بالفصل فى جميع أوجه الخلاف بين الممول ومصلحة الضرائب، المتعلقة بالضرائب المنصوص عليها فى قانون الضريبة على الدخل، وقانون ضريبة الدمغة، والرسم المنصوص عليه فى القانون رقم 147 لسنة 1984 المشار إليه. وتتبع هذه اللجان مباشرة وزير المالية".
وتنص المادة الثانية من ذات القرار على أن "يكون مقر لجان الطعن المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا القرار 15 شارع منصور - لاظوغلى محافظة القاهرة، ويجوز لبعض هذه اللجان بموافقة رئيس الإدارة المشرفة على لجان الطعن أن تباشر عملها فى أى مقر آخر بمحافظة القاهرة أو الجيزة بشرط إخطار ذوى الشأن بذلك.
وتوزع لجان الطعن على أربعة قطاعات هى: 1 - قطاع القاهرة الكبرى والإسكندرية وشمال الصعيد، ويشمل مناطق الضرائب بمحافظة القاهرة والقليوبية والجيزة والإسكندرية وبنى سويف والفيوم والمنيا......، ويتحدد الاختصاص المكانى للجنة الطعن بالاختصاص المكانى للقطاع التابع له". وقد حددت المادة الثالثة من هذا القرار تشكيل تلك اللجان.
وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة، بدءًا من دستور سنة 1971، قد أفردت المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص، حدد الدستور الحالى قواعده فى الفصل الرابع من الباب الخامس منه المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها - فى المادة (192) منه - الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، على أن ينظم القانون الإجراءات التى تتبع أمامها، وفى إطار هذا التفويض عينت المادتان (27، 29) من قانون هذه المحكمة حصرًا طرائق اتصال الدعوى الدستورية بالمحكمة، باعتبار أن ولوجها، وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها، يعد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأشكال الجوهرية التى لا يجوز مخالفتها، كى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية فى إطارها ووفقًا لأحكامها، فنظمت المادة (29) سالفة الإشارة المسائل الدستورية التى تعرض على هذه المحكمة من خلال محكمة الموضوع، وهى قاطعة فى دلالتها على أن النصوص التشريعية التى يتصل الطعن عليها بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة قانونًا، هى تلك التى تطرح عليها بعد دفع بعدم دستوريتها يبديه خصم أمام محكمة الموضوع، وتقدر هى جديته، أو إثر إحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع لقيام شبهة قوية لديها على مخالفتها لأحكام الدستور، وأنه فى كلتا الحالتين يتعين على أن يكون الحكم الصادر فى الدعوى الدستورية مؤثرًا فيما تنتهى إليه محكمة الموضوع فى شأن الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمعروضة أمامها، فإذا لم يكن له بها من صلة، كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة. والأمر كذلك إذا كانت الدعويان، الموضوعية والدستورية، تتوجهان كلتاهما لغاية واحدة ممثلة فى مجرد الطعن على بعض النصوص التشريعية بغية تقرير عدم دستوريتها. ذلك أن هاتين الدعويين تكونان عندئذ متحدتين محلاً، لاتجاه أولاهما إلى مسألة وحيدة ينحصر فيها موضوعها، هى الفصل فى دستورية النصوص التشريعية التى حددتها، وهى عين المسألة التى يقوم بها موضوع الدعوى الدستورية. واتحاد هاتين الدعويين فى محليهما مؤداه أن محكمة الموضوع لن يكون لديها ما تجيل فيها بصرها بعد أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى دستورية النصوص المطعون فيها، سواء بتقرير صحتها أو بطلانها؛ وبالتالى لن يكون الحكم الصادر من هذه المحكمة لازمًا للفصل فى الدعوى الموضوعية؛ إذ ليس ثمة موضوع يمكن إنزال القضاء الصادر فى المسألة الدستورية عليه، وهو أمر وثيق الصلة بالمصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، ومناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الطلب الأصلى المبدى من المدعية أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص لجنة الطعن الضريبى ولائيًا ومكانيًا بنظر النزاع - وهو الاختصاص المحدد بالقرار رقم 125 لسنة 2007 المطعون فيه والمعدل بالقرار رقم 160 لسنة 2007 - بمقولة أن اختصاص لجان الطعن بالقاهرة بالفصل فى النزاع بين مصلحة الضرائب والممولين الكائنة منشآتهم بباقى مدن الجمهورية يخالف أحكام الدستور، هو ذات ما تطرحه الدعوى الدستورية المعروضة، بما مؤداه اتحاد الدعوى الموضوعية - فى هذا الإطار - محلاً فى الدعوى الدستورية الراهنة فى شقها المتعلق بطلب القضاء بعدم دستورية القرار رقم 125 لسنة 2007 المشار إليه وتعديلاته، بما لازمة استنفاد الخصومة المطروحة على محكمة الموضوع لموضوعها بالنسبة لهذا الطلب تبعًا للحكم الذى قد يصدر بعدم الدستورية، لتنحل الدعوى الدستورية المعروضة فى شأن القرار المطعون فيه إلى دعوى أصلية بعدم دستورية تقوم بذاتها منفصلة عن أى نزاع موضوعى، رفعت إلى هذه المحكمة بالمخالفة لنص المادة (29) من قانونها.
وحيث إنه - فضلاً عما تقدم - فإن قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية عجز الفقرة الثانية من المادة (103) المشار إليها فى حدود نطاقه المتقدم، وعبارة "قبل أول أكتوبر سنة 2004" الواردة بنص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 سالف الذكر، يحقق للمدعية مبتغاها من دعواها الموضوعية. ومن ثم، فإن الدعوى المعروضة فى هذا الشق منها تضحى غير مقبولة أيضًا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً:
باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب الحكم بعدم دستورية عجز الفقرة الثانية من المادة (103) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم (157) لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 فيما تضمنه من تخويل مصلحة الضرائب عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الإيرادات والأرباح بطريق التقدير، دون وضع ضوابط أو معايير لهذا التقدير، وكذا عبارة "قبل أول أكتوبر سنة 2004" الواردة بنص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل.
ثانيًا: بعدم قبول الدعوى فى خصوص طلب الحكم بعدم دستورية قرار وزير المالية رقم 125 لسنة 2007 وتعديلاته.

أمين السر رئيس المحكمة