الجريدة الرسمية - العدد 6 مكرر (ب) - السنة الستون
18 جمادى الأولى سنة 1438هـ، الموافق 15 فبراير سنة 2017م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م، الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان - نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل - رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع - أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 204 لسنة 33 قضائية "دستورية".

المقامة من

الممثل القانونى لشركة جبلى على جبلى.

ضـد

1 – رئيس مجلس الوزراء.
2 - وزير العدل.
3 - محافظ جنوب سيناء.


الإجراءات

بتاريخ التاسع عشر من ديسمبر سنة 2011 أقام المدعى هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية المادتين الثالثة والرابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 350 لسنة 2007.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها أصليًا الحكم بعدم قبول الدعوى، واحتياطًا برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام ضد المدعى الدعوى رقم 260 لسنة 2011 مدنى كلى، أمام محكمة جنوب سيناء الابتدائية، بطلب الحكم بفسخ عقد الانتفاع المؤرخ 9/ 6/ 2009، وتسليم الأرض محل التداعى خالية من الأشخاص والشواغل، وإلزامه بدفع مبلغ قدره 647.52 جنيهًا شهريًا كمقابل انتفاع بالأرض اعتبارًا من 9/ 6/ 2009 حتى تاريخ تسليم الأرض، وذلك على سند من أنه بموجب العقد المؤرخ 9/ 6/ 2009 المبرم بين محافظ جنوب سيناء والمدعى، تم التعاقد على انتفاع المدعى بالأرض البالغ مساحتها 11411 مترًا مربعًا بالقطعة رقم 58 بمنطقة تقسيم السياحى بوادى قنى بمدينة دهب، لإقامة أوتيل سياحى وغرف فندقية، إلا أنه تقاعس عن سداد الأقساط المستحقة عليه فى مواعيدها المقررة، ولم يقم بتنفيذ المشروع وفقًا للبرنامج الزمنى، وتبين أن نسبة تنفيذ المشروع صفر، فضلاً عن عدم استخراجه للتراخيص خلال المدة المحددة بالعقد، مما اضطر الجهة الإدارية إلى إنذاره بتاريخ 30/ 6/ 2011 بفسخ العقد، كما قامت بعرض الأمر على لجنة فض المنازعات، ثم أقامت دعواها المشار إليها بطلباتها المتقدمة، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 350 لسنة2007، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن المادة الثالثة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 350 لسنة 2007 تنص على أن "لا يجوز للشركات والمنشآت تملك أى أراض أو عقارات بشبه جزيرة سيناء بما فيها الأرض الواقعة بها، والتى تدخل فى الحيز الجغرافى لمحافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد".
وتنص المادة الرابعة من هذا القرار على أنه "فيما عدا الأراضى المنصوص عليها فى المادة الثانية يجوز للشركات والمنشآت استغلال الأراضى والعقارات الكائنة بشبه جزيرة سيناء عن طريق حق الانتفاع فقط وبالشروط التالية:
1 - إبرام عقد انتفاع محدد المدة ما بين سنة إلى 99 سنة مع الجهة صاحبة الولاية على الأرض طبقًا لطبيعة كل نشاط ويجوز تجديد هذه المدة لمدد مماثلة بالاتفاق.
2 - الحصول قبل تخصيص الأرض أو إبرام عقد الانتفاع على الموافقات اللازمة من (وزارة الدفاع – وزارة الداخلية – هيئة الأمن القومى – المحافظة المختصة).
3 - تؤول المبانى والمنشآت المقامة على ألأرض الممنوحة بموجب حق الانتفاع فى نهاية مدته إلى الجهة الأصلية المالكة للأرض".
