الجريدة الرسمية - العدد 26 (تابع) - السنة الخامسة والخمسون
8 شعبان سنة 1433هـ، الموافق 28 يونيه سنة 2012م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الخميس، الرابع عشر من يونيه 2012 م، الموافق الرابع والعشرين من رجب 1433هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى وأنور رشاد العاصى والدكتور/ حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور/ حسن عبد المنعم البدراوى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز سالمان رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 181 لسنة 31 قضائية "دستورية".

المقامة من:

السيد/ محمد محمد العنانى

ضـد:

1 - السيد رئيس الجمهورية.
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 - السيد المستشار وزير العدل.
4 - السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب.
5 - السيد/ محمد صبرى عمر صبرة - مأذون ناحية كفر الحصة - نبروه - دقهلية.


الإجراءات

بتاريخ الخامس والعشرين من أغسطس سنة 2009، أقام المدعى الدعوى الدستورية المعروضة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة طلب فى ختامها الحكم بعدم دستورية نص المادة (31 مكررًا) المضافة إلى القانون رقم 143 لسنة 1994 فى شأن الأحوال المدنية، وكذا قرار وزير العدل رقم 6927 لسنة 2008 بشأن رفع سن الزواج إلى ثمانية عشر عامًا مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل الأتعاب.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى عليه الأخير كان قد أقام الدعوى رقم (6) لسنة 2009 "مادة مأذونين" أمام محكمة طلخا لشئون الأسرة، طلبًا للحكم باتخاذ اللازم تجاه المدعى لارتكابه - بصفته مأذونًا شرعيًا - مخالفة لواجبات عمله تمثلت فى قيامه بعقد زواج السيد/ عادل عبد الرحمن على الآنسة/ رجاء طه محمد بموجب وثيقة الزواج رقم (13) دفتر رقم 6/ 4075 دون إرفاق شهادة الفحص الطبى على نحو ما تتطلبه المادة (31 مكررًا) من القانون رقم 143 لسنة 1994، وبجلسة 28/ 5/ 2009 دفع الحاضر عن المدعى بعدم دستورية نص المادة المذكورة، وكذا قرار السيد وزير العدل رقم 6927 لسنة 2008 الصادر بتعديل بعض أحكام لائحة المأذونين، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى برفع دعواه الدستورية، فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن البين من نص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن المشرع حدد طريقًا لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى إذا قامت لديها شبهة قوية فى مخالفة أى نص فى قانون أو لائحة - لازم للفصل فى النزاع - لأحكام الدستور، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعى وقدرت تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائى جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن التمييز بين الأعمال القضائية وبين غيرها من الأعمال التى تلتبس بها إنما يقوم على مجموعة من العناصر قد لا تتحدد بها ضوابط هذا التمييز على وجه قطعى ولكنها تعين على إبراز الخصائص الرئيسية للعمل القضائى ولما يعد جهة قضاء، ومن بينها أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل فى نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محددًا بقانون وليس بأداة تشريعية أدنى، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائى الذى يلزم أن تتوافر فى أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل فى خصومة بقرارات حاسمة لا تخضع لمراجعة أية سلطة غير قضائية، دون ما إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التى لا يجوز النزول عنها، والتى تقوم فى جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفًا، ليكون القرار الصادر فى النزاع مؤكدًا للحقيقة القانونية مبلورًا لمضمونها فى مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان البين من أحكام لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل فى 4/ 1/ 1955 أنها اختصت فى المادة (2) منها دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية "محكمة شئون الأسرة" بالنظر فى مسائل عدة تتعلق بالمأذونين من بينها تأديبهم عن الأعمال المخالفة لواجبات وظائفهم، وأعطت لها - عند ثبوت المخالفة - الحق فى توقيع بعض العقوبات التى عددتها المادة (43) من اللائحة ذاتها، والتى تتمثل فى الإنذار والوقف عن العمل والعزل من الوظيفة، وكانت تلك الدائرة حال مباشرتها اختصاص تأديب المأذونين لا تنعقد بصفتها القضائية، وإنما بوصفها سلطة رئاسية لهم تملك قبلهم ما تملكه السلطات الرئاسية تجاه مرؤوسيها من إصدار قرارات توقيع العقوبات التأديبية عليهم، وآية ذلك أن القرارات الصادرة منها بعزل المأذونين تأديبيًا تخضع - وعلى ما تنص عليه المادة (46) من اللائحة المشار إليها - للتعديل أو الإلغاء من قبل وزير العدل، والذى يعد - بهذه المثابة - سلطة تصديق بالنسبة للدائرة المذكورة، تختص بالتعقيب على بعض قراراتها الصادرة بشأن المأذونين، ومن ثم فإن الدائرة المشار إليها حال مباشرتها هذا الاختصاص إنما تباشر عملاً ولائيًا وليس اختصاصًا قضائيًا، ولا تعد جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائى مما عنته المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، إذ لم يجعل منها المشرع جهة من جهات الحكم التى تستقل وحدها بالفصل فيما يقام أمامها من منازعات، ولا تتوافر فى القرارات الصادرة عنها خصائص الأحكام ومقوماتها وضماناتها، ولا ترقى تبعًا لذلك إلى مرتبتها فلا تصير من جنسها، وتكون الدعوى المعروضة - والحال هذه - قد أقيمت على خلاف الأوضاع المقررة فى قانون المحكمة الدستورية العليا، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر نائب رئيس المحكمة


أصدرت المحكمة الدستورية بذات الجلسة حكمًا مماثلاً فى الدعوى رقم 266 لسنة 31 قضائية دستورية.