الجريدة الرسمية - العدد 6 مكرر (ب) - السنة الستون
18 جمادى الأولى سنة 1438هـ، الموافق 15 فبراير سنة 2017م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م، الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 67 لسنة 36 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة الإسماعيلية الابتدائية بحكمها الصادر بجلسة 27/ 2/ 2014 ملف الدعوى رقم 42 لسنة 2011 مدنى كلى حكومة.

المقامة من

1 - سامية حسن فرج.
2 - عبد الرحمن محمد إبراهيم سعد بصفته وليًا طبيعيًا على أولاده القصر منار، أحمد، نهال، طه.

ضـد

1 – وزير العدل.
2 - أمين عام مصلحة الشهر العقارى والتوثيق.
3 - أمين مكتب الشهر العقارى والتوثيق بالإسماعيلية.


الإجراءات

بتاريخ الثالث من مايو سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 42 لسنة 2011 مدنى كلى حكومة، من محكمة الإسماعيلية الابتدائية تنفيذًا لحكمها الصادر بجلسة 27/ 2/ 2014 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (26) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر، والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، فيما تضمنه من عقد اختصاص نظر التظلم من أمر تقديم رسوم الشهر العقارى والتوثيق للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذى أصدر الأمر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – فى أن المدعيين كانا قد أقاما الدعوى رقم 42 لسنة 2011 مدنى كلى حكومة، أمام محكمة الإسماعيلية الابتدائية، طلبًا للحكم بإلغاء أمر التقدير رقم 6 لسنة 2010/ 2011 شهر عقارى الإسماعيلية، واعتباره كأن لم يكن وإلغاء كافة آثاره، وذلك على سند من القول بقيام المدعى عليهم بمطالبتهما برسوم تكميلية مقدارها (11045.30) جنيهًا عن العقد المشهر برقم 1448 لسنة 2006 شهر عقارى الإسماعيلية بتاريخ 3/ 10/ 2006، على الرغم من قيامهما بسداد الرسوم المستحقة حال تسجيل ذلك العقد. وإذ تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (26) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، فيما تضمنه من عقد اختصاص نظر التظلم من أمر تقدير رسوم الشهر العقارى والتوثيق للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذى أصدر الأمر، لمخالفته أحكام المادة (94، 97، 184، 190) من الدستور، فقد حكمت بجلسة 27/ 2/ 2014 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية ذلك النص.
وحيث إن المادة (25) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر بعد استبدالها بالقانون رقم 6 لسنة 1991 تنص على أن "يكون للدولة – ضمانًا لسداد ما لم يؤد من رسوم نتيجة الخطأ المادى أو الغش – حق امتياز على الأموال محل التصرف وتكون هذه الأموال ضامنة لسداد تلك الرسوم فى أى يد تكون".
وتنص المادة (26) منه بعد استبدالها بالقانون رقم 6 لسنة 1991 على أن "يصدر بتقدير الرسوم التى لم يتم أداؤها والمشار إليها فى المادة السابقة أمر تقدير من أمين المكتب المختص، ويُعلن هذا الأمر بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول على يد محضر للملزم بأداء الرسم أو لطالب الإجراء حسب الأحوال.
ويجوز لذوى الشأن التظلم من أمر التقدير خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإعلان، وإلا أصبح نهائيًا ويكون للمصلحة تنفيذه بطريق الحجز الإدارى، كما يجوز لها تنفيذه بالطريق القضائى بعد وضع الصيغة التنفيذية على صورة أمر التقدير من المحكمة الواقع فى دائرة اختصاصها المكتب الصادر منه ذلك الأمر، ويحصل التظلم أمام المحضر عند إعلان أمر التقدير أو بتقرير فى قلم الكتاب، ويرفع التظلم إلى المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذى أصدر الأمر".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى فى شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة فى الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازمًا للفصل فى النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل فى دستورية النصوص التى ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعى؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعى ينصب على طلب المدعيين فى الدعوى الموضوعية إلغاء أمر تقدير الرسوم التكميلية المقدرة على المحرر رقم 1448 لسنة 2006 شهر عقارى الإسماعيلية، وكان النص المحال يحدد المحكمة المختصة بنظر ذلك النزاع، فإن المصلحة الشخصية والمباشرة فى الدعوى المعروضة تكون متحققة، ويتحدد نطاقها بعجز الفقرة الثانية من المادة (26) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، فيما تضمه من عقد الاختصاص بنظر التظلم من أمر تقدير الرسوم التكميلية للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذى أصدر هذا الأمر.
وحيث إن مفاد نصى المادتين (25، 26) من القانون رقم 70 لسنة 1964 المتقدم ذكرهما هو فرض رسوم تكميلية بعد توثيق المحررات وشهرها، عوضًا عما كان يجب أداؤه منها مقدمًا، وذلك فى حالتى الخطأ المادى، والغش، مع استئدائها بطريق الحجز الإدارى، أو بالطريق القضائى، وتخويل الملتزم بالرسوم التكميلية الحق فى التظلم من تقدير هذه الرسوم فى أساس المطالبة بها أو مقدارها، أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذى أصدر أمر تقدير الرسوم التكميلية.
وحيث إن المنازعات المتعلقة بتحديد الرسوم الأصلية لتوثيق المحررات وشهرها وعناصرها ومقوماتها والمحررات الخاضعة لها والملتزمين بسدادها، والقرارات الصادرة بتحديدها إنما تدخل فى اختصاص محاكم مجلس الدولة، بحسبان المشرع – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم، بدءًا بالقانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة، الذى أسند بنص البند سابعًا من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنه ذو طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على هذا النهج فنص فى البند سابعًا من المادة (8) منه على الحكم ذاته، وأكد هذا الاختصاص نص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، الذى عقد فى البند (6) منه الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم وفقًا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام محاكم مجلس الدولة، صاحبة الاختصاص الولائى بنظر المنازعات المتعلقة بالضرائب والرسوم باعتبارها القاضى الطبيعى لنظر تلك المنازعات.
وحيث إنه ولئن كانت رسوم توثيق المحررات وشهرها التى تحصل مقدمًا تلتقى مع الرسوم التكميلية لما تم توثيقه وشهره من محررات فى مصدر الالتزام بها، كونه نصوص القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر، إلا أن الرسوم التكميلية تنطوى كذلك على مصدر مستقل للالتزام بها هو استيداء ما أثرى به طالب الخدمة، بعد اكتمال أداءها، دون وفاء كامل الرسوم المقررة عنها، إعمالاً لحكم المادة (179) من القانون المدنى، والتى جرى نصها على أن: "كل شخص، ولو غير مميز، يثرى دون سبب مشروع على حساب شخص آخر، يلتزم فى حدود ما أثرى به بتعويض الشخص عما لحقه من خسارة، ويبقى هذا الالتزام قائمًا ولو زال الإثراء فيما بعد"؛ إذ المقرر أن الرسوم التكميلية لا تستحق إلا فى حالتى الخطأ المادى، والغش، وكلتاها تؤديان إلى نقصان مقدار الرسوم المحصلة عن تلك المقررة، سواء كان ذلك عن عدم تبصر القائم عل تحديد مقدار تلك الرسوم، وغير ذلك من ضروب الخطأ المادى، وإما لتسلب طالب الخدمة من أداء مقدارها كامًلا بتصرف ينضوى تحت مفهوم الغش قانونًا، وفى مقابل هذا النقصان يتحقق إثراء سلبى للمدين بتلك الرسوم يوجب رده للدائن بها، ومن ثم يتأدى إقرار الرسوم التكميلية، ومنازعة ذوى الشأن فيها، بالتظلم منها، إلى وجوب تكييف الحقوق العينية العقارية التى تم شهرها، بيانًا لتحقق شروط صلاحيتها للتوثيق والشهر بين أطرافها، وفى مواجهة الغير، وتحديد فئة الرسوم المقررة على شهر تلك المحررات، تأصيلاً للمنازعة،وردها إلى جذورها التى أنبتتها، ما يلى ذلك من تقديم الوثائق الرسمية والعرفية المثبتة للحقوق التى أشهرت، تقصيًا لوجه الخطأ المدى فيها، أو الغش المدعى إقدام طالب الخدمة عليه، وتحقيق سبب ومقدار الرسوم التى لم تؤد، بيانًا للمسئولية المدنية الناشئة عن ذلك، وتحديد الملتزم بردها، سواء كان المدين بها، أو خلفه العام، أو خلفه الخاص الذى انتقل إليه الحق العينى العقارى محملاً برسوم تكميلية، على نحو دعا المشرع إلى تقرير حق امتياز على الأموال محل التصرف ضمانًا لهذه الرسوم التكميلية فى أى يد تكون. ويضاف إلى ما تقدم أن الرسوم التكميلية تتمايز عن الرسوم الأصلية المنصوص عليها فى المادة (24) من القانون الآنف الذكر، فى توقيت ووسائل اقتضائها، فالرسوم الأصلية تؤدى مقدمًا متى اتجهت إرادة المدين بالرسوم إلى طلب الخدمة، بينما خير المشرع فى الرسوم التكميلية جهة الإدارة، عند اقتضائها جبرًا، بين ولوج طريق الحجز الإدارى، أو اللجوء إلى وسائل القانون الخاص، وذلك بوضع الصيغة التنفيذية على صورة أمر التقدير من المحكمة الواقع فى دائرة اختصاصها المكتب الصادر منه ذلك الأمر – بعد إعلانه قانونًا للملتزم بهذا السند التنفيذى – مع جواز التظلم أمام المحضر عند إعلان أمر التقدير أو بتقرير فى قلم كتاب المحكمة الابتدائية الواقع بدائرتها المكتب الذى أصدر الأمر.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الفصل فى التظلم المقدم بشان الرسوم التكميلية لا يقف عند حدود المنازعة فى مقدار هذه الرسوم، إنما يمتد بالضرورة إلى أساس الاستحقاق، ودليله، والمسئول مدنيًا عنه، وهى على ما سبق بيانه أمور تتصل اتصالاً لا ينفك عن الحقوق العينية العقارية التى تم شهرها، تكييفًا وإثباتًا، وإسنادًا، وكلها من مسائل القانون الخاص التى وسد الدستور فى المادة (188) منه لمحاكم جهة القضاء العادى الفصل فيها، وإذ اعتد النص المطعون فيه – محددًا نطاقًا فيما سبق بيانه – بهذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف أحكام المواد (94، 97، 184، 190) من الدستور، كما لا يخالف أى أحكام أخرى، ويغدو من ثم الحكم برفض الدعوى متعينًا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى.

أمين السر رئيس المحكمة