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص التشريعى المطعون فيه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ولا يجوز بالتالى الطعن فى النص التشريعى إلا بعد توافر شرطين أوليين يحددان معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة، أولهما: أن يقيم المدعى – وفى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى المطعون فيه – الدليل على أن ضررًا واقعيًا اقتصاديًا أو غيره قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلاً بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، ذلك أن إسناد الرقابة الدستورية إلى هذه المحكمة لا يتوخى الفصل فى خصومة تكون المصلحة بشأنها نظرية كتلك التى تتغيا تقرير حكم الدستور مجردًا فى موضوع معين لأغراض أكاديمية أو أيديولوجية، أو دفاعًا عن قيم مثالية يرجى تثبيتها، أو كنوع من التعبير فى الفراغ عن وجهة نظر شخصية، أو لتوكيد مبدأ سيادة القانون فى مواجهة صور ن الإخلال بمضمونة لا صلة للطاعن بها، أو لإرساء مفهوم معين فى شأن مسألة لم يترتب عليها ضرر بالطاعن، ولو كانت تثير اهتمامًا عامًا، وإنما قصد المشرع بهذه الرقابة التى تقوم عليها المحكمة الدستورية العليا، أن تقدم من خلالها الترضية التى تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التى كفلها، ومن ثم تكون هذه الرقابة موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها، وثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا عن هذا النص مترتبًا عليه، فإذا لم يكن النص التشريعى المطعون فيه قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
متى كان ما تقدم، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع يدور حول طلب الحكم بفسخ عقد الانتفاع المؤرخ 9/ 6/ 2009، وتسليم الأرض محل التداعى للمدعى عليه الثالث بصفته خالية من الأشخاص والشواغل، مع إلزام المدعى بأداء مبلغ 647.52 جنيهًا شهريًا كمقابل انتفاع بالأرض محل النزاع اعتبارًا من 9/ 6/ 2009، حتى تاريخ تسليم الأرض، وذلك على سند من أن المدعى تقاعس عن سداد الأقساط المستحقة فى ذمته للجهة الإدارية فى مواعيدها المقررة، وعدم تنفيذه المشروع وفق البرنامج الزمنى، وكذا عدم استخراجه التراخيص اللازمة فى المدة المحددة بالعقد، وذلك كله بالمخالفة لنص البند الثالث من عقد الانتفاع المبرم بينه وبين محافظة جنوب سيناء، والذى تضمن تحديدًا لمواعيد سداد أقساط مقابل الانتفاع بالأرض محل العقد، ورتب جزاء الفسخ دون حاجة إلى إنذار أو تنبيه أو صدور حكم قضائى، فى حالة عدم سداد الأقساط المستحقة، كما ألزم البند السابع من هذا العقد الطرف الثانى بالتقادم للجهات المختصة بالرسومات التنفيذية لاستخراج الرخصة وفق أحكام قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة لأحكامه، والانتهاء من استخراج الرخصة فى ستة أشهر من تاريخ هذا العقد، والانتهاء من إقامة المشروع خلال فترة لا تزيد على عام واحد من تاريخ توقيع العقد، كما قرر البند الثالث عشر من هذا العقد أنه فى حالة إخلال الطرف الثانى بأى فقرة من الفقرات الواردة فى العقد يفسخ العقد تلقائيًا دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو استصدار حكم من القضاء. ومن ثم فقد باتت الأحكام المتقدمة من عقد الانتفاع، هى الأساس القانونى الذى ارتكنت إليه الجهة الإدارية فى طلب الفسخ، وتسليم الأرض محل النزاع، وسداد مقابل الانتفاع المستحق لها، دون النصين المطعون فيهما، الذين يحظر أولهما، على الشركات والمنشآت تملك أى أراض أو عقارات بشبه جزيرة سيناء، وهى المسألة التى لا تطرحها الدعوى الموضوعية، ولا تتصل بالطلبات المعروضة بها، كما أفاد المدعى من نص المادة الرابعة من هذا القرار الحاكم العقد محل الدعوى، والذى تم على أساسه تقرير حق انتفاع له على الأرض موضوع التداعى، ولمدة 99 عامًا أو مدة الشركة أيهما أقرب.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت طلبات الجهة الإدارية فى الدعوى الموضوعية قد تحددت فى طلب الحكم بفسخ العقد المشار إليه وإلزام المدعى مقابل الانتفاع وتسليم الأرض خالية ن الأشخاص والشواغل إعمالاً لذلك العقد، بما مؤداه أن الفصل فى دستورية النصين المطعون فيهما لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، فمن ثم تنتفى بذلك المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الطعن عليهما، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